لقي البارحة الثلاثاء 15 طفلاً سوريًا حتفهم، تتراوح أعمارهم ما بين عام وخمسة أعوام، وذلك بعد دقائق من إعطائهم لقاحًا ضد الحصبة بريف إدلب شمال سوريا.
بعد الحادثة بساعات قليلة، نقلت وكالة الأناضول عن مصدر في وزارة الصحة السورية التابعة للحكومة المؤقتة التابعة للمعارضة قال إن 20 طفلاً في حصيلة أولية، توفوا بعد نحو ربع ساعة من إعطائهم اللقاح في بلدة جرجناز من ريف إدلب، وفق المعلومات التي توفرت من الكوادر الطبية في تلك المناطق.
ولفتت المصدر إلى أن حملة الحصبة تتم بالتعاون ما بين وزارة الصحة في الحكومة المؤقتة ومنظمة الصحة العالمية واليونوسيف، لتلقيح أكثر من مليون ونصف طفل في المناطق المحررة، مشيرًا إلى أن نتائج التحليل المخبري هي التي ستفسّر أسباب حصول الوفيات.
لاحقًا، تضاربت الأنباء حول أعداد الوفيات بين الأطفال بسبب جرعات اللقاح، ففي حين ذكرت الهيئة العامة للثورة السورية أن 8 أطفال توفوا جراء اللقاح، قالت شبكة سوريا مباشر إن عددهم 7 أطفال، في حين نقلت وكالة سوريا برس أن 36 طفلاً توفّوا، بينما تحدث ناشطون عن وفاة 14 طفلاً، اما الشبكة السورية لحقوق الإنسان فتحدثت عن فقدان 18 طفلاً حياتهم جراء هذا اللقاح.
إلا أن “مجموعة عمل الحصبة” في وحدة تنسيق الدعم التابعة للائتلاف الوطني أصدرت بيانًا في وقت متأخر من مساء أمس، تقدمت فيه بأحر التعازي لذوي الأطفال المتوفين، وداعية بالشفاء لبقية الأطفال المصابين.
ووضح البيان أن الأعراض حدثت خلال نصف ساعة بعد تلقي الحقنة فلا توجد خطورة على الأطفال الذين لم تظهر عليهم الأعراض بعد اللقاح مباشرة، مفيدة بأن عدد الأطفال الذين توفوا بلغ 15 طفلاً، كما بلغت عدد الحالات التي ظهرت عليها الأعراض وتم التعامل معها 50 حالة،
وتمثلت هذه الأعراض التي ظهرت على الأطفال الذين تم تلقيحهم في إسهالات، مع علامات صدمة وقصور تنفسي تراوحت بين الخفيف إلى توقف التنفس.
مجموعة عمل الحصبة قالت “نحن أمام حالة غريبة وغير اعتيادية”، موضحة أن اللقاحات التي أعطيت للأطفال في المراكز هي نفسها لقاحات الحصبة والحصبة الألمانية المستخدمة في كل أنحاء العالم، كما أن جميع اللقاحات التي تم توزيعها في المراكز هي من إنتاج نفس المصنع وتحمل نفس رقم الدفعة، واللقاحات صالحة حتى شهر كانون الثاني لعام 2016.
إلا أن جميع الوفيات والإصابات تركزت في المركز الصحي في جرجناز، في الوقت الذي تم تطعيم 1500 طفل من نفس المركز في اليوم السابق.
وكانت المرحلة الثانية من حملة لقاح الحصبة قد بدأت يوم الإثنين الـ 15 من سبتمبر في كل من محافظتي دير الزور و إدلب في حوالي 60 مركز صحي، حيث تم تلقيح حوالي 15,000 طفل في دير الزور و حوالي 12,000 في إدلب بلقاح الحصبة والحصبة الألمانية.
وقالت المجموعة إن “عملية التلقيح بدأت أمس في 60 مركزًا صحيًا في هاتين المحافظتين بصورة طبيعية، حتى تلقينا الخبر المؤلم الساعة العاشرة والنصف صباحًا بوفاة طفل بعد تلقيهم اللقاح لتتوالى بعد ذلك الحالات تباعًا ونتيجة ما حصل تم اتخاذ قرار إيقاف الحملة مؤقتًا في جميع المراكز”.
وأكدت المجموعة أنه “أمام هذه الحالة الغير اعتيادية لا بد لنا من التحقق من الأمر وإثبات السبب، ونرجو منكم التعاون معنا لمعرفة السبب الحقيقي الذي أدى لهذه المشكلة الصحية الكبيرة التي أفقدتنا عددًا من أطفالنا؛ لهذا بدأ التحقيق بالأمر ميدانيًا، وكذلك جمع عينات للفحص المخبري ومحاولة تأمين مخابر لفحص السموم”، منهية بقولها: “لذا دعونا ننتظر نتائج التحقيق الجاري ونضمّد جراحاتنا معًا، ولن نتوقف حتى نكتشف سبب هذه المأساة سوية بإذن الله”.
وزارة الصحة في الحكومة السورية المؤقتة أكدت على أن “جميع الاحتمالات المتوقعة تشير إلى حدوث خرق جنائي من قبل أيادِ مجهولة حتى الآن”، وأنه تمت إحالة الموضوع إلى القضاء للتحقيق في الأمر، ولاتزال القضية قيد البحث.
كذلك لفتت الحكومة في بيان صادر عنها أن مديرية صحة إدلب الحرة استلمت كافة اللقاحات بشكل كامل عبر منظمة الصحة العالمية، فيما تشير التحقيقات الأولية إلى أن كافة الاحتمالات المتعلقة، “لها صلة باختراق أمني محدود من قبل مخربين يرجّح صلتهم بالنظام، الذي يسعى لاستهداف القطاع الصحي لسوريا الحرة وخلق بلبلة”، وطمأنت المديرية “كافة الأهالي الذين قاموا بتلقيح أطفالهم، أن اللقاح سليم تمامًا، ولا يوجد أي خطر على أطفالهم الذين أخذوا اللقاح”.
وأعربت كل من منظمتي الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، والصحة العالمية، عن قلقهما البالغ حيال وفاة بعض الأطفال بعد إعطائهم لقاحًا ضد الحصبة بريف إدلب شمال سوريا، في إطار حملة لقاحات مدعومة من قبلهما.
جاء ذلك في بيان مشترك صدر عن المنظمتين، أمس الثلاثاء، وذكر البيان أن الوفيات وقعت في المناطق التي شهدت حملة تلقيح ضد الحصبة.
وأشار البيان إلى أن مسؤولي صحة محليين أوقفوا حملة اللقاحات كتدبير وقائي، موضحًا أن المنظمتين تنتظران توضيحًا أكثر لملابسات الأحداث.
وأفاد البيان أن الحصبة تعتبر أحد أهم التهديدات التي تواجه الأطفال في سوريا، مشيرًا إلى أن حملات التلقيح لها أهمية كبيرة في حماية الأطفال من الأمراض المعدية وأحيانًا المميتة.
تجدر الإشارة إلى أن 20 طفلاً على الأقل تتراوح أعمارهم ما بين عام وخمسة أعوام، لقوا حتفهم بعد دقائق من إعطائهم لقاحًا ضد الحصبة بريف إدلب، أمس الثلاثاء.