ترجمة وتحرير نون بوست
وسط هذه الأوقات الصعبة والأخبار السيئة، هناك نقاط مضيئة تتعلق بالتوجهات التكنولوجية وكيف ستشكل مستقبلنا خاصة مستقبل العمل، تتسارع التكنولوجيا والابتكارات الجديدة التي سيكون لها تأثير إيجابي على كل شيء سواء العمل أم العاملين أم مكان العمل.
نتحدث في هذا المقال مع الخبير التقني ستيف كوينج نائب رئيس جمعية أبحاث تكنولوجيا المستهلك وسكوت لايكنس رائد تكنولوجي في شركة “PwC”، يقول كوينج إن الجائحة والظروف التي خلقتها أثارت موجة ضخمة من الابتكار ونماذج الأعمال الجديدة، ويشير كوينج أيضًا إلى تسارع القبول بذلك ربما أسرع من الابتكار نفسه.
يضيف كوينج: “إنك لا تقبل شيئًا حتى تجربه، لكن الناس أصبحوا أكثر انفتاحًا لتجريب أشياء جديدة”، في الحقيقة هذه الأوقات الصعبة قد تجبرنا على التوسع والتكيف، ومن وسط الحواجز الكبيرة تأتي الابتكارات العميقة.
سيقوم الذكاء الاصطناعي بمعظم العمل الروتيني بينما سيقوم البشر بالوظائف الأعلى مستوى.
هناك العديد من التغييرات التكنولوجية القادمة، لكن ما الأهم فيما يتعلق بمحتوى العمل ومكان العمل وكيفية العمل مع الآخرين والمهارات الجديدة التي سنحتاجها؟
تغييرات محتوى العمل
سيصبح العمل أقل روتينية، فالذكاء الاصطناعي سيغير محتوى العمل، فكر في الذكاء الاصطناعي كذكاء معزز، يشير كوينج إلى أن الذكاء الاصطناعي سيقوم بكل شيء من مساعدة الأطباء في التشخيص وحتى مساعدة كل أنواع العاملين في اتخاذ القرار.
ويضيف كوينج: “ستعمل الروبوتات مع البشر في المكاتب وستأخذ أدوار مثل الاستقبال والضيافة والتنظيف والأمن”، بالإضافة إلى ذلك ربما يقوم المساعدون الرقميون الشخصيون بالمساعدة في كل شيء من إدارة قوائم المهام إلى تنظيم جدول الاجتماعات”.
يقول لايكنس: “سيقوم الذكاء الاصطناعي بمعظم العمل الروتيني بينما سيقوم البشر بالوظائف الأعلى مستوى، وسيغير ذلك بشكل جذري من طريقتنا لخلق القيمة”، ستكون الأشياء أيضًا أكثر أمانًا، فالقياسات الحيوية والبلوكتشين ستعزز من الأمن والتخصيص.
وفقًا لكوينج سيؤثر ذلك على أشياء مثل اتصالات شبكة العمل والتطبيقات السحابية وتفضيلات الحوسبة الشخصية، يشير لايكنس إلى أن البلوكتشين ستجعل الثقة آلية من خلال تأمين الأصول ومساعدتنا على تجنب التزييف العميق وتوثيق ما هو حقيقي.
تغييرات مكان العمل
ستخدم مساحات العمل احتياجاتنا بالفعل، يشير كل من لايكنس وكوينج إلى كيفية تغير مكاتب العمل، فبشكل خاص سيربط إنترنت الأشياء عدة أنظمة داخل المكتب ويخلق قيمًا أكبر للمستخدم.
ومن استهلاك الطاقة بشكل أكثر كفاءة إلى استغلال المساحة بفعالية، ستحسن المساحات الذكية المكاتب لمستخدميها، وضبطها مع تفضيلات الشخص الذي يؤدي العمل، فبدلًا من استخدام لوحة مفاتيح وفأرة أو حاسب محمول قد يكون هناك جهاز واحد للتحكم بهم جميعًا.
يقول كوينج: “ربما سيتكون مكتب المستقبل من شاشة فقط لأن هواتفنا المحمولة ستؤدي كل وظائف الحاسب للوصول إلى البيانات والتطبيقات ووظائف السحابة”.
تغييرات طريقة العمل مع الآخرين
سيتم تعزيز اتصالاتنا، فالحاسبات الآلية والروبوتات ستعالج اللغة الطبيعية، مما يعني أنها ستتعرف على لغتنا وتترجمها، مما يزيد من قدرتنا على التواصل بفعالية عبر الحواجز التقليدية.
يقول كوينج: “سيضمن ذلك التواصل في تطبيقات المهام الضرورية مثل العقود ومشاركة العملاء والتسويق الدولي”، كما سيتوسع وجودنا، فالواقع الافتراضي سيسمح لنا بالتعرض لتجارب غنية وتعاونية في الكثير من الأماكن، وهو ما يسميه كوينج الافتراضية.
ويضيف كوينج: “ستكرر الأدوات الرقمية مثل الواقع الافتراضي البيئات المادية وتقلل الحاجة إلى الحضور المادي في الاجتماعات”، بينما يقول لايكنس: “يخلق الواقع الافتراضي تجارب تعاونية غامرة بإمكانها تعزيز التعاطف والترابط، إنها تخلق مساحة أمانة للإقدام على المخاطر والتفاعل والتعلم”.
تغييرات المهارات التي سنحتاج إليها
سيكون هناك حاجة ملحة لزيادة المهارات، فمن المستحيل أن ننظر إلى التكنولوجيا وتأثيرها على مستقبل العمل دون أن يسأل الناس عما إذا كانت وظائفهم ستختفي، يخشى الناس من أن تحل التكنولوجيا محل البشر منذ خمسينيات القرن الماضي.
يقول لايكنس: “ستتغير الوظائف في جميع المجالات ولن تصبح أي ظيفة كما كانت من قبل وعليه سيكون زيادة المهارات أمرًا ضروريًا”، بينما يقول كوينج: “سيكون زيادة المهارات وإعادة التدريب أمرًا ضروريًا للاحتفاظ بالعمل وسيكون لدى الموظفين وأصحاب العمل الفرصة والمسؤولية لبناء القدرات”.
هذا الأمر بدا صحيحًا في أثناء تلك الجائحة، فقد وجدت دراسة أن الناس أصبح لديهم 200 مليار ساعة إضافية لاستغلالها في التدريب بسبب الإجازات أو تقليل جداول العمل في تلك الفترة.
ستظهر أيضًا أعمال مكتبية جديدة، يقول لايكنس إننا سنحتاج إلى مهارات جديدة أو مهارات معززة في التفكير التصميمي وعلوم البيانات، ويشير كوينج إلى الحاجة إلى مهارات إضافية كذلك حيث ستكون المتطلبات المهارية أكثر تقنية.
ما سيميز البشر هو التعاطف، لكن هل ستكون الآلات قادرة على القيام بذلك كله؟ لا، يمكننا التأكيد بعدة طرق أن الآلات لا تستطيع ذلك، لكننا نستطيع العمل خلال فروقات التواصل البشرية أكثر من الروبوتات.
وفقًا للايكنس: “إن الذكاء ليس أمرًا مميزًا للبشر فقط، فالآلات أنظمة قائمة على المنطق، لكن العواطف هي ما يميز البشر ولا يمكن تدريب الآلات على ممارسة التعاطف، على الأقل حتى الآن”.
يضيف كوينج: “سنحتاج إلى مجموعة مطورة من مهارات التعامل مع الآخرين لأننا سنتفاعل بشكل أكبر عن بُعد”، في الحقيقة سنحتاج إلى مهارات أكبر لقراءة إشارات الآخرين وعواطفهم عبر الفيديو وسنحتاج أيضًا إلى تعزيز مهارات توصيل وجهات النظر خلال وسائل الاتصال عن بعد.
إن فرصتنا هي توسيع قدراتنا للعمل بالاندماج مع الآلات وتعزيز قدرتنا للتواصل مع الآخرين، هذا ما يجب أن نقدمه وهذا ما يميز البشر ولا يمكن استبداله.
إن المستقبل مشرق، يقول كوينج “بشكل عام ستقوم الأدوات الرقمية والتكنولوجية الجديدة بتمكين الإبداع والإنتاج والتعاون والقيادة البشرية وغيرهم”.
إن الأوضاع تتغير وعجلة الابتكار تحدث بشكل سريع، إنها ستؤثر على كل شيء بما في ذلك محتوى العمل ومكان العمل وكيفية العمل مع الآخرين والمهارات التي نحتاج إليها للنجاة، لكننا نملك المزيد لنتطلع إليه مثل المزيد من الكفاءة والفعالية المعززة وخبرة عمل جديدة كبيرة التي ستكون مُرضية بالتأكيد.
المصدر: فوربس