مع حلول الذكرى السنوية لتوقيع معاهدة لوزان بين حكومة أنقرة ودول الحلفاء، يتجدد النقاش، كل عام، عن كون المعاهدة نصرًا دبلوماسيًا لحكومة أنقرة أدى لتأسيس دولة جمهورية تركيا الحديثة أم هزيمة تسببت في انهيار الإمبراطورية العثمانية تمامًا وفقدان أراضٍ كثيرة من الدولةً، كما يتجدد النقاش عن علاقة المعاهدة بإلغاء الخلافة الإسلامية وإعلان تركيا دولة علمانية، إضافة إلى العديد من الادعاءات التي ظهرت في حقبة معينة وظلت تتردد حتى اليوم، كما تزداد حدة النقاش كلما اقتربت الذكرى المئوية لتوقيع المعاهدة.
وقعت معاهدة لوزان في 24 من يوليو/تموز 1923 بين حكومة أنقرة وكل من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا واليونان واليابان ورومانيا ومملكة الصرب والكروات والسلوفينيين، في مدينة لوزان السويسرية ويطلق عليها أحيانًا لوزان 2 للتفريق بينها وبين معاهدة أوتشي بين الدولة العثمانية وإيطاليا التي وقعت أيضًا في لوزان عام 1912.
تتألف معاهدة لوزان من 143 مادة تحدد شكل الحدود السياسية لتركيا مع دول الجوار وعلاقتها مع الدول التي كانت تابعة للإمبراطورية العثمانية، إضافة إلى عدة محاور أخرى منها الأقليات والمضائق والديون.
تعد لوزان الاتفاقية التي مهدت لقيام الجمهورية التركية والاعتراف بها دوليًا ورسم الحدود التركية المتعارف عليها حاليًّا – باستثناء ولاية هطاي – كما أدت لظهور الشرق الأوسط بحدوده السياسية المتعارف عليها اليوم.
يتطلب فهم معاهدة لوزان وتقييمها بشكل سليم إدراك الظروف المحيطة بالدولة خلال تلك الفترة بل والعودة بالتاريخ قليلًا إلى فترة توقيع معاهدة سيفر ومعرفة الفروق الجوهرية بين المعاهدتين.
عقب انتهاء الحرب العالمية عاقبت الدول المنتصرة الأطراف المهزومة كل على حدة بإجبارها على توقيع اتفاقيات ومعاهدات مجحفة بعد مؤتمر باريس للسلام الذي كان بمثابة “تقسيم للغنائم” بين الأطراف المنتصرة.
اتفاقيات تضمنت بنودًا مجحفة
– معاهدة فرساي: وقعت في 28 من يونيو/حزيران 1919 بين الحلفاء وألمانيا، وحملت ألمانيا المسؤولية عن الحرب وألزمتها بدفع مبالغ ضخمة تقدر بالمليارات كتعويضات، إضافة إلى تسريح معظم الجيش وإلغاء سلاح الجو وحظر امتلاك الدبابات، وفرض قيود على التسليح والتصنيع والتنازل عن بعض الأراضي والمستعمرات الألمانية في الخارج، كما مُنعت ألمانيا من تكوين تحالفات أو اتحادات مع دول أخرى في المستقبل.
– معاهدة نويي” وقعت عليها بلغاريا في 27 من نوفمبر/تشرين الثاني 1919وبموجبها فقدت مساحات شاسعة من أراضيها وألزمت بدفع تعويضات قدرها 445 مليون دولار وتحدد جيشها بعشرين ألف فرد فقط، وحرمت من منافذها على بحر إيجه.
– معاهدة سان جرمان: مع النمسا في 10 من سبتمبر/أيلول 1919 وبموجبها تقلصت أراضي الإمبراطورية النمساوية إلى الربع وتقلص عدد سكانها من 30 مليون إلى 6.5 مليون نسمة فقط وأُلزمت بالاعتراف بمسؤوليتها عن اندلاع الحرب وبالتالي دفع تعويضات مالية لمدة 30 سنة ومنعت من الاتحاد مع ألمانيا وتحدد جيشها بـ30 ألف فرد كحد أقصى.
– معاهدة تريانون: مع المجر في 4 من يونيو/حزيران 1920 وبموجبها فقدت المجر 75% من أراضيها لصالح الدول المجاورة وأصبحت دولة حبيسة بلا سواحل وتقلص عدد سكانها من 20 مليون إلى نحو 8 ملايين نسمة فقط وفرض عليها دفع تعويضات ضخمة وتقليص جيشها إلى 35 ألف جندي فقط.
معاهدة سيفر
كانت الدولة العثمانية الطرف الوحيد المنهزم الذي لم يوقع بعد على إحدى اتفاقيات الإذعان التي أُجبرت الدول المنهزمة في الحرب العالمية الأولى على توقيعها، وفي 10 من أغسطس/آب 1920 عقدت معاهدة سيفر أو معاهدة الصلح، في فرنسا وكانت مثل المعاهدات السابقة تحوي بنودًا مجحفة، منها:
– تنازل الدولة العثمانية عن جميع حقوقها السيادية في إزمير والمناطق المحيطة بها لصالح اليونان مع رفع العلم العثماني على قلعة واحدة خارج المدينة تعبيرًا عن التبعية الإسمية للمنطقة للدولة العثمانية.
– منح منطقة تراقيا لليونان والتخلي عن جزر الدوديكانز ورودوس و12 جزيرة أخرى لصالح إيطاليا.
– الاعتراف بدولة أرمينيا دولة مستقلة ذات سيادة والتعهد بقبول منحها مناطق بشرقي وشمال شرقي الأناضول حال تقرر ذلك.
– اعتراف الدولة بأحقية المناطق التي تقطنها غالبية كردية في الإدارة الذاتية وحقها في التقدم بعد سنة، بطلب لعصبة الأمم للحصول على الاستقلال التام.
– اعتبار المضائق مناطق دولية منزوعة السلاح تحت إشراف عصبة الأمم (الأمم المتحدة).
– الاعتراف بسوريا والعراق وفلسطين مناطق خاضعة للانتداب، ومنح أكراد الموصل حق الانضمام إلى منطقة كردستان حال حصلت على الاستقلال.
– تشكيل لجنة لبحث الامتيازات الممنوحة للدول الأجنبية مع توسيع نطاقها.
– الاعتراف باستقلال شبه الجزيرة العربية.
– التنازل عن أي حقوق سيادية في مصر والاعتراف بالحماية الإنجليزية عليها.
– التنازل عن أي حقوق سيادية للدولة على قبرص والدول العربية في شمال إفريقيا.
– إدارة الوضع المالي للدولة العثمانية من لجنة إنجليزية – فرنسية – إيطالية بالتعاون مع إدارة الديون العمومية بالدولة العثمانية.
– إعفاء الدولة العثمانية من تعويضات الحرب ومسح ديونها.
– إلغاء التجنيد الإجباري وتقييد الجيش العثماني بـ50 ألف و700 فرد كحد أقصى وتقييد القوات البحرية بـ13 قطعة على الأكثر وتسريح القوات الجوية.
– منح مناطق ماردين وأورفا وغازي عنتاب لسوريا تحت حماية فرنسا.
لم يقر مجلس المبعوثان في الدولة العثمانية المعاهدة وبالتالي لم تدخل أبدًا حيز التنفيذ كما رفضتها بشدة حكومة أنقرة التي واصلت الكفاح المسلح ضد القوات الأجنبية المحتلة ونجحت في طرد القوات الإيطالية واليونانية وإبرام اتفاقية لوقف الحرب مع القوات الفرنسية وأصبحت حكومة أنقرة في وضع أفضل يخولها الجلوس مرة أخرى إلى طاولة المفاوضات وتوج ذلك باتفاقية لوزان.
لوزان نصر أم هزيمة؟
لمعرفة ما إذا كانت لوزان تمثل نصرًا أم هزيمة يجب معرفة الفروق بينها وبين معاهدة سيفر ووضع البلاد قبلها وبعدها.
لعل من أهم الفروق بين معاهدتي سيفر ولوزان من ناحية الشكل أن معاهدة سيفر وقعت في أرض أحد الأطراف المنتصرة (فرنسا) وكانت بنودها معدة مسبقًا وأجبرت الدولة العثمانية المنهزمة في الحرب على التوقيع عليها دون أن يكون لها حق التفاوض أو الاعتراض على المواد المعدة مسبقًا، بينما وقعت لوزان في أرض محايدة وهي سويسرا التي لم تكن طرفًا في الحرب العالمية الأولى، كما أعدت الاتفاقية بعد فترة تفاوض طويلة بين الأطراف وشاركت حكومة أنقرة في المفاوضات بصفتها طرفًا منتصرًا في حرب الاستقلال ضد الدول المحتلة.
من الناحية القانونية لم يناقش مجلس المبعوثان بالدولة العثمانية الاتفاقية بينما ناقش البرلمان بحكومة أنقرة الاتفاقية بعد توقيعها وأقرها في 23 من أغسطس/آب 1923، وفي 1924 كانت كل برلمانات الدول الموقعة على الاتفاقية قد أقرتها ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ بالفعل.
ومن أهم الفروقات الجوهرية من ناحية المضمون بين المعاهدتين هي حدود البلاد وفقًا لكلتا المعاهدتين.
لم يكن هناك اختلاف بين المعاهدتين من حيث شرقي البحر المتوسط وشمال إفريقيا والدول العربية التي كانت تابعة للإمبراطورية العثمانية، إذ تخلت الدولة في كلتا المعاهدتين عن كل حقوقها السيادية في المناطق المذكورة وقبلت بالحماية الأجنبية سواء الفرنسية أم الإنجليزية أم الإيطالية في تلك المناطق، بمعنى أدق قبلت تركيا الأمر الواقع والوضع القائم في تلك المناطق إذ لم يكن لديها من القوة ما يمكنها من تغييره، إلا أن أبرز الاختلافات فيما يخص الحدود كانت كالتالي:
– منحت “سيفر” مناطق تراقيا وإيجه إلى اليونان بينما ألغيت هذه المواد في معاهدة لوزان.
– نصت معاهدة سيفر على تنازل الدولة العثمانية عن حقوقها السيادية في مدينة إزمير والمناطق المحيطة إلى اليونان وتشكيل مجلس محلي/برلمان للمدينة ومنحت هذا البرلمان الحق في التقدم بطلب إلى عصبة الأمم بعد خمس سنوات من توقيع المعاهدة، للانضمام بصورة نهائية إلى مملكة اليونان بعد إجراء استفتاء شعبي داخل المدينة، وألزمت الدولة العثمانية بالإقرار بقبولها بالنتيجة، بينما ألغيت هذه المواد في معاهدة لوزان وبقيت إزمير والمناطق المحيطة بها داخل حدود الدولة التركية.
ألغت معاهدة لوزان كل الامتيازات الأجنبية التي نصت عليها معاهدة سيفر والامتيازات الممنوحة للأقليات واعتبرتهم مواطنين أتراك لهم الحقوق كافة
– نصت سيفر على وقوع أراضِ كثيرة من تركيا الحاليّة داخل حدود الدولة السورية واستعيدت تلك الأراضي بمعاهدة لوزان، حيث تم الاعتراف بالحدود التي أقرتها اتفاقية أنقرة الموقعة في 20 من أكتوبر/تشرين الأول 1929 بين حكومة أنقرة وفرنسا.
– فيما يخص الحدود مع العراق لم يتم التوصل إلى حل بخصوص ولاية الموصل وكركوك وتم إرجاء حسم الخلاف بشأن هذه النقطة إلى حين إجراء مباحثات بين تركيا وبريطانيا بعد تسعة أشهر من توقيع المعاهدة.
– نصت معاهدة سيفر على اعتراف الدولة العثمانية بدولة أرمينيا المستقلة واللجوء إلى الرئيس الأمريكي للتحكيم فيما يخص رسم الحدود بين الدولتين في ولايات أرضروم وطرابزون وبتليس ووان شرقي وشمال شرقي الأناضول والتعهد مسبقًا بمنح بعض هذه المناطق أو كلها إلى دولة أرمينيا حال تقرر ذلك، بينما لم يتم التطرق إلى أرمينيا والأرمن مطلقًا في معاهدة لوزان وبالتالي تخلصت تركيا من ذلك التعهد.
– كما منحت المعاهدة المناطق التي تقطنها غالبية كردية جنوب شرقي الأناضول حق الإدارة الذاتية، وحق التقدم بطلب لعصبة الأمم، بعد مرور سنة للحصول على الاستقلال التام والانفصال عن تركيا، وألزمت تركيا بقبول قرار عصبة الأمم والتخلي عن كل حقوقها السيادية في المنطقة حال وافقت عصبة الأمم على حصول “كردستان” على الاستقلال، وأُلغيت هذه المادة أيضًا في معاهدة لوزان.
– ألغت معاهدة لوزان كل الامتيازات الأجنبية التي نصت عليها معاهدة سيفر والامتيازات الممنوحة للأقليات واعتبرتهم مواطنين أتراك لهم الحقوق كافة وعليهم نفس الواجبات.
– نصت معاهدة سيفر على تحديد قوة الجيش بـ50 ألف فرد على الأكثر إضافة إلى 700 جندي لحماية السلطان في إسطنبول، وألزمت الدولة بإلغاء القوات الجوية وتسريح جميع الطيارين ومنع تصنيع أي طائرات أو قطع غيار للطائرات داخل أراضي الدولة والسماح لطائرات دول الحلفاء بالطيران والهبوط داخل الأراضي العثمانية لحين جلاء قوات تلك الدول عن الأراضي العثمانية، في حين ألغت معاهدة لوزان كل تلك الشروط ورفعت القيود عن عدد عناصر الجيش ونظام التسليح.
– نصت كلا المعاهدتين على تدويل المضائق في تركيا مع وجود بعض الاختلافات الفنية من حيث الإشراف والمساحات المنزوعة السلاح على ضفتي المضائق، إلا أن مسألة المضائق قد تمت مناقشتها لاحقًا بالتفصيل من خلال اتفاقية مونترو عام 1936.
– نصت معاهدة سيفر على أن إسطنبول عاصمة الدولة، ويقيم بها السلطان إلا أنه يمكن تغيير ذلك إذا أخلت الدولة العثمانية ببنود الاتفاقية، بينما لم تتطرق معاهدة لوزان لذلك ولم توضع شروط بخصوص إسطنبول.
تاريخ انتهاء معاهدة لوزان وحق تركيا في التنقيب عن البترول
هناك ادعاءات يتجدد النقاش بشأنها كل عام مع حلول الذكرى السنوية للمعاهدة، ولعل أبرز هذه المزاعم:
– وجود بنود سرية للمعاهدة وقعت في اليوم التالي لتوقيع المعاهدة في لوزان، وأن المعاهدة تنتهي بعد مرور 100 سنة الأمر الذي يزيد من حدة النقاشات كلما اقتربت الذكرى السنوية المئة على توقيعها.
والحقيقة أنه لا توجد أي مواد في معاهدة لوزان تحدد فترة سريان المعاهدة أو تتحدث عن تاريخ انتهائها، كما أنه لا يمكن معرفة ما إذا كانت هناك بنود سرية بمعاهدة ما إلا إذا سرب أحد الأطراف الموقعة عليها تلك البنود أو تضمنت المعاهدة أو الاتفاقية مادة تنص على أن تبقى بعض البنود سرية لفترة محددة ثم يتم إعلان تلك المواد عقب انتهاء المدة. إضافة إلى أن كل من ادعوا وجود مواد وبروتوكولات سرية خاصة بمعاهدة لوزان لم يقدموا أي دليل على ادعاءاتهم.
– هناك ادعاءات متداولة تقول إن معاهدة لوزان تحظر على تركيا التنقيب في أراضيها أو مياهها الإقليمية عن النفط والغاز لمدة 100 عام وأن ذلك سبب عدم إعلان تركيا عن أي اكتشافات بترولية في ولاياتها الشرقية على وجه الخصوص رغم وجود البترول في مناطق قريبة منها في دول مجاورة.
ذكرنا آنفًا أنه لا يوجد تاريخ لانتهاء معاهدة لوزان، كما لا تتحدث أي من بنود المعاهدة عن حظر أنشطة التنقيب عن الغاز والنفط في الأراضي التركية. وعقب توقيع معاهدة لوزان بثلاث سنوات أصدرت تركيا القانون رقم 792 بتاريخ 24 من مارس/آذار 1926 وينص على أن حق التنقيب واستخراج البترول ومشتقاته يُمنح للحكومة فقط.
علاوة على أن تركيا تقوم بالتنقيب عن النفط بل واستخراجه بالفعل منذ عدة عقود وكان أول بئر بترول بدأ الإنتاج في تركيا هو بئر رامان-8 بولاية باطمان جنوب شرقي تركيا وبدأت أعمال الحفر به عام 1945 وبدأ الإنتاج الفعلي في مارس 1948.
– يدعي البعض أن المعاهدة نصت على إلغاء الخلافة الإسلامية وتحول تركيا إلى النظام العلماني، مستندين في ذلك إلى أن مصطفى كمال أتاتورك ألغى الخلافة بالفعل عام 1924، كما نص الدستور على علمانية الدولة، إضافة إلى أن البرلمان البريطاني لم يناقش المعاهدة ويقرها إلا في أغسطس/آب 1924.
عند التدقيق في بنود المعاهدة نجد أنها خلت تمامًا من أي عبارات تخص الخلافة الإسلامية أو نظام الحكم في تركيا الحديثة.
كما أن الظروف والأحداث التي شهدتها بريطانيا عقب توقيع المعاهدة توضح سبب تأخر البرلمان هناك في إقرارها، ففي الفترة التي أعقبت توقيع المعاهدة شهدت بريطانيا أزمات حكومية واقتصادية طاحنة ولم تكن أي من الحكومات تلتفت إلى المعاهدة حتى وصل رئيس حزب العمال رامسي ماكدونالد الحكم في فبراير/شباط 1924 ورأى أن على بريطانيا الالتفات مجددًا إلى القضايا الأوروبية وبدأ البرلمان في مناقشة المعاهدة في أبريل/نيسان وأقرها في 6 من أغسطس/آب من العام نفسه أي بعد خمسة أشهر من تاريخ إلغاء الخلافة.
هل يمكن تغيير بنود المعاهدة؟
وعن ما إذا كانت هناك احتمالية لإحداث تغيرات في بنود المعاهدة أكد الباحث الفرنسي ماتيو راي، الباحث المتخصص في تاريخ الشرق الأوسط بالمركز الفرنسي لجنوب إفريقيا – Ifas بجوهانسبورغ أنه من الصعب جدًا إحداث تغيرات في المعاهدات القديمة رغم تغير الظروف التاريخية والسياسية التي كانت قائمة حين توقيع المعاهدة.
وأضاف راي فيما يتعلق بمسألة الحدود التي ثبتتها المعاهدة، أنه لن يمكن – مستقبلًا – لتركيا أن تكتسب أراضي جديدة أو أن تخسر جزءًا من أراضيها الحاليّة، علاوة على أنها، أي تركيا، لن تسعى لذلك.
أما أحمد تكين عضو هيئة التدريس بقسم التاريخ جامعة إسطنبول فيرى أنه بالنظر إلى الظروف المحيطة بالدولة فترة توقيع المعاهدة يمكن بكل سهولة اعتبارها نصرًا للجمهورية التركية.
وأضاف أنه على مر التاريخ كانت الدول تتحارب وتنظم علاقاتها معًا من خلال الاتفاقيات والمعاهدات ولا توجد أي معاهدة ملزمة للأبد، إلا أن ذلك مرتبط بمدى قوة الطرف الراغب في نقض المعاهدة أو إحداث تغيير في بنودها.
ويقول تكين لديلي صباح العربية إن تركيا يمكنها المطالبة بإعادة النظر في بعض بنود المعاهدة حال امتلكت القوة اللازمة لذلك.
أما عمار السمر أستاذ التاريخ في جامعة دنيزلي فقال إنه إذا ما قيمنا معاهدة لوزان من زاوية الإمبراطورية العثمانية سنرى أن المعاهدة هي إحدى تبعات الهزيمة في الحرب العالمية الأولى وبالتالي لا يمكن تفسيرها على أنها نصرًا للدولة العثمانية وإن كانت بنودها أقل وطأة من معاهدة سيفر.
وأضاف أن شروط لوزان كانت أفضل من سيفر لأن حكومة أنقرة حسنت وضعها بالقوة على الأرض لذا كان بإمكانهم التفاوض في شروط أفضل، وأن البعض يعتبرها انتصارًا إذا قورنت بمعاهدة سيفر التي نصت على أن تتخلى الدولة عن بعض أراضيها في الأناضول لأرمينيا، وعلى منح إدارة ذاتية للمناطق الكردية.
وقال السمر إن الحلفاء لم يكونوا راضين تمامًا عن كل بنود المعاهدة إلا أن أي منهم لم يكن على استعداد لخوض الحرب مجددًا، ولذلك يمكن اعتبار المعاهدة نصرًا دبلوماسيًا لحكومة أنقرة التي تمكنت من انتزاع اعتراف بدولة جمهورية تركيا الحديثة من خلال تلك المعاهدة.