ترجمة وتحرير نون بوست
البشر؟ من الأجدر دعوتنا بمخلوقات الروتين. دعونا نواجه الأمر: يمثل الروتين مصدر راحتنا، حيث يقوم معظمنا بضبط المنبه في نفس التوقيت من كل يوم (وبنفس النغمة)، وتناول الشوفان المعد منذ الليلة السابقة في الفطور والذهاب إلى العمل والعودة من نفس الطريق. ويشمل ذلك التمارين الرياضية التي نمارسها والتي تتضمن حركات متشابهة كل يوم.
لكن وفقًا لعالم وظائف التمرين بيت ماكول ومضيف برنامج “أول أباوت فتنس بودكاست“، فإن القيام بالتمرين نفسه بالضبط كل يوم ليس جيدًا. وفيما يلي، يشرح ماكول وخبيران آخران في اللياقة البدنية سبب ضرورة تفادي الروتين عند ممارسة التمارين الرياضية والتنويع في الحركات.
لماذا تحتاج إلى الموازنة بين ممارسة الرياضة والنقاهة
قبل إدراك حقيقة أن التنوع يعد بمثابة نكهة التمارين الرياضية، عليك أولاً أن تفهم ما يحدث لجسمك بالضبط عند رفع الأثقال أو الجري أو حضور حصة لتمارين الزومبا – وبعد الإنتهاء منها أيضًا. وقد أوضح ماكول أن ممارسة الرياضة تسلط ضغطا على جسمك، لكنك تسترد نشاطك بمجرد خلع حذائك وملابس الجري. وتكون هذه فترة الراحة بالنسبة لعضلاتك لتتعافى وتتكيف مع الضغط، وهو ما يسمح لك بأن تصبح أقوى وأكثر نشاطا”.
إذا شرعت في تمرين آخر قبل أن يتعافى جسمك بالكامل من آخر تمرين، فإنك بذلك تقاطع عملية التعافي الطبيعية لجسمك. وقد أوضح توري هيل، المدرب المعتمد من الأكاديمية الوطنية للطب الرياضي في نادي “جولدز جيم“، أن “عدم أخذ استراحة كافية لا يتسبب في الحصول على نتائج معاكسة (ما يسمى بتأثير الهضبة) فحسب، وإنما يمكن أن يتسبب أيضا في تلف الأوتار والأربطة والمفاصل التي يمكن أن تؤدي إلى إصابات مماثلة للأضرار الناتجة عن الإفراط في التمرين”.
أكّد ماكول أن الأمور يمكن أن تسوء أكثر من ذلك، حيث يمكن أن يؤدي عدم التعافي طويل الأجل إلى متلازمة الإفراط في التدريب، التي تحدث أساسا عندما يدخل الجسم في مرحلة من الانهيار المزمن. ويعتمد الوقت الذي يستغرقه الجسم في التعافي بشكل كامل بعد ممارسة التمارين الرياضية على عوامل مثل التغذية (خاصة تناول البروتين)، ومستويات الإجهاد وجودة النوم والعمر، وسن التدريب وما إلى ذلك. ولكن كقاعدة عامة: كلما كان التمرين أشدّ وأصعب وأكثر حدة، استغرق جسمك وقتًا أكثر للتعافي.
سواء مارست التمارين الرياضية لمدة أربعة أيام في الأسبوع أو سبعة، فإنك ستحصل بسرعة على نتائج متناقضة في روتين التمرين في حال كنت تمارس التمرين نفسه في كل مرة
هل يمكن القيام بأي نوع من التمارين كل يوم؟
الإجابة هي لا. شدّد ماكول على أن “القيام بالتمرين نفسه كامل أيام الأسبوع يعتبر فكرة سيئة تماما”. بادئ ذي بدء، يتطلب كل تمرين فترة تعافي معينة. فعلى سبيل المثال، كشفت دراسة نُشرت سنة 2010 في مجلة “ذي إنترناشيونال جورنال سبورتس فيزيولوجي أند برفورمنس” أن التعافي من تمرين رفع الأثقال يستغرق 48 ساعة، بينما كشفت دراسة نُشرت سنة 2016 في مجلة “جورنال أوف فيزيكال ثيرابي ساينس” أن التعافي بالكامل من تمرين العدو يستغرق 72 ساعة.
هذا يعني أن ممارستك لنفس التمرين كل يوم، يمنح جسمك أقل من 24 ساعة للتعافي (وهذا ثلث نصف المدة الموصى بها). من جهته، أوضح هيل أن “نقص التعافي يمكن أن يؤدي إلى عدم إحراز تقدم عام نحو أهدافك أو زيادة خطر الإصابة”. في الحقيقة، قد تتساءل “حسنًا، ماذا لو كنت أتعافى بشكل صحيح بين التمارين”. يرى ماكول أنه في حال كنت تمارس تمرينًا سهلا بما فيه الكفاية بالنسبة للجسم، حيث يكون من الآمن ممارسته كل يوم، فإن جسمك لن يكون تحت ضغط كبير.
ماذا لو كنت تمارس الرياضة بضعة أيام فقط في الأسبوع؟
ماذا لو كنت تمارس الرياضة كل أربعة أو خمسة أيام فقط في الأسبوع، ولكنك في كل مرة تمارس التمرين نفسه؟ الجواب لا يتغير. في هذا الصدد، أوضح كريستيان فلوريس، أخصائي معتمد في القوة والتكييف في نيويورك أنه “سواء مارست التمارين الرياضية لمدة أربعة أيام في الأسبوع أو سبعة، فإنك ستحصل بسرعة على نتائج متناقضة في روتين التمرين في حال كنت تمارس التمرين نفسه في كل مرة”.
فضلا عن ذلك، يصبح القيام بنفس التمرين كل يوم مملا. وكما يقول ماكول فإن “القيام بالتمرين نفسه كل يوم يشبه التنقل من المنزل إلى العمل كل يوم، وعند نقطة معينة يمكنك تجاهل المسألة برمتها لأنها مضجرة للغاية”.
إذا كنت تتدرب على رفع الأثقال أو الركض لأميال ولكنك غير متحمس لذلك، فأنت على بعد خطوة واحدة من الإصابة. بالإضافة إلى ذلك، يقول ماكول إن ممارسة الرياضة والتفكير المتواصل بشأنها يجعل التمرين أقل فعالية. فلنأخذ تمرين الرفعة المميتة على سبيل المثال، قد تكون قادرًا على تحمل الوزن دون التفكير بشأنه، ولكن إذا رفعت الأثقال دون أن تجهز جسدك أولاً ودون أن تضغط على عظام كتفيك معًا، فإنك تقلل من إمكانات بناء العضلات التي تتميز بها هذه الحركة.
سيصبح الشخص الذي يتدرب من أجل سباق جري في الواقع عداءً أفضل إذا كان برنامجه يتضمن اليوغا وتمارين القوة
هل يمكنك ممارسة نفس النشاط ولكن مع تمرين مختلف؟
ماذا لو كنت حقا تحب الجري؟ أم أنك شغوف حقًا بشأن رفع الأثقال؟ حيال هذا الشأن، يقول هيل: “من المقبول أن تمارس نفس نمط التمرين يوميا، ولكن ليس نفس التمرين بالضبط”. فعلى سبيل المثال، يقول فلوريس إنه “إذا ركضت في نفس المسار بالضبط، وبالوتيرة نفسها بالضبط كل يوم، فسوف تتوقف عن تحقيق نتائج بسرعة. ومع ذلك، إذا كان مخطط الركض الأسبوعي الخاص بك يتناوب بين جري الفارتلك والركض في التلال وركض التيمبو لمسافات مختلفة وفي مسارات مختلفة، يمكنك أن تصبح عداءً أفضل بسرعة”.
من الناحية المثالية، يوضح ماكول أنه يجب ألا يتضمن برنامجك الركض فقط، حيث يقول: “سيصبح الشخص الذي يتدرب من أجل سباق جري في الواقع عداءً أفضل إذا كان برنامجه يتضمن اليوغا وتمارين القوة”.
يمثل تدريب القوة مثالا آخر، حيث يقول ماكول: “يمكنك ممارسة تمارين القوة أو رفع الأثقال كل يوم، طالما أنه بإمكانك أن تستخدم مجموعات العضلات التي تستخدمها بالتناوب. يسمح لك ذلك بإراحة مجموعة واحدة من العضلات أثناء استخدام مجموعة أخرى”. إذا قضيت يوم الإثنين في ممارسة تمارين الساقين، ستتعافى ساقاك يوم الثلاثاء عندما تمارس تمارين تستهدف ظهرك وعضلات ذراعيك.
كما هو الحال مع الجري، فإن الموازنة بين تمارين القوة والتمارين الهوائية تعد أنسب خيار. وفقًا لماكول، على الرغم من أن تدريب القوة يمكن أن يؤثر على نظام القلب والأوعية الدموية، إلا أنه لا يمثل أكثر أشكال التمارين الهوائية فعالية. ويضيف ماكول أن معظم الناس بشكل عام يفضلون أيضًا أداء 15 إلى 20 دقيقة من التمارين الهوائية التقليدية في يومين أو ثلاثة أيام في الأسبوع.
لا يمكنك التعافي من تمارين التدريب المتواتر عالي الكثافة أثناء القيام بتمرين آخر
ماذا عن التدريب المتواتر عالي الكثافة؟
يمثل التدريب المتواتر عالي الكثافة النشاط الوحيد الذي لا يجب عليك أن تمارسه كل يوم، حتى لو غيرت في الحركات. في هذا الإطار، يوضح هيل: “يجب أن يُمارس التدريب المتواتر عالي الكثافة فقط من مرتين إلى ثلاث مرات في الأسبوع حتى من قبل نخبة الرياضيين، مع التركيز على التعافي في الوقت ذاته”. ويضيف أن “ممارسة الرياضي العادي للتدريب المتواتر عالي الكثافة من أربع إلى خمس مرات في الأسبوع يمكن أن يمنعه من تحقيق أهدافه”.
في الواقع، يضر التدريب المتواتر عالي الكثافة – أكثر بكثير من التمارين منخفضة الكثافة مثل اليوغا أو البيلاتس أو الركض – بأنسجة العضلات ويستنزف طاقتها المخزنة. في هذا الصدد، يقول هيل: “بسبب وجود المزيد من الأضرار، هناك حاجة إلى المزيد من الوقت للتعافي الكافي”.
إذا مارست تمارين التدريب المتواتر عالي الكثافة يوم الإثنين، فإنه بدلاً من إعادة نفس التمرين في اليوم التالي، يوصي ماكول بممارسة تمرين منخفض الكثافة. كما يوضح أنه لا يمكنك التعافي من تمارين التدريب المتواتر عالي الكثافة أثناء القيام بتمرين آخر. لكن يمكنك التعافي منه أثناء المشي لمسافات طويلة. إذا لم تحبذ المشي، حاول ركوب الدراجات والسباحة والركض واليوغا اللطيفة أو فن التاي تشي.
الخلاصة
عندما يتعلق الأمر بالتمارين الرياضية، فإن “ممارستها بذكاء وبشكل مكثف” أفضل بشكل عام من “ممارسة نفس التمارين بنسق أكبر”. وهذا يعني تغيير التمارين كل يوم (على الأقل العضلات التي تستهدفها هذه التمارين) بحيث يمكنك بذل جهد كافٍ في تمرين واحد لتحتاج إلى 24 ساعة على الأقل للتعافي منه. كما يُبين ماكول أنه “ليصبح جسدك أكثر لياقة، تحتاج إلى الضغط على الجسم. إذا مارست تمرينا سهلًا لدرجة أنك لم تُرهق جسدك بالفعل، فأنت تستغني بذلك عن معظم فوائد التمرين”.
من المهم أن تتحقق من جسدك كل يوم وأن تسأل نفسك عما تحتاجه حقًا في ذلك اليوم
في نهاية المطاف، يساعدك أفضل مخطط تمارين على تحقيق أهدافك. إذا كنت لاعب كمال أجسام أو رافع أثقال يتدرب لعرض ما أو منافسة، فإن مخططك سيبدو مختلفًا عن مخطط شخص يتدرب من أجل المشاركة في ماراثون أو شخص يريد أن يكون قادرًا على رفع أثقال تتجاوز وزن جسمه بمرة ونصف.
لكن بالنسبة إلى المتمرن العادي، يوصي ماكول بممارسة تمارين القوة من يومين إلى أربعة أيام (نصف الأيام للجزء السفلي من الجسم ونصف الأيام الآخر للجزء العلوي من الجسم)، ويومين للتمرينات الهوائية (على غرار الجري وركوب الدراجات والتمرن بواسطة المعدات الرياضية)، ويوم واحد مما يسميه “تدريب حركة الجسم”، والذي يشمل أشياء مثل اليوغا والفنون القتالية والرقص والتاي تشي.
مع ذلك، يشير هيل إلى أنه في حين أن هذا هو ما سيبدو عليه “الأسبوع المثالي”، إلا أن الطريقة التي يستجيب بها الجميع لبرنامج تمرين أو تدريب تختلف، حيث يقول: “من المهم أن تتحقق من جسدك كل يوم وأن تسأل نفسك عما تحتاجه حقًا في ذلك اليوم. إذا أحسست أنك تحتاج إلى راحة في يوم معين، فمن الأفضل أن تنفذ ذلك”.
المصدر: ليف سترونغ