ترجمة وتحرير نون بوست
كتب كامل أحمد وريبيكا راتكليف
يواجه مجموعة من اللاجئين الروهينجا الذين نجوا من رحلة غادرة في البحر عقوبة “الجَلد” و7 أشهر في السجن بعد إدانتهم بموجب قانون الهجرة في ماليزيا، وكان النشطاء قد حذروا من الارتفاع المرعب لكراهية الأجانب والمعاملة غير الإنسانية للاجئين.
أصيب اللاجئون والمهاجرون بالصدمة جراء مئات من حالات الاعتقال وارتفاع خطاب الكراهية الحاد الذي واجهوه في ماليزيا التي تُعرف بأنها بلد ترحيب خاصة للمسلمين رغم عدم توقيعها على اتفاقية اللاجئين عام 1951.
خلال الأشهر الأخيرة تعرضت ماليزيا لإدانة واسعة بسبب إبعادها للقوارب التي تحمل لاجئي الروهينجا الفارين من ظروف بائسة في مخيمات بنغلاديش، تم السماح لبعض القوارب بالرسو لكن مئات اللاجئين على سطحها أصبحوا رهن الاعتقال وفقًا لمنظمة العفو الدولية.
تعرضت مجموعة مكونة من 31 رجلًا أنزلوهم من سطح أحد القوارب في أبريل إلى الإدانة وفقًا لقانون الهجرة، وحُكم عليهم بسبعة أشهر في السجن، بينما حُكم على 20 شخصًا بثلاث جلدات، كما تواجه 9 نساء أيضًا عقوبة 7 أشهر في السجن، بينما تعرض 14 طفلًا للمحاكمة ويواجهون عقوبة السجن.
أدينت العقوبات التي أعلنت في شهر يونيو ووصفتها منظمة العفو الدولية بأنها “قاسية وغير إنسانية” ودعت إلى إلغاء القرار.
هناك قلق متزايد بشأن معاملة اللاجئين والمهاجرين في ماليزيا بعد وقوع مداهمات جماعية في شهر مايو، يقول أحد اليمنيين إنهم سُجنوا عدة أسابيع بعد أن أوقفهم شرطي الهجرة في الشارع، ورغم الإفراج عنهم لاحقًا لأنهم مسجلون في وكالة الأمم المتحدة للاجئين، فإنهم أصبحوا يخشون مغادرة المنزل.
لقد أصبحت احتمالية إرسالهم إلى مراكز الاحتجاز المشهورة بالعنف والمرض أكثر خطورة، فهناك 735 حالة إصابة بفيروس كورونا على الأقل في مراكز الاحتجاز تم تسجيلها في شهر يونيو وتمثل 10% من إجمالي الحالات في البلاد.
يقول اللاجئون وموظفو الإغاثة إن أماكن الاحتجاز ضيقة للغاية وغير صحية كما أن الطعام محدود بها، يقول اللاجئ اليمني: “لقد كان موقفًا مروعًا بسبب المعاملة التي تعرضنا لها، لقد وضعونا في السجن، كان المكان صغيرًا لكنه يضم الكثير من الناس من بينهم العديد من المرضى، كما لو أننا حيوانات، هناك أيضًا العديد من حالات الإصابة بفيروس كورونا ويجلس المرضى بجوار الأصحاء في نفس المكان دون الفصل بينهم”.
يجلس عشرات آلاف اللاجئين بشكل غير رسمي بعد أن وصلوا بالقوارب وهم معتقدون أن ماليزيا ستقدم لهم الأمان وحرية العمل
يقول لاجئ يمني آخر: “لقد وضعوني في زنزانة 3 أيام دون طعام أو شراب أو حتى مرحاض، ثم نقلوني بعدها إلى زنزانة في سجن كبير تضم نحو 200 شخص، في أثناء وجودنا في السجن قاموا بنقلي مع آخرين ونحن في الأصفاد إلى مكان ما حيث بدأوا في ضربنا، ضربنا 4 حراس ثم أطلقوا سراحنا، لقد كان الضرب وفيروس كورونا مؤلمين للغاية”.
ينفي المسؤولون في ماليزيا سوء المعاملة في مراكز الاحتجاز، وقال المدير العام للصحة الدكتور نور هشام عبد الله إن حالات فيروس كورونا الإيجابية في مراكز الاحتجاز يتم عزلها في المستشفيات كما يتم عزل المخالطين للمرضى في مرافق مخصصة لذلك.
جاءت المداهمات في شهر مايو بعد موجة من كراهية الأجانب إثر انتقاد ماليزيا بسبب إرسالها قوارب تحمل مئات من لاجئي الروهينجا إلى البحر مرة أخرى، تعرض أكثر من 600 مهاجر غير مسجل للاعتقال، وتم انتقاد السلطات بسبب القبض على السكان وإجبارهم على الجلوس على الأرض دون تباعد اجتماعي.
قال أحد المدافعين عن اللاجئين الذي ساعد المعتقلين للحصول على دعم قانوني إن الضحايا الذين تحدث عنهم من بينهم أشخاص حاملين لبطاقة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وكانوا قد تعرضوا للقبض العشوائي من الشرطة للأجانب، لكن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قالت إن بعضهم تعرض للقبض عليه بالفعل لكن أفُرج عنهم لاحقًا.
لا تمنح ماليزيا صفة لاجئ بشكل رسمي لكنها تستضيف أكثر من 170 ألف شخص مسجلين في وكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين معظمهم من مسلمي ميانمار، بينما يجلس عشرات الآلاف بشكل غير رسمي بعد أن وصلوا بالقوارب، معتقدين أن ماليزيا ستقدم لهم الأمان وحرية العمل، كما وصل مؤخرًا سوريون ويمنيون، حيث كانت ماليزيا من الدول القليلة التي قدمت لهم تأشيرة سياحة مؤقتة.
بدأت موجة ثانية من هجمات كراهية الأجانب هذا الشهر بالتزامن من بث وثائقي قناة “الجزيرة” الذي وصفته الحكومة بـ”أخبار زائفة”، ويتم التحقيق الآن مع 6 صحفيين عملوا في هذا البرنامج بتهمة التحريض على الفتنة.
هددت ماليزيا بمعاقبة الأجانب المتهمين بكتابة تعليقات تهدف إلى تشويه صورتها، كما جردت أحد ضيوف قناة الجزيرة من تأشيرة العمل التي يملكها وحققت مع الناشطين بشأن منشوراتهم على فيسبوك.
أعلنت الحكومة أن الأجانب سيعاقبون بعدم دخول المساجد عند إعادة فتحها، يقول جون كوينلي المتخصص في حقوق الإنسان في مؤسسة “Fortify Rights”: “تقمع الحكومة المهاجرين واللاجئين بدلًا من دعم حق الصحة للجميع خلال أزمة كورونا، يجب أن تنتهي بيئة الخوف والتهديد الموجهة ضد اللاجئين والمهاجرين”.
هناك لوائح جديدة كل يوم وخطاب جديد موجه ضد اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين
تقول شخصيات بارزة من اللاجئين والمدافعين عنهم إنهم تعرضوا للتهديد على وسائل التواصل الاجتماعي ويعتقدون أن هذه الهجمات منسقة لأنها تستخدم لغة متشابهة للغاية، حتى إن أحد المهاجرين غير رقم هاتفه وانتقل إلى منطقة ريفية بعض تلقيه رسائل تهديد.
يقول نور – أحد النشطاء الماليزيين الذي غيرنا اسمه – إن مجموعته تقدم الطعام للعائلات التي تعاني بسبب الإغلاق، لكنه يخشى العودة إلى العمل الآن خوفًا من الاعتقال، ويضيف نور: “ما زلنا نرى الكثير من الأشخاص الذين يعانون بسبب اللوائح التي وضعتها الحكومة مؤخرًا، حيث إنها تخبر أصحاب المنازل بعدم إمكانية التأجير للمهاجرين واللاجئين، هناك لوائح جديدة كل يوم وخطاب جديد موجه ضد اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين”.
يقول أحد لاجئي الروهينجا في رسالة أرسلها من المدرسة الدينية المحلية أن طفله لم يعد مسموحًا له بالعودة إلى المدرسة رغم أن دفع رسومها، لا تسمح الحكومة لأطفال اللاجئين بدخول المدارس الرسمية لذا فهم يعتمدون على المدارس الدينية.
تقول مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إنها لم تتمكن من الوصول إلى مراكز الاحتجاز الماليزية منذ أغسطس الماضي، وقالت الوكالة في رسالة لها: “لقد مُنعت المفوضية من رؤية الأشخاص المحتجزين من أجل تحديد من يحتاجون لحماية دولية والدعوة إلى إطلاق سراحهم، ومع تصاعد الهجمات مؤخرًا أصبح قلقنا متزايدًا، نحن ندرك أن هناك الكثير من الأشخاص المعنيين قيد الاعتقال، بما في ذلك أشخاص ضعفاء يحتاجون لاهتمامنا”.
المصدر: الغارديان