رفضت الولايات المتحدة الأمريكية محاربة نظام بشار الأسد رافعة شعار ردده رئيسها باراك أوباما: “لن نحارب لأجل أحد”، وعند استشعارها لخطر نمو الجماعات المسلحة مثل تنظيم داعش، أعلنت عن عزمها محاربة الإرهاب في سوريا وفي كل مكان، وهو خيار يبرر سؤالاً منطقيًا: “إذا كان بشار يحارب داعش في سوريا، وأمريكا تحارب داعش في سوريا، وبشار لا يحارب أمريكا وأمريكا لا تحارب بشار، لماذا لا يتعاونان مع بعض؟”.
سؤال طرحه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين علنًا، وظن المتابعون أن دمشق امتنعت عن طرحه بسبب شعارات العداء لأمريكا التي طالما رفعتها، غير إن وثيقة حصل عليها الصحفي البريطاني “روبرت فيسك” أكدت أن النظام الذي يترأسه بشار توجه فعلاً بهذا السؤال لأمريكا وعرض عليها التعاون للقضاء على داعش وغيرها من التنظيمات “الإرهابية”.
وحسب ما نشره فيسك في صحيفة الإندبندت البريطانية، أن الرسالة التي أرسلها رئيس مجلس الشعب، محمد جهاد اللحام، للمتحدث باسم الغالبية في مجلس النواب جون بويهنر، ونانسي بيلوسي، المتحدثة باسم الأقلية، داعيًا إياهم للتعاون من أجل “حماية أرض سوريا من حملات قصف قذرة تقوم بها (داعش) وجبهة النصرة والجماعات الأخرى”.
وتعليقًا على توجه الولايات المتحدة الأمريكية نحو التعاون مع من أسمتهم بالمعارضة “المعتدلة” لضرب داعش، تقول الرسالة إن هؤلاء “لا يختلفون عن الجماعات الجهادية التي تدعم داعش”، حيث يضيف اللحام: “إن ما يطلق عليها المعارضة قامت ببيع الصحافي الأميركي، الذي قطعت (داعش) رأسه، ولا شيء يمنع هؤلاء من بيع السلاح لـ (داعش) .. فهذه عادتهم المعروفة”.
وتمضي الرسالة السورية في تحريضها للأمريكان على “المعارضة المعتدلة” قائلة: “دعم الجماعات المسلحة يعتبر انتهاكًا واضحًا لقرار مجلس الأمن الدولي2170، والذي دعا الدول الأعضاء لمنع تدفق المقاتلين الأجانب وتمويل الجماعات الإرهابية في العراق وسورية”، مؤكدة أنه “لا يوجد شيء اسمه معارضة معتدلة، فكلها تستلهم أفكارها من الجماعات السلفية والوهابية والجهادية”.
وعبر الرسالة حاول النظام استعطاف الأمريكيين مذكرة إياهم بـ “موقف حكومة النظام السوري بأن الجماعات الجهادية ما هي إلا نتاج لهذه السلفية والوهابية والجهادية من 11 سبتمبر إلى بوسطن، وحتى قطع رأس الصحافيين الأميركيين، والذي يعتبر الممارسة القانونية للحكومة السعودية”.
واختتم فيسك مقاله بالإشارة إلى وجود اتفاق بين الولايات المتحدة الأمريكية ونظام بشار، قائلاً: “إن المخابرات الغربية على اتصال بالمخابرات السورية منذ شهور لبحث سبل التعاون سريًا، وهو التعاون الذي يعرضه النظام السوري الآن علنًا، وإن لم يتفق عليه الطرفان”.