ترجمة وتحرير نون بوست
إن إعلان حكومة المملكة المتحدة استئناف ترخيص صادرات الأسلحة للسعودية وحلفائها يثبت أنه سيكون المسمار الأخير في نعش آلاف اليمنيين بينما تدخل الحرب عامها السادس في البلاد.
إن إعلان احتمالية انتهاك التحالف السعودي للقانون الإنساني الدولي مرتبط فقط بـ”حوادث منفصلة” مثلما أعلنت ليز تراس وزيرة التجارة الدولية لتكون مقتنعة بأن السعودية لديها نية وقدرة صادقة على الامتثال للقانون الدولي مما يعني عدم وجود خطر واضح من إساءة استخدام هذه الأسلحة.
كيف توصلت الحكومة لهذا الاستنتج في ظل الهجمات المستمرة على أهداف مدنية والبنية التحتية في الحرب؟
في يونيو العام الماضي وجدت محكمة الاستئناف أن رخصة صادرات الأسلحة الحكومية غير قانونية، حيث فشلت في تقييم إذا ما ارتكب التحالف السعودي انتهاكات ضد القانون الإنساني الدولي في اليمن، أمرت المحكمة الحكومة بإعادة اتخاذ قرارها بشكل قانوني هذه المرة.
بعد عام من الصمت إزاء القضية، أعلنت الحكومة أن منهجيتها المنقحة الآن تأخذ في حسبانها الادعاءات السابقة بالانتهاكات وتعامل جميع الانتهاكات المحتملة على أنها انتهاكات حقيقية بغرض التقييم.
لقد أسست الحكومة موقفًا يسمح لها بتسهيل صادرات الأسلحة المستمرة وادعاء الامتثال للقانون الدولي
الأمر حتى الآن جيد جدًا: فسياسة المملكة المتحدة تقوم على خطر إساءة استخدام الأسلحة، والتحليل المستند إلى الخطر من المفترض أن يكون وقائيًا، لذا فالموقف الذي يتعامل مع الانتهاكات المحتملة على أنها انتهاكات فعلية يعد بداية جيدة.
ومع ذلك انخرطت الحكومة في خطوتين من المناورة القانونية والسياسية لتصل إلى استنتاج بأنه لا يوجد نمط للمخاطر المحتملة وبالتالي لا توجد مخاطر واضحة مما يعني إمكانية استئناف رخصة الأسلحة.
أولًا؛ ليس واضحًا كيف توصلت الحكومة من نقطة بداية تقول بمعاملة الانتهكات المحتملة على أنها انتهاكات لتصل إلى استنتاج يقول إن هناك عددًا صغيرًا فقط من الانتهاكات المحتملة.
ما الانتهاكات المحتملة؟
في يوم 4 من يوليو 2020 قالت وزارة الدفاع إنها تملك تفاصيل لأكثر من 500 حالة مزعومة بانتهاكات وخرق للقانون الإنساني الدولي في اليمن، إذا كانت وزارة الدفاع على علم بأكثر من 500 انتهاك مزعوم، والحكومة تعامل كل الانتهاكات المحتملة على أنها انتهاكات فعلية، فهذا يعني غالبية هذه الحالات المزعومة لم يتم تقييمها كانتهاك محتمل.
لقد جرى العمل التعريفي المهم بتضييق فئة ما يشكل “انتهاكًا محتملًا” ووضع مسافة بين الادعاءات التي تم تقييمها على أنها حدثت غالبًا وتلك التي تم تقييمها كانتهاك محتمل، إذا كان ذلك يبدو أنه تلاعب متحذلق بالكلمات فلأنه كذلك بالفعل، رغم أن هذا التلاعب بالكلمات له عواقب مميتة على الشعب اليمني.
لقد أسست الحكومة موقفًا يسمح لها بتسهيل صادرات الأسلحة المستمرة وادعاء الامتثال للقانون الدولي، ثانيًا؛ لا يبدو واضحًا كيف توصلت الحكومة إلى النتيجة التي تقول إن هذه الانتهاكات المحتملة تشكل “حوادث منفصلة”.
لقد طلبت محكمة الاستئناف من الحكومة أن تقيم إذا كانت الحوادث السابقة جزءًا من نمط، توصلت الحكومة إلى أن هذه الحوادث منفصلة على أساس أن الانتهاكات المحتملة حدثت في أوقات مختلفة في ظروف مختلفة لأسباب مختلفة.
لكن المرء يستطيع بسهولة وبشكل مقنع أكثر أن يستنتج أن هذا دليلًا على هجمات واسعة النطاق وومنهجة على فترة زمنية طويلة.
أدلة كثيرة
هناك الكثير من الأدلة في المجال العام التي تشير إلى هجمات مستمرة واسعة النطاق ضد أهداف مدنية وبنية تحتية، أحدث التقارير هو ثمار جهد تعاوني بين منظمة مواطنة لحقوق الإنسان – منظمة يمنية – وشبكة الإجراءات القانونية العالمية بهدف منح الحكومة كل ما تحتاجه لتقييم مخاطر الانتهاكات المستقبلية بدقة.
ومع ذلك فشلت الحكومة بشكل روتيني في الانخراط في أي طريق جاد مع الأدلة التي قدمها العاملون في المجتمع المدني، هناك تحديات لتحديد الأنماط واتخاذ القرارات بشأن إذا ما كانت الهجمات ممنهجة أو حدثت بالصدفة، وكان من الممكن أن تقدم المنظمات التي تعمل في مجال إيذاء المدنيين دروسًا لتحديد الأنماط إذا كانت الحكومة مهتمة حقًا.
لكن الفكرة أن الحكومة لا ترغب في العثور على نمط، لأن ذلك يعني أنها ستضطر لتعليق مبيعات الأسلحة، لذا بدلًا من ذلك أعلنت أنهم مقتنعون بأنه لا يوجد خطر واضح من تصدير الأسلحة والمعدات الحربية إلى السعودية واحتمالية استخدامها في مهام تنتهك القانون الإنساني الدولي بشكل خطير.
ثم أصدرت الحكومة بيانًا بشأن استئناف الترخيص الذي ينتهك الالتزام بإجراء تقييم كل حالة على حدة لإصدار الترخيص، هذه المكائد تتضاعف بسبب الاعتماد المستمر على السرية، يبدو أن وزارة الخارجية اعتبرت أن كل هذه المعلومات حساسة وسرية بالضرورة، هذه الطريقة قديمة وتعمل كأساس في دفاع الحكومة فيما يتعلق بالإجراءات القانونية.
تبرئة المملكة العربية السعودية
إذا لم يكن الأمر مقنعًا قبل ذلك ولا مقنعًا الآن، إن سياسة الحكومة تقوم على تقييم المخاطر مما يعني أنه من المفترض أن تكون وقائية، لذا إذا كان هناك دليل يشير إلى انتهاك محتمل فمن المفترض النظر إليه بطريقة وقائية.
هناك دائمًا فجوة واضحة بين موقف الحكومة المعلن للعامة وممارسة التراخيص الفعلية
لكن الحكومة رفضت الانخراط في مجموعة واسعة من الادعاءات الموثوقة – ناهيك بدحضها – في المجال العام التي تشير إلى انتهاكات للقانون الدولي، وبدلًا من ذلك اعتمدت على معلومات سرية لا يمكن للعامة أن يتعاملوا معها.
والآن ترفض الحكومة نشر هذه المعلومات التي استندت إليها في منهجيتها المنقحة، مشيرة إلى أنها نشرت معايير اتخاذ القرار والقوائم الفصلية للتراخيص الممنوحة.
ومع ذلك فالمفقود هو أي تفسير حقيقي لأسباب اتخاذ القرارات: هناك دائمًا فجوة واضحة بين موقف الحكومة المعلن للعامة وممارسة التراخيص الفعلية، وهي فجوة لم يعالجها تكرار الأسهم الذي تعد فيه المملكة المتحدة واحدة من أقوى أنظمة التحكم في العالم.
وبينما توفر القوائم الفصلية بيانات للتراخيص الممنوحة، إلا أن الرموز لا تتفق مع تلك التي تستخدمها دائرة الإيرادات والهجرة في التقارير المتعلقة بشأن التسليمات الفعلية، وهي تقارير تغطي جزءًا فرعيًا فقط من صادرات الأسلحة.
هذا الأمر يجعل من المستحيل معرفة ما تم نقله بالفعل خاصة في حالة ما يسمى بالتراخيص المفتوحة التي تسمح بتكرار النقل إلى عدة جهات.
إن إعلان الحكومة يعني أن تراخيص الأسلحة للتحالف بقيادة السعودية يمكن استعادته وتتلاشى بذلك القضية القانونية، لا شك في أن الحكومة ستستخدم الطابع الظاهري للموافقة القانونية لمواصلة تبرئة سمعة السعودية ومحاولة تجنب الانتقاد المستمر.
أعلنت الحكومة مؤخرًا إعادة تأسيس لجان مراقبة صادرات السلاح، برئاسة النائب مارك غارنير، دور هذه اللجان فحص سياسة الحكومة وممارساتها، لكنهم لم ينشروا أي تقرير خلال العامين الماضيين، ومع دمج وزارة التنمية الدولية في وزارة الخارجية والكومنولث، ستقل احتمالية سماع أصوات الجهات الفاعلة في التنمية، سوف يتناسب هذا العمل مع أعضاء اللجنة الجديدة.
المصدر: ميدل إيست آي