اكتسبت الحوسبة السحابية أهمية كبيرة في السنوات الماضية وأصبحت ركيزة مهمة في عمل التطبيقات والأجهزة بحيث تم نقل أعباء الأعمال والتطبيقات والأجهزة العديدة المتصلة بالشبكة من مراكز البيانات إلى المراكز الكبرى للسحابة، كما اكتسبت أهمية كبرى بين المؤسسات والشركات الصغيرة، حيث مكنتها من الاستفادة من التطبيقات المختلفة وأدوات الأعمال دون الحاجة لتكلفة زائدة أو استثمارات كبيرة، وكل ذلك يتم في بيئة آمنة وقابلة للتكيف مع مختلف ظروف وصعوبات الأعمال.
ومع انتشار تقنيات إنترنت الأشياء (IoT) تزايدت أهمية الحوسبة السحابية، فأصبح اعتماد الأجهزة والتطبيقات عليها كبيرًا جدًا، ولكن نظرًا لكثرة الأجهزة التي تولد كميات كبيرة من البيانات وتتطلب سرعة كبيرة من السحابة أصبحت الأخيرة تواجه صعوبات عديدة مع نمو هذه الأجهزة وتطورها وزيادة أعداد الأجهزة الذكية المتصلة بالشبكة، يضاف لذلك حاجة إنترنت الأشياء لنطاق تردد عريض لا تستطيع شبكة الإنترنت الحاليّة توفيره، مما يخلق مشاكل كبيرة في إرسال البيانات للسحابة، لذلك أتت فكرة الحوسبة الضبابية أو حوسبة الحافة Fog Computing لحل هذه المعضلة من خلال إرسال البيانات لأجهزة قريبة كالهواتف واستلام الرد منها في وقت قصير.
ما الحوسبة الضبابية؟
أول ظهور لمصطلح الحوسبة الضبابية كان في العام 2015 بواسطة شركة Cisco التي سجلت براءة الاختراع باسم Cisco Fog Computing، تطورت الفكرة فيما بعد بواسطة عدة شراكات بين Cisco وشركات أخرى مثل ARM وdell وإنتل وميكروسوفت وفوكسكون وهيتاشي وغيرها وأسسوا اتحاد OpenFog من أجل المساهمة في تطوير التقنية الجديدة.
تعني الحوسبة الضبابية مجموعة من مفاهيم نسيج الشبكة الذي يمتد من الحواف الخارجية، حيث يتم إنشاء البيانات إلى حيث سيتم تخزينها في النهاية، سواء كان ذلك في السحابة أم في مراكز بيانات العميل، حيث تقوم الأجهزة الموجودة على حافة السحابة بعمليات عديدة مثل المعالجة وحفظ البيانات والاستفادة من الأجهزة القريبة الخاملة بدلًا من الاتصال مع الخوادم الرئيسية البعيدة التي توجد في السحابة.
تتكون الحوسبة الضبابية من عاملين وهما السحابة والأطراف الحاسوبية المرتبطة بإنترنت الأشياء وبالتالي مرتبطة بالسحابة نفسها وتكون مهمة هذه الأطراف استقبال البيانات من الأجهزة الصغيرة المتصلة وتشغيل التطبيقات المهيأة للتواصل مع إنترنت الأشياء وتحليل البيانات التي تستقبلها ومن ثم إرسالها للأجهزة بسرعة كبيرة لا تتجاوز الجزء من الثانية.
تعتبر الحوسبة الضبابية مناسبة جدًا للتطبيقات التي لديها حساسية أمنية في التعامل مع الحوسبة السحابية
أما بالنسبة للسحابة فتكون مهمتها استقبال التقارير من الأطراف الحاسوبية وتحليلها وجمع البيانات المهمة ومن ثم إرسال إرشادات جديدة للأطراف الحاسوبية بناءً على هذه البيانات المستقبلة.
مميزات الحوسبة الضبابية
الجانب السلبي في الحوسبة السحابية أنها تحتاج لنطاق تردد عريض وإنترنت قوي جدًا، ورغم أن الاتصال بالإنترنت تحسن كثيرًا في السنوات الماضية مع ظهور شبكات LTE فإنه لا تزال هناك تحديات في إمكانية الوصول والزحام الشديد فضلًا عن ضعف الاتصال بشبكات 3G و4G على الهواتف الخلوية، مما يسبب صعوبات للتواصل بين السحابة وإنترنت الأشياء، حيث تحدث حالات يتم فيها إنشاء البيانات بمعدل يفوق سرعة نقل الشبكة للتحليل، وقد يؤدي هذا إلى مخاوف بشأن أمان هذه البيانات التي تم إنشاؤها، وأصبحت شائعة بشكل متزايد حيث أصبحت أجهزة إنترنت الأشياء أكثر شيوعًا.
وهنا تأتي الحوسبة الضبابية لحل هذه المعضلة، حيث تستخدم الأطراف الحاسوبية لمعالجة وحفظ وإرسال البيانات بالاستفادة من الأجهزة القريبة في التواصل واستلام البيانات وإرسالها بسرعة كبيرة إلى السحابة وذلك بفضل وجود هذه الأجهزة في منطقة جغرافية قريبة.
تعتبر الحوسبة الضبابية مناسبة جدًا للتطبيقات التي لديها حساسية أمنية في التعامل مع الحوسبة السحابية، فاستخدام الأجهزة في التواصل فيما بينها يعد أكثر أمانًا من إرسال البيانات مباشرة إلى السحابة، حيث تمكن خدمات السحابة من البقاء على حافة الشبكة بدلًا من الخوادم الموجودة في مراكز البيانات التي تكون عرضة للتهديدات الأمنية.
مع التقدم المذهل الذي يشهده العالم حاليًّا سيصبح هناك الكثير من الأشياء المتصلة بالشبكة التي ستحتاج مع تزايدها إلى بنية تحتية جديدة خاصة أن البنية الحاليّة غير مهيأة لاستيعات الكم الكبير من الأجهزة المتصلة بالشبكة، وهنا تبرز أهمية الحوسبة الضبابية التي ستجعل كل هذه الأجهزة تعمل مع بعضها البعض لإنشاء وتحليل وإرسال واستقبال البيانات من وإلى السحابة.
استخدامات وتطبيقات الحوسبة الضبابية
للحوسبة الضبابية العديد من الاستخدامات في الكثير من المجالات الصناعية والطبية والخدمية، وكذلك مجالات النقل وشبكات الاستشعار عن بعد، كما يمكن الاستفادة منها في معالجة البيانات من تطبيقات موازنة الطاقة مثل الشبكات الصغيرة والعدادات الذكية وتحويل الأجهزة تلقائيًا إلى الطاقات المتجددة كالشمس والرياح.
تهدف الحوسبة الضبابية إلى تقليل عبء المعالجة للحوسبة السحابية، حيث تعمل على زيادة كفاءة إنترنت الأشياء من خلال تسهيل معالجة البيانات وتخزينها وتحليلها
يمكن الاستفادة من الحوسبة الضبابية في تشغيل إشارات المرور الذكية، حيث ستساعد كاميرات المراقبة على التمييز بين السيارات العادية وسيارات الإسعاف وكذلك تغيير إضاءات الشوارع وحساب سرعة المركبات والتعرف على أماكن وجود المشاة، وكمثال على ذلك تم الاستفادة من الحوسبة الضبابية في إنشاء شبكة النقل الذكية المعروفة باسم V2V في الولايات المتحدة، حيث ساعدت على تواصل المركبات مع بعضها البعض ومع إشارات المرور مما أدى لتقليل نسب حوادث الطرق بشكل أكبر.
الأبنية الذكية لها نصيب أيضًا في الاستفادة من تقنية الحوسبة الضبابية، حيث ستساعد على قياس درجات الحرارة في المباني ومستوى الرطوبة والغاز في المبنى.
تهدف الحوسبة الضبابية إلى تقليل عبء المعالجة للحوسبة السحابية حيث تعمل على زيادة كفاءة إنترنت الأشياء من خلال تسهيل معالجة البيانات وتخزينها وتحليلها بواسطة عدة أجهزة متصلة ببعضها البعض وتقع في نطاق جغرافي واحد ودون الحاجة لنطاق تردد عريض مما يؤدي إلى تحسين تجربة المستخدم وتوفير الوقت وزيادة الحماية والأمان للأجهزة والتطبيقات.