تعتبر تركيا من أكثر الدول ريادة في مجال السياحة، حيث تستقطب كل عام ملايين السياح من مختلف دول العالم، وفق خطة مستدامة مدروسة، وبعد نجاح موسم السياحة العام الماضي بشكل هائل بعد استقبال تركيا نحو 52 مليون سائح، كان من المتوقع أن يكون هذا العام أكثر نجاحًا، إلا أن تفشي فيروس كورونا المستجد في العالم، وضع الجميع أمام ترتيبات وتحديات جديدة.
وفي ظل عدم اكتشاف لقاح للفيروس بعد، تعمل تركيا على مبدأ التعايش الإجباري مع الفيروس في جميع المجالات، بما فيها السياحة في خطوة سباقة، حيث يتم الآن العمل على استئناف الموسم السياحي في عدد من المناطق بعد أشهر من الإغلاق، وفق مفهوم “السياحة الآمنة” الذي يضع الكثير من الشروط والقيود الصارمة المتعلقة بمنع تفشي فيروس كورونا.
وزارة الثقافة والسياحة التركية أعلنت عن برنامج شهادة السياحة الآمنة الذي يجري تنظيمه بالتعاون مع وزارات الخارجية والداخلية والمواصلات والصحة وممثلي قطاع السياحة في البلاد، ويعتمد على 4 ركائز أساسية هي: صحة وسلامة المسافر وصحة وسلامة العامل والتدابير المتخذة في المنشآت والتدابير المتخذة في وسائل النقل.
ما هو برنامج شهادة السياحة الآمنة؟
ينص برنامج شهادة السياحة الآمنة على تحديد معايير وقواعد يحتّم تطبيقها في المنشآت السياحية التي ترغب باستقبال السياح خلال مرحلة ما بعد كورونا، وحدد البرنامج المذكور أكثر من 150 معيارًا يتوجب مراعاتهم في المنشآت، خلال مرحلة ما بعد كورونا، منها معايير خاصة بموضوعات مختلفة تبدأ من دخول العميل إلى الفندق وحتى حالة الطوارئ والعزل الصحي، ومعايير مخصصة بأماكن الطعام والشراب، وأخرى لمركبات التنقل والتجول.
وأكدت الجهات الرسمية أن نظام “شهادة السياحة الآمنة”، يُغطي مجموعة واسعة من التدابير التي يتعين اتخاذها، من النقل إلى الإقامة، وحتى الحالة الصحية للعاملين في المرافق والمسافرين، وهذه الشهادة التي تصدرها هيئات تصديق دولية، توثق استيفاء شروط ذات مستوى عالٍ من الخدمة والنظافة في المرافق الخدمية مثل المطارات ووسائل النقل والمطاعم وأماكن الإقامة.
ويمكن للسائح أن يعرف أن المكان الذي سينزل إليه آمن وحاصل على الشهادة عبر متابعة موقع الوزارة الرسمي أو مواقع العديد من وكالات السفر السياحية المعتدة، وهناك من الممكن رؤية شعارات الشهادة الصحية، فبجانب كل مكان نزل توجد إشارة أن هذا المكان معتمد أم لا.
وصول أول دفعة من السياح الألمان إلى أنطاليا التركية بعد كورونا
الإجراءات تبدأ من المطارات
تستأنف تركيا الرحلات الخارجية بشكل تدريجي، ولا يخضع زوارها للحجر الصحي، لكن السلطات تتابع من تبدو عليه أي أعراض، فالمطارات زادت من الإجراءات الإلكترونية لمنع التجمعات مع تشديد أكثر على القادمين من الدول ذات الإصابات المرتفعة، فيما افتتحت مراكز اختبار “كورونا” في المطارات المزدحمة اعتبارًا من 1 يوليو/تموز الجاري، وأكملت الخطوة في باقي المطارات منتصف الشهر.
إجراءات إعادة التصميم
تعيد الشركات والمطاعم التي تود إدراج نفسها في برنامج شهادة السياحة الصحية، تصميم أماكنهم من حيث النظافة ومراعاة المسافة الاجتماعية، وذلك بالتعاون مع وزارات الصحة والنقل والبنية التحتية والداخلية والخارجية.
وبعد ذلك، يتم الإعلان عن المرافق الحاصلة على شهادة السياحة الصحية عبر الموقع الإلكتروني لوكالة ترويج وتطوير السياحة التركية، وكذلك الحال مع المرافق التي تواصل إجراءاتها للحصول على الشهادة، حيث ستتمكن مرافق النقل والاستضافة التي ترغب في الحصول على الشهادات من التقدم بطلب إلى منظمات الاعتماد الدولية المختصة.
وبذلك تتمكن المنشآت السياحية التي ستتخذ الإجراءات اللازمة لضمان قضاء المواطنين والسياح عطلة صحية، من الحصول على الشهادة إذا اجتازت فحص شركات الاعتماد التي تحددها الوزارة، وهذه الشركات بدورها تُصدر شهادة السياحة الآمنة، وتقوم بتفتيش وتدقيق مرافق الإقامة والطعام والشراب ومركبات التنزه والنقل، بحسب المعايير المتفق عليها، مع مؤسسات المجتمع المدني المعنية.
الشفافية في عملية التدقيق والتفتيش
ولضمان تحقيق أعلى درجات الشفافية في عملية تحديد مؤسسات المراقبة والتفتيش، تم التركيز على المنظمات المستقلة التي لا تقوم بإنتاج منتج آخر، وتعمل فقط في أعمال التفتيش والتحليل والرقابة، ولا يوجد لديها تضارب في المصالح مع المؤسسات الأخرى، وحاليًّا كلفت الوزارة رئاسة مجموعة شهادات نظام المعهد التركي للمعايير وشركات الاعتماد، بما في ذلك الشركات الدولية، للقيام بالعملية.
آلية التدقيق في المرافق
تفحص الجهات المعنية المرافق لمدة يوم بشكل شهري، وهناك يتم إجراء التفتيش داخل الموقع الخاص بالمرفق، وليس عن بعد، كما يتم إجراء تفتيش “العميل السري” على فترات تتراوح بين شهرين، ويتم منح الشهادة في غضون ثلاثة أيام على الأكثر بعد التفتيش الميداني، وفي حالة كشف وجود خلل في أثناء عمليات التفتيش، يتم تحذير المنشأة المعنية، وفي حالة استمرار هذا الخلل، تُلغى الشهادة.
وضعت الجهات المختصة رمز استجابة سريعة (الرمز المربع)، في وثيقة الشهادة التي سيتم منحها في نهاية عملية التفتيش، وسيكون رمز الاستجابة السريعة مفتوحًا للجميع، وعندما يتم تمريره على الجهاز المختص، سيتم الحصول على وقت التفتيش واسم المفتش وأوجه القصور التي تم تصحيحها نتيجة للتفتيش والتفاصيل الأخرى المتعلقة بعملية التفتيش.
وتستلم المنشآت في نهاية عملية الفحص، الملصقات التي سيتم لصقها على المداخل والنقاط المرئية الأخرى للمنشآت بالأرقام والكميات المحددة.
الإجراءات الخاصة بالتدريبات
يتوجب على المؤسسات السياحية تعيين مدير يتولى إدارة عملية الإجراءات بأكملها، وإعداد البروتوكولات الخاصة بجميع الإدارات، وتوفير التدريب للموظفين العاملين بها فيما يتعلق بهذا الخصوص، حيث يأتي حصول العاملين في المؤسسة على تدريب عن وباء كورونا على رأس الشروط الأساسية اللازمة لحصول المؤسسة على شهادة السياحة الصحية.
فضلًا عن ذلك، سيتم تقديم تدريبات أساسية دورية للموظفين العاملين بالمنشأة على الخطط والبروتوكولات التي سيتم تنفيذها، من أجل تنفيذ بروتوكولات تغطي تطبيقات النظافة لجميع الإدارات والوحدات الموجودة بداخلها، وخطة للمسافة الاجتماعية في الفنادق.
في حالات الطوارئ، سيتم إنشاء مناطق وغرف عزل داخل الفنادق، وبعد استخدام وإخلاء مناطق العزل، سيتم تحديد شروط التنظيف الخاصة بهذه المناطق
الإجراءات في الفنادق
عند الدخول إلى الفندق، سيتم إجراء قياسات درجة حرارة الجسم باستخدام الكاميرا الحرارية أو أجهزة قياس الحرارة الاستشعارية عن بعد، عند دخول وخروج الموظفين والنزلاء، ويتم تسجيلها باستخدام تسجيل صور وتعريفات الوجه البيومترية في وقت واحد ومتابعتها، وإذا كان هناك مؤشر خارج نطاق درجة الحرارة الطبيعية فسيتم تسجيل التغييرات أيضًا.
وفي حال ظهور أعراض مرضية مثل السعال والضعف والحمى المرتفعة على الزوار، عند مدخل الفندق أو في أثناء إقامتهم، سيتم عمل خطة لتدخل موظفي المنشأة، وبعدها يتم إبلاغ الموظفين بخطة التدخل هذه، وستحدد الفنادق البروتوكول الذي سيتم تطبيقه والأشخاص والمؤسسات الواجب الاتصال بها في حالات الطوارئ.
وفي حالات الطوارئ، سيتم إنشاء مناطق وغرف عزل داخل الفنادق، وبعد استخدام وإخلاء مناطق العزل، سيتم تحديد شروط التنظيف الخاصة بهذه المناطق وتسجيل عملية التنظيف به، كوضع جميع المنسوجات مثل أغطية السرير والمفارش والمناشف في غرفة الزائر الذي تم تحديد إصابته بوباء كوفيد-19 في أكياس منفصلة وإرسالها إلى المغسلة أو إلى شركة متخصصة في الغسيل خارج الفندق.
إجراءت التباعد الاجتماعي
يتوجب على الفنادق والأماكن السياحية تعليق مخططات جدارية مترجمة بثلاث لغات على الأقل في مناطق الأفراد والمناطق العامة، تتعلق بالوباء وإجراءات التطهير الخاصة به وكذلك لوحات التباعد الاجتماعي، وستتوافر ملابس ومعدات واقية في المنشأة وأقنعة عند مدخلها.
تهدف تركيا للعام 2023 استقبال 75 مليون سائح بحلول 2023
كما على المنشآت السياحية المعتمدة، توفير معدات مطهرة أو كحولية ووقائية في صالونات الاستقبال الخاصة بالفنادق، وعند قيام الزوار بعملية الدفع، يفضل استخدام طرق مثل أجهزة الدفع الإلكترونية، وفي حالة الاستخدام المتكرر للمعدات مثل بطاقة الغرفة أو المفتاح وبطاقة المنشفة والقلم وجرس الاستقبال، فيتم تطهير هذه المعدات وحفظها بالشكل الصحيح.
أما في غرف النزلاء، فالتعقيم واستعمال الأدوات ذات الاستخدام الواحد شرط أساسي، كما يتم تعقيم سخانات المياه والتليفزيون وأجهزة التحكم في تكييف الهواء عند مغادرة الزوار للفندق.
وتتم إزالة ماكينات الشاي والقهوة والمشروبات وأسبلة المياه والأجهزة المماثلة الشائعة الاستخدام في الفنادق، فضًلا عن تقديم المشروبات للضيوف من خلال أحد الموظفين، ولا يسمح بالجلوس في المطاعم دون ترك مسافة 1.5 متر على الأقل بين الطاولات، و60 سنتيمترًا بين الكراسي، علمًا بأن الفنادق لا تستقبل أكثر من نصف عدد النزلاء المعتاد.
ختامًا، هذه الإجراءات تبين عزيمة تركيا في مواجهة تحدي فيروس كورونا واستكمالها لمشروعها السياحي للعام 2023، أي مرحلة ما بعد كورونا، حيث أكد وزير الثقافة والسياحة التركي محمد نوري إرسوي، أن هدف تركيا للعام 2023 استقبال 75 مليون سائح، وأشار إلى أنه تم إرسال خطابات إلى 100 دولة بشأن البنية التحتية الصحية للمناطق السياحية، وقد نال مشروع السياحة الآمنة إعجاب وإشادة العديد من دول العالم.