ترجمة وتحرير نون بوست
كمدير إنتاج سابق في جوجل ثم ريديت ثم بنترست، يقول تايلور أودين إنه يعلم شيئًا أو اثنين عن قوة الإقناع، فالسر كما يرى ليس في امتلاك فكرة تغير العالم، بل في اتفاق الناس على نفس الفكرة.
يقول أودين: “في الحقيقة إن أصحاب الرؤى مثل ستيف جوبز لم ينجحوا لأنهم فكروا في شيء مذهل وأصلي، بل لأنهم امتلكوا موهبة إقناع العديد من الناس باتباعهم في رحلتهم نحو شيء مذهل وأصلي”.
يقدم أودين محادثات في الإقناع منذ سنوات، واستمدها من المبادئ التي حددها عالم النفس دانيال كانيمان في كتابه “التفكير السريع والبطيء”، يقول كانيمان إن العقل لديه نظامان لاختبار المعلومات: النظام الأول سريع وتلقائي وغير واعٍ معظم الوقت، أما النظام الثاني فهو بطيء ومتأنٍ ويتطلب فكرًا أعمق وأكثر تحليلًا.
عندما يتعلق الأمر ببناء حجة أو رسالة فإن الصواب المنطقي ليس كافيًا، فربما تتوافق الفكرة أكثر مع النظام الثاني لكنك بحاجة أيضًا إلى النظام الأول في الوقت نفسه، يقول أودين: “عندما ننظر إلى ما نجح فيه أصحاب الرؤى حقًا، سنجد أنهم منحونا خطةً واثقةً ومتسقةً ومتماسكةً مما يمنحنا شعورًا بالأمان”.
يقول وارين بوفيت: “يتطلب الأمر 20 عامًا لبناء سمعة و5 دقائق لتدميرها”
لكي تكون رائد أعمال ناجح فإن الأمر يستلزم أكثر من مجرد إقناع الناس بشراء منتجك أو الاستثمار في شركتك، إنه يعني بناء شبكة عميقة من الاتصالات مع المتحمسين لفكرتك ويرون أنها تنمو، إليك بعض الأفكار عن كيفية البدء.
أسس مصداقية
بالإضافة إلى العاطفة والمنطق كان أرسطو يعتقد أن الشخصية الجيدة أو الروح واحدة من ثلاث ركائز أساسية للحديث المقنع، فبغض النظر عن قوة الحجة أو منطقية الحوار لن ينجح الأمر ما لم يثق الجمهور فيمن يقدمهم.
في حديثه الشهير على منصة “TED” عن إصلاح نظام العدالة الجنائية، لم يفتتح محامي حقوق الإنسان بريان ستيفنسون حديثه بقائمة الشهادات التي حصل عليها أو الجوائز المذهلة التي كسبها، بل قال: “إنني أقضي معظم وقتي في السجون وأماكن الاحتجاز وطوابير الإعدام، أقضي غالبية الوقت في المجتمعات ذات الدخل المنخفض وفي المشاريع والأماكن التي تضم قدرًا كبيرًا من اليأس”.
هذه المعلومات أكثر أهمية للمستمعين الذين لا يعلمون من هو أو لماذا يجب أن يثقوا بكلامه، العنصر الآخر المكمل لبناء المصداقية هو الصدق بالتأكيد، فكذبة واحد أو تحريف ستكون كافية لإحداث ضرر دائم بسمعتك المهنية، يقول وارين بوفيت: “يتطلب الأمر 20 عامًا لبناء سمعة و5 دقائق لتدميرها”.
استمع جيدًا
عندما يتعلق الأمر بأن تكون مقنعًا، فمن الضروري أن يرى الناس أنك تستطيع أن تقدم لهم حلًا حقيقًا لمشكلة، ولكي تقوم بذلك بفاعلية فإنك بحاجة إلى الاستماع لجمهورك لتفهم حقًا ما يحتاجونه وكيف يمكن أن تساعدهم.
هناك حدود عالمية لقدر المعلومات التي يستطيع أي بشر استيعابها والاحتفاظ بها
يبالغ الكثير منا في قدرتنا على الاستماع، لكنها مهارة مهمة يجب صقلها إذا أردنا أن نكون مقنعين حقًا، عندما تتحدث إلى أحدهم امنحه اهتمامك الكامل، انظر إلى عينيه واستخدم اسمه في أثناء الحديث ولا تقاطعه، هذا الأمر يبعث له رسالة أنك تقدره وتقدر رأيه.
إضافة إلى ذلك يظهر البحث أنك إذا كنت ترغب في إقناع أحدهم فمن الأفضل أن تستمع بعناية وتستجيب وفقًا لوجهة نظر الطرف الآخر، بمرور الوقت فإن الثقة التي بُنيت من خلال الاستماع بعناية ستُمكن القادة من التأثير في القرارات.
اجعل صوتك فعالًا
من أعظم الأشياء المتعلقة بفن الإقناع هو أنه لم يتغير كثيرًا في آخر 2000 عام، يرجع ذلك جزئيًا إلى الطبيعة الثابتة لمدى انتباهنا، تقول إديث هال البروفيسور في كينجز كوليدج في كتابها “Aristotle’s Way”: “اكتشف أرسطو أن هناك حدودًا عالميةً لقدر المعلومات التي يستطيع أي بشر استيعابها والاحتفاظ بها، وعندما يتعلق الأمر بالإقناع فالأقل هو الأكثر دائمًا”.
عند طرح نقطة مقنعة يقول أرسطو إنه يجب التعبير عن الحجة بشكل واسع وبأقل عدد كلمات ممكن، لفعل ذلك امسح كل كلمة غريبة من الرسالة التي ترسلها، فوفقًا لأودين إذا كانت حجتك كثيفة جدًا سيستدعي ذلك النظام الثاني لتحليلها ولن يحصل النظام الأول على فرصة حتى للاطلاع عليها.
في هذا السياق لاحظ أرسطو أيضًا أن أول ما تقوله هو الأكثر أهمية، فالانتباه يقل في كل مكان بعد البداية، بمعنى آخر ابدأ بداية قوية حيث يكون الجمهور منتبهًا لك بشكل كامل.
ارو قصة
عندما مخاطبة النظام الأول الذي يبدو طفوليًا، لن يكون هناك ما هو أكثر فعالية من رواية قصة، ينتبه الناس بشكل مختلف عندما يسمعون قصة بدلًا من مجرد حقائق خاصة عندما تتفق بشكل مباشر مع اهتماماتهم، وفقًا لتحليل عام 2014 لأكثر 500 حديث مشهور في “TED”، شكلت القصص 65% من تلك الأحاديث.
كي يؤمن بك الآخرون يجب أن تؤمن بنفسك أولًا، قد تبدو الجملة عاطفية لكنها حقيقية
كيف تستخدم القصة للإقناع؟ المفتاح هنا هو إنشاء علاقات وروابط بين ما يفكر به جمهورك ويؤمنون به وما تود أن تجعلهم يؤمنون به، قدم الحقائق التي ستضيف مصداقية إما بنفسك وإما من خلال شخص تعرفه.
بالنسبة لاختيار القصة، تقول القاعدة الجيدة إن المحتوى الشخصي يكون أكثر ارتباطًا وإقناعًا، يقول كريس أندرسون مؤسس “TED”: “القصص التي بإمكانها أن تولد أفضل تواصل هي القصص التي تتحدث عنك شخصيًا أو عن أشخاص مقربين منك، فقصص الفشل والارتباك وسوء الحظ والخطر والكوارث تعجل بشكل أصيل من المشاركة العميقة”.
كن واثقًا
كي يؤمن بك الآخرون يجب أن تؤمن بنفسك أولًا، قد تبدو الجملة عاطفية لكنها حقيقية، فكر في ذلك: هل تميل إلى تصديق شخص يبدو قلقًا وغير واثق أمام شخص يتحدث بقوة؟
عندما تتحدث يبدأ الناس في اتخاذ قرارات نتيجة لطريقة تواصلك، لإظهار الثقة تحدث بهدوء ووضوح وبجمل بسيطة، فالهدف ليس أن تبدو مثل إنسان آلي بل شخص كفء مستعد وصاحب علم.
حاول أن تتجنب صفات الحشو مثل: “يعجبني، أوه، كما تعملون”، يمكنك أن تحدد ما تنوي قوله أولًا قبل أن تقوله إذا كان ذلك سيساعدك، وحتى لو كنت ممتلئًا بالشك في ذاتك يمكنك تزييف ذلك حتى تشعر بالصدق والأصالة في النهاية.
المصدر: إنتربرنيور