ترجمة وتحرير نون بوست
تستضيف المملكة العربية السعودية مؤتمر الأمم المتحدة لجمع التبرعات هذا الأسبوع من أجل عمليات المساعدة في اليمن، وقال وزير خارجية المملكة الأمير فيصل بن فرحان آل سعود إن بلاده تدعم جهود الأمم المتحدة للوصول إلى حل سياسي في اليمن لتخفيف المعاناة ودعم مظاهر التنمية والاقتصاد والإنسانية.
إن حديثهم عن اهتمامهم باليمن أمر مثير للسخرية، فالسعودية تتدخل عسكريًا في اليمن لأكثر من نصف عقد من الزمن، يقول نادر هاشمي مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة دنفر: “بعد تدميرها اليمن، تستضيف السعودية مؤتمرًا لتمويل اليمن، إنه قمة النفاق الأخلاقي، وما يبدو شنيعًا تمامًا مثل هذا الأمر أن الأمم المتحدة تمنح الشرعية لتلك العملية على المسرح السياسي”.
وأضاف “يجب أن لا ننسى أنه خلال الخمس سنوات الماضية كان الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي ينفق 5 إلى 6 مليارات دولار شهريًا في اليمن، بجزء بسيط من هذا المال كان من الممكن إعادة بناء اليمن ليصبح دولة مزدهرة”.
إن اليمنيين ليسوا بحاجة لمؤتمر جمع التبرعات، إنهم بحاجة لإنهاء الحرب والقتال، لقد أطالت السعودية أمد الحرب لكنها فشلت في تحقيق أهدافها العسكرية أو وضع خطة لإنهاء الصراع، ومن دون خريطة طريق لإنهاء تلك الحرب المدمرة، لن يتحسن الوضع بالنسبة للشعب اليمني الذي يستحق أن يعيش في سلام دائم.
يقع اليمن وسط أزمة إنسانية خطيرة، فمنذ بداية تفشي الكوليرا قبل 3 أعوام كان هناك أكثر من 2.3 مليون حالة مشتبه بإصابتها بالمرض، وفي العام الماضي قال المتحدث الرسمي باسم برنامج الغذاء العالمي للأمم المتحدة هيرفي فيرهوسل إن نحو 20 مليون يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي، كما أن ما يقارب 10 ملايين منهم على شفا خطوة من المجاعة.
هذا التأخير في المساعدات يعني أن التحالف بقيادة السعودية لا يهتم بشأن الإنسانية بل إنه يستخدم تلك المساعدات كجزء من إستراتيجيته
ظهرت هذه الأزمة بسبب تدخل التحالف بقيادة السعودية، وفقًا لمشروع بيانات الأحداث ومواقع النزاع المسلح فإنه منذ عام 2015 كان التحالف بقيادة السعودية وحلفاؤه مسؤولين عن أكثر من 8 آلاف من بين 11700 حالة وفاة تم الإبلاغ عنها ذات صلة باستهداف المدنيين في اليمن بشكل مباشر.
بلغ عدد قتلى الحرب 100 ألف قتيل على الأقل، مع وفاة عشرات الآلاف بسبب الأمراض وسوء التغذية الناتجين عن الحرب، في العام الماضي توقعت الأمم المتحدة أن يصل عدد الوفيات إلى 233 ألف بحلول عام 2020، مع وقوع 60% من الضحايا تحت عمر 5 سنوات.
مساعدة إنسانية مؤجلة
عام 2015 تعهدت السعودية بتقديم 274 مليون دولار كمساعدة إنسانية طارئة لليمن، لكن وعدها بالتمويل تأجل عدة أشهر، وفي عام 2017 حذرت منظمة “أنقذوا الأطفال” من أن تأجيل الرياض لمساعدات اليمن تسبب في وفاة الأطفال.
في يوليو 2019 دعا مارك لوكوك وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، السعودية والإمارات إلى دفع جزء بسيط فقط من مئات ملايين الدولارات التي تعهدا بها في شهر فبراير من ذلك العام من أجل المساعدات الإنسانية في اليمن، هذا التأخير يعني أن التحالف بقيادة السعودية لا يهتم بشأن الإنسانية بل إنه يستخدم تلك المساعدات كجزء من إستراتيجيته.
في المؤتمر الذي انعقد يوم الثلاثاء تمكن المانحون الدوليون من جمع 1.35 مليار دولار من أجل المساعدات الإنسانية في اليمن، لكنه أقل بكثير من هدف الأمم المتحدة بجمع 2.4 مليار دولار لإنقاذ أكبر عملية مساعدات في العالم من التخفيضات الرئيسية.
يقول الباحث والمحلل اليمني إبراهيم جلال: “يرجع جزء من نقص المساعدات إلى زيادة انعدام الثقة في وكالات الأمم المتحدة التي تعمل في المناطق الخاضعة للحوثيين بسبب مساعدات التسليح وانعدام الشفافية والمساءلة، تنظر الدول إلى داخلها وتعيد توجيه مواردها لمعالجة تحديات فيروس كورونا الحاليّة، وبالتأكيد دعم الانفصال والتنافس في المنطقة”.
يتحمل المتمردون الحوثيون بعض المسؤولية في الموقف اليمني الحاليّ مع اندلاع الاشتباكات بين المتمردين والحكومة اليمنية في الماضي، ومع ذلك فقد وصلت الأزمة لمستويات غير مسبوقة فقط بعد تدخل الرياض.
الناس يموتون
تتحمل بعض الحكومات الغربية – بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية التي تبيع الأسلحة للتحالف – بعض المسؤولية في ذلك بعد أن فشلت في اتخاذ موقف حاسم مع السعودية لإنهاء الحرب، وبدعمها غير المشروط للرياض، فتلك الحكومات تعارض القيم والمبادئ التي تدعي أنها تمثلها.
لقد سئم الشعب اليمني من الكلام، ومع تفشي فيروس كورونا أصبح بحاجة إلى تعاون حقيقي وعمل جاد على الأرض لمنع تأزم الوضع.
يشير جلال إلى الحاجة لإستراتيجية رعاية صحية شاملة لمعالجة الانتشار السريع لفيروس كورونا ويقول: “لقد أصبح التفاوض على تسوية سياسية أمرًا ضروريًا، والطريق إلى ذلك ليس سهلًا، الناس يموتون بينما نتحدث، هناك حاجة عاجلة لإجراءات صحية ذات مصداقية”.
المصدر: ميدل إيست آي