نقلت وكالة الأناضول عن مسئول في النظام السوري أن المصالحة مع من تورطوا في حمل السلاح من السوريين هي السبيل الأمثل لحل الأزمة الحالية، واصفًا هذا التوجه بأنه “ناجح إلى حد كبير في ريف دمشق”.
وأوضح “راتب عدس” نائب محافظ ريف دمشق، في تصريحاته أن “هناك مصالحات تتم بشكل يومي وتدفع المئات ممن تورطوا في حمل السلاح إلى تسوية أوضاعهم”، مضيفًا أن “الحكومة السورية ترى أن هذا هو السبيل الوحيد لحل الأزمة السورية، بعيدًا عن أية إملاءات تفرض على السوريين من الخارج”.
وجاءت تصريحات عدس على هامش مشاركته ضمن الوفد السوري في “المؤتمر العربي الثاني للحد من مخاطر الكوارث”، الذي انطلق اليوم الأحد في منتجع شرم الشيخ – شمال شرقي مصر – ويستمر حتى الثلاثاء المقبل.
وتابع المسئول السوري: “بينما نحن هنا في شرم الشيخ نتحدث عن الكوارث الطبيعية التي تدفع المواطنين إلى الهجرة الداخلية، لدينا في سوريا هجرة من نوع آخر، نتيجة الأعمال العسكرية، لذلك فإن المصالحة هي الحل”.
وعلى سبيل ذكر المصالحات، فكان جيش النظام السوري قد توصل لاتفاق مع الكتائب المقاتلة في أغسطس الماضي، لوقف إطلاق النار في حيي القدم والعسالي بريف دمشق.
ونصت بنود الاتفاق على وقف إطلاق النار بين الطرفين، وانسحاب الجيش النظامي من حي القدم، وإعادة نشر حواجز الجيش عند مداخله، وتنظيف الطرقات تمهيدًا لفتحها أمام المدنيين، وإطلاق سراح معتقلي القدم والعسالي من سجون النظام، كما تتضمن إعادة الخدمات إلى الحيين، وإصلاح البنى التحتية تمهيدًا لعودة المدنيين، وفتح الطرقات الرئيسية، والسماح بعودة الأهالي بعد إصلاح الخدمات.
وجاء هذا الاتفاق في وقت لا تزال فيه مناطق مختلفة من ريف دمشق تشهد عمليات عسكرية من قبل قوات النظام، ومواجهات بينه وبين معارضين، تسفر عن سقوط العشرات من القتلى والجرحى.
إلا أن المسئول في النظام السوري قال في حديثه إن “ذلك لا يمنع إبرام مصالحات مع مسلحين فضلوا تسليم أسلحتهم، وعدم الاستمرار في المواجهات”.
في المقابل، تتهم المعارضة نظام بشار الأسد بأنه “غير جاد في إبرام أي مصالحة”.
كذلك ما زالت أصداء مصالحة حمص القديمة لم تنته في الشارع السوري والمعروفة بـ”هدنة حمص”، حيث أبرمت صفقة بين كتائب الثوار داخل حمص القديمة وقوات النظام السوري في مايو الماضي تقضي بخروج الثوار من حمص المحاصرة وعددهم حوالي 1500 مقاتل، ومن قبلهم خرج عدد مقارب من المدنيين، مقابل إفراج الجيش الحر عن جنود إيرانيين وروس يحتجزهم، إضافة إلى تخفيف الحصار عن منطقتي نبل والزهراء الشيعيتين في ريف إدلب.
وكان الثوار يتحصنون في 13 حيًا من أحياء حمص القديمة، تحاصرها القوات السورية منذ قرابة الـ 700 يومًا خرجوا منها إلى الريف الشمالي لحمص، وبدأ سكان هذه المناطق بالعودة إليها.
إلا أن “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” قالت في أغسطس الماضي إنها رصدت ما يقارب من (1000 – 1100) خرقًا لحالات تسوية مابين النظام السوري من جهة، ونشطاء سلميين ومقاتلين جاؤوا من جبهات متعددة في حمص، إضافة إلى جنود منشقين، ومواطنين متخلفين عن الخدمة العسكرية، في قوات النظام السوري، من جهة أخرى.
وكان النظام السوري قد شرع بتطبيق تسوية مع المواطنين المحاصرين، داخل مدينة حمص القديمة في شهر مارس 2014، حيث تمت التسويات دون وجود وسيط معلن، أو طرف ثالث، واقتصر الأمر على وساطات فردية، لأشخاص ساهموا في إجراء تسويات سابقة، مع ممثلين للنظام السوري.
وقالت الشبكة في تقرير صادر عنها إنها ميزت بين نوعين من التسوية، الأول يقضي بخروج الشباب الذين تتراوح أعمارهم مابين (17- 50 عامًا) والنساء والأطفال الذين لم يشاركوا بأية أعمال، أو نشاطات ثورية، أو إغاثية.
أما النوع الثاني فتضمن خروج النشطاء السلميين من إعلاميين، وعمال إغاثة، وغير ذلك، وأيضًا المقاتلين مع سلاحهم، ثم تسليم أنفسهم لممثلين عن النظام السوري، وفق ضمانات قدمها الأخير وتمثلت في إطلاق سراحهم بشكل مباشر بعد تسوية أوضاعهم، وعدم التعرض لهم أو لعائلاتهم، والسماح لهم بالعودة إلى حياتهم، كما كانت قبل بدء الحراك الشعبي في مارس 2011.
ومضت الشبكة قائلة إن النظام السوري احتجز الأهالي بعد أن سلموا أنفسهم لممثلين عنه، وأودعهم في مدرسة الأندلس الواقعة في حي الدبلان بمدينة حمص، مدة ثلاثة أشهر، أفرج بعدها فقط عن الفئة الأولى الغير مرتبطة بأي “نشاط ثوري”، ونقل ما لا يقل عن (730) شخصًا مابين إعلاميين، وجنود منشقين، ومتخلفين عن الخدمة العسكرية، وآخرين مدنيين، إلى أماكن لم تستطع الشبكة حتى إعداد هذا التقرير معرفتها.
ولفتت الشبكة أن هؤلاء باتوا في عداد المختفين قسريًا، ومن أبرزهم، الإعلامي” خالد التلاوي” وهو مدير مكتب حي باب السباع للإعلام، و”أحمد عبارة” مراسل قناة الجزيرة، والناشط السلمي “طارق بريجاوي”، والناشط الإعلامي”عامر القاروط”.
وأوضحت الشبكة أن قوات النظام السوري، قتلت أعدادًا من المحتجزين تحت التعذيب، كما حصل مع الشيخ “منير زاده” وهو شخص معروف لدى جميع أبناء المنطقة، مشيرة أنها تحققت من مقتل شخصين من عائلة الداغستاني، وهما أخوين كانا يسكنان في حي جورة الشياح بالمدينة.
وأضافت الشبكة، أن النظام جمع الجنود المنشقين، وأحالهم جميعًا إلى فرع الأمن العسكري، أما المتخلفون عن الخدمة العسكرية فألحقهم بالجيش ليشاركوا في عملياته العسكرية.
وحول ذلك قال الأمين العام للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية “نصر الحريري” في بيان في يوليو الماضي: إن “الحديث عن المصالحات في الداخل تحت أزيز الطائرات وهدير الدبابات، ما هو إلا حديث مكشوف وفاشل للتصدير الإعلامي، ولكن لم يعد يقع في مصيدته أحد”.