عادة ما نعتبر مفهوم الإجهاد مرتبطًا بالسلبية، وهو تجربة غير مريحة نود التخلص منها في أقرب وقت ممكن للعودة إلى حالة الهدوء. ومع ذلك، يمكن أن نعتبر هذا المفهوم مجرد نظرة مبسطة لهذه المسألة. في الحقيقة، عادة ما يرتبط الشعور الإجهاد بأمر معيّن حدث معنا.
وللسائل أن يسأل: أين تكمن إيجابية الضغط بالضبط؟
الجوانب الإيجابية للإجهاد
توجيه الطاقة لتحقيق الأهداف
يعتمد الإجهاد على سلسلة من الآليات النفسية الحيوية التي تجعلنا أكثر نشاطا في ظروف معينة، وأكثر استعدادا للرد في أقرب وقت ممكن على ما يحدث حولنا. ولعل هذا السلوك يدل بوضوح على أننا نشعر بالتوتر. ويعود ذلك لأنه عندما نكون مرهقين، نشعر كما لو أننا لا نستطيع أن نرتاح بضمير مرتاح حتى نلبي حاجة أو نصل إلى تحقيق هدف، الأمر الذي يدفع الكثير من الناس إلى افتراض أن التوتر هو شيء سيء.
في المقابل، على الرغم من أن الضغط يمكن أن يصبح مفرطا في بعض المناسبات المحددة، أو يجعلنا نميل إلى تطوير عادات غير صحية مثل الإفراط في تناول الطعام والتدخين، إلا أنه في معظم الحالات يمكن لنا أن نستفيد من هذا الشعور. إذا تمكنا من إدارة هذا الدافع من العواطف والمشاعر بشكل صحيح، فسوف نتمكن من الاقتراب من تحقيق أهدافنا.
هنا تكمن الإمكانية الإيجابية للتوتر؛ حيث أن المشاعر المختلفة التي نشعر بها بسبب الإجهاد من أجل الرغبة في تحقيق سلسلة من الأهداف تحتل مساحة مهمة في وعينا، وهي فرصة حتى نحدد أولوياتها ليس فقط في تفكيرنا، ولكن أيضا في أفعالنا.
الضغط: مصدر فعال للحماس
في هذا الإطار، يعتبر الإجهاد بمثابة تذكير دائم بأن هناك عددا من المهام التي يتعين القيام بها؛ لهذا السبب وحده، يحمينا هذا الشعور بالفعل من عامل “النسيان”. سواء كان الأمر إيجابيا أو سلبيا، يجعلنا الإجهاد أمام تحدي ضرورة القيام بأمر ما، الأمر الذي يزيد بشكل كبير من فرص إنجاز المهمة كاملة.
يفتح الضغط أذهاننا لإمكانيات جديدة
في هذا الصدد، يجعلنا الإجهاد نفكر من خلال منظور مختلف عن ذلك الذي نتبناه في المواقف العادية. يلعب الشعور بالتوتر دورا هاما في جعلنا أكثر عرضة لتجربة أشياء جديدة إذا كان يعمل على الاستجابة لحاجتنا للقيام بعمل معين. لذلك، يساعدنا الإجهاد على القيام باكتشافات “عرضية” لم نكن لنتعرض لها في المواقف العادية.
حين يدار الشعور بالإجهاد بشكل جيد، نستطيع هيكلة مهامنا
في الحقيقة، يعتبر الاعتماد على جدول زمني لتنظيم أوقات المهام التي نريد القيام بها واحدة من أكثر الطرق الفعالة لإدارة الإجهاد. ولعل هذه الطريقة لا تعمل فقط على تخفيف هذا “التوتر”، ولكن أيضا تساعد على المضي قدما بكفاءة وإنتاجية.
عندما نشعر بالضغط، تزداد رغبتنا في تحمل مسؤولياتنا بدلا من تركها في أيدي الآخرين. هذه الحاجة للسيطرة لا يمكن أن تعطينا نتائج أفضل فحسب
في حين الإجهاد يمكن أن يقودنا أيضا إلى عدم الرغبة في بدء سلسلة المهام هذه، فإن أولئك الذين مروا بهذه المرحلة يعرفون أنها طريقة جيدة للتخفيف من الانزعاج. وبمجرد أن نصبح على دراية بهذه الاستراتيجية، فمن المحتمل أن نلجأ إليها عندما يعمل الإجهاد مرة أخرى كمحفز.
يساعدنا على اكتشاف الفرص
لا يعمل الإجهاد فقط على اكتشاف إشارات الخطر بسرعة؛ حيث يتيح لنا أيضا تحديد الفرص والمناسبات التي قد نتألم بسبب التخلي عنها لأنها يمكن أن تساعدنا على التحسن. بالإضافة إلى ذلك، فإن أولئك الذين يوجهون ضغوطهم بشكل جيد، يجعلون هذا الظرف بمثابة قناة للحظ الجيد، لأنهم لا يفقدون الفرصة لوضع أنفسهم في مكان موات أمام منعطفات الحظ التي تقدّمها الحياة.
يقودنا الإجهاد إلى تولي المسؤولية
عندما نشعر بالضغط، تزداد رغبتنا في تحمل مسؤولياتنا بدلا من تركها في أيدي الآخرين. هذه الحاجة للسيطرة لا يمكن أن تعطينا نتائج أفضل فحسب، بل هي أيضا بمثابة محرك لتحفيز تعلمنا الخاص، لأنها تعرضنا لتحديات جديدة.
أخيرًا، ومثلما رأينا، يمكن أن يكون الضغط مصدرًا للتحفيز الذي يقودنا إلى الخروج من منطقة الراحة والانخراط في المهام بطريقة أكثر إنتاجية. في الواقع، تتعلق هذه المهام أحيانا بالأنشطة التي لا نقوم بها عادة، لذلك علينا استخدام إمكاناتنا الإبداعية. ومع ذلك، من أجل الاستفادة من هذه القدرات الكامنة في النفس، يجب على المرء أن يعتاد على تبني عقلية بناءة عند التعامل مع الإجهاد، وهذا شيء لا يتحقق ببساطة عن طريق القراءة؛ وإنما من الضروري تغيير العادات وتطبيق استراتيجيات الإدارة العاطفية في حياتنا اليومية.
المصدر: بسيكولوخيا إي منتي