بعد أيام من خطاب عبد الملك الحوثي، زعيم جماعة “أنصار الله” ، الذي وصفه متابعون بأنه خطاب تهدئة، قرر الحوثيون المعتصمون في صنعاء أن يشعلوا المعركة في العاصمة، فقد تجددت الاشتباكات شمال غربي العاصمة اليمنية صنعاء أمس الجمعة بين الجيش اليمني ومقاتلي جماعة الحوثي، في حين ما تزال الشكوك تحوم حول التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بعد لقاء جمع المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بن عمر وزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.
وتجددت الاشتباكات قرب شارع الثلاثين والمناطق المحيطة به في صنعاء، وأفاد شهود بأن مئات السكان فروا من بيوتهم جراء القصف والاشتباكات.
ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن مسئولين محليين وسكان قولهم إن مسلحين من الحوثيين قصفوا مبنى التلفزيون الحكومي في صنعاء، مضيفة أن جنود الجيش يتخذون أوضاعًا دفاعية حول مؤسسات الدولة.
وحسب بعض السكان، امتدت الاشتباكات إلى محيط منزل الرئيس، عبد ربه منصور هادي، على الطرف الشمالي من شارع الستين، وهو أحد الطرق الرئيسية في العاصمة.
وفي غضون ذلك، فشل المبعوث الأممي إلى اليمن “جمال بنعمر” عصر أمس الجمعة في إقناع عبد الملك الحوثي بالتوقيع على اتفاقية السلام مع الحكومة اليمنية.
وكان مصدر مقرب من لجنة الوساطة قد صرح لوكالة الأنباء الألمانية أن الحوثي يرفض التوقيع على الاتفاق، ولكنه أوكل مدير مكتبه وعضو في المجلس السياسي لجماعة أنصار الله بالتوقيع على الاتفاق، وأضاف المصدر أن بنعمر قرر العودة إلى العاصمة صنعاء أمس الجمعة بعد مكوثه في محافظة صعدة منذ الأربعاء من أجل التفاوض مع زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.
ونشر الجيش دبابات حول منزل الرئيس هادي في شارع الستين، بينما بدأت تتشكل ما سميت “لجان مقاومة شعبية” من سكان الأحياء التي تشهد قصفًا لدعم الجيش وتفادي وقوع تلك الأحياء بيد الحوثيين.
وقال سكان إن مسلحين من الحوثيين استولوا على بعض نقاط الجيش ونقاط التفتيش الأمنية في شارع الستين وحي شملان دون أي مقاومة من جنود الجيش اليمني، وأوضحوا أن الحوثيين يقومون بدوريات في الشوارع وأنه لا توجد قوات للحكومة في أي مكان قريب.
من جهتها قالت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) إن الرئيس وصف الهجمات الأخيرة التي يشنها الحوثيون بأنها “إجراءات تصعيدية ومحاولات انقلاب للإطاحة بالدولة”.
وقال مصدر عسكري إن نحو 70 من مسلحي الحوثيين قد لقوا حتفهم في القتال خلال الليل، وقال مقيمون لرويترز إن عشرات الجثث ملقاة في الشمال والشمال الغربي من العاصمة حيث دارت الاشتباكات، كما قال سكان إن القتال يقترب من المسكن الخاص للرئيس، عبد ربه منصور هادي، على الطرف الشمالي من شارع الستين وهو أحد الطرق الرئيسية في العاصمة ويبدأ عند المطار في الشمال ويمتد على طول الطريق إلى القصر الرئاسي إلى الجنوب، حسبما نقلت وكالة رويترز للأنباء.
وفي السياق نفسه، يعتبر الكاتب والمحلل الاستراتيجي الدكتور “علي بن حسن التواتي” أن ما تفعله جماعة الحوثي منذ الاتفاق على الفدرالية في صنعاء هو رفض عملي لهذه الفدرالية، لأنها لا تعطي الحوثيين امتدادًا في الجوف وتهامة.
وأوضح أن الحوثيين يريدون منفذًا على البحر الأحمر والمناطق الصحراوية التي يتوقع أن تحتوي على كميات من النفط، فضلاً عن طموحات التوسع والتمدد بشكل أكبر، كما أنهم يريدون حجة وعمران والجوف لكي يقتربوا من المناطق التي يحصلون منها على الإمداد عن طريق بحر العرب، وفق تحليله.
ويتوقع التواتي أن تفشل المفاوضات بين الدولة اليمنية والحوثيين، وفي حال حدوث ذلك “فلن يصمد الحوثي في وجه الجيش اليمني والقبائل اليمنية المتحالفة، وستكون معركة أكبر من حدود اليمن وستكون لدول الخليج دور بها لأن تمدد الحوثي يهدد سلطنة عُمان والسعودية.
وإذ يشكّك كثيرون في قدرة الحوثيين على الحسم في صنعاء، يرجحون أن تواصل الجماعة التصعيد مستفيدة من تغيرات إقليمية يبدو أنها تصب في مصلحتها.
ويبدو من الممكن أن ينعكس التقارب الإيراني السعودي في سوريا على اليمن، إذ تقول مصادر استخباراتية إن السعودية، على الرغم من القلق الذي قد تشكله لها الجماعة لاحقًا، تدعم جماعة الحوثي للتخلص من الحكم الذي يشارك فيه الإسلاميون المقربون من الإخوان المسلمين، لصالح استعادة نفوذ حكم الديكتاتور علي عبد الله صالح.