ترجمة وتحرير: نون بوست
منذ أكثر من 15 سنة، كان سعد الجابري من المقربين للولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب في العالم العربي، لاسيما بعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر. كان لدى المسؤول في المخابرات السعودية الكثير من المخبرين الذين يعملون تحت إشرافه، ومليارات الدولارات المتأتية من الحكومة، ناهيك عن أنه كانت تربطه علاقات سرية مع الأعضاء الرئيسيين في الأسرة المالكة ويملك القدرة على الخوض في القضايا التي يراها الناس غير مألوفة لاسيما فيما يتعلق بالعلاقات التي تنشئها واشنطن في الشرق الأوسط.
في الوقت الحالي، يعد الجابري من أحد الفارين من قبضة المملكة العربية السعودية، حيث يزعم الضباط أن مجموعة من الرجال الذين كان يشرف عليهم في وزارة الداخلية أهدروا 11 مليار دولار من أموال الدولة، واختلسوا ما لا يقل عن مليار دولار. وقد أصدرت السلطات السعودية ضده طلبات تسليم وإشعارات عبر الإنتربول. وإلى جانب إرسال السلطات السعودية زميله القديم لإغرائه بالعودة إلى السعودية، اعتقل اثنين من أبنائه في آذار/ مارس.
إن الصراع المرير بين السلطات السعودية والجابري يسلط الضوء على نظام المحسوبية وعروض الشركات والإثراء الذاتي المزعوم، وكل ذلك في إطار مكافحة الإرهاب. وقد سبق أن حذّر ضباط المخابرات الأمريكيون والأوروبيون الحاليون والسابقون من أن فتح تحقيق يمكن أن يكشف أسرار وتقنيات دقيقة حول العمليات الأمريكية السعودية لتتبع المتطرفين، مشيرين إلى أن أحد الطرفين أو كلاهما من المحتمل أن يسرب مثل هذه الأسرار والتقنيات بهدف تعزيز موقفه.
نبه مسؤول أمريكي إلى أنه “لا ينبغي الكشف عن الأسرار الأساسية الخاصة بعمليات مكافحة الإرهاب”. ومن خلال التحقق من تفاصيل التحقيق السعودي والتوصل إلى معلومات جديدة عن طريق ضباط المخابرات الأمريكية والأوروبية، تمكنت صحيفة “وول ستريت جورنال” من كشف شبكة بمليارات الدولارات ساهمت في تنامي ثروة ضباط سعوديين رفيعي المستوى، بينما كانوا يسعون إلى فرض نفوذ المملكة في الخارج.
استخدمت هذه الأموال في الكثير من المهام منها شراء المخبرين وذمم قادة مثل الديكتاتور السوداني السابق عمر البشير، واستيراد أجهزة الشرطة والهواتف الآمنة. ويزعم المحققون أن الشبكة استفادت من فرض رسوم زائدة على الحكومة الفيدرالية مقابل إبرام عقود مع الشركات الغربية الرئيسية التي تشبه إنترناشيونال بيزنس ماشينز كورب وأوراكل كورب. وقد كانت عمليات التحويل النقدية تتم عبر الحسابات الخارجية المرتبطة بالبنوك الغربية، وذلك وفقًا للأفراد المطلعين على العمل مع المحققين.
لم ينكر أنصار الجابري المزاعم المتعلقة بهدر الأموال، لكنهم ذكروا أن هذا النظام شائع في المملكة العربية السعودية وذلك بمباركة من راعيه في ذلك الوقت، ولي العهد محمد بن نايف. في سنة 2017، عزل الأمير من منصبه ليتركه لابن عمه محمد بن سلمان. كما عُزل محمد بن نايف من وزارة الداخلية، واعتُقل هذه السنة بتهمة الخيانة.
غادر الجابري المملكة العربية السعودية سنة 2017 وهو يقيم حاليا في تورونتو في كندا، التي لم توافق على تسليم الجابري. تجادل أسرته بأن السلطات السعودية بحاجة إليه مرة أخرى لأنه يعرف الكثير من الأسرار وعن أساليب الأسرة المالكة، وأن ولي العهد محمد بن سلمان لديه ثأر شخصي تجاهه بسبب خلاف حول تغطية اليمن ومسائل أخرى. كما صرحت العائلة بأن ابنة وابن الجابري، البالغين من العمر 20 و21 سنة، محتجزان كرهائن حتى يعود والدهما.
رفض الجابري التعليق على هذه التحركات. وقد صرح أحد أبناء الجابري، خالد الجابري، وهو طبيب معالج في بوسطن، في رسالة نصية: “نحن نرحب بأي إجراء محايد لا ينطوي على محاولة الحث على الأذى أو الابتزاز عن طريق أخذ الرهائن”. وصرح متحدث باسم السلطات السعودية بأن الحكومة لم تصدر أي تعليق بشأن التحقيقات الجارية. ومن جانبهم، ذكر الضباط السعوديون المعنيون أنهم يحاولون جلب الجابري من أجل الامتثال إلى العدالة في إطار حملة الأمير محمد بن سلمان لمكافحة الفساد.
يزعم مؤيدو الجابري أنه بما أن المملكة العربية السعودية قائمة على نظام الملكية المطلق، فإن نيل موافقة الأمير تعني أن الأموال مرخصة
لطالما دعم ترامب الأمير محمد بن سلمان، إلا أنه لم يستطع منع الكونغرس من تمرير قرارا يُحمله مسؤولية مقتل الصحفي جمال خاشقجي سنة 2018 على يد رجال يعملون تحت إمرته، والتصويت لحظر مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية. من المحتمل أن يشير اتخاذ السعودية المزيد من الإجراءات الرامية إلى استهداف الجابري وأنصاره المشاعر المعادية.
كان الجابري، البالغ من العمر 61 سنة، والحائز على دكتوراه في علوم الكمبيوتر المحمول، الشخصية المهمة الثانية داخل وزارة الداخلية السعودية، التي كان يديرها محمد بن نايف لسنوات. كان الجابري يدير صندوقًا خاصًا للوزارة يعمل على تأمين نفقات السلطات على جهود مكافحة الإرهاب ذات الأولوية العالية مع ضمان مكافآت الجابري والآخرين، وذلك حسب الوثائق التي راجعتها الصحيفة والمقابلات مع الضباط السعوديين ومع المقربين من الجابري.
على مدى 17 سنة من إشرافه على هذا الصندوق، تدفّقت 19.7 مليار دولار عن طريقه. تدعي الحكومة الفيدرالية أن 11 مليار دولار أنفقت بشكل غير صحيح عن طريق المدفوعات الزائدة على العقود أو تم تحويلها إلى حسابات المؤسسات المالية الخارجية، التي يديرها الجابري وأسرته وشركائه مع محمد بن نايف.
يزعم مؤيدو الجابري أنه بما أن المملكة العربية السعودية قائمة على نظام الملكية المطلق، فإن نيل موافقة الأمير تعني أن الأموال مرخصة. ويضيفون أن بعض المبالغ التي تسلموها كانت بمثابة مكافأة على مهمة أنجزت كما هو مخطط له. في المقابل، صرح الضباط الأمريكيون بأن الأمير محمد بن سلمان، الحاكم بحكم الأمر الواقع للمملكة، يستخدم عمومًا تحقيقات الفساد كذريعة لملاحقة المعارضين السياسيين أو المنافسين المحتملين، وحتى أبناء الملك السابق للمملكة العربية السعودية والموالين له.
اعتلى والد الأمير محمد، الملك سلمان، العرش سنة 2015. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، اعتقل ولي العهد عددا قليلا من أغنى أغنياء السعودية في نزل في الرياض، وأجبرهم على دفع مبالغ كبيرة مقابل الحصول على حريتهم.
نزل ريتز كارلتون في الرياض سنة 2017، وهو المكان الذي احتُجز فيه بعض السعوديين الأغنياء طوال حملة الأمير محمد لمكافحة الفساد.
استمر نظام الجابري لسنوات مع البيانات والموافقة الضمنية لشركات المخابرات الأمريكية، التي اكتشفت أنه طالما أن الأموال لم تمول الإرهاب، فإن الأمر يعود للسعوديين لتحديد ما إذا كان ذلك مقبولا، وهذا وفقا لتصريحات ضباط المخابرات الأمريكيين السابقين.
كانت شركات الاستخبارات الأمريكية واعية بالتدفقات النقدية من صندوق الجابري إلى دول مثل السودان وإندونيسيا وزعماء القبائل في غرب العراق والشركات داخل الولايات المتحدة وأوروبا والحسابات الخارجية التي يديرها الجابري وحلفاؤه. من جهة أخرى، دخلت الشركات المرتبطة بأسرة الجابري في شراكة مع موردي البحرية الأمريكية، مما يحقق عائدات من مشتريات السلطات السعودية من هذه الشركات. وكان النقد يتدفق عن طريق بنوك تشبه مجموعة إتش إس بي سي البنكية، وذلك وفقًا للضباط الحاليين والسابقين للولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والمؤسسات المالية التي تواصلت معها الصحيفة. في المقابل، رفضت متحدثة باسم “إتش إس بي سي” التعليق.
من المألوف أن يحصل الأشخاص الذين في السلطة على أموال من الدولة السعودية. وقد صرح مسؤول سلامة أمريكي سابق بأن بناء الصندوق يتماشى مع توقعات كيفية عمل الأفراد داخل المملكة ودول مختلفة داخل المنطقة. لكن مسؤولا سعودياً ذكر أن هذه المعاملات كانت غير قانونية وبمثابة سرقة من الخزانة العامة. وذكر المسؤول أن التدفقات النقدية كانت مختلفة تماما عن هدايا البيروقراطيين من الثروة غير العامة لأفراد العائلة المالكة، وهو أمر مقبول ويستمر في الوقت الحالي داخل الأمة.
وقع إنشاء صندوق الجابري من قبل الملك الراحل عبد الله للقضاء على الإرهاب المحلي بعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر. كانت الخطة تتمثل في زيادة إنفاق الوزارة من خلال السماح لها بالحفاظ على 30 بالمئة من المداخيل المتأتية من معاملات مثل تجديد جوازات السفر ورسوم التأشيرات وتذاكر السفر. وبعد عدة سنوات، رُفّعت النسبة إلى 45 بالمئة. وقع توزيع أموال مكافحة الإرهاب بشكل أساسي عن طريق الشراكات مع شركات القطاع الخاص للمناورة بسرعة والابتعاد عن الاستمارات الرسمية والقيام بالمسائل بشكل سري. كانت شركة طائرات غير عامة من بين إحدى الشركات العديدة التي سمحت للعملاء السعوديين بالمناورة ببساطة حول العالم.
ذكر الجابري أنه استخدم الأموال النقدية لشراكات القطاع الخاص التي لها علاقة بالشركات الأمنية، ولكنه أنشأ نظاما يمكن أن يحقق له ولزملائه الإيرادات، وذلك وفقا لما أشارت إليه وثائق السلطات والأشخاص المطلعين على التحقيق. وكان تحقيق الأرباح عن طريق شركات مثل “نو هاو ماناجمنت” التي وقع تسجيلها سنة 2008. وقامت وزارة الداخلية بتمويل شركة “نو هاو ماناجمنت”، التي كانت مملوكة من قبل شقيق الجابري، وابن أخيه واثنين من زملائه المقربين، وذلك حسب ما تفيده وثائق الشركة السعودية.
اشترت شركة “نو هاو ماناجمنت” برنامجا (وأجهزة) من شركات أمريكية، من بينها “آي بي إم” و”أوراكل” وشركة “سيسكو سيستمز” و”في إم وير“، وأعادت بيعه إلى الحكومة الفيدرالية بعائدات أكبر. كذلك، وقع استخدام “نو هاو ماناجمنت” لبناء قواعد بيانات للتعرف على بصمات الأصابع ومراقبة تويتر لرصد التهديدات المحتملة للسلامة، والعديد من القضايا المختلفة.
سعت الشركة إلى الحصول على عدد من العطاءات قبل شراء المعرفة للحكومة الفيدرالية واستخدمت مسار تقديم العطاءات لخفض التكاليف
قدمت شركة أمريكية أخرى تدعى “ساس إنستيتوت”، وهي شركة برمجيات وتحليلات مقرها نورث كارولينا، عرض شراكة استراتيجية مع “نو هاو ماناجمنت” سنة 2012 لتزويد مقدمي الخدمة بوزارة الداخلية، جنبًا إلى جنب مع العمل في مدرسة التدريب على خدمات المخابرات السعودية. غير أنه لم يقع إدانة الشركات عن أي مخالفات، ورفض المتحدثون باسم “آي بي إم” و”أوراكل” التعليق، بينما لم ترد شركات مختلفة على طلبات التعليق.
في سنة 2013، استثمرت “نو هاو ماناجمنت” 50 مليون دولار في شركة أمريكية يشار إليها باسم “ديجيتال ساين”، والتي اعترف الجابري بأنها وعدت شركة “نو هاو ماناجمنت” بتحديد مواقع الإرهابيين في الحشود. وصرح ديفيد غوتادورو، الرئيس التنفيذي السابق للشركة، بأن السلطات السعودية أصبحت أكبر عميل له، بينما أصبحت “نو هاو ماناجمنت” أكبر مستثمر له.
انتقل السيد غوتادورو إلى الرياض، وكان يجتمع عادة مع الجابري. وذكر أنه أثناء تواجده في المملكة العربية السعودية، كان الجابري يحاول تقديم المعرفة المتطورة إلى وزارة الداخلية التي أبطئتها البيروقراطية. كانت شركات مثل شركة “نو هاو ماناجمنت” مصممة بطريقة تمكنها من التفكير في بضائع جديدة وشرائها دون الخروج عن المسار البيروقراطي البطيء.
ذكر غوتادورو أن الشركة لديها أفراد مقربون من الجابري في مناصب إدارية، وذلك نتيجة لخبرتهم السابقة في البحرية أو معرفتهم بالسلطات التي أعطتهم المصداقية عند التعامل مع بيروقراطيي الوزارة، الأمر الذي جعل تبسيط المعرفة الجديدة أسهل. وأضاف غوتادورو أنه في الظروف التي لاحظها، سعت الشركة إلى الحصول على عدد من العطاءات قبل شراء المعرفة للحكومة الفيدرالية واستخدمت مسار تقديم العطاءات لخفض التكاليف.
الأمير محمد في اجتماع عن بعد في نيسان/ أبريل.
ذهبت الكثير من الأموال التي تدفقت من الوزارة إلى منظمة يشار إليها باسم شركة سكاب السعودية القابضة، التي استحوذت على أكثر من 26 مليار ريال سعودي من سنة 2008 إلى 2014، وذلك وفقا للحساب الجاري وتبادل الوثائق التي تمت مراجعتها من قبل الصحيفة. إلا أن شركة سكاب لم ترد على طلبات التعليق.
عادة ما تقوم الوزارة بتحويل عشرات الملايين من الدولارات إلى حساب سكاب عن طريق المؤسسة المالية البريطانية السعودية، وهي شركة تابعة لإتش إس بي سي. بعد ذلك، تحول شركة سكاب الكثير من الأموال إلى حسابها في مؤسسة إتش إس بي سي غير المالية العامة في جنيف، أين يمكن إرسال القليل منه إلى حسابات بأسماء مساعدي الجابري.
كان التحول الأهم شركة مسجلة في جزر العذراء البريطانية يشار إليها باسم “غولز وورلدوايد أدفايزوري كومبانيز”، التي يمتلكها الجابري، مثلما تظهر الأوراق التابعة للمؤسسة المالية. في الثالث من نيسان/ أبريل 2017، على سبيل المثال، دفعت شركة سكاب 28.289.316 دولارا لشركة غولز وورلدوايد، و14.955.983 دولارا لحليف الجابري، الحمد عبدالله؛ و2.716.026 دولارا إلى ماجد المزيني، ابن أخت الجابري، حسب الأوراق التابعة للمؤسسة المالية.
لا يمكن تحديد المنتفع بهذه الأموال في النهاية أو كيف وقع استخدامها. استحوذ محمد بن نايف على عشرات الملايين من الدولارات مباشرة من سكاب، ولكن في بعض الظروف دفعها لشركات مختلفة تعمل في وزارة الداخلية، وذلك وفقًا لمعلومات المؤسسات المالية والأفراد المطلعين على التحقيق السعودي. وتذكر إحدى الحكومات الأمريكية أنها تساءلت ذات مرة عن سبب وصول أموال عقد مبرم مع الوزارة على الفور من الحساب الخاص للأمير.
وفقا للمعاملات الورقية للمؤسسات المالية والأشخاص المطلعين على التحقيق الجاري في المملكة العربية السعودية، حصل الجابري على حوالي 250 مليون دولار من شركة سكاب وشركات مختلفة ممولة من قبل وزارة الداخلية. يعتقد المحققون السعوديون أن الجابري وشقيقه وابني أخيه واثنين من زملائه حصلوا على أكثر من مليار دولار من الأموال المباشرة. بالإضافة إلى ذلك، حقق المحققون في مليارات{الدولارات}الناشئة عن تدفقات نقدية غير مباشرة ومختلفة والعقود التي يُزعم أنها مبطنة. إن ابنه وابنته محتجزان في المملكة العربية السعودية بعيدا عن الجابري ولم يكن بالإمكان التوصل إليهما من أجل الإدلاء بتصريحات.
ذكر الضباط الأمريكيون أن الجابري كان منخرطا في عمليات سرية لمكافحة الإرهاب، والتي تكتسي أهمية عالمية
في سنة 2017، أزاح بن سلمان محمد بن نايف عن ولاية العهد، وفكك نظام الرعاية وقضى على منافسيه. والجدير بالذكر أن الجابري طُرد قبل عدة أشهر من ذلك بشكل رسمي بسبب اجتماع غير مصرح به مع رئيس وكالة المخابرات المركزية آنذاك، جون برينان، الذي أشار في مقابلة صحفية إلى هذه الحادثة باعتبار أن الأساس المنطقي وراءها “مجرد حجة”. وأضاف برينان أن الأمير محمد لاحق الجابري نتيجة “اعتقاده أن سعد يمثل شخص لن يتمكن من التحكم فيه”.
نقلت ملكية شركة “نو هاو مانجمنت” إلى الحكومة الفيدرالية، ووجد المحققون السعوديون أن وزارة الداخلية دفعت للشركة أكثر من 11 ألف دولار للقطعة مقابل ألفي هاتف أرضي آمن وهواتف محمولة يكلف صنعها 500 دولار فقط، وذلك وفقًا للأشخاص المطلعين على التحقيق. وذكر المصدر نفسه أنه وقع التخلص من الأجهزة في وقت لاحق نتيجة لعدم عملها بشكل فعال. بالإضافة إلى ذلك، وجدوا أن مساعدي الجابري أنشأوا معاملات ورقية تفيد بأن الشركة مدينة لهم بقروض بقيمة 30 مليون دولار، على حد قول أحدهم.
صرح غوتادورو بأن الحكومة الفيدرالية توقفت عن الدفع لشركته “ديجيتال سيغنال”، وأنه غادر البلاد على الرغم من ذلك مدينًا بعشرات الملايين من الدولارات. وقع الاستحواذ على “ديجيتال سيغنال” في ما بعد. ويدير غوتادورو الآن مزرعة في نيوهامبشير.
ذكر الضباط الأمريكيون أن الجابري كان منخرطا في عمليات سرية لمكافحة الإرهاب، والتي تكتسي أهمية عالمية. ذكر الضباط الأمريكيون السابقون أن الجابري أحبط مؤامرة لتفجير طائرات بقنابل مخبأة في خراطيش الطابعات في سنة 2010، كما أنه أعد مخبرين ساعدوا في وقف الهجمات الإرهابية على أهداف غربية، وقاد برنامجًا تجريبيًا لإعادة تأهيل المتطرفين الإسلاميين، وساعد في إعادة المقاتلين السعوديين المشتبه بهم والمعتقلين في سجن الولايات المتحدة في خليج غوانتانامو إلى أوطانهم.
التقى وزير الخارجية مايك بومبيو مع الأمير محمد بن سلمان في السنة الفارطة في جدة في المملكة العربية السعودية.
رفض نجل الجابري، الدكتور خالد، الرد على أسئلة معينة بشأن أموال أسرته، وذكر أن الأموال التي تدعي السلطات السعودية أنها استُخدمت للفساد كانت توظف في العمل السري لمكافحة الإرهاب نيابة عن السلطات السعودية. كما صرح ضباط استخبارات أمريكيون سابقون بأنه من المعقول أن يكون جزء من النقود قد استخدم بهذه الطريقة.
لم يوافق مسؤول في السلطات السعودية على هذا التصريح، وقال إنه من غير المنطقي أن يُدفع مقابل العمليات السرية عن طريق الحسابات التي يملكها الجابري أو أسرته أو شركائه. هذا بالإضافة إلى أن الكثير من العمل الذي أنجزته شركة “نو هاو ماناجمنت” لم يكن سريًا أيضًا – فقد وقع تقديم بعض مهامها التي استخدمت فيها الدراية العملية من الشركات الغربية عن طريق التقارير الصحفية.
في سنة 2013، اشترت الشركات التابعة للجابري والدكتور الجابري شقة بنتهاوس في بوسطن مقابل 3.5 مليون دولار، و4 نماذج مختلفة من نفس الثقة بقيمة تتراوح ما بين 670 ألف دولار وما يزيد عن مليون دولار، حسب معلومات الدولة وملفات الشركة. في سنة 2017، اشترت منظمة أسسها الجابري وابنه وأدارها ابنه شقة بقيمة 4.3 ملايين دولار في فندق ماندارين أورينتال في بوسطن، وذلك وفقا لمعلومات من الدولة. في هذه السنة، أنفقت الشركة 13.75 مليون دولار على شقق داخل فنادق فور سيزونز بوسطن.
وذكر مستشار لأسرة الجابري أن الجابري حصل على مكافآت مالية مقابل خدمته من “الملوك المتتالين وأولياء العهد”. ووفقًا للأفراد القريبين منه، يمتلك الجابري أيضا عقارات في تورونتو، المكان الذي يقيم فيه حاليًا وفي تركيا. أجرى حليف سابق للجابري، والذي ترأس مجالس إدارة الشركات المرتبطة بوزارة الداخلية، زيارة للدكتور خالد في بوسطن ثم للجابري في تورونتو لحثه على الذهاب إلى تركيا ليكون أقرب إلى عائلته. وفقًا لشخص مطلع على طريقة تفكيرهما، شعر الجابري وابنه على خلفية ذلك بالرضا من أن الحليف السابق أجرى هذه الخطوة بناء على طلب من السلطات السعودية.
احتجزت الأخت والأخ في قصر مخصص لحجز كبار الشخصيات في الرياض. وصرح مسؤول أمريكي بأن واشنطن طرحت قضية الجابري على السلطات السعودية على نطاقات عليا
حسب الأشخاص القريبين من الجابري، بقي أبناء الجابري الأصغر، عمر وسارة، في السعودية عندما غادر والدهما المملكة بسبب انتظارهما تأشيرات الدراسة الأمريكية. حالما حصلوا عليها، أوقف وسطاء الأمن سارة في المطار، ومنع عمر من المغادرة فيما بعد. أعطاهم جدول أعمال المحكمة الملكية مرتبا شهرياً لدفع فواتير مساكنهم نتيجة لتجميد حسابات والدهم داخل المملكة.
ذكر شخص مقرب من الجابري أن هذا الأخير طلب من الأمير محمد أن يسمح لأبنائه بالسفر، ولكن الأمير ذكر أنه يمكن حل المشكل إذا عاد الجابري إلى السعودية مرة أخرى. مكث الجابري في تورنتو، وفي سنة 2018 طلبت المملكة العربية السعودية من منظمة الشرطة الجنائية الدولية القبض عليه، ولكن ألغت الشرطة الدولية في وقت لاحق عملية البحث ووافقت على حجة الجابري بأنه معارض سياسي للأمير محمد.
في آذار/ مارس، قُبض على عمر وسارة بعد أيام من لقاء عمر بمسؤول استخبارات غربي سابق في الرياض. وذكر المحققون السعوديون أن عمر اعترف بأن المسؤول أطلعه على خطة لمساعدته وشقيقته على الفرار من البلد. في المقابل، اعترض فرد حضر على اللقاء على تصريحات المحققين وذكر أن الجاسوس السابق التقى بعمر لنقل هدية عيد ميلاد لسارة من والدها وأمها.
وفقًا لمسؤول سعودي، احتجزت الأخت والأخ في قصر مخصص لحجز كبار الشخصيات في الرياض. وصرح مسؤول أمريكي بأن واشنطن طرحت قضية الجابري على السلطات السعودية على “نطاقات عليا”. في هذا السياق، قال مدير وكالة المخابرات المركزية السابق برينان إنه إذا عاد الجابري إلى المملكة العربية السعودية، “أنا متأكد من أنه لن يُسمح له بأي حال من الأحوال بمغادرتها مرة أخرى”.
المصدر: وول ستريت جورنال