“أي شخص يقول إن شبكات الجيل الخامس ليست ضارة، فهو لا يقول الحقيقة”.
هذه الكلمات كانت ضمن سلسلة تغريدات أطلقها باري ترور عراب نظرية المؤامرة تجاه الجيل الجديد من شبكات الإنترنت (5G) التي تسببت بحرق مصدقي تلك النظرية العديد من الأبراج الجديدة المزودة للخدمة في العديد من البلدان.
يكاد لا يمر أسبوع إلا ونشرات الأخبار تخصص جزءًا من وقتها للحديث عن تقنية الـ”5G”، وما فوائدها وكيف ستعجل من حركة الحياة على جميع الأصعدة، وتزداد تلك الأحاديث في كل مرة يتأزم الوضع بين الصين والولايات المتحدة.
أما مفهوم الجيل الخامس عند معظم الناس كما رسموها في مخيلتهم أنه سيتمكنون من تنزيل فيلم حجمه ضخم من موقع “Netflix” خلال ثوانٍ معدودة.
لكن إن كانت هذه إحدى مزايا الجيل الخامس، لكن فوائدها واستخداماتها كثيرة جدًا، يسلط هذا التقرير الضوء على الشبكة التي ستغير مفهوم الاتصالات من حولنا بشكل جذري، وبيان مواصفاتها وفوائدها وحقيقة مخاطرها على صحة البشر.
ما المقصود بالجيل الخامس أو الـ”5G”؟
هو الجيل التالي من أنظمة اتصالات شبكة الإنترنت، وتمتاز بسرعة نقل بيانات هائلة وموثوقية عالية جدًا، إضافة لسعة نطاقها الترددي.
مع 5G، سنرى سرعات تنزيل وتحميل أسرع بشكل كبير من المعتاد اليوم، إضافة إلى امتلاكها “كمون منخفض” والمقصود به الوقت الذي تستغرقه الأجهزة للتواصل مع الشبكات اللاسلكية، سينخفض أيضًا بشكل كبير.
تشير التقديرات أنه عام 2021 سيكون لدينا 30 مليار جهاز متصل بالإنترنت، ومع ازدياد انتشار أجهزة “إنترنت الأشياء”، فإن تناقص السرعة بسبب “الحمل الزائد” قد يتسبب بكوارث كبيرة، وهذا ما سوف تعالجه شبكات “5G“، وقبل التطرق إلى مواصفات الجيل الخامس، لا بد من معرفة مزايا الأجيال السابقة:
الجيل الأول (1G): هي أجهزة الاتصالات التي كانت تقدم اتصالًا صوتيًا تناظريًا، وكانت الأجهزة تنقل الإشارة عبر أسلاك، وهو ما كان رائجًا في ثمانينيات القرن الماضي.
الجيل الثاني (2G): ظهر هذا الجيل في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، وفيه تم تقديم “أصوات رقمية” عبر أجهزة كبيرة مزودة ببرج إرسال واستلام.
الجيل الثالث (3G): وهو الجيل الذي برز مطلع الألفينات، الذي قدم أولى شبكات الجوال، وكانت الأجهزة مصممة للاتصال وإرسال الرسائل والوسائط البسيطة.
الجيل الرابع (4G LTE): مثلت سنة 2010 ولادة هذا الجيل، الذي ما زال في الخدمة حتى الآن، وهي التطبيقات والشبكات التي نتعامل معها حتى هذه اللحظة.
مواصفات الجيل الخامس (5G)
السرعة
ستقدم 5G سرعات بيانات أكبر بكثير من الجيل الحاليّ، إذ يمكن أن تصل سرعة معدلات البيانات في المستقبلات الثابتة 20 جيجابت في الثانية و10 جيجابت في الثانية لكل مستقبل متنقل.
زمن الانتقال
“الكمون المنخفض” وهو الوقت الذي تستغرقه البيانات للانتقال من نقطة إلى أخرى، سيكون الوقت في الشبكة 4 مللي ثانية، وهو الوقت المطلوب في الظروف المثالية، و1 مللي ثانية لحالات الاستخدام التي تتطلب أقصى سرعة.
ستكون 5G قادرة على دعم مليون جهاز متصل لكل كيلومتر مربع
الكفاءة الطيفية
وهي “الاستخدام الأمثل للطيف أو عرض النطاق”، بحيث يمكن إرسال أكبر قدر من البيانات بأقل عدد من أخطاء الإرسال.
التنقل
مع 5G، سيكون هناك دعم للمحطات المتحركة بسرعة من 0 إلى 310 أميال في الساعة، وهذا يعني أن المستخدم لن يعاني من انقطاع التغطية في القطارات السريعة أو الطائرات.
كثافة الاتصال
ستكون 5G قادرة على دعم العديد من الأجهزة المتصلة أكثر من LTE، حيث ستكون قادرة على دعم مليون جهاز متصل لكل كيلومتر مربع، وهذا رقم ضخم، يأخذ في الاعتبار العدد الكبير من الأجهزة التي تستخدم إنترنت الأشياء (IoT).
أين سيتركز استخدامات الـ”5G”
وفقًا لدراسة أجرتها شركة Gartner، فإن 66% من الشركات تخطط لنشر 5G بحلول عام 2020، ويتوقع أن تؤثر شبكات الجيل الجديد في نمو الاقتصاد العالمي بحدود 13.2 تريليون دولار، وأنها ستوفر بحدود 22.3 مليون وظيفة جديدة.
هذه الأرقام الكبيرة تفسر السبب وراء تسابق الدول للحصول على قدم السبق في تلك التقنية، وتشير المؤشرات أن الصين متقدمة إلى الآن على دول العالم أجمع.
ستعمل شبكات 5G على تحسين استخدام الكثير من التطبيقات والأنظمة الحاليّة، وهو ما سينقل المستخدم نحو جيل جديد من الاستخدام، فعلى سبيل المثال:
- جودة عالية في المكالمات الصوتية
تعد المكالمات الصوتية التي تتم عبر WhatsApp، وأي خدمة بروتوكول صوتي عبر الإنترنت (VoIP) مثل Skype أو Zoom أكثر وضوحًا بكثير من شبكة الهاتف خلال استخدام 5G.
لم يكن الصوت عالي الدقة أولوية لمصممي شبكات 3G و4G، لكن مع 5G، يمكنك توقع احتواء جميع المكالمات الصوتية ومكالمات الفيديو على خطاب أكثر وضوحًا وواقعيًا تمامًا.
- قدرات هائلة
جزء مهم من مواصفات 5G هو ما يعرف باسم mMTC (الاتصالات الآلية الضخمة)، التي تعني إتاحة قدرات هائلة من التغطية في الحشود الضخمة.
على سبيل المثال خذ ملعبًا رياضيًا، ضع نفسك في حشد من 50000 مشجع، في مثل هذه الظروف لا يمكنك الحصول على إشارة هاتف.
لكن مع الجيل الجديد – عدا توافر الشبكة للجميع – يمكن للمتفرجين جميعهم ارتداء كاميرا وبث المباراة بشكل مباشر بصيغة “HD”، بل يمكنهم بثها بصيغة 360 درجة، لكن ذلك يتطلب توافر سماعات واقع افتراضي.
- البث المتنقل
عمل القنوات الفضائية وبرامج البث المباشر ستشهد تطورًا كبيرًا مع 5G، إذ بمقدورهم بث الفيديوهات المباشرة بدقة 4K و8K وVR 360 دون قطع بالاتصال أو تشوه الصورة.
ستسمح شبكة الجيل الخامس بالدوائر البلدية للمدن بالعمل بكفاءة أكبر
أما عن استخداماتها، فهناك قطاعات كثيرة ستستفيد من شبكات الجيل الخامس، لكن أهم القطاعات التي سوف تشهد استخدامًا كبيرًا هي القطاعات التالية:
المركبات ذاتية القيادة
يتوقع الخبراء أن يرتفع نمو المركبات ذاتية القيادة بنفس المعدل الذي يتم فيه نشر 5G في المستقبل، سيكون تواصل المركبة مع المركبات الأخرى في الوقت الفعلي، ستنبه السيارات بعضها في حال الزحام أو وجود حوادث، مما يعمل على رفع أمان المركبات ويقلل استهلاك الوقود.
السلامة العامة والبنية التحتية
ستسمح شبكة الجيل الخامس بالدوائر البلدية للمدن بالعمل بكفاءة أكبر، ويمكن لأجهزة الاستشعار إبلاغ دوائر الأشغال العامة عند خروج الفيضانات أو عطب أضواء الشوارع، كما ستتمكن البلديات من تثبيت كاميرات المراقبة بسرعة وبتكلفة منخفضة.
التحكم عن بعد بالأجهزة والآلات
نظرًا لأن 5G لديها زمن انتقال منخفض بشكل ملحوظ، فإن التحكم عن بعد في الآلات الثقيلة سيصبح حقيقة.
في حين أن الهدف الأساسي هو تقليل المخاطر في البيئات الخطرة، إلا أنه سيسمح أيضًا للفنيين ذوي المهارات المتخصصة بالتحكم في الآلات من أي مكان في العالم.
الرعاية الصحية
يمكن لـ5G بسبب انخفاض زمن الإرسال والاستلام للبيانات (الكمون) بشكل كبير جدًا أن تغير بشكل أساسي الرعاية الصحية.
توقع أن ترى تحسينات في التطبيب عن بعد والعلاج الطبيعي عن طريق الواقع المعزز والجراحة الدقيقة، وحتى الجراحة عن بعد في السنوات القادمة.
هل شبكات الجيل الخامس مضرة بالصحة؟
الآن ربما يتبادر إلى الأذهان سؤال هل ما يشاع أخبار بأن “5G” مضرة على الصحة وأنها سبب الفيروس التاجي “COVID-19“.
المتتبع لنظريات المؤامرة وكيفية انتشارها يلاحظ أن تلك النظريات تنتشر مع كل حدث كبير على مستوى العالم، وهو ما يطمح إليه عرابي تلك النظريات بغية انتشارها.
ومع غزو جائحة كورونا لدول العالم تعالت الأصوات من أولئك العرابين تجاه الجيل الخامس، متهمينها بأنها السبب وراء ظهور الفيروس، الأمر الذي دفع مؤيدي ومصدقي تلك النظرية إلى مهاجمة الأبراج الحاملة لأجهزة (جي 5).
ومع تزايد حالات الاعتداء على أبراج الإنترنت بأكثر من بلد، اضطرت منظمة الصحة العالمية إلى تحذير الجمهور من المعلومات الخاطئة المتعلقة بشبكات الهاتف 5G، وأصرت على أن الشبكات لا تنشر COVID-19 والفيروسات لا تنتشر عبر موجات الراديو أو شبكات الهاتف المحمول.
علاوة على ذلك، ينتشر COVID-19 في العديد من البلدان التي ليس لديها حتى شبكة جوال 5G.