ترجمة وتحرير نون بوست
بدأت الصين تكتسب أهمية بصفتها لاعبًا رئيسيًا محتملاً في سوريا ما بعد الحرب، إلى جانب كل من روسيا وإيران. ومع افتقار روسيا وإيران للقدرات المالية ورفض الولايات المتحدة وأوروبا دعم خطط إعادة إعمار سوريا، أصبحت الصين بالنسبة لنظام الأسد المنقذ. بناء على ذلك، يمكن أن تصبح سوريا نقطة رئيسية في مبادرة “الحزام والطريق” الصينية للبنية التحتية والاتصالات السلكية واللاسلكية والطاقة. وعلى هذا النحو ستُقحم سوريا الصين في صراعات الشرق الأوسط المتعددة.
المصالح الاقتصادية للصين في سوريا
يرمز مستودع محمد جراح وأحمد البستاتي في دمشق إلى بروز الصين كأكبر مورد للسلع الصناعية والاستهلاكية إلى سوريا ما بعد الحرب. فقد صار المستودع المتهالك ممتلئا بكل أنواع السلع من آلات القطع بالليزر صينية الصنع إلى الألعاب البلاستيكية للأطفال.
بعد عقد من الحرب التي قضت على آمال صاحبي هذا المشروع السوريين. يبدو أن الأوضاع بدأت تتحسن بالنسبة لرجال أعمال مثل جراح والبستاتي، مع استعادة بشار الأسد السيطرة على معظم أجزاء البلاد بدعم روسي وإيراني، ورؤية الصين لإمكانيات اقتصادية طويلة المدى في سوريا باعتبارها عقدة إقليمية لما ستبدو عليه مبادرة الحزام والطريق، وذلك بغض النظر عن أزمة جائحة كوفيد-19 وتداعياتها الاقتصادية المدمرة.
سعى المسؤولون السوريون إلى تأكيد المزايا التنافسية للصين في بلادهم والمصالح التي يمكن أن تحققها بأخذ زمام المبادرة في مشاريع إعادة إعمار بلادهم. وقالت بثينة شعبان، المستشارة الإعلامية لبشار الأسد، في إشارة إلى مبادرة الحزام والطريق إن “طريق الحرير لا يكون طريق حرير إذا لم يمر بسوريا والعراق وإيران”.
يعد وصول الصين إلى موانئ طرطوس واللاذقية السورية المطلة على البحر الأبيض المتوسط فرصة جذابة لمبادرة الصين التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات والتي تهدف إلى ربط أوراسيا بجمهورية الصين الشعبية. وبذلك سوف يكتمل موطئ قدم بكين في بيريوس اليونانية والموانئ الإسرائيلية مثل حيفا وأشدود، وتبرز مكانة سوريا في طريق الحرير القديم.
باعت شركة “تشينغداو هايشي” للآليات الثقيلة رافعات حاويات بطول 28 طابقًا لميناء طرابلس قادرة على رفع ونقل أكثر من 700 حاوية يوميًا
يرتبط اهتمام الصين بالموانئ السورية ارتباطًا وثيقا باستكشاف شركة “شاينا هاربور إنجنيرينج” لإمكانية توسيع ميناء طرابلس في لبنان ليصبح قادرًا على استيعاب السفن الكبيرة. وعلى عكس الموانئ السورية، ستمنح طرابلس الصين حرية أكبر للعمل لأنها لن تضطر إلى تقاسم السيطرة مع روسيا. وإلى جانب الموانئ السورية، سيكون ميناء طرابلس نقطة عبور بديلة للمرور عبر قناة السويس.
يبدو أن روسيا كانت تتوقع تحركات الصين المحتملة عندما تفاوضت السنة الماضية مع الأسد على تمديد وصولها إلى القواعد العسكرية، بما في ذلك ما تصفه “مرفق دعم لوجستي للبحرية الروسية” في ميناء طرطوس. في غياب إعلان رسمي عن هذا الاتفاق، لا تزال النوايا الروسية غير واضحة. ومع ذلك، فإن تحديث ميناء طرطوس لأغراض عسكرية تضمن سيطرة روسيا على شرق البحر الأبيض المتوسط، يشمل توسيع الميناء ليصبح قادرا على استيعاب جميع أنواع السفن، بما في ذلك حاملات الطائرات.
في خطوة أخرى، أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزارتي الخارجية والدفاع في أيار/ مايو بالتوصل إلى اتفاق مع سوريا بشأن تمديد اتفاقية أبرمت سنة 2015 بشأن الوجود الروسي في ميناء طرطوس بزيادة 11 سفينة واستئجار المرفأ لمدة 49 عاما. كما يرغب بوتين في تمديد الاتفاقية لـ 25 سنة إضافية.
حسب القبطان من الدرجة الأولى، أناتولي إيفانوف، الخبير البحري في موسكو، فإنه “انطلاقا من ساحل سوريا لن يكون بمقدور روسيا السيطرة على الجزء الشرقي من البحر الأبيض المتوسط فقط وإنما البحر الأبيض المتوسط بأكمله”. وأضاف إيفانوف أن “الوجود الأمريكي في البحر الأبيض المتوسط لا يقتصر على سفن الأسطول السادس فحسب، بل يشمل أيضًا قاعدة واسعة النطاق لصيانة السفن ومراكز تدريب تابعة للبحرية الأمريكية. بالنسبة لروسيا، فإن البحر الأبيض المتوسط أقرب بكثير ليس فقط من الناحية الجغرافية، وإنما أيضًا من الناحية الجيوسياسية. لذلك، إن اغتنام الفرصة لتعزيز وجودها في سوريا يبدو إجراءً معقولا”.
باعت شركة “تشينغداو هايشي” للآليات الثقيلة رافعات حاويات بطول 28 طابقًا لميناء طرابلس قادرة على رفع ونقل أكثر من 700 حاوية يوميًا، وفي كانون الأول/ ديسمبر من سنة 2018، رست سفينة حاويات تابعة لخطوط الشحن “كوسكو” المملوكة للدولة في ميناء طرابلس لتفتتح بذلك طريقا بحريًا جديدًا للصين في البحر الأبيض المتوسط.
من جهتها، تتطلع شركات البناء الصينية الكبرى إلى مدّ خط سكة حديدية يربط بيروت وطرابلس في لبنان بحمص وحلب في سوريا. وقد اقترحت الصين أن تصبح طرابلس منطقة اقتصادية خاصة ضمن مبادرة الحزام والطريق، وأن تكون نقطة شحن مهمة بين جمهورية الصين الشعبية وأوروبا.
إن هيمنة الصين على عدة موانئ في شرق البحر الأبيض المتوسط قد يشجع تركيا أيضًا على تعزيز قبضتها على الكتل البحرية الغنية بالطاقة في المنطقة
بالإضافة إلى توسع الصين في شرق البحر الأبيض المتوسط، استحوذت “كوسكو” في سنة 2015 على حصة بنسبة 65 بالمئة من محطة الحاويات كومبورت الواقع على ساحل بحر مرمرة شمال غرب تركيا. لإغلاق الدائرة، وقّعت البحرية المصرية السنة الماضية اتفاقيةً مع شركة هاتشيسون للموانئ الصينية لبناء محطة في أبو قير، وهو ميناء يبعد حوالي 23 كيلومترًا شمال شرق الإسكندرية، كما تنشط الشركات الصينية بالفعل في ميناء الإسكندرية وميناء الدخيلة، على بعد 10 كيلومترات غرب المدينة.
في الواقع، إن النفوذ الصيني الذي يمتد على عشرة موانئ على الأقل في ستة بلدان على شرق المتوسط - “إسرائيل” واليونان ولبنان وتركيا ومصر وسوريا – من شأنه أن يؤثر على قدرة الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي على المناورة في المنطقة. ولعل ذلك من بين الأسباب التي دفعت إدارة ترامب إلى تحذير “إسرائيل” من أن تدخل الصين في ميناء حيفا، حيث قام الصينيون ببناء رصيف خاص بهم، يمكن أن يعرقل استمرار الأسطول الأمريكي السادس في استخدام الميناء.
تطرقت الورقة البيضاء للاستراتيجية العسكرية للصين، التي نشرت في سنة 2015، إلى “المتطلبات الاستراتيجية للدفاع عن المياه الإقليمية والبحار المفتوحة”. وهو ما يثير مخاوف بشأن استخدام بكين الموانئ التي تديرها أو تملكها في شرق البحر الأبيض المتوسط لخدمة المصالح الاقتصادية والتجارية لجمهورية الصين الشعبية وكذلك مصالحها العسكرية.
إن هيمنة الصين على عدة موانئ في شرق البحر الأبيض المتوسط قد يشجع تركيا أيضًا على تعزيز قبضتها على الكتل البحرية الغنية بالطاقة في المنطقة. فقد أسفر الدعم العسكري التركي لحكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دوليا، عن إبرام اتفاقية بحرية بين الكيانين لإنشاء منطقة اقتصادية خالصة في شرق البحر الأبيض المتوسط تخدم المصالح التركية الواسعة.
إن اهتمام الصين بموانئ البحر الأبيض المتوسط جزء من جهد أكبر لدمج الشرق الأوسط بالطريق البحري لمبادرة الحزام والطريق الذي يشمل الخليج وبحر العرب وميناء جوادر الباكستاني باعتباره نقطة محورية إلى جانب البحر الأحمر، مع إنشاء أول قاعدة عسكرية للصين في جيبوتي.
في محاولة لمعارضة الدول الغربية، ساندت الصين في ست مناسبات حق النقض الروسي في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمنع إدانة الحكومة السورية ومؤيديها
تم تعزيز التكامل من خلال الاستثمار الصيني في الموانئ والمنشآت اللوجستية في دبي وعُمان والمجمعات الصناعية المرتبطة بالبنية التحتية البحرية. وقد رحّبت دول الخليج بالمشاريع الصينية، وأدرجت العديد منها ضمن خطط طويلة الأجل لتنويع اقتصاداتها.
أوضح السفير الصيني في دمشق، تشي تشيانجين، اهتمام الصين بسوريا عندما أكد في سنة 2018، في بيان نشرته وكالة أنباء “شينخوا” الحكومية ورسالة، نية بلاده لعب دور أكبر من الناحية الاقتصادية والسياسية والعسكرية في سوريا. وخلال زيارة أداها إلى مستشفى في العاصمة السورية، قال السفير الصيني: “أعتقد أن الوقت قد حان لتركيز كل الجهود على التنمية وإعادة إعمار سوريا. أعتقد أن الصين ستلعب دورًا أكبر في هذه العملية من خلال تقديم المزيد من المساعدة للشعب والحكومة السورية”. ولعل التبرعات المقدمة لسوريا لأغراض إنسانية في السنوات الأخيرة، التي لا تقل عن 44 مليون دولار أمريكي، تدعم تصريحات السفير الصيني.
في رسالة مكتوبة في أغسطس/ آب 2019، ركز السفير الصيني، من بين أمور أخرى، على تطوير السكك الحديدية والموانئ السورية. ونُشرت الرسالة بعد شهر من تعهّد الرئيس الصيني شي جين بينغ بإقراض سوريا واليمن ولبنان والأردن 20 مليار دولار لإعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية.
يشكك البعض في أن أفضل دور للصين، حتى قبل تفشي جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية المدمرة، يتمثل في تشكيلها لعنصر أساسي إن لم يكن لعب دور رئيسي في عملية إعادة الإعمار بعد الحرب في سوريا، والتي تقدر تكلفتها ما بين 250 و400 مليار دولار.
هذا هو الحال بما أن الممولين المحتملين الآخرين، على غرار الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا ودول مجلس التعاون الخليجي، إما يرفضون العمل مع حكومة الأسد أو مشغولون في محاربة الركود المحلي والعالمي والخسارة الكبيرة التي شهدتها العائدات في أعقاب الجائحة.
في محاولة لمعارضة الدول الغربية، ساندت الصين في ست مناسبات حق النقض الروسي في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمنع إدانة الحكومة السورية ومؤيديها – روسيا وإيران – والدعوات لوقف إطلاق النار فضلا عن معاقبة مجرمي الحرب المزعومين.
من بين المزايا النسبية للصين في سوريا الخاضعة لعقوبات شديدة، التجربة التي اكتسبتها في التحايل على عقوبات الولايات المتحدة والأمم المتحدة المفروضة على إيران وكوريا الشمالية. كما تستفيد الصين من المؤسسات البديلة التي أسستها مثل البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية ومنظمة شنغهاي للتعاون التي إما تسيطر عليها أو تؤثر عليها بصفة كبيرة.
لكن لم يمنع ذلك وزارة العدل الأمريكية من اتهام شركة الاتصالات الصينية العملاقة “هواوي” بانتهاك العقوبات الأمريكية من خلال العمل في سوريا. كما تحاول وزارة العدل الأمريكية حث كندا على تسليم المديرة المالية للشركة وابنة مؤسسها، منج وانزهو، للعدالة. والجدير بالذكر أن منج احتُجزت في كندا بناء على طلب الولايات المتحدة.
زارت وفود متعددة من المستثمرين ورجال الأعمال الصينيين سوريا في السنوات الأخيرة. في سنة 2018
غافلين عن خطر استهدافهم من قبل السلطة الواسعة لوزارة العدالة الأمريكية، حضرت حوالي 200 شركة صينية في 2018 و58 شركة في 2019، الناشطة في قطاعات مثل الاتصالات والنفط والغاز والنقل، معرض دمشق الدولي لمناقشة صفقات تتراوح بين تصنيع السيارات وتطوير المستشفيات المتنقلة.
بينت مشاركة مجموعة الصين الوطنية للشاحنات الثقيلة اهتمام الصين بقطاع السيارات السوري، كما يمكن أن تثبت سوريا أيضًا أنها سوق مربحة للصادرات العسكرية الصينية. ينظر الأسد إلى الاهتمام الصيني على أنه طريقة لتخفيف قبضة موسكو وطهران على بلاده، على الرغم من الجهود الروسية والإيرانية لجني فوائد دعمهما الميداني لحكومته من خلال الفوز بعقود إعادة الإعمار المربحة.
امتنعت الصين حتى الآن عن الاستجابة بأي شكل من الأشكال لمحاولات سوريا حثها على البدء في إعادة إعمار الهياكل الأساسية الوطنية الحيوية حتى قبل استعادة معاقل المتمردين المتبقية في البلاد. مع ذلك، استغلت الصين الفرصة التجارية، حيث أن الغالبية العظمى من الصادرات السورية تذهب إلى الصين وتنتشر السلع الصينية في كل مكان في الأسواق السورية. بالنسبة لمدينة حماة، وهي المنطقة الصناعية الأكثر أهمية في سوريا بعد انهيار التصنيع في حلب ودمشق نتيجة للحرب، فهي تمتلك كميات هائلة من قطع غيار السيارات والأدوات والمعدات الآلية صينية الصنع لصناعة السيارات والدراجات النارية وصناعة الأحذية.
بالإضافة إلى ذلك، زارت وفود متعددة من المستثمرين ورجال الأعمال الصينيين سوريا في السنوات الأخيرة. في سنة 2018، استضافت الصين معرضها التجاري الأول الخاص بمشاريع إعادة الإعمار السورية بحضور حوالي ألف شركة صينية، وتعهدت بتقديم ملياري دولار لبناء مجمعات صناعية.
مخاوف الصين الأمنية من سوريا
إن قدرة الأسد على استعادة السيطرة على معظم سوريا، باستثناء منطقة إدلب الشمالية التي تسيطر عليها المعارضة، لم تخلق فرصًا اقتصادية فحسب، بل زادت أيضًا من مخاوف الصين الأمنية الموجودة بالفعل. مع تخلص النظام السوري من المعارضة، تخشى الصين من تحول قوات الأويغور وآسيا الوسطى المتشددة والمتمرسة على القتال إلى أفغانستان وطاجيكستان وباكستان، نحو الصين حيث سيكون من السهل استهدافها.
تكمن معضلة الصين في إدلب جزئيا في حساسيتها إزاء المعارضة التركية للهجوم الشامل على إدلب، حيث تخشى تركيا احتمال تسبب الصين في نزوح جديد للاجئين وتخشى أن تؤدي مشاركتها في هجوم إلى إثارة المشاعر المؤيدة للأويغور في تركيا
لقد مثّل وجود مقاتلي الأويغور في سوريا أحد الدوافع وراء حملة القمع الوحشية ضد المسلمين من هذه الأقلية العرقية في مقاطعة سنجان المضطربة الواقعة شمال غرب الصين. كما أقنع ذلك الصين بتكثيف التعاون الأمني الحدودي مع طاجيكستان وأفغانستان، حيث يُزعم أن المجاهدين الأويغور المنتمين للحزب الإسلامي التركستاي، وهو جماعة مرتبطة بالقاعدة، يقاتلون إلى جانب حركة طالبان.
دفع وجود الأويغور في سوريا الصين إلى النظر في إرسال قوات صينية للانضمام إلى القتال من أجل استرجاع إدلب لتنتهك بذلك مبادئ سياستها الخارجية والدفاعية. في نهاية المطاف، لم تنفذ الصين هذه الفكرة التي كان من الممكن أن تمثل أول تدخل عسكري لجمهورية الصين الشعبية خارج حدودها في التاريخ الحديث.
لكن التقارير الإعلامية المتكررة وغير المؤكدة تشير إلى أن الصين تتبادل المعلومات الاستخبارية مع سوريا، وأنها أرسلت مستشارين عسكريين على مدى السنوات الأربع الماضية للمساعدة في القتال ضد مقاتلي الأويغور. والواقع أن المناقشة الدائرة حول التدخل جاءت بعد تعهد الأدميرال غوان يوفي من بحرية جيش التحرير الشعبي بزيادة التعاون العسكري مع الحكومة السورية.
بعد ذلك بسنتين، قالت صحيفة “الوطن” المقربة من النظام والسفير الصيني في دمشق والملحق العسكري الصيني، وونغ روي تشانغ، إن الصين أرادت المساهمة “بطريقة ما” في الحملة العسكرية السورية ضد المعرضة في إدلب. على خلفية ذلك، استغرقت بحرية جيش التحرير الشعبي تسعة أيام لإنكار اهتمام الصين بالمشاركة في القتال، واصفة التقرير بأنه “سوء فهم”.
بينما دعمت الصين الجهود المبذولة للتفاوض على إنهاء الحرب السورية، فقد حرصت بشدة على تجنب اتخاذ دور قيادي، وكانت مبادرتها الوحيدة لتشكيل نتيجة الصراع عبارة عن خطة متكونة من أربع نقاط لم تكتسب أي اهتمام ملحوظ.
تكمن معضلة الصين في إدلب جزئيا في حساسيتها إزاء المعارضة التركية للهجوم الشامل على إدلب، حيث تخشى تركيا احتمال تسبب الصين في نزوح جديد للاجئين وتخشى أن تؤدي مشاركتها في هجوم إلى إثارة المشاعر المؤيدة للأويغور في تركيا على الرغم من تزايد المشاعر المعادية للاجئين في البلاد. وتجدر الإشارة إلى أن تركيا دعمت حقوق الأويغور لفترة طويلة وكثيرًا ما غضت الطرف عن مقاتلي الأويغور.
نصح مواطن من الأويغور في مقطع فيديو نشر على تويتر ظهر فيه وهو يرتدي زيًا عسكريًا تركيًا ويحمل سلاحًا آليًا ويدعي أنه كان يقاتل في منطقة عفرين في شمال سوريا إلى جانب المتمردين المدعومين من تركيا، الهان الصينيين القاطنين في المقاطعة الشمالية الغربية المضطربة في الصين، سنجان، لمغادرة المنطقة. حيال هذا الشأن، قال: “اسمعوا أيها الأوغاد، هل ترون هذا؟ سوف ننتصر! سنقتلكم جميعا. اسمعوا أيها المدنيون الصينيون، اخرجوا من تركستان الشرقية. أنا أحذركم. سنعود وسننتصر”.
قد تسمح تقوية العلاقات الصينية الروسية في أعقاب الوباء بالإضافة إلى اعتماد إيران المتزايد على الصين بتقاسم المصالح في سوريا
سوريا في سياسة الشرق الأوسط الصينية الأوسع
بعيدًا عن ترددها في المشاركة في الحرب السورية، تخشى الصين على الرغم من دعمها المستمر للنظام السوري باعتباره “حصنًا علمانيًا ضد التطرف الإسلامي”، أن تؤدي زيادة تدخلها في سوريا إلى تعريض جهودها الناجحة للبقاء بمعزل عن الصراع بين السعودية وإيران الذي تسبب في نشوب نزاعات متعددة في الشرق الأوسط للخطر.
لكن تقلص هذا الخوف عند إنهاء دول مجلس التعاون الخليجي دعمها طويل الأمد للمتمردين المناهضين للأسد، وبداية التودد للرئيس السوري في محاولة لمواجهة النفوذ الإيراني والتركي. كما أن العزوف الصيني منعها أيضا من الدخول في منافسة مباشرة مع روسيا وإيران في مرحلة إعادة الإعمار بعد الحرب. قد تسمح تقوية العلاقات الصينية الروسية في أعقاب الوباء بالإضافة إلى اعتماد إيران المتزايد على الصين بتقاسم المصالح في سوريا بطرق تحول هذه البلاد إلى نقطة مهمة لتنفيذ مبادرة الحزام والطريق.
المصدر: مودرن ديبلوماسي