قبائل ليبيا
عمل معمر القذافي، طوال سنوات حكمه التي تجاوزت 42 سنة، على تقويم نفوذ العديد من القبائل الليبية حتى يقوم عليها نظامه بدل التحالفات السياسية التي لا يؤمن بها، ما جعل القبيلة مكونًا أساسيًا في المجتمع الليبي وعاملًا مهمًا من أركان الدولة.
هذا النفوذ تزايد عقب ثورة فبراير/شباط 2011، حيث لعبت بعض القبائل أدوارًا كبيرةً في المصالحة الوطنية، فيما تصاعدت مكانة بعض قبائل ليبيا الأخرى بفضل السلاح الذي تمتلكه أو بفضل النفط الذي استولت عليه، فيما زاد نفوذ بعضها بعد سيطرتها على طرق الهجرة غير النظامية والتهريب.
في هذا التقرير، الذي يأتي ضمن ملف “مفاتيح ليبيا“، نسلط الضوء على أبرز قبائل ليبيا وموقعها وتحالفاتها وأهميتها في المشهد الليبي الراهن.
إقليم طرابلس
الورفلة
في الغرب الليبي، تبرز قبيلة “الورفلة” العربية التي تعتبر من أكبر القبائل الليبية، حيث يتجاوز عدد أفرادها المليون شخص، أي نحو سدس سكان ليبيا، وهم أكثر قبائل ليبيا انتشارًا على الأراضي الليبية، حيث تمتلك 52 فرعًا.
تتمركز في جنوب شرقي العاصمة طرابلس، بدءًا من منطقة بني وليد غربًا وحتى بنغازي شرقًا، كما يعيش عدد من أفرادها بمناطق بنغازي وسرت وسبها وعدد من المناطق الأخرى داخل البلاد وخارجها خاصة في مصر.
خلال ثورة 17 فبراير 2011، وقفت قبائل الورفلة إلى جانب معمر القذافي، وقاد حفتر حينها عملية اقتحام بني وليد التي تعد العاصمة الروحية لـ”ورفلة”، لذلك إلى اليوم لا يثق سكان المدينة بحفتر، لكنهم في المقابل متحفظون أو جزء منهم تجاه كتائب مدينة مصراتة (تدعم الوفاق) التي اقتحمت المدينة في 2012، عقب قيام أفراد من بني وليد باختطاف أحد قتلة معمر القذافي.
يفضل أغلبية أعيان ورفلة النأي بقبيلتهم عن الصراع بين الوفاق وحفتر، ومع ذلك أغلب كتائبهم انحازت إلى حفتر، وسيطرت على مطار بني الوليد الذي تحول إلى نقطة إمداد بالمسلحين والأسلحة والذخائر إلى ترهونة وجبهات القتال جنوبي طرابلس.
قبائل ترهونة
إحدى أكبر قبائل ليبيا على الإطلاق، وتضم 63 قبيلة منها (أولاد علي، الفرجان، المهادي، الغرارات، الدوائم، الهماملة، أولاد حمد، العوامر، الحواتم، المارغنة، وأولاد معرف، البركات، والعبانات، والمزاوغة، والدراهيب، والحمادات).
تتمركز في منطقة ترهونة في الجنوب الغربي لطرابلس، يقاتل عدد كبير من أفرادها في صفوف قوات حفتر، وهي معقل اللواء التاسع مشاة أحد أذرع ميليشيات الكرامة، وقد سيطرت قوات الوفاق الحكومية على المدينة مؤخرًا.
زناتة
هي قبيلة أمازيغية كبيرة تنتشر في مختلف دول المغرب العربي، وتتركز جغرافيًا في مدينة الزنتان بمنطقة الجبل الغربي، وينتشر بينها المنهج السلفي المدخلي، وتوالي خليفة حفتر.
مصراتة
توجد في مدينة مصراتة العديد من القبائل، غالبيتها تدعم حكومة الوفاق الوطني الشرعية وتمدها بالعتاد والمقاتلين، لكن يوجد عدد قليل منهم أعلن ولاءه لحفتر.
قبيلة ورشمانة
تعيش في جنوب غرب مدينة طرابلس، عرفت منذ اندلاع ثورة فبراير بموالاتها لمعمر القذافي والزج بالمئات من شبابها للقتال في صفوف كتائبه ضد الثوار.
سنة 2014، كونت القبيلة جيشًا عُرف بـ”جيش القبائل”، دخل معارك لأشهر ضد مقاتلي عملية “فجر ليبيا” التي استهدفت الكتائب الموالية لحفتر الموجودة في طرابلس وقتها.
خلال عامي 2016 و2017، عيّن حفتر العميد عمر بتنوش، أحد أبرز ضباط النظام السابق، آمرًا لمنطقة ورشفانة العسكرية، قبل أن يقيله على خلفية رفضه أوامر عسكرية صادرة من حفتر وقتها، ومنذ ذلك الوقت بقيت مليشيات ورشفانة خارج الأحداث، حتى إعلان حفتر حربه الحاليّة على طرابلس.
في معركة طرابلس كوّنت مليشيات ورشفانة أحد أبرز قواته التي هاجمت المناطق المحاذية لأراضيها غرب طرابلس، قبل أن تتمكن قوات الجيش، بقيادة حكومة الوفاق، من استرداد تلك المناطق، وهي السواني والكريمية والزهراء.
تعتبر قبائل الغرب الليبي، الأكثر مدنية في البلاد، حيث اختفت العديد من مظاهر القبيلة فيها، نتيجة ارتفاع نسب التمدرس بين أبنائها.
قبائل برقة
العواقير
إحدى أكبر قبائل ليبيا في الشرق، تعيش في مناطق شرق بنغازي وصولًا إلى ضواحي بنغازي الشرقية في منطقة العقورية، وتتوزع أيضًا في مناطق غرب بنغازي، شكّل أبناؤها خزانًا بشريًا لمعارك خليفة حفتر منذ إطلاقه عملية الكرامة منتصف عام 2014، وكذلك في حروبه المتتالية في بنغازي وأجدابيا والهلال النفطي ودرنة، لكن اختلف الأمر في الحرب على طرابلس.
العديد من القيادات المدنية من أبناء قبيلة العواقير لم يشاركوا في الحرب على طرابلس، على غرار صلاح بولغيب، آمر الاستخبارات العسكرية بقوات حفتر، وإدريس بوغليظة آمر الكتيبة 146 مشاة، وجبريل الفارسي آمر الكتيبة الثانية صاعقة، وعز الدين الوكواك منسق العمليات بين القيادة العامة وقبيلة العواقير، وعياد الفسي آمر كتيبة أولياء الدم.
سيطر أبناء القبيلة على مواقع حساسة في مدينة بنغازي، ما جعل حفتر يحد من نفوذها وعزل أبناءها من مناصبهم، ما صعد الخلاف بينه وبينها، حتى وصل الأمر لانشقاق النقيب فرج قعيم من منصب آمر قوة المهام الخاصة بجهاز مكافحة الإرهاب في بنغازي، وتوليه منصب وكيل وزارة الداخلية لحكومة الوفاق الوطني.
البراعصة
نبقى في الشرق لنتحدث هذه المرة عن قبيلة البراعصة التي تعيش في منطقة الجبل الأخضر، في بداية عملية الكرامة سنة 2014، دعمت القبيلة خليفة حفتر، ثم انشق عنه الكثير من أبنائها منهم العقيد فرج البرعصي، آمر المنطقة العسكرية بالجبل الأخضر.
تحملت قبيلة البراعصة فاتورة باهظة نتيجة دعمها لعملية الكرامة، حيث فقدت الكثير من أبنائها وشبابها فيها من أجل سيطرتهم على بنغازي، حيث وجدوا أنفسهم في نهاية الأمر تحت سيطرة حفتر.
تعد قبيلة المغاربة واحدة من أكثر القبائل نفوذًا في الشرق، كما تعد من أكثر القبائل عداءً لكتيبة 17 فبراير في القوارش
العبيدات
أكبر قبائل ليبيا في الشرق ، عددًا وعدةً، يتركز وجودها في مدينة القبة وطبرق وبنغازي والبيضاء والجبل الأخضر بصفة عامة وحتى الحدود الليبية المصرية ومرسى مطروح والإسكندرية ووصل وجودهم إلى الأردن وبلاد الحجاز.
ينحدر عقيلة صالح رئيس برلمان طبرق من هذه القبيلة، الأمر الذي يفسر اصطفاف العبيدات إلى جانب البرلمان عندما أعلن حفتر نفسه حاكمًا على ليبيا، وصعد بروز الخلافات بين عقيلة صالح رئيس مجلس النواب وحفتر، من الأصوات الرافضة داخلها لحفتر داخل القبيلة.
يُعتبر اللواء سليمان محمود، القائد العسكري المجاهر بعدائه لحفتر ومستشار وزارة الدفاع في حكومة الوفاق، أبرز أبناء القبيلة وقاداتها.
المغاربة
تتخذ من مدينة أجدابيا (150 كيلومترًا غرب بنغازي) عاصمة لها، يمتد المغاربة شرقًا من أجدابيا وصولًا إلى منطقة النوفلية (127 كيلومترًا شرق سرت)، وتمر أراضيهم بموانئ النفط في منطقة الهلال النفطي.
برزت القبيلة إبان تولّي ابنها إبراهيم الحضران، رئاسة حرس المنشآت النفطية، والصراع مع الحكومة المؤقتة الذي انتهى بغلق الموانئ أمام حركة التصدير، في سبتمبر/أيلول 2013، قبل أن يعلن الحضران، في مطلع العام التالي، عن اجتماع للحراك الفيدرالي في مدينة برقة، وإنشاء مكتب سياسي لإقليم برقة، وحكومة حكم ذاتي من خلال مكتبه.
تعد قبيلة المغاربة واحدة من أكثر القبائل نفوذًا في الشرق، كما تعد من أكثر القبائل عداءً لكتيبة 17 فبراير في القوارش، وهي التي اعتمد عليها حفتر طيلة الأعوام الثلاث الماضية فيما أطلق عليه حينها عملية “الكرامة”.
المسامير
تقيم القبيلة في الجبل الأخضر، وولاؤها الأول لحفتر، وإليها ينتمي المتحدث الرسمي لميليشيات خليفة حفتر أحمد المسماري.
الزوية
تتمركز الزوية في مدينة الكفرة الحدودية مع السودان وواحات تازربو وجخرة، وفي جزء كبير من أجدابيا، كما توجد في غريان بمنطقة تسمى قرية زوية وفي فزان بالشاطئ وكذلك في بنغازي وطرابلس.
تسيطر القبيلة في أراضيها على النصيب الأكبر من حقول ومنابع النفط، وتوالي حفتر بشكل مطلق، إذ هدّدت، مرارًا، بغلق منابع النفط كوسيلة للضغط على حكومة الوفاق الوطني، لمصلحة قرارات مؤيدة لحفتر.
تعد قبيلة أولاد سليمان من كبرى قبائل الجنوب الليبي، حيث تتألف من 5 عشائر: هي الشريدات واللهيوات والمياسة والزكارى والجباير
قبيلة الفرجان
تتمركز، أساسًا، بالمنطقة الوسطى في شعبيات سرت وإجدابيا وبنغازي، مع بعض الامتداد المحدود في المنطقة الشرقية، ينحدر منها خليفة حفتر، لذلك يقاتل أبناؤها ضمن قواته.
العرفة
يعيش أفراد القبيلة في مدينة المرج شرق البلاد، ويتخذ حفتر من القاعدة العسكرية في جنوب المدينة، مقرًا رئيسيًا له، كما أن قاعدة الخادم التي تشغلها الإمارات تقع في أراضي القبيلة جنوب المدينة، نتيجة هذا عين حفتر العديد من أبناء القبيلة في مناصب أمنية مهمة.
المرابطين
مزيج قبلي يضم قبائل المنفه والقطعان والشواعر والموالك والحبون والسعيطات والحوته، تسكن غالبيتها في منطقة البطنان بمدينة طبرق وجوارها، تستمد هذه القبائل أهميتها من استضافتها لبرلمان طبرق الذي يرأسه عقيلة صالح.
أعلنت القبيلة مؤخرًا، تأييدها لـ”مجلس النواب، الجسم الشرعي الوحيد في ليبيا برئاسة عقيلة صالح”، وهو ما أثار حفيظة حفتر.
القذاذفة
تتمركز بمنطقتي سبها في وسط البلاد وسرت على شاطئ المتوسط غرب طرابلس، ينحدر منها العقيد معمر القذافي، كان لها نفوذ كبير في أثناء حكم القذافي، لكن الآن لم يعد لها أي دور في المشهد السياسي الليبي، فقد تم تهميشها.
يؤيد بعض قياداتها ميليشيات الكرامة التي يقودها حفتر رغم عدائهم التاريخي معه، فيما يلتزم الجزء الثاني الحياد.
مع اندلاع الثورة الليبية على نظام القذافي في فبراير/شباط 2011، انخرط التبو على نطاق واسع في قتال النظام حتى أسقِط من سدة الحكم
قبائل فزان
أولاد سليمان
تعد قبيلة أولاد سليمان من كبرى قبائل ليبيا في الجنوب، حيث تتألف من 5 عشائر هي: الشريدات واللهيوات والمياسة والزكارى والجباير، يمتد وجود القبيلة من منطقة هراوة في الشمال حتى بحيرة تشاد مرورًا بسبها، ولها فروع في كل من مصر وتونس.
للقبيلة كلمة مسموعة في السلطة منذ عهد الملك إدريس السنونسي، وصولًا إلى عهد القذافي، حيث انقسموا في عهد الأخير بين مؤيد ومعارض له، وحتى بعد الثورة، لهم كلمتهم خاصة في الجنوب. ينقسم ولاء القبيلة حاليًّا بين حفتر وحكومة الوفاق الوطني، لكن أغلبيتهم يوالون الحكومة الشرعية في طرابلس.
الطوارق
توجد قبيلة “الطوارق” ذات الأغلبية الأمازيغية، في مدينة غات بأقصى الجنوب، وتتوزع بين عدة دول إفريقية، عانت القبيلة من التهميش وحرمت من أبسط الحقوق الأساسية مثل الرقم الوطني وأوراق الهوية وجواز السفر.
يقاتل بعض أفرادها إلى جانب حفتر من ذلك سرية خالد بن الوليد، كما يحارب أفراد منها أيضًا إلى جانب حكومة الوفاق، حيث أوكلت لهم مهمة تأمين مناطق كبيرة في الجنوب ومن بينها المنشآت النفطية والمناطق الحدودية الواسعة.
التبو
مجموعة قبائل وعشائر بدوية ذات هوية زنجية عربية مختلطة، تسكن جنوب ليبيا ولها امتداد في الصحراء الكبرى خاصة منطقة جبال تبستي في شمال تشاد، وتمتهن تنمية المواشي.
مع اندلاع الثورة الليبية على نظام القذافي في فبراير/شباط 2011، انخرط التبو على نطاق واسع في قتال النظام حتى أسقِط من سدة الحكم، بعد ذلك انضم عدد مهم منهم إلى صفوف حفتر، خاصة بعد أن دعمهم في حربهم ضد بعض قبائل الجنوب العربية.
ولاء قبائل الجنوب غير مستقر وما فتئ يتغير ويتقلب بين حفتر والسراج
المقارحة
تتمركز بمنطقة وادي الشاطئ في الوسط الغربي لليبيا، وتعتبر هذه القبيلة أيضًا من أكثر قبائل ليبيا تسليحًا، وتوالي حفتر.
يقود محمد بن نائل أحد أبناء القبيلة، اللواء 12، ويعد هذا اللواء أكثر الكتائب في الجنوب عتادًا، حيث تمكن في 2017 من دخول قاعدتي الجفرة وتمنهنت، بعد سيطرته على قاعدة براك الشاطئ في 2016، كما أنه القوة الرئيسية لحفتر في إقليم فزان.
الملاحظ أن ولاء قبائل الجنوب غير مستقر وما فتئ يتغير ويتقلب بين حفتر والسراج، لكن المؤكد أن مجموعات مسلحة تابعة لهذه القبائل تسيطر على عمليات تهريب النفط والبشر، حيث يعتبر الجنوب البوابة الرئيسية للمهاجرين الأفارقة الذين يتخذون من ليبيا محطة للهروب لأوروبا.
كما تسيطر هذه المجموعات على تجارة الأسلحة والمخدرات والهجرة السرية في الجنوب الليبي، وتدرّ هذه النشاطات غير القانونية التي تقوم بها الجماعات المسلحة في المنطقة مبالغ مالية كبيرة في منطقة فقيرة لا تملك فيها الدولة القدرات والموارد اللازمة لمكافحتها وحماية سكانها من الأخطار التي تشكلها هذه الأخيرة على أمنها واستقرارها وآمالها المشروعة في التنمية والرفاه.