مرّ عام واحد على استلام أكرم إمام أوغلو وثيقة رئاسة بلدية إسطنبول الكبرى، ورغم مزاولته العمل السياسي منذ 12 عامًا، بانضمامه إلى حزب الشعب الجمهوري، فإن السنة التي قضاها في مقر أهم البلديات التركية على الإطلاق، لا تعادل شيئًا مما كتب في مسيرته سابقًا، فحالة الاستهجان والجدل التي ارتفعت وتيرتها مع بروز اسمه في المعترك السياسي، أضافت جرعة زائدة من الحساسية الرتيبة بين أنصار حزب الشعب الجمهوري العلماني اليساري وحزب العدالة والتنمية ذي التوجه الإسلامي المحافظ.
خاصةً أن حصوله على تأييد 54.21% من أصوات الناخبين، في انتخابات رؤساء البلديات المحلية الماضية، متقدمًا على منافسه بن علي يلدريم، مرشح حزب العدالة والتنمية، أنهى 25 عامًا من حكم الحزب المحافظ لإسطنبول، وهي المدينة التي يُقال عنها في الوسط التركي بأنها “الخلاصة” أو “مفتاح جميع المدن التركية الأخرى”، على اعتبار أن “من يحكم إسطنبول، يحكم تركيا”، وهي مقولات أطلقها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد أن عاش حقيقتها منذ انتخابه عمدةً لإسطنبول عام 1994.
أكسبت هذه المعطيات وغيرها إمام أوغلو صيتًا ذائعًا وزائفًا إلى حد ما، فصورته السياسية التي تمت صياغتها وتشكيلها بنجاح خلال الحملة الانتخابية، تدهورت تدريجيًا مع تخلفه عن وعوده وانشغاله عنها في انتقاد وتشويه سمعة حزب العدالة والتنمية، وذلك بعد أن روج سابقًا للبدايات الجديدة لكل من المدينة والدولة، بقوله: “نحن نفتح صفحة جديدة في إسطنبول”، تحت شعاري: “إذا كان هناك إمام أوغلو، هناك أمل” و”كل شيء سيصبح جميلًا” كعنوان رئيس للمراحل القادمة دون أدنى شك.
الوجه الانتخابي لإمام أوغلو.. مبالغة وحماسة إعلامية مفرطة
ساهمت زيادة زخم التغطية الإعلامية، وتحديدًا الغربية والمعارضة، في تضخيم حملة إمام أوغلو وموقعه، حتى إن بعض الصحفيين تجرأوا على تسميته “مصطفى كمال أتاتورك التالي”، وطرح آخرون فكرة ترشيحه للانتخابات الرئاسية ضد أردوغان على طاولة النقاش العام، حيث امتلأت صفحاتها بعبارات مسرفة في الخيال ومناقضة للموضوعية، مثل “إمام أوغلو زلزل معقل أردوغان في إسطنبول”، وثانية مثل “انتكاسة كبيرة لأردوغان وحزبه”، وأخرى قالت “وجه نجم المعارضة الجديد ضربة قاسية لرئيس تركيا”.
رفعت هذه المبالغة أو الحماسة الإعلامية السابقة لأوانها سقف التوقعات بشأن التغييرات والإصلاحات التي وعد بها إمام أوغلو خلال الحملة الانتخابية، وعلقت آمالًا عريضة عليه، معتبرةً فوزه انتصارًا فرِحًا بالديمقراطية والتغيير ودرسًا حيًا عن نزاهة الانتخابات، إلا أن التركيز المفرط على هزيمة حزب العدالة والتنمية بدلًا من الاهتمام بأولوياته ومهامه، أنسى إمام أوغلو الوفاء بوعوده المتعلقة بتحسين الوضع المعيشي ومستوى الخدمات العامة في العاصمة التجارية.
ابتعد إمام أوغلو عن جميع التصورات الإيديولوجية للحزب العلماني وتخلى عن النسخة اليسارية المتطرفة للقومية
ساهمت أيضًا خلفيته الاجتماعية المحافظة في مساعدته على تقمص دور السياسي المسالم والمتصالح مع مختلف الشرائح في المجتمع التركي، إذ ينحدر إمام أوغلو من أسرة متدينة، ولها تاريخ طويل في العمل السياسي، فوالده مؤسس فرع حزب الوطن الأم بزعامة رئيس وزراء تركيا الراحل تورغوت أوزال في طرابزون، لكنه اتبع خلال مرحلة دراسته الجامعية مسارًا أكثر تحررًا عندما انخرط في العمل السياسي مع حزب الشعب الجمهوري.
ومع ذلك، ابتعد إمام أوغلو عن جميع التصورات الإيديولوجية للحزب العلماني وتخلى عن النسخة اليسارية المتطرفة للقومية، حيث تعمد الحديث بلهجة تصالحية، وكان يدعو دومًا للتفاهم والحوار والتعاون، متفاديًا إثارة الانقسام والاستفزازات.
ظهر أيضًا إمام أوغلو وهو يتجول في الأحياء والمناطق التي تعتبر معقل حزب العدالة والتنمية، ويتحدث إلى الناس في مسعى لكسب ودهم وأصواتهم، كما انتشرت صور وهو يؤدي صلاة الغائب على أرواح ضحايا هجوم “كرايست تشيرتش” في نيوزيلندا، ويقرأ بعض الآيات القرآنية من سورة ياسين في جامع أيوب سلطان.
علاوةً على ذلك، اتخذت الفتيات المحجبات حيزًا استثنائيًا من منشورات دعايته الانتخابية، تطبيقًا لقوله: “لا تقصوا أحدًا ولا تمارسوا التمييز، لقد ولى التعصب الحزبي وحان وقت الكفاءة والأخلاق”، ومشيرًا إلى نيته التخلي عن الأحكام المسبقة كافة، وعدم التدخل في نمط حياة وملبس ومظهر أي كان.
إن أداء إمام أوغلو خيب الآمال ولم يلب التوقعات، مضيفًا أن إمام أوغلو لم ينتج شيئًا إلا “الجدل” خلال فترة ولايته.
وهي مسألة شديدة الحساسية بالنسبة لأنصار حزب الشعب الجمهوري الذين حاربوا غطاء الرأس لسنوات طويلة قبل أن يأتي حزب العدالة والتنمية ويرفع الحظر عنه، وبتلك الحزمة من الأفكار أدار إمام أوغلو حملته بشكل غير تقليدي، يناقض الصورة النمطية للحزب العلماني الذي يقدس المبادئ الكمالية بشكل أعمى ويحارب مظاهر الدين الإسلامي، ويتبنى مواقف حادة وحاسمة تجاه الأحزاب المحافظة وجذورهم الإسلامية.
وتعليقًا على هذه المواقف الاستثنائية، قال المستشار السابق لعُمدة أنقرة بين عامي 1994 و2017 مليح كوكتشك في حوار مع صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية: “إنه أمر نادر جدًا لمرشح من حزب الشعب.. لم نرَ من قبل مرشحًا من ذلك الحزب يُظهر تلك المودة مع أنصار اليمين والمحافظين والمتدينين”.
لكن هذه القصة اللطيفة انتهت وحلت مكانها الخلافات والتناقضات، إذ قال إحسان أكتاش، أحد مؤسسي معهد جينار (GENAR) للأبحاث إن أداء إمام أوغلو خيب الآمال ولم يلب التوقعات، مضيفًا أن إمام أوغلو لم ينتج شيئًا إلا “الجدل” خلال فترة ولايته.
عام من الوعود الفارغة
خلال حملته الانتخابية، تعهد إمام أوغلو بالعمل الدؤوب من أجل إسطنبول اعتبارًا من أول يوم يستلم فيه الإدارة دون مضيعة للوقت، لكن منذ الشهور الأولى لرئاسته البلدية اختفت وعود السلام والرخاء وتراكمت أخطاءه وإخفاقاته، تاركًا المهام المباشرة والملحة مؤجلة أو معلقة، ومرتديًا وجهًا مختلفًا عما شهدناه سابقًا.
انخدعت الغالبية بوعود إمام وأغلو، فقد تعهد بالاقتصاد في استخدام الأموال العامة ومحاربة الفقر في المدينة وإبقاء أسعار الخدمات التي تقدمها البلدية منخفضة، وعدم طرد أي من موظفي البلدية واحتضان جميع المواطنين بغض النظر عن خلفيتهم.
لكن إمام أوغلو أخلف وعوده واحدًا تلو الآخر، فقد ادعى أن إدارة حزب العدالة والتنمية أهدرت موارد بلدية العاصمة التجارية، متعمدًا تشويه سمعة إدارة الحزب بتجميع جميع السيارات التي تقع تحت تصرف مكتب البلدية وعرضها على وسائل الإعلام، ومن خلال سحبهم من الخدمة، عطل إمام أوغلو عملية الإدارة المحلية في أكبر مدينة بتركيا، في حين استأجرت إدارته 997 سيارةً جديدةً، وذلك أعلى بكثير مقارنة مع الإدارة السابقة، لا سيما أن الإيجار اليومي للسيارات الجديدة كلف نحو 156 ليرةً تركيةً بدلًا من 43 ليرةً للسيارات القديمة.
يشتكي إمام أوغلو من عدم تلقي الدعم اللازم من الحكومة، لكن أردوغان مر بنفس الحال عندما شغل منصب عمدة إسطنبول، وذلك لم يمنعه من إنجاز مهامه والعمل بجد
علق وزير الداخلية التركي سليمان صويلو على هذا التصرف قائلًا: “إذا كان هناك إهدار للموارد العامة، فسنتعامل معها لأن وظيفة البلدية ليست الاستعراض”، مشيرًا إلى افتقار إمام أوغلو للمهارات القيادية وعجزه عن إدارة المدينة بشكل مهني وفعال.
السيد أكرم إمام اوغلو يحتفل بمرور سنةٍ على انتخابه رئيساً لبلدية #إسطنبول..
الإنجازات:
– السيول (وهو في إجازة)
– أزمة المتروبوس الشهيرة
– رفع الأسعار
– زلزال (رفض حضور اجتماعات الطوارئ)
– كورونا
– إلغاء مهرجان التيوليب السنوي
لكنه مصر على الاحتفال.. على طريقة “ترمب ستايل”..!
??♂️ pic.twitter.com/GhorQcjBrm
— Dr. Abdallah Marouf د. عبدالله معروف (@AbdallahMarouf) June 23, 2020
يتفق أكتاش مع وجهة نظر صويلو، إذ أكد أن حملة إمام أوغلو الانتخابية تعهدت مرارًا باستغلال المال العام بشكل صحيح، لكنه كان يطالب بالاقتراض منذ توليه المنصب، مضيفًا بأنه يشتكي دومًا من عدم تلقي الدعم اللازم من الحكومة، لكن أردوغان مر بنفس الحال عندما شغل منصب عمدة إسطنبول خلال الأعوام 1994 و1998، وذلك لم يمنعه من إنجاز مهامه والعمل بجد من أجل المدينة وسكانها.
وخلافًا لوعوده، طرد إمام أوغلو نحو 1400 موظف من موظفي البلدية دون أي مبرر أو تعويض، وذلك يتعارض مع حقوق العمال ومع طمأنته لهم بأنهم لن يفقدوا وظائفهم خلال فترة عمله كرئيس بلدة إسطنبول، وجراء ذلك اندلعت احتجاجات أمام مقر حزب الشعب الجمهوري، وانتهت الأزمة بعد سبعة أشهر بإعادة ما يقارب 200 عامل إلى مناصبهم.
تستمر تناقضات إمام أوغلو بالظهور مع رفعه أسعار وسائل النقل العام بعد سبعة أشهر فقط من توليه منصبه في المدينة بنسبة 35%، كما زاد في رسوم سيارات الأجرة والحافلات الصغيرة والسفن بنسبة 10-25%، وأمر أيضًا برفع أسعار تأجير الدراجات ورسوم الاشتراك من 59 ليرةً إلى 99 ليرةً تركية، ورفع كذلك أسعار مواقف السيارات (ISPARK) بنسبة تصل إلى 40%، رغم تعهده بتوفير خدمات نقل آمنة ومريحة وبأسعار معقولة.
أثارت بلدية إسطنبول استياء المواطنين مع زيادة أسعار زيارة المتاحف بنسبة 50%، علمًا بأن إمام أوغلو تعهد مسبقًا على جعل الزيارات للمتاحف مجانية
في 28 من نوفمبر/تشرين الثاني 2019، قدم إمام أوغلو مشروع قانون لزيادة أسعار المياه بنسبة 20% لكن رفضه أعضاء حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية (MHP)، ثم زادت أسعارها لاحقًا في سبتمبر/أيلول 2019، كما رفعت البلدية أسعار الخبز بنسبة 40%، وشهدت مقاهي BELTUR المملوكة للبلدية ارتفاعًا بنسبة 20% في سبتمبر/أيلول، على عكس وعود إمام أوغلو بتقديم خدمات بأسعار معقولة.
أثارت بلدية إسطنبول استياء المواطنين مرة أخرى مع زيادة جديدة في الأسعار تتعلق بدخول المتاحف بنسبة 50%، علمًا بأن إمام أوغلو وعد مسبقًا بنيته جعل الزيارات للمتاحف مجانية، كما صرح أيضًا بأنه يعتزم إنشاء 150 روضة أطفال، وتقديم منح دراسية للطلاب في إسطنبول لكن ذلك لم يحدث، والأسوأ أن إدارته أطلقت حملة إغلاقات واسعة ضد المؤسسات الخيرية التي تقدم سكنًا مجانيًا للطلاب ذوي الدخل المنخفض.
سلسلة جديدة من أخطاء إمام أوغلو
أمر المنتمي لحزب الشعب الجمهوري بتغيير شعار قناة البلدية الذي يحوي مآذن المدينة المعروفة بكثرة مساجدها وعمارتها الفريدة، واستبداله بشعارات ملونة، ما أثار الجدل في الوسط التركي الذي رأى أن هذه الخطوة تعتبر تمهيدًا لتغييرات أوسع، وهي المخاوف التي تحققت شيئًا فشيئًا مع إغلاق مسجد يقع في محطة مترو أوزون تشاير في منطقة كاديكوي في إسطنبول كان مفتوحًا طوال اليوم لأداء الصلاة.
مديرية النقل العام التابعة لبلدية إسطنبول، فرضت على سائقي الحافلات العمومية التابعة للبلدية حلق اللحى
شبهت صحيفة يني شفق هذه الإجراءات بقرارات شبيهة لنهج حزب الشعب الجمهوري التي اتخذها بعملية 28 من فبراير/شباط الأسود في أثناء الانقلاب العسكري التي تنتهك الحريات الدينية في تركيا، مثل إغلاق المؤسسات الدينية ومدارس الأئمة والخطباء وحظر الحجاب في الجامعات.
لا سيما أن مديرية النقل العام التابعة لبلدية إسطنبول، فرضت على سائقي الحافلات العمومية التابعة للبلدية حلق اللحى، باستثناء الذين يعانون من أمراض جلدية، وبحسب الصحفية التركية فقد جاء القرار على خلفية شكوى تقدمت بها “جمعية فكر أتاتورك” بحق سائق حافلة ملتحٍ.
من جانب آخر، ذكر إمام أوغلو بأنه سيوزع 750 ألف لتر من الحليب شهريًا في جميع أنحاء إسطنبول، ولكنه تعمد شراء هذه الكميات من إزمير، المدينة المعروفة بكونها إحدى القلاع المهمة لحزب الشعب الجمهوري العلماني المعارض في تركيا الذي يحظى برئاسة بلدية المدينة منذ عام 1999، ما أثار سخط الفلاحين والمزارعين في إسطنبول.
يضاف إلى ذلك، إهماله المستمر لمشاكل البنية التحتية بالمدينة، ففي العام الماضي أثارت الأمطار الصيفية الغزيرة في إسطنبول جدلًا واسعًا بسبب حدوث سيول كبيرة أدت إلى تشكل برك مائية في الطرق الرئيسية وبعض الأنفاق ما عرقل حركة السير بشكل خانق، ولكن ما زاد الطين بلة حينها هو غياب إمام أوغلو عن الأنظار، حيث كان يقضي عطلة سياحية في مدينة بودروم الساحلية، ولذلك تصدر هاشتاغ “İmamoğlu Nerede” (أين إمام أوغلو)، الترند التركي على منصة موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”.
تكرر هذا المشهد مع غيابه مجددًا عن الساحة بالوقت الذي ضرب زلزال مناطق شرق تركيا بلغت قوته 6.8 درجات مركزه ولاية ألازيغ وأسفر عن مصرع 41 شخصًا، ليصل إمام أوغلو بعدها بيوم إلى مكان الكارثة، ثم تبين لاحقًا بأنه أتى إلى منطقة الزلزال في أثناء توجهه إلى مدينة أرضروم حيث سيقضي إجازته لمدة ستة أيام، وينشر خلالها تغريدة تقول: “نشعر بالسعادة أنا وزوجتي وأطفالي في أرضروم الجميلة في إجازة نصف العام، كل ركن من بلادنا جنة، ينبغي أن تكون تركيا مركزًا للحب لا للشجار”.
استهجن الشعب التركي هذا التصرف، وكتب عنه الكاتب التركي عبد القادر سيلفي مقالًا ينتقد فيه ذهابه إلى”منتجع التزلج للاستمتاع، بالوقت الذي ما زال العشرات تحت الأنقاض، والجرح ما زال لم يلتئم”، متسائلًا: “ما هذه المتعة بالتزلج؟!”، ومضيفًا: “أعتقد أنه ليس على دراية بالمهمة التي تولاها”.
توالت مشاكل البنية التحتية وتراكمت عواقبها التي أسفرت عن نشوب حرائق وغرق الشوارع الرئيسية بمياه الصرف الصحي، إضافة إلى تفشي مشكلة تلوث المياه في البحيرات ومياه السواحل في أكثر من منطقة بإسطنبول، وتعليقًا على المشكلة الأخيرة قالت البلدية إن هذه الظاهرة ناتجة عن الطحالب، لكن رواد وسائل التواصل الاجتماعي تساءلوا قائلين: “لماذا لم تخرج هذه الطحالب طوال السنوات الماضية؟”.
فساد مالي وإداري
خلال أزمة كورونا، استمرت إخفاقات البلدية، فبدلًا من اتباع القواعد الصحية مثل التباعد الاجتماعي، قرر إمام أوغلو تقليل عدد وسائل النقل العامة بنسبة تتراوح بين 30 إلى 50%، وزاد مدة انتظار المترو من 3 دقائق إلى 10 دقائق، الأمر الذي زاد من الازدحام بين الركاب في أكثر الأوقات حرجًا.
وبالمثل، تعرض إمام أوغلو في أبريل/نيسان لانتقادات خلال جائحة COVID-19 بسبب الحملة الغذائية التي أطلقتها البلدية لجمع التبرعات للعائلات المحتاجة، تحت شعار “سننجح سويًا”، لأن التكلفة الفعلية للحزمة كانت أقل بكثير من السعر المطلوب، إذ تم بيع حزم الطعام مقابل 150 ليرةً تركيةً، لكنها تكلف نحو 83 إلى 104 ليرات تركية في المحلات التجارية الكبرى.
ظهرت فضيحة أخرى على السطح خلال الأزمة، عندما اشترت البلدية الكمامات التي حددت وزارة التجارة سابقًا سعر القطعة الواحدة منها بحد أقصى ليرة تركية واحدة بما في ذلك ضريبة القيمة المضافة، مقابل 2.89 ليرة، إذ تبين أن البلدية دفعت 289 ألف تركية مقابل 100 ألف كمامة تم أخذها من شركة هوليا ساريجول التابعة لحزب الشعب الجمهوري من أجل تنفيع جماعة إمام أوغلو المقربة.
تم الكشف أيضًا عن حصول 274 شخصًا من موظفي البلدية على 804 ألف ليرة تركية في شهر واحد، كما تبين الوثائق منح 3 رواتب لمستشار إمام أوغلو مراد أونغون في شهر واحد، بمبلغ قدره 45 ألف ليرة، إضافة إلى عدد من الأشخاص الإداريين.
في هذه الأثناء، لم يدرج إمام أوغلو على قائمة أنجح رؤساء البلديات في تركيا في استطلاع أجراه مؤخرًا مركز أبحاث ORC في 13 من مايو/أيار، حيث يبدو أن إمام أوغلو حصد ثمار فشله على مدار العام الأول من إدارته لأهم بلديات تركيا بعد أن سحب الإسطنبوليين بساط الثقة من تحت قدميه بسبب سياساته الخاطئة وإهداره للأموال العامة وتورطه في ملفات فساد مالي وإداري.
صحيح أن سنة واحدة ليست كافية لتحقيق جميع الوعود، وليست مقياسًا منصفًا لتقييم الأداء الإجمالي لإدارة عضو حزب الشعب الجمهوري، ولكن تجربة إمام أوغلو في الانتخابات المحلية لعام 2014 في بلدية بيليكدوزو وتحقيقه وعدين فقط من أصل 37 وعدًا، تقدم برهانًا دامغًا على أن كل ما تنتظره إسطنبول في السنوات الأربعة القادمة ليس سوى وعود فارغة، لا سيما أن هذه المدينة الكبرى تستلزم جهودًا عظيمة لإدارتها.