فُهمت الصور الكثيرة للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية، آية الله علي خامنئي، التي باتت تنشرها وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية من قبل متابعين للشأن الإيراني على أنها محاولة لطمأنة الرأي العام المحلي والدولي على الحالة الصحية لأعلى سلطة سياسية ودينية في البلاد، في حين فُهمت من قبل محللين آخرين على أنها محاولة لتهيئة الإيرانيين لقرب انتهاء تقلد خامنئي لهذا المنصب، سواء بسبب الموت أو بسبب العجز.
وتغيير القائد الأعلى للثورة هو حدث لم تعشه الدولة الإيرانية سوى مرة واحدة عبر تاريخها، وما يجعل النظام الإيراني في حاجة للتمهيد لهذا الحدث، حسب دراسة لمعهد ستراتفور، تكمن في دقة المرحلة التي تمر بها إيران على المستوى الجيوسياسي، حيث تورطت بشكل كبير في مأزق سوريا وباتت غير قادرة لا على حسم الصراع لصالحها ولا على “تجرع السم” والانسحاب، وذلك بالإضافة إلى الطريق المسدود الذي وصلت إليه مفاوضات الملف النووي.
وفي هذا السياق، يرى بعض المحللين أن حدوث هذه الرجة داخل النظام الإيراني قد تصب في صالح حلحلة المشاكل الإقليمية لإيران، فبينما يقوم وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، بالترويج لإمكانية فشل المفاوضات الإيرانية مع الغرب حول المشروع النووي الإيراني بسبب عجز روحاني عن تقديم ضمنات أو التزامات أكثر من التي قدمها، أكدت مصادر خاصة بستراتفور على أن ظريف أقنع روحاني بالمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة أواخر هذا الشهر في نيويورك، وذلك على أمل أن تساهم مشاركته هذه في تهيئة الأجواء خارجيًا لمفاوضات جديدة قد تكون أكثر فاعلية في حال استغلال روحاني للفراغ السياسي الداخلي الذي بدأ يتشكل في إيران بسبب مرض خامنئي.
وتوقع معهد ستراتفور أن عملية اختيار قائد جديد لتعويض خامنئي، سواء بسبب وفاته أو بسبب إقرار عجزه عن القيام بواجباته، ستكون صعبة وستشهد صراعًا بين التيارات السياسية المختلفة في إيران، حيث ستمثل هذه العملية فرصة نادرة للزعامات الدينية والسياسية في إيران الراغبة في تغيير الوضع الإيراني أو الراغبة في إقرار وترسيخ الوضع الحالي ومنع أي تغيير عبر انتخاب زعيم جديد يضمن لهم هذا.
من سيخلف خامنئي؟
وحتى الدقائق الأخيرة، سيبقى من الصعب جدًا التكهن باسم الشخص الأقرب لخلافة خامنئي، فبالإضافة إلى التجاذبات السياسية ستكون الكلمة الأقوى للحرس الثوري ثم للقيادة الدينية في قم، وذلك بالإضافة إلى معايير معقدة قد يتم إتباعها مثل عامل السن والاحتياط من انتخاب قائد طاعن في السن لا يضمن الاستقرار؛ مما قد يتسبب في استبعاد عدد من القيادات البارزة كما قد يؤدي إلى لجوء هيئة تشخيص مصلحة النظام إلى اتخاذ قرار بإلغاء منصب القائد الأعلى للثورة وتعويضه بـ “مجلس قيادة الثورة” وهو الخيار الذي سيضمن عدم حسم التجاذبات لأي من الأطراف أو التوجهات.
وأما في حال عدم اعتماد خيار “مجلس القيادة”، فإن كواليس طهران تشير إلى أن آية الله محمود هاشمي شاهرودي، الرئيس السابق للسلطة القضائية في إيران، هو الأقرب لخلافة خامنئي، مع العلم أن شاهرودي عراقي الأصل وكان لفترة طويلة وكيل محمد باقر الصدر وممثله الخاص لدى آية الله الخميني، كما أنه شغل منصب رئيس حزب الدعوة الإسلامية في العراق – أبرز الأحزاب العراقية الشيعية المعارضة في عهد صدام حسين -.
ومن بين الشخصيات الأخرى المرشحة لخلافة خامنئي يأتي، حسن خميني، الحفيد الأكبر لمؤسس الجمهورية الإيريانية آية الله الخميني، وهو مقرب من التيار الإصلاحي ومن الرئيس الحالي حسن روحاني، غير أن عمره الذي لم يتجاوز بعد الـ 42 سنة قد يمنعه من تولي هذا المنصب، وقد يفتح الباب بشكل أكبر أمام الشقيق الأصغر لعلي لاريجاني، رئيس البرلمان الإيراني، محمد لاريجاني الذي يعتبروه كثيرون مرشح الحرس الثوري لهذا المنصب.
المصادر: نون بوست + ستراتفور