ترجمة وتحرير نون بوست
يعد السباق لإيجاد لقاح لوباء كورونا غير مسبوق، في الوقت الحالي هناك 198 لقاحا محتملا قيد التطوير. يحدث هذا التطور بشكل أسرع من أي وقت مضى في التاريخ. على سبيل المثال، أنهت شركة “مودرنا” لقاحها بعد أيام فقط من إصدار الباحثين الصينيين التسلسل الجيني للفيروس الجديد في كانون الثاني/ يناير. وبعد شهرين، تم حقن المتطوع الأول باللقاح. في الأسبوع الماضي، نشرت الشركة نتائج إيجابية للتجربة في المرحلة الأولى تظهر أن اللقاح يبدو آمنا ويولد استجابة مناعية. وبعد أيام، نشر باحثون في جامعة أكسفورد نتائج واعدة بالمثل.
إلا أنه حتى تكتمل التجارب الأكبر، لن يكون من الواضح ما إذا كان أي من اللقاحات يقي بالفعل من كوفيد-19 أو إلى متى ستستمر هذه الحماية. تاريخيا، فشلت معظم اللقاحات التي كانت قيد التطوير. وفي عالم ضخ المليارات لتطوير لقاحات ضد فيروس كورونا، ومع بدء المصانع العمل حتى قبل انتهاء التجارب، ماذا يعني إذا لم ينجح أي من هذه اللقاحات؟
في الواقع، لا يزال خطر الفشل واردا. وفي هذا الصدد، يقول رافائيل فيسيدي، عالم الفيروسات وأستاذ طب الأطفال والأورام في كلية الطب بجامعة جونز هوبكنز: “هذه بيانات مبكرة للغاية”. نحن نعلم أن اللقاحات التي تقدمت يمكن أن تؤدي إلى قيام الجسم بتوليد أجسام مضادة محايدة ضد الفيروس. لكننا لا نعرف حتى الآن ما إذا كانت هذه الأجسام المضادة ستمنع المرض، وما زالت هناك أسئلة أخرى كثيرة تطرح.
يضيف فيسيدي: “الأهم هو مدة الاستجابة، وهذه دائما مشكلة اللقاح: إلى متى ستستمر الاستجابة المطلوبة؟”. إن المناعة الطبيعية ضد الفيروسات التاجية الأخرى، مثل فيروس كورونا البشري أو سي 43، وهو أحد أسباب نزلات البرد، قصيرة العمر. علاوة على ذلك، إذا كان يجب إعطاء اللقاح بشكل متكرر، خاصة إذا كان أكثر من مرة واحدة في السنة، سيصبح من غير العملي استخدامه على نطاق واسع. (حتى لو كان اللقاح فعالا، فإن الجدل المتزايد ضد اللقاحات يمثل تحديا آخر؛ إذا رفض الكثير من الناس التطعيم، فلن نصل إلى تحقيق مناعة جماعية).
هناك أيضا خطر أن يتفاعل اللقاح بطرق غير متوقعة مع الفيروسات التاجية الأخرى
من جانب آخر، اختبرت التجارب الأولى للقاحات على عدد قليل من الناس. في الواقع، يقول سانجاي ميشرا، الباحث في مركز فاندربيلت للقاحات: “لا نعرف ما يحدث عند كبار السن. لقد رأينا مدى تأثير كوفيد – 19 وكيف يمس كبار السن بشكل أكبر”. وبالتالي، من المحتمل أن يكون لدى كبار السن استجابة أضعف للقاح. قد تكون هناك أيضا تحديات أخرى تظهر مع مرور الوقت. بعض اللقاحات الفاشلة للأمراض الأخرى كان لها تأثير “تعزيز المرض”، مما يعني أنها تجعل الجهاز المناعي أكثر عرضة للإصابة بالمرض.
من جهته، يقول فيسيدي إن هناك أيضا خطر أن يتفاعل اللقاح بطرق غير متوقعة مع الفيروسات التاجية الأخرى، مثل نزلات البرد أو السارس أو متلازمة الشرق الأوسط التنفسية. إذا كان اللقاح يساعد على الوقاية من كوفيد -19، من الممكن أن يفاقم فيروسا آخر، وبالتالي من الواضح أن ذلك سيكون مشكلة. ويجادل فيسيدي في أن عملية الاختبار قد تحتاج إلى أن تستمر لفترة أطول من الجداول الزمنية الطموحة الحالية.
قالت أكسفورد، التي دخلت في شراكة مع أسترا زينيكا، إن الجرعات الأولية من لقاحها يمكن أن تكون جاهزة في وقت مبكر من أيلول/ سبتمبر. لكن التجارب قد تستغرق وقتا أطول من المتوقع. التحدي الآخر هو أنه يجب أن يتعرض عدد كافي من الأشخاص في التجربة للفيروس لتحديد فرق واضح بين الدواء الوهمي واللقاح، بينما يقع تحدير المتطوعين من ضرورة ألا يعرض أحدهم نفسه عن علم للفيروس. في هذه الأثناء، أو إذا لم تكن اللقاحات فعالة بما يكفي في التحليل النهائي، سيتعين على العالم اللجوء إلى طرق أخرى للتعامل مع المرض.
يجب أن نخطط للعيش مع هذا لمدة سنة أخرى، سنة ونصف على الأقل، حتى لو حصلنا على لقاح جيد. قد يكون اللقاح جيدا إلا أنه لن يكون أفضل لقاح
يقول جوناثان كويك، المدير الإداري لمبادرة الاستجابة للوباء والتأهب والوقاية الصحية في مؤسسة روكفلر: “إن الخطة ب لهذه الوضعية هي الخطة أ لليوم”. وهذا يعني وجوب اعتماد التوصيات المطلوبة مثل الابتعاد الاجتماعي وارتداء الأقنعة وتجنب الازدحام. وسيعني ذلك العمل على تطوير المزيد من العلاجات التي تساعد في التحكم في الأعراض ونشر المزيد من العلاجات التي يتم اختبارها الآن، من علاجات الأجسام المضادة في البلازما إلى عقاقير مثل ديكساميثازون، والتي يمكن أن تساعد بعض المرضى الأكثر خطورة، وبالتالي، مساعدة المستشفيات المكتظة على تطوير القدرة مساعدة المزيد من المرضى.
على سبيل المثال، إحدى السمات المميزة لكوفيد -19 مقارنة بالإنفلونزا هي أن كوفيد -19 هو المرض المعدي الوحيد الذي رأيناه تسبب في انهيار منظومة العناية الفائقة. وهذا يعني أيضا زيادة هائلة في الاختبارات ومتابعة مخالطي المرضى، وهو أمر آخر كان يمكن أن يساعد في منع الوفيات والدمار الاقتصادي إذا تم تبنيه في وقت مبكر من انتشار الوباء.
نشرت مؤسسة روكفلر مؤخرًا تقريرًا يتضمن توصيات لإجراء نظام الاختبار والتتبع. تتضمن هذه الخطة اختبارا أسرع، حتى يتمكن المرضى من الحصول على نتائج وخطة عمل واضحة أثناء وجودهم في عيادة الطبيب (في بعض الحالات، تتأخر النتائج لمدة تصل إلى أسبوعين، مما يجعلها غير مجدية لمنع انتشار الفيروس).
كما يتضمن أيضا بروتوكولات واضحة للفحص في المواقع عالية الخطورة مثل دور التمريض أو مصانع تعبئة اللحوم، والاستثمار في البحث والتطوير للاختبارات الجديدة، واتصالات أكثر وضوحا على الصعيد الوطني حول متى يحتاج الأشخاص إلى إجراء الاختبار.
كل هذه التوصيات يجب اتباعها حتى لو نجحت اللقاحات. يقول كويك: “يجب أن نخطط للعيش مع هذا لمدة سنة أخرى، سنة ونصف على الأقل، حتى لو حصلنا على لقاح جيد. قد يكون اللقاح جيدا إلا أنه لن يكون أفضل لقاح، ولكن يبقى توسع رقعة انتشار الفيروس مشكلة. في هذه المرحلة لن يختفي المرض تماما، ولكن يمكننا معالجة الوضع الخارج عن السيطرة الحالي. إنه بمثابة اندلاع حريق في الغابة ونحتاج إلى محاولة تطويق النيران”.
المصدر: فاست كومباني