ترجمة وتحرير نون بوست
وفقًا للمسار الطبيعي للأشياء تبدأ رحلة نهر سيفرن البالغ طوله 220 ميلًا فوق جبال كامبريان وسط ويلز ويمر شمال شرق المنطقة الصناعية السابقة في قلب آيرونبريدج نزولًا بمنطقة غلوسترشير الريفية وقلعة بيركيلي لينتهي عند مصب سيفرن.
ومع ذلك ظهرت الكثير من الخطط لسرقة بعض مياهه ونقلها عبر منطقة كوستوولدز إلى نهر التيمز حيث يمكنها أن تتدفق شرقًا لتلبية احتياجات السكان المتزايدة والاحتياجات الصناعية في العاصمة والمناطق المحيطة بها.
يبدو أن نقل المياه بين المناطق سيصبح أمرًا شائعًا، حيث يبحث الخبراء عن طرق لتلبية الاحتياجات المتزايدة في الوقت الذي تتناقص فيه الإمدادات نتيجة تغير المناخ والحاجة إلى استعادة التنوع البيولوجي.
يعتقد الخبراء أن نسبة الطلب على المياه في إنجلترا قد تتجاوز المتاح بنحو 3.1 مليار لتر في اليوم بحلول عام 2050 وفقًا لمدى تغير المناخ ونمو السكان، هذه التحديات موجودة في جميع أنحاء العالم مع ارتفاع الطلب العالمي على المياه ليصل إلى 30% بحلول عام 2050، يعاني أكثر من 4 مليارات شخص بالفعل الآن من نقص المياه على الأقل شهر كل عام، ففي إفريقيا وحدها تعاني 13 دولة من نقص المياه الآن وقد يصل العدد إلى 23 دولة بحلول عام 2025.
يركز المستثمرون بشكل متزايد على الأنابيب والخزانات والآلات التي يمكنها تخزين وتنظيف وإعادة تدوير ونقل المياه ومنع التسريبات
أثار هذا النقص الحاد اهتمامًا متزايدًا بالمياه بين المستثمرين الذين يضخون الأموال في الأراضي والمعدات والخدمات للمساعدة في إدارة الإمدادات، تضاعفت الأموال التي تديرها المركبات العامة التي تركز على المياه في أمريكا وأوروبا فقط بنحو 10 مليارات دولار في الخمس سنوات الأخيرة، هذا الاهتمام يرفع الآمال بإصلاح مشكلات الإمداد، لكنه يثير تساؤلات عن مدى أخلاقية التربح من الموارد الطبيعية والسيطرة عليها.
يقول جاستن وينتر مدير المحفظة في مجموعة “Impax Asset Management” إحدى الشركات الممولة التي بدأت في التركيز على هذا القطاع منذ بدايات القرن الـ21: “الفرصة العالمية هائلة للغاية، فالطاقة المتجددة كانت منتشرة ولا تحظى بشعبية، لكن المياه أقل عرضة لمثل هذه الظاهرة”.
ساعد مايكل بيري مدير المحفظة الوقائية الذي تنبأ بانهيار الرهن العقاري عام 2008 على جذب الانتباه للمياه عندما تحدث عام 2010 عن اقتناص الأراضي الزراعية ذات إمدادات المياه الجيدة قائلًا إنها ستكون ذات قيمة عالية جدًا في المستقبل.
وبغض النظر عن حقوق المياه والأرض والمرافق، يركز المستثمرون بشكل متزايد على الأنابيب والخزانات والآلات التي يمكنها تخزين وتنظيف وإعادة تدوير ونقل المياه ومنع التسريبات.
لقد وجدوا سوقًا جاهزةً ليس فقط مع الحكومات بل مع الشركات الخاصة مثل شركات التعديات والمواد الكيميائية التي تحتاج بشكل متزايد إلى بناء مصانعها الخاصة لإعادة تدوير المياه ومعالجتها للحد من الاعتماد على إمدادات المياه التي يحتاجها السكان الذين يعيشون في المناطق المجاورة.
أطلق نيك وود المدير التنفيذي لشركة “Resonance Asset Management” عام 2015 صندوق “Resonance Industrial Water Infrastructure Fund” لتمويل مواقع معالجة المياه للعملاء ثم كسب دخلًا طويل المدى وفقًا لاتفاقيات الاستعانة بمصارد خارجية للإدارة.
يركز الصندوق على أوروبا وأستراليا والصين وجنوب شرق آسيا، ويحصل على دعم صندوقي معاشات للحكومة السويدية وصندوق معاشات شركة “BAE Systems” يقول وود: “ندرة المياه مشكلة حقيقية لكن من الممكن علاجها، إنها تحتاج فقط إلى رأس المال والتنظيم والطاقة”.
ويضيف “هناك الكثير من المياه حولنا لكنها فقط في الأماكن الخاطئة، أعتقد أن الإمدادات ستأتي من مستثمري البنية التحتية على المدى الطويل، فبإمكانهم رؤية الفرص وبعضهم ملتزم بالاستثمار بطرق تحقق منافع بيئية”.
ركزت شركة “Tortoise Capital Advisors” ومقرها كانساس التي تستثمر في مجال البنية التحتية على التوسع من الأنابيب التي تغذي عمليات الاستخراج المزدهرة في الولايات المتحدة إلى البنية التحتية للمياه والتكنولوجيا مثل شركة “Xylem” في نيويورك لتصفية المياه ومعالجتها والمعايرة الذكية.
سيكون هناك حاجة لاتخاذ خطوات أخرى لحل مشكلة إمدادات المياه مثل إنشاء محطات لتحلية المياه وتطبيق الزراعة المستدامة للحد من استهلاك المياه
يقول نيك هولمز مدير المحفظة لإستراتيجيات المياه المستدامة في شركة “Tortoise”: “إننا نعتقد أننا في نقطة محورية فيما يتعلق بالتكنولوجيا في مجال المياه، ومن المتوقع أن يؤدي فيروس كورونا إلى سرعة اعتماد التكنولوجيا مثل أجهزة الاستشعار والتحكم عن بعد في الأسواق المحلية والصناعية”.
يعتقد هولمز أن ذلك سيؤدي إلى مياه أرخص في نهاية الصنبور بدلًا من أن يكون مجرد طريقة أخرى لاستخراج النقود من المنازل، ويضيف: “إذا كان بإمكانك تحسين الكفاءة وزيادة الإمدادت، فيجب أن يعني ذلك سعرًا أفضل للمستهلك”.
في المملكة المتحدة قد يجد المستثمرون في النهاية أن الاستثمار المباشر في العدادات الذكية وغيرها من التقنيات مراهنة أكثر حكمة من المرافق التي تتعرض للضغط من هيئة تنظيم خدمات المياه “Ofwat”.
تساعد العدادات الذكية على تخفيض استهلاك المياه، وبغض النظر عن التسريبات والاستهلاك، سيكون هناك حاجة لاتخاذ خطوات أخرى لحل مشكلة إمدادات المياه مثل إنشاء محطات لتحلية المياه وتطبيق الزراعة المستدامة للحد من استهلاك المياه.
في إفريقيا تتجه الشركات إلى محاولة إدارة الموارد المائية بكفاءة مثل حصاد مياه الأمطار وصيانة طبقات المياه الجوفية واستخدام تكنولوجيا المعلومات في حساب البيانات لضمان استخدام المياه بشكل مستدام.
في الوقت نفسه لا بد من أن التأكد من أن هذه الحلول والطرق لا تضر بالبيئة حتى لا تتسبب في المزيد من نقص المياه وتصبح حرب المياه أقرب مما نتصور.
المصدر: تلغراف