كيف يمكن للمدن أن تحافظ على نظافة الهواء بعد فيروس كورونا؟

ترجمة وتحرير: نون بوست
بالنسبة لأولئك الذين لم يتأثروا بشكل مباشر بكوفيد-19، ربما كانت القدرة على التنفس بسهولة ورؤية المزيد من الإنجازات هي أكبر عزاء وسط صدمة جائحة فيروس كورونا المستجد. بينما تبدأ مدينة تلو الأخرى بالخروج من الإغلاق، يركّز مخططو المدن ودعاة حماية البيئة على كيفية الحفاظ على الهواء النقي والسماء الزرقاء التي حوّلت نظرتنا إلى العالم. في هذا السياق، أوضحت أخصائية جودة الهواء في فريق قيادة المدن الأربعين المعني بالمناخ، زوي تشيف: “يمكن للناس حول العالم أن يلاحظوا أنه بالإمكان إحداث تغيير”. وأضافت:”فقط اصعد إلى سطح المنزل أو المبنى الذي تقطنه وتخيل رؤية الجبال لأول مرة، والتفكير في مدى روعتها لتُدرك أن ذلك ممكن”.
يمكن أن يكون سطح هذا المبنى في كاتماندو حيث اندهش السكان لرؤية جبل إيفرست لأول مرة منذ عقود، أو مانيلا، حيث أصبحت سلسلة جبال سييرا مادري تُرى مرة أخرى أو في عشرات المدن الأخرى في جميع أنحاء العالم. في الواقع، لم تشهد جميع المدن في العالم أية تحسينات تذكر في جودة الهواء في الأشهر الأخيرة. في بعض المدن الآسيوية، مثل هانوي وجاكرتا، أضحت نسبة التلوث أكبر. ولكن، في جل أنحاء العالم، اختبر الناس بديلا صحيا للدخان والضباب الدخاني المسؤول عن حوالي ثلاثة ملايين حالة وفاة سنويًا.
بعد انقشاع الغمامة، تنامى الجدل بين الناس عن تجنب عودتها مرة أخرى. تستكشف المدن في جميع أنحاء العالم طرقًا للحد من التلوث بشكل دائم. في هذا الشأن، أشارت تشيف إلى أنه “لا يوجد حل سريع يناسب الجميع، ولكن هناك دروس حول العدالة البيئية والحراك المجتمعي والتصميم الحضري والطموح المناخي والابتكار التكنولوجي والعمل البلدي يمكن تعلّمها من المدن والدول التي كانت تحرز تقدمًا حتى قبل الإغلاق، وهي كالتالي:
كوبنهاغن
تمتلك كوبنهاغن أكثر خطط العالم طموحًا لخفض الانبعاثات: الكربون المحايد بحلول عام 2025. وهذا يدفع العاصمة الدنماركية إلى تجاوز النموذج الحالي للتصميم الحضري الذكي والنظيف والمواصلات الكثيفة. وهو الأمر الذي جعل منها إحدى أنظف المدن في العالم. لقد كان الحراك المجتمعي وسياسات الحكومة العملية والضرائب المرتفعة عوامل دافعة للتغيير. تثبت الصور القديمة أن المدينة كانت مكتظة بالسيارات مثل أي مدينة أوروبية أخرى في السبعينيات، قبل أن يتظاهر أكثر من مئة ألف شخص في الميدان الرئيسي للمدينة للمطالبة برجوع شوارعهم إلى سالف عهدها. منذ ذلك الحين، قام مخططو المدينة بتقليص مساحات وقوف السيارات بشكل مطرد وتخصيص مساحات واسعة للمشاة والدراجات.
في هذا الإطار، أشار جيب جول، من المجلس الاقتصادي الدنماركي، إلى أنها “مسألة أولويات”؛ معتبرا أنه “شعور جيد أن تتجول في كوبنهاغن حيث يحظى المشاة في بعض مناطق المدينة بمساحة أكبر من الدراجات، وتخصص مساحة أكبر للدراجات من السيارات”. في الوقت الحالي، تتنافس المدينة مع أمستردام على لقب المدينة الأكثر ملاءمة للدراجات في العالم. وهذا يعني أنه سيكون هناك إشارات مرور مع قضبان يمكن للدراجين الإمساك بها عند التوقف دون الحاجة لوضع القدمين على الأرض، وحاويات للقهوة الجاهزة مصممة للدراجين، وجولات خاصة للأولياء في المدارس من أجل تجربة دراجات تشبه “الحافلات الصغيرة” يمكنها أن تحمل ما يصل إلى ستة أطفال في الوقت ذاته.
من جانب آخر، يتمثل هدف كوبنهاغن لسنة 2025 إلى حد كبير في استبدال التدفئة التي تعمل بالفحم بالكتلة الحيوية والرياح والطاقة الحرارية الجوفية. ستسمح البنية التحتية الجديدة لتدفئة المناطق السكنية بالتخلص من المدافئ المنزلية. يهدف المخططون الحضريون إلى استخدام تكنولوجيا احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه لمحاصرة الانبعاثات من محرقة النفايات الرئيسية في المدينة.
على العموم، لا يزال البعض يشك في أن المدينة ستكون خالية من الكربون في غضون خمس سنوات، لكن ميكيل كروغسغارد نيس، من مكتب رئيس بلدية المدينة، يقول إنه ثبت أن المشككين كانوا على خطأ، وأضاف “منذ سنة 2014 إلى سنة 2020، استطعنا تخفيض نسبة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بأكثر من 50 بالمائة، وهذا يعني أن المدينة تسير نحو الطريق الصحيح”.
من المنتظر أن تؤدي هذه التحولات إلى توفير ما يصل إلى 35 ألف وظيفة، ومعظم الأموال تأتي من الخزينة العامة. على الرغم من أن سكان المدينة يدفعون بالفعل إحدى من أعلى معدلات الضرائب في العالم، ولكن يُنظر إلى هذا على أنه استثمار في الصحة ونوعية الحياة. كانت تكلفة محطة مياه الصرف الصحي في المدينة باهظة الثمن، ولكن بعد أن وقع تشغيلها أصبح بإمكان السكان السباحة في الميناء – وهو أمر لا يمكن تصوره في المجاري المائية في مدن أخرى. ولهذا السبب، يُصنَّف الدنماركيون باستمرار من بين الأشخاص الأكثر صحة وسعادة في العالم.
علاوة على ذلك، ترغب البلدية في التخلص تدريجيا من محركات الاحتراق من خلال تحويل أسطول الحافلات إلى استخدام الطاقة الكهربائية وحظر البنزين والديزل في غضون خمس سنوات. بعد أن واجهت هذه الخطة معارضة من الحكومة المركزية، ضغطت المنظمات البيئية المحلية غير الحكومية من أجل تطبيق مخطط ثوري جديد لإدارة حركة المرور يقلل بشكل كبير من استخدام السيارات. تقسم “خطة التوزيع” التي نجحت بشكل كبير في مدينة غنت البلجيكية، المركز الحضري إلى عدد قليل من المناطق، ويُمنع السائقون من الانتقال مباشرة من مكان إلى آخر. بدلاً من ذلك، عليهم المرور عبر الضواحي. ويشرح ينس مولر مدير برنامج جودة الهواء بمنظمة النقل والبيئة غير الحكومية هذه الخطة قائلا: “هذا يعني أنه لا يمكنك أن تذهب إلى المخبز أو إلى أي مكان قريب بالسيارة”.
ما تقوم به المنظمة هو نتاج حراك مجتمعي قامت به الأجيال السابقة والحالية
نتيجة لذلك، أصبح المشي وركوب الدراجات ووسائل النقل العام من الأشياء التي تحظى بجاذبية أكبر. يقول جويل: “إنها أهم الأمور التي يمكن القيام بها بصرف النظر عن إنشاء مناطق خالية من السيارات”.
تُعتبر كوبنهاغن، إلى جانب أمستردام وباريس ولندن وأوسلو، أبرز المدن التي تعمل على تحسين جودة الهواء. وفي هذا السياق، يقول مولر إن لندن رائدة في مجال خفض الانبعاثات، وتتفوق أوسلو في الترويج لاستخدام السيارات الكهربائية، بينما تستكشف باريس خططًا جذرية لتتحول إلى “مدينة 15 دقيقة” التي تهدف إلى تمكين سكانها من الوصول إلى المتاجر ومراكز الخدمات مشيا على الأقدام أو باستخدام الدراجة. وتعتبر المدن في ألمانيا رائدة في إنشاء البنية الأساسية والتخطيط العمراني الذي يسمح بإغلاق الطرق في أوقات معينة لتنظيم بعض الأحداث. أما في بروكسل، فقد أصبح متاحا للسكان اختيار الوقت المناسب لإغلاق الطرق لإقامة حفلات الأطفال وحفلات الشواء. يقول مولر إن هذا يقلل من التلوث لأن الناس يقضون المزيد من الوقت خارج منازلهم.
ويضيف مولر أن ما تقوم به المنظمة هو نتاج حراك مجتمعي قامت به الأجيال السابقة والحالية. تسعى أمستردام حاليََا إلى اعتماد زوارق لا تشتغل بالكربون والمزيد من الدراجات، ولكنها مثل كوبنهاغن، كانت قد بدأت جهودها لتحسين جودة الهواء في السبعينيات، عندما شن النشطاء حملة بسبب ارتفاع عدد حوادث المرور ورفعوا لافتات تقول:”توقفوا عن قتل أطفالنا”. وفي السنة الماضية، شهدت مدريد حراكا قويا، حيث تظاهر حوالي 20 ألف شخص لمعارضة خطط التحالف اليميني الحاكم لإعادة فتح شوارع وسط المدينة للسيارات. وقد تمكنت منطقة “مدريد المركزية” بالعاصمة الإسبانية من تخفيض انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين أكثر من أي مدينة أوروبية أخرى. حتى الآن، نجح النشطاء في مساعيهم لإبعاد السيارات عن وسط المدينة.
كاليفورنيا (أوكلاند ولوس أنجلوس)
تجلت أهمية النشاط الشعبي مؤخرًا في القانون الذي أقرته كاليفورنيا، حيث نجح نشطاء في إقناع الحكومة بأنها إذا أرادت تحسين جودة الهواء فهي بحاجة إلى دعم أفراد الأقليات العرقية ذوي الدخل المنخفض لأنهم الأكثر تضررًا لعيشهم غالبا بالقرب من مصادر التلوث.
منذ الثمانينيات، قطعت ولاية كاليفورنيا خطوات مثيرة للإعجاب في وقت كانت فيه كل من لوس أنجلوس وأوكلاند وسان خوسيه تشتهر بالضباب السام الذي غلف المدينة لأكثر من مائتي يوم في السنة. في هذه الأيام، وبفضل القواعد الأكثر صرامة، ومعايير البنزين المشددة ومع الاعتماد بشكل أقل على الفحم، بات عدد ملوثات الهواء أقل مع زيادة بحوالي 60 يومًا من السماء الزرقاء سنويََا. كما أطلقت العديد من المدن “صفقات جديدة خضراء” وحتى لوس أنجلوس، عاصمة السيارات العالمية، أصبحت تحث المنتقلين إلى اعتماد نظام نقل عام مطور.
لكن أكثر ما يثير الإعجاب الجهود المبذولة على مستوى المجتمع المحلي من قبل النشطاء في مناطق التلوث الحرجة. وتعتبر مارجريت جوردون الوجه الرئيسي لهذه المبادرة، حيث قضت ما يقارب الثلاثين سنة في القيام بحملات تعنى بالصحة البيئية والعدالة الاجتماعية في حي غرب أوكلاند، وهو جزء من منطقة خليج سان فرانسيسكو الذي يقع بين طريقين سريعين، وميناء مزدحم، والمصانع والموقع المقترح لمحطة الفحم.
لقد أدركت غوردون لأول مرة مدى تأثر معظم مجتمعها اللاتيني والسود في سنة 1992 عندما بدأت العمل بدوام جزئي في مدرسة محلية، أين لاحظت صناديق أحذية مليئة بأجهزة استنشاق الربو، كل منها يحمل بطاقة اسم طفل مختلف. وفي مقابلة على تطبيق”زوم”، أشارت وهي تسعُل “كانت تلك البداية…وبعد ذلك، توجهتُ إلى اجتماع محلي للتعبير عن غضبي حول الأوضاع في الحي”.
بدأت غوردون بمراقبة أعداد الشاحنات التي مرت في طريقها إلى الميناء. وقد دفعها ذلك في وقت لاحق إلى تلقي تدريب وتمويل لقياس مستويات الجسيمات الدقيقة التي تعرف باسم “بي إم 2.5” التي يمكن أن تتسرب إلى مجرى الدم وتسبب أمراض الجهاز التنفسي. وحتى في بيتها، كانت القراءات تشير إلى وجود مستويات غير صحية من تلك المادة.
أسست غوردون “مشروع المؤشرات البيئية في غرب أوكلاند”، وعملت كذلك مع العلماء الذين جمعوا بيانات لإثبات ما تعتقده منذ فترة طويلة، وهو أن الأقليات ذات الدخل المحدود هي الأكثر عرضة للمعاناة من الآثار السيئة لتلوث الهواء أكثر من الفئات الأخرى من المجتمع (لتصبح في وقت لاحق من أكثر الفئات هشاشة أمام فيروس كوفيد-19).
كان لهذا الضغط عدة نتائج. فقد أمر مجلس كاليفورنيا لموارد الهواء باتخاذ إجراء في الميناء. تطبق اليوم لوائح تنظيمية أكثر صرامة على الشاحنات، وباتت منشآت الميناء تعمل بالكهرباء، بينما ألغي مشروع محطة الفحم المخطط لها. وفقا للميناء، أصبح الهواء ملوثا بنسبة 74 بالمئة أقل مما كان عليه في سنة 2008. لكن مارغريت غوردون تتطلع إلى تحقيق أكثر من ذلك، حيث تقول: “تحول لون مداخل النوافذ من الأسود إلى الرمادي. ولكن لا يزال الطريق أمامنا طويلا. لا يزال لدينا نقاط ساخنة”.
لعل الإنجاز الأكثر بروزا هو قيام مارغريت غوردون بالمساعدة في صياغة قانون الدولة آي بي 617، الذي تم تمريره في سنة 2017، حيث وُضعت المجتمعات المحلية في مركز التخطيط لخفض الانبعاثات. يعتبر غرب أوكلاند الآن واحدًا من بين الأحياء الثلاثة في كاليفورنيا التي صاغت خطة عمل خاصة بها للتعامل مع مصادر التلوث.
ويأمل ناشطو البيئة العاملون على تحسين جودة الهواء في تشجيع الأثرياء البيض على التقليل من انبعاثات الكربون لتخفيف الضغط على المناطق الفقيرة التي يقطنها بالأساس الهسبان والسود والتي تعد الأكثر تضررا من التلوث. ومن بين الطريقين السريعين الرابطين بين الشمال والجنوب في أوكلاند، ليس من قبيل الصدفة أن تُحظر الشاحنات من المرور عبر الطريق 580 فقط وذلك لأنه يقع في جزء المدينة الذي يقطنه الأثرياء. تقول غوردون إن الهدف الذي يجب تحقيقه هو المساواة البيئية.
مدينة مكسيكو
تعتبر مدينة مكسيكو الأكثر إثارة للجدل عندما يتعلق الأمر بجودة الهواء والتخطيط الحضري. تصدرت هذه المدينة الضخمة الواقعة في أمريكا الوسطى قائمة أكثر عواصم العالم تلوثا لسنة 1992، لكنها تمكنت منذ ذلك الحين من تحسين جودة الهواء رغم الضغوط التي تشكلها الخمسة ملايين نسمة الإضافية.
تمثل حركة المرور التحدي الأكبر الذي تجابهه المدينة
اليوم، لهذه المدينة عمدة تتسم بدهاء بيئي هو الأبرز في العالم. تعد كلوديا شينباوم باردو، أول امرأة تشغل هذا المنصب، عالمة طاقة حاصلة على جائزة نوبل للسلام لسنة 2007 بعد عملها في صلب الفريق الحكومي الدولي التابع للأمم المتحدة المعني بتغير المناخ.
في مهمة سابقة وبصفتها مديرة قسم البيئة في المدينة، أشرفت هذه العمدة على إدخال المتروباص، وهو عبارة عن حافلة نقل سريعة تسير في ممرات منفصلة. ومازال سقف طموحاتها يرتفع. ففي السنة التالية، أعلنت عن خطة بيئية تمتد لست سنوات تهدف إلى خفض تلوث الهواء بنسبة 30 بالمئة وتحديث المترو بقيمة 40 مليار بيزو (1.5 مليار جنيه إسترليني) بالإضافة إلى حملة لزراعة 15 مليون شجرة. كما حظرت حكومتها اعتماد الأكياس البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، وهي تخطط للتخلص التدريجي من باقي المواد الأخرى المماثلة، على غرار الشفاطات البلاستيكية والأكواب والبالونات.
تمثل حركة المرور التحدي الأكبر الذي تجابهه المدينة. فبموجب نظام تقنين مساحات الطرق المسمى “هوي نو سيركولا” الذي يُعتمد على نطاق واسع في المدينة، يجب ركن السيارات خارج الطريق لجزء من الأسبوع. يقيّد هذا النظام فترات تمركز العربات على الطريق استنادًا إلى لوحات أرقامها. لكن هذا النظام أفرز نتائج متباينة إذ عمد الأشخاص الأكثر ثراء وبكل بساطة لشراء أكثر من عربة للتمكن من التخلص من هذه القيود. نتيجة لذلك، تضاعف عدد المركبات تقريبًا بين سنتي 2006 و2016، وهو ما يتسبب الآن في حوالي 70 بالمئة من الانبعاثات وزيادة إفرازات ثاني أكسيد النيتروجين الذي يتركز في العاصمة. وقد قللت الإدارات السابقة من هذا التأثير من خلال تشديد المعايير المفروضة على البنزين، وتوسيع نطاق الرقابة، وتقييد الوصول إلى الممر المركزي في قلب المدينة.
مازالت طفرات الضباب الدخاني مروعة، خاصة مع زيادة اندلاع حرائق الغابات حيث ينضاف الدخان المتصاعد من التلال المحيطة إلى انبعاثات الغازات. وفي السنة الماضية، تلوث الهواء لدرجة أن الحكومة أغلقت المدارس، ومنعت مؤقتا عشرات الآلاف من السيارات من الجولان في الطرقات وأعادت جدولة مباريات كرة القدم المحترفة. ولكن المدينة حققت مكاسب على المدى الطويل. فمنذ سنة 1988، انخفضت نسبة الأوزون بـ 46 بالمئة وانخفضت كمية جسيمات “بي إم 10” العالقة في الهواء بنسبة 74 بالمئة، وذلك وفقا لمستشار المدير العام لجودة الهواء في المدينة ماركو بالان، الذي قال: “لقد تحسن مشهد المدينة من نافذتي. لكن الطريق أمامنا مازال طويلا”.
تريد العمدة كلوديا شينباوم باردو الذهاب إلى أبعد من ذلك من خلال الترفيع في معايير الانبعاثات للعربات الجديدة، وتشجيع استخدام السيارات الهجينة والكهربائية، والاستثمار أكثر في شبكة المترو، واستخدام حافلات صديقة أكثر للبيئة، والسكك الحديدية الخفيفة، والعربات المعلقة؛ بحيث لا يضطر الناس إلى الاعتماد على سيارات الميني فان التي تساهم في التلوث وتكون مكتظة في غالب الأحيان.
يقول الناشطون إن إنهاء دعم الوقود سيمثل الخطوة الأكثر أهمية. دون ذلك، سيكون مشروع الدراجات “إيكو بايسي” مشروعا ثانويا، وقد يقابل مشروع “فيا فيردي” لزراعة الحدائق الرأسية على أعمدة الطرق المرتفعة بالرفض، ليعتبر مجرد تزويق للنوافذ.
حسب أخصائية المناخ زوي تشيف “تعتبر مدينة مكسيكو مثالا مذهلا على القدرة على تحسين جودة الهواء. فهم يتعاملون مع الأمر على نحو شامل. ويعرفون أن لديهم العديد من المصادر. ويدركون أن لذلك تأثير كبيرا على متوسط العمر المتوقع ونوعية الحياة. صحيح أن الوضع ليس مثاليا، لكنهم حققوا تقدمًا مثيرًا للإعجاب حقًا”. وترى تشيف أن ذلك سيكون مفتاح تحسن الوضع بعد الإغلاق، مؤكدةً: “لقد شهدنا تحسنا في جودة الهواء في الأشهر القليلة الماضية. لكن ذلك حدث لأسباب أخرى وفي ظروف محزنة. آمل أن نتوصل الآن لطريقة لتحقيق نفس النتائج على نحو عادل وممكن اجتماعيًا”.
المصدر: الغارديان