صادق البرلمان الأوكراني والأوروبي على اتفاقية الشراكة بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي في جلستين متزامنتين عقدتا في الـ 16 من ديسمبر الجاري، انعقدتا في مدينتي كييف الأوكرانية وستراسبوغ الفرنسية.
جلسة الاقتراع في البرلمان الأوكراني حضرها كل من الرئيس “بوروشنكو”، ورئيس الوزراء “أرسيني ياتسينيوك”، ووزير الخارجية “بافل كليمكين”، وصوت جميع نواب البرلمان البالغ عددهم 355 لصالح الاتفاقية، دون أي صوت معارض.
أما البرلمان الأوروبي، فصوت 535 نائبًا بنعم لصالح الاتفاقية، في حين رفضها 127 نائبًا، وامتنع 35 آخرون عن التصويت، ونُقلت فعاليات التصويت في البرلمان الأوروبي على شاشات عملاقة في البرلمان الأوكراني.
واعتبر رئيس البرلمان الأوروبي “مارتن شولتز”، في كلمة ألقاها وتابعها البرلمان الأوكراني مباشرة، الاتفاقية “لحظة تاريخية”، مؤكدًا على استمرار الدعم الأوروبي لوحدة وسيادة أوكرانيا.
هذه الاتفاقية ذاتها كان من المفترض أن توقع في الـ 29 من نوفمبر الماضي بين الجانبين، إلا أن الرئيس الأوكراني آنذاك “فيكتور يانوكوفيتش” المدعوم من روسيا، تراجع عن توقيع اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي لصالح التقارب مع موسكو؛ وهو ما أدى إلى احتجاجات شعبية ضد “يانوكوفيتش” أسفرت عن عزله من قبل البرلمان في فبراير الماضي وتعيين رئيس مؤقت، حيث نشبت أزمة ما تزال البلاد تعاني من تداعياتها حتى اليوم.
وتنص اتفاقية الشراكة الأوروبية مع أوكرانيا على إقامة تعاون سياسي وثيق، وتحقيق اندماج اقتصادي بين الجانبين، وتتيح الفرصة لهما بالدخول إلى أسواق بعضهما البعض وإقامة تجارة حرة فيما بينهما.
ووقعت أوكرانيا الجانب السياسي من الاتفاقية في 21 مارس الماضي، في حين وقع “بوروشنكو” الجانب الاقتصادي منها في 27 حزيران الماضي، عقب انتخابه رئيسًا للبلاد.
من بعد ذلك، وافق مجلس الوزراء الأوكراني الأربعاء الماضي، الـ 17 من ديسمبر الجاري، على خطة زمنية تتعلق بتنفيذ “اتفاق الشراكة” الذي تمت المصادقة عليه من قبل البرلمانين الأوكراني والأوروبي.
وأوضح رئيس الوزراء الأوكراني “أرسين ياتسينيوك” في كلمة له في اجتماع لمجلس الوزراء أنهم حددوا فترة زمنية قصيرة حتى 2017 لتنفيذ الاتفاق، مؤكدًا على أهمية تكييف التشريعات الأوكرانية لتتوافق مع قواعد الاتحاد الأوروبي، مشيرًا إلى أهمية تحقيق السلام في البلاد، ومؤكدًا على ضرورة ألا يؤدي تطبيق “خطة السلام” إلى حدوث استرخاء لدى القوات المسلحة والأمنية، وموضحًا أن القوات المسلحة ينبغي أن تكون مستعدة في جميع الأوقات،
وأضاف ياتسينيوك: “إن الحرب مكلفة جدًا، وأن حياة الإنسان أغلى قيمة، لافتًا إلى “إن الحرب تكلفنا يوميًا 6 مليون دولار، لذلك السلام ضروري في أوكرانيا”.
وبخصوص الانتخابات المحلية بشرق البلاد، أعلن ياتسينيوك أن حكومته ستعترف بنتائج الانتخابات التي ستجري في حوض “دونباس” الذي يشمل أقاليم “دونيتسك” و”لوهانسك” بشرق البلاد، في حال لو تم إجراؤه وفقًا للمعايير والقوانين الدولية.
وكان البرلمان الأوكراني قد أقر في اقتراع سري بجلسة عقدها في الـ 16 من سبتمبر الجاري قانونًا ينص على عدم ملاحقة الانفصاليين ومعاقبتهم ومنح حكم ذاتيّ محدود لبعض المناطق في مقاطعتي “دونتسك” و”لوغانسك”، في حال تسليم الانفصاليين في الشرق أسلحتهم وإطلاق سراح الرهائن، إلا أنه وبالرغم من دعم الحكومة له، لاقى القانون اعتراضات من قوى سياسية في البلاد.
وقال “روسلان كوشولينسكي” نائب رئيس البرلمان الأوكراني وعضو “حزب اتحاد الحرية لكل الأوكرانيين” أن “هذه القوانين لا يمكن قبولها، في ظل وجود القوات الروسية على الأراضي الأوكرانية”، حيث أصدر الحزب بيانًا أوضح فيه أن نوابه في البرلمان لم يصوتوا لتلك القوانين.
وأفادت “يوليا تيموشينكو” زعيمة حزب الوطن، أن نواب حزبها في البرلمان لم يصوتوا للقانون الذي يمنح وضعًا خاصًا لبعض المدن الأوكرانية شرق البلاد، مشيرة إلى أن هذا القانون يعطي جزءًا من “حوض دونيتس” لروسيا، مؤكدة أنه مع بدء تطبيق الوضع الخاص هناك سيفرض الانفصاليون سيطرتهم على المنطقة، وبالتالي سيطرة الجيش الروسي عليها.
وأضافت تيموشينكو، أن إجراء انتخابات محلية في تلك المناطق، سيضفي الشرعية لسيطرة روسيا على حوض دونيتس، مؤكدة أن حزبها لم تصوت للقوانين التي وصفتها بالـ”مهينة”، والـ”محرجة”.
في الوقت ذاته أعلنت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، أنها افتتحت في العاصمة الأوكرانية كييف، مركزًا لمراقبة الانتخابات الرئاسية الأوكرانية المزمعة في 26 أكتوبر المقبل.
وقال بيان صادر عن المنظمة، إن مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان في المنظمة، افتتح المركز استجابة لدعوة وزارة الخارجية الأوكرانية، حيث ستتكون بعثة المراقبة التابعة للمنظمة من رئيس للبعثة، و16 خبيرًا و80 مراقبًا يعملون لفترة طويلة و600 مراقبًا للعمل لفترة مؤقتة.
وستتمثل مهمة المركز في مراقبة ما إذا كانت الانتخابات تجري وفق المعايير الدولية والقوانين الأوكرانية، وسيلتقي العاملون في المركز قبل الانتخابات بالمرشحيين الرئاسيين، وممثلي الأحزاب السياسية، وأعضاء الهيئة القضائية، وأعضاء منظمات المجتمع المدني، والإعلاميين.
وسيراقب أعضاء البعثة فتح صناديق الاقتراع بعد انتهاء التصويت، وعملية فرز الأصوات وحساب النتائج، وسيعلنون في اليوم التالي للانتخابات النتائج الأولية، وبعد شهرين تقريبًا تنشر منظمة الأمن والتعاون تقريرها النهائي الخاص بالانتخابات الرئاسية.