لم تعد سياسة الإمارات وأفعالها المشينة والهدامة غريبةً على شعوب الأمة العربية قاطبة، ولم يكن تطبيع علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي حادثًا مستبعدًا من محمد بن زايد الذي يعمل جاهدًا على العلن ضرب كل سير التحرر في المنطقة، والسنوات الماضية الأخيرة أبلغ دليل على طعناته بحق ثورات الربيع العربي، محاولًا وأد أي حركة تدعو للحرية أو الثورة ضد الطغيان وأشكاله.
ومع ذلك، لم يكتفِ ابن زايد ما فعله بالبلدان العربية، إذ أنه كان الداعم الأبرز للانقلاب الدموي في مصر، وساهم بقتل أهل اليمن ويجتهد بتمزيق وحدة التراب اليمني، عدا عن دعمه لبشار الأسد بمليارات الدولارات من أجل استمرار حربه ضد شعبه، إضافةً إلى تمويله ودعمه للانقلابي خليفة حفتر في معاركه ضد الشرعية في ليبيا، ولا يخفى على أحد عبثه بالسودان ودعمه للثورة المضادة على ديمقراطية تونس وتجربتها الناجحة.
كما حاول ابن زايد جاهدًا العمل على دعم الانقلاب في تركيا عام 2016، وهو الانقلاب الذي كانت لتباركه “إسرائبل” أيضًا لو أنه نجح، فالعمل الإماراتي الصهيوني متناسقٌ، وجهود الطرفين موحدة وفقًا للمصالح التي تصب في خانة البلدين المشتركة والمتشابهة.
وتبعًا لمخلفات ابن زايد في المنطقة، فإن إعلان التطبيع الإماراتي مع المحتل الإسرائيلي بشكل رسمي، ما هو إلا تتويج لمسيرة سنوات طويلة من العمل بين الجانبين على العديد من الملفات، ومحاولة إضافية من الجانبين على ضرب استقرار المنطقة والعبث بمقدراتها وخيراتها، وضرب آمال شعوبها.
ماذا حدث؟
اتفقت دولة الإمارات مع الاحتلال الإسرائيلي على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بينهما، وقد صدر بيان مشترك عن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد والرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وقال ابن زايد إن “الاتفاق تم في اتصال مع ترامب ونتنياهو على خارطة طريق لتعاون مشترك، من أجل إقامة العلاقات الثنائية المتفق عليها. وبموجب الاتفاق، سيتبادل البلدان السفراء والتعاون في مختلف المجالات، ومن بينها الأمن والتعليم والصحة”. في الوقت الذي اعتبرت فيه سفارة الإمارات بواشنطن أن هذا الاتفاق لتطبيع العلاقات بالكامل هو “انتصار للدبلوماسية والمنطقة”، وقال ترامب: “من المتوقع أن تتم مراسم توقيع الاتفاق في البيت الأبيض خلال أسابيع قليلة”.
تحاول الإمارات دغدغة مشاعر العرب والمسلمين لتجميل الاتفاق وهي منح المسلمين إمكانية أكبر للوصول إلى المسجد الأقصى في القدس القديمة، من خلال السماح برحلات طيران مباشرة من أبو ظبي إلى تل أبيب
أشاد نتنياهو باتفاق تل أبيب مع أبو ظبي واصفًا إياه بـ”السلام التاريخي”، مشيرًا إلى أنه في الوقت ذاته “لم يشطب موضوع بسط السيادة على الضفة من جدول أعماله”. وقال إن “الزعماء العرب سيستفيدون من أي اتفاق سلام مع “إسرائيل” “، مضيفًا أنه “سيعمل على إبرام اتفاقات سلام مع دول عربية عدة دون الرجوع إلى حدود يونيو/حزيران 1967”. موضحًا أنهم والإمارات اتفقوا على “لقاءات قريبة لترتيب بنود الاتفاق”.
وتتمثل أبرز نقاط الاتفاق الإماراتي الصهيوني وفقًا لـ “الجزيرة”، بـ: تطبيع العلاقات الدبلوماسية بشكل كامل، وتبادل السفراء وإطلاق رحلات جوية مباشرة بين أبو ظبي وتل أبيب، إضافةً إلى نقطة تحاول الإمارات دغدغة مشاعر العرب والمسلمين لتجميل الاتفاق وهي منح المسلمين إمكانية أكبر للوصول إلى المسجد الأقصى في القدس القديمة، من خلال السماح برحلات طيران مباشرة من أبو ظبي إلى تل أبيب، كما سيتيح الاتفاق للإمارات الاستثمار المباشر في “إسرائيل” والذي لم ينقطع أصلًا. ينص الاتفاق أيضًا على توقيع اتفاقيات ثنائية تتعلق بقطاعات السياحة والأمن والاتصالات والتكنولوجيا. بالإضافة إلى الاستثمار في قطاعات الطاقة والمياه والرعاية الصحية والثقافة والبيئة.
هل الاتفاق وليد اللحظة؟
لا يمكن إحصاء العلامات التي تدل على أن الإمارات ومنذ سنواتٍ طويلة جاهزة لإقامة هذه العلاقات مع المحتل الإسرائيلي، إلا أنه في السنوات الـ 3 الأخيرة تسارعت الخطى في سبيل تحقيق هذا الاتفاق، وأصبحت نبرة الخطاب الرسمي الإماراتي مختلفةً تمامًا تجاه القضية الفلسطينية.
ففي عام 2014 غرد وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد على موقع تويتر مهاجمًا “إسرائيل”، وقائلًا ” “إسرائيل” تقتل الأطفال”، مع إضافة صور لضحايا فلسطينيين قتلوا نتيجة القصف الإسرائيلي، إلا أن عبد الله بن زايد هو نفسه من أعاد تغريد مقال غربي تحت عنوان “الفلسطينيون يخسرون في كل مرة يقولون فيها لا”.
Israel kills children
ישראל הורגת ילדים
اسرائيل تقتل الاطفال#ICC4Israel
ريتويت وانسخها وغرد بها من حسابك pic.twitter.com/Zq6kj6Hj5A— عبدالله بن زايد (@ABZayed) July 27, 2014
Islam’s reformation: an Arab-Israeli alliance is taking shape in the Middle East | The Spectator https://t.co/uzJNi6GUsa
— عبدالله بن زايد (@ABZayed) December 21, 2019
نشر موقع “ميدل إيست آي”، منذ أيام تقريرًا تحت عنوان “الإمارات و”إسرائيل” أكثر من علاقة مصلحة”، ويذكر التقرير أنه “فضلًا عن العلاقات الجيوستراتيجية والتجارية والأمنية المتينة، فإن التقارب بين أبو ظبي و”إسرائيل” مبني على توجهات إيديولوجية مشتركة”، ويذكر التقرير أن 3 آلاف يهودي يعيشون في أبو ظبي ودبي، والكثير منهم يحملون جنسيات مختلفة. وبعد التزايد المستمر في أعداد اليهود في أبو ظبي التي توفر لهم مناخًا مناسبًا، أنشأ اليهود في الإمارات حسابا رسميا على موقع التواصل الاجتماعي تويتر.
تكررت زيارات مسؤولي الاحتلال الرسمية إلى الإمارات في السنوات الماضية، حيث زار مسؤولون إسرائيليون بعض المعالم سياحية في الإمارات، ونشرت وزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية ميري ريغيف تسجيل فيديو تظهر فيه وهي تقوم بجولة في مسجد الشيخ زايد في العاصمة الإماراتية أبوظبي، وفي الفيديو تسير الوزيرة في باحة المسجد وفي داخله بينما يرافقها أشخاص إماراتيون.
أيضًا، عُزف النشيد الرسمي لدولة الاحتلال للمرة الأولى في مناسبة علنية خلال بطولة عالمية للجودو تقام في أبوظبي وشارك فيها لاعبون إسرائيليون، بالإضافة إلى أن وفدًا إسرائيليًا شارك في مؤتمر المندوبين المفوضين للاتحاد الدولي للاتصالات، وهذه الأحداث تعود إلى أوائل سنة 2018.
وفقًا لـ “فرانس برس“، قامت الإمارات مجتمعةً مع تل أبيب في عام 2009، في الضغط على واشنطن لاتخاذ موقف جريء ضد إيران، وتحاول أبو ظبي دائمًا تبرير علاقتها مع تل أبيب بحجة الضغط على إيران، وهي التي ما زال سياسيوها وقادتها على تواصل تام مع طهران، ومنذ أيام أجرى وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف لقاءًا عبر تقنية الفيديو كنفرنس، مع نظيره الإماراتي عبد الله بن زايد، وفي بيان صادر عن الخارجية الإيرانية، أشارت إلى أن الجانبين “بحثا العلاقات الثنائية بين طهران وأبو ظبي والمستجدات في المنطقة، وأكدا استعداد البلدين لتعزيز التعاون بينهما في مختلف المجالات”.
مؤشرٌ آخر دل على اقتراب اتفاق الإماراتيين مع الاحتلال، هو ما نقلته صحيفة “وول ستريت جورنال” في أغسطس / آب 2019 عن أن ” “إسرائيل” والإمارات عقدتا اجتماعين سريين بترتيب من واشنطن، لتنسيق جهود التصدي لإيران”، وأشارت الصحيفة أن لراين هوك هو من نسق الاجتماع بين الطرفين، في الوقت ذاته كانت صحيفة هآرتس الإسرائيلية ذكرت أن أبو ظبي “أبرمت صفقة ضخمة بقيمة 3 مليارات دولار مع تل أبيب، بحيث تزودها الأخيرة بقدرات استخباراتية متقدمة، تشمل طائرتي تجسس حديثتين”.
حينما اجتمع بنيامين نتنياهو في أوغندا برئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، من أجل التطبيع بين تل أبيب والخرطوم، خرج مسؤول سوداني بتصريحات تقول إن الإمارات هي من نسقت للقاء نتنياهو البرهان.
فيروس كورونا أتاح الفرصة للإمارات وتل أبيب لكشف علاقتهم إلى العلن أكثر فأكثر، حيث نقلت الخطوط الجوية الإماراتية إسرائيليين عالقين بسبب فيروس كورونا في المغرب إلى تل أبيب، بطلب من الجانب تل أبيب، وفي يوليو/ تموز تم التوقيع بين شركات إسرائيلية وإماراتية على اتفاقية لتطوير حلول تكنولوجية للتعامل مع فيروس كورونا، سبق ذلك إعلان أبو ظبي إطلاقها لمشاريع مشتركة مع دولة الاحتلال في المجال الطبي ومكافحة كورونا، كما أن الإمارات مدّت تل أبيب بـ100 ألف جهاز فحص للفيروس.
وبحسل تقرير لـ “ميدل إيست آي” “لعبت “إسرائيل” دورًا محوريًا في صعود الإمارات كقوة إقليمية على الصعيد التكنولوجي والسيبراني” ما يشير إلى أن التعاون في مجال التجسس السيبراني وتحليل البيانات يبقى الأبرز في العلاقة بين الطرفين إضافةً للعلاقات التجارية، الجدير بالذكر أن شركات إماراتية استفادت من خبراء إسرائيليين تقنيين، وقد تلقى الخبراء مبالغ باهظة لاختراق هواتف معارضين عرب وقادة خليجيين.
في حديثه لـ “نون بوست” يقول أستاذ الأخلاق السياسية وتاريخ الأديان بجامعة حمَد بن خليفة في قطرمحمد المختار الشنقيطي، “تطبيع أبو ظبي له خصوصيته، شأنه شأن علاقات أبوظبي بـ “إسرائيل”. فهو ليس من نمط التطبيع الكلاسيكي الذي عرفناه من قبل منذ العام 1979، بل هو مجاهرة بعلاقات آثمة كانت قائمة من أمد بعيد”. ويضيف الشنقيطي “الحقيقة أن علاقة أبوظبي بالاحتلال تجاوزت التطبيع منذ سنين إلى الارتهان الاستراتيجي الكامل من طرف أبو ظبي لأهواء اليمين الإسرائيلي واليمين الأميركي المتصهين، والنيابة عنهما في محاربة الدين الإسلامي، والتصدي لحركة الشعوب العربية، وكبت سعيها إلى الحرية واستقلال القرار”.
يشير الشنقيطي إلى أن الارتهان “الظبياني للمحتل يتجاوز مدَّ يد العون للصهاينة في الملف الفلسطيني، إلى النيابة عنهم في كل ملفات المنطقة، وأهمها ملف الثورات العربية”.
لا غرابةَ إذًا من موقف الإمارات، الذي أصبح معاديًا للقضية الفلسطينية وتبني الطرح الأمريكي الإسرائيلي، ويدلل على ذلك أن الإمارات كانت الرائدة بالترويج لصفقة القرن التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إذ أن وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش قال قبل اجتماع الجامعة العربية لمناقشة الطرح الأمريكي، “من المهم أن يخرج اجتماع الجامعة العربية اليوم ومنظمة التعاون الإسلامي الاثنين بموقف بناء يتجاوز البيانات المستنكرة، موقف واقعي واستراتيجية إيجابية تواجه إحباط السنوات الماضية، الرفض وجلد الذات دون وجود بدائل عملية تراكم تاريخي ندفع ثمنه”.
أضاف قرقاش: “ولكنه لا يكفي لتغيير موازين النفوذ والقوة، فلا يمكن مواجهة الموقف التفاوضي إلا بموقف تفاوضي مقابل، وما يتم عرضه نقطة انطلاق ولا يعني بالضرورة قبوله، وتبقى السياسة فن الممكن”، الجدير بالذكر أن السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة حضر إلى جانب سفيري عمان والبحرين إعلان صفقة القرن.
العتيبة كان نشر مقالًا في صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، وصف من خلاله علاقات أبو ظبي بتل أبيب بالحميمة، مشيرًا إلى أن “إسرائيل” والإمارات لديهما جيشان من أفضل الجيوش في المنطقة، وأنهما “من خلال علاقاتهما العميقة والطويلة مع الولايات المتحدة بإمكانهما خلق تعاون أمني مشترك وأكثر فعالية”.
من سيركب قطار التطبيع؟
ذكر رئيس وزراء الاحتلال أن “دولًا عربية وإسلامية كثيرة ستنضم إلى اتفاق السلام الذي توصل إليه مع الإمارات. أجريت اتصالات عديدة مع دول في المنطقة من الأفضل أن نسكت عنها حاليًا”، في الوقت الذي قال فيه جاريرد كوشنر مستشار الرئيس الأميركي إنه يوجد “احتمال كبير جدًا، أن تعلن “إسرائيل” ودولة عربية أخرى تطبيع العلاقات”.
كما توقع مسؤول إسرائيلي بأن دولة البحرين، ستلحق بخطى الإمارات، وكانت قناة “كان” العبرية نقلت عن مسؤول إسرائيلي قوله، “إنه من المتوقع أن توقّع دولة البحرين اتفاقية سلام مع “إسرائيل”، في المستقبل القريب”.
وتوقعت كذلك مصادر بأن السعودية قريبة جدًا من خطوات التطبيع والاتفاق مع تل أبيب، وهي الآن في طريقها إلى ذلك عبر عدّة خطوات تمهد فيها للإعلان عن ذلك، وأبرز المؤشرات على ذلك ما قاله وزير الداخلية الإسرائيلي أرييه درعي في الشهر الأول من 2020: “سيتم السماح للإسرائيليين بالسفر إلى السعودية في حالتين هما وجود أسباب دينية، وهي الحج، أو لأسباب تتعلق بممارسة أنشطة تجارية مثل الاستثمار أو عقد اجتماعات”.
تسلسل زمني من إعداد الزميل أحمد أبو قيس
إضافة إلى ما قاله ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عام 2018 في تصريحات له إن الإسرائيليين لهم “حق في أن يكون لهم وطن”، مضيفاً: “أؤمن بأن لكل شعب، في أي مكان، الحق في العيش في سلام في بلاده”، محاولًا التقرب من “إسرائيل” لكسب المواجهة مع طهران، ولكن ابن زايد ما يزال متفوقًا على ابن سلمان في النظرة الأمريكية، لذلك يسعى ولي العهد السعودي إثبات نفسه والصعود على حساب ابن زايد الذي طالما وثقت واشنطن به، وفقًا لتقرير نشرته “نيويورك تايمز“.
وذلك فضلًا عما نشره تقرير في “نيويورك تايمز“، يذكر بأن محللين “يشتبهون في أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة، يرغب في اتخاذ مثل هذه الخطوة، لكنه سيمتنع في ظل وجود عناصر محافظة في بلاده”، وبحسب الصحيفة تقول ياسمين فاروق، الباحثة في مؤسسة كارنيجي الدولية: “هناك نخبة جديدة في المملكة العربية السعودية ترغب في أن تفعل الشيء نفسه ، لكنها لا تتمتع بنفس حرية الحركة التي تتمتع بها دولة مثل الإمارات”.
في هذا الصدد يقول محمد المختار الشنقيطي أن ابن زايد “سنُّ سنة سيئة ترفع الحرج عن دول خليجية أخرى على مسار التطبيع، خصوصًا السعودية، حيث يواجه محمد بن سلمان تحدي المحكمة الأميركية، وقد يفكر في القفز إلى سفينة التطبيع بحثا عن طوق نجاة”.
حصة ترامب ونتنياهو من الاتفاق
أعطى الاتفاق للرئيس الأمريكي ترامب “انفراجةً حظيت بترحيب كبير في وقت كان يكافح في الداخل مع جائحة كورونا وانهيار اقتصادي وسط منافسة إعادة انتخابه التي تظهر استطلاعات الرأي أنه سيخسر الانتخابات” وفقًا لـ “نيويورك تايمز”. تضيف الصحيفة بأن ترامب استفاد فائدةً كبيرة من نسب هذا الاتفاق لترامب.
أما في “إسرائيل”، جاءت الصفقة في لحظة “محفوفة بالمخاطر بالنسبة لرئيس الوزراء نتنياهو، الذي يقود حكومة ائتلافية هشة ومنقسمة ويواجه المحاكمة بتهم الفساد”، في هذا الصدد قال المبعوث الخاص السابق للمفاوضات بين الفلسطينين والإسرائيلين مارتن إنديك: “إن الصفقة أعطت ترامب ونتنياهو طريقة للهروب من الصندوق السياسي الذي صنعوه بأنفسهم مع الخطة المتعثر للسلام التي أعلنها ترامب، وقانون الضم الذي يشكل عقبة لنتنياهو”.
يقول الكاتب محمد المختار الشنقيطي لـ “نون بوست”، “يمكن أن نضيف إلى هذا الحلف الاستراتيجي الثابت بين حكام أبو ظبي والصهاينة بعض الاعتبارات السياسية الظرفية أهمها: سعي نتنياهو ومحمد بن زايد إلى مساعدة ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية من خلال رفع أسهمه بين أنصار “إسرائيل” في أميركا” مشيرًا إلى “استعداد محمد بن زايد لاحتمال رحيل ترمب، بالاحتماء أكثر بالصهاينة الأميركيين والاسرائيليين في أي تغييرات في السياسة الخارجية الأميركية في حالة رحيل ترامب”.
التطبيع خيانة
اختارت الشعوب العربية الوقوف إلى جانب القضية الفلسطينية، وتجريم التعامل مع المحتل الإسرائيلي، ومنذ إعلان خبر التطبيع ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالمنشورات الغاضبة من هذا الفعل الذي اعتبروه “خيانة”، مذكرين بأنه ليس غريبًا على من قاد الثورات المضادة في الربيع العربي أن يطبّع مع مغتصب الأراضي المقدسة.
يقول الصحفي والكاتب الفلسطيني رضوان الأخرس في تغريدات له على تويتر: “هذا اليوم يعتبر وصمة عار في جبين الأمة الإسلامية والعربية، هذه المصافحة مع المجرمين والمعتدين الصهاينة تجري على حساب دمنا وأرضنا وحقنا وقدسنا وأحلامنا المنسية”. ويضيف الأخرس بأن ما حصل هو “ثمن ذبح الحرية في الوطن العربي”، مردفًا: “نحن أمام حالة من الجنون حتى في استخدام المصطلحات، نرى ونشاهد مسوخ فكرية، لم تعد تعتبر “الخيانة” مجرد وجهة نظر بل تعدى الأمر لوصفها بالشجاعة!”.
نحن أمام حالة من الجنون حتى في استخدام المصطلحات، نرى ونشاهد مسوخ فكرية، لم تعد تعتبر “الخيانة” مجرد وجهة نظر بل تعدى الأمر لوصفها بالشجاعة!#التطبيع_خيانة
— رضوان الأخرس (@rdooan) August 13, 2020
منشورٌ ساخر للدكتور والكاتب السوري عماد العبار: “السلام الإماراتي الإسرائيلي هو أول سلام في التاريخ بين طرفين لم يطلق أحدهما على الآخر طلقة رصاص أو طلقة مطاط.. وليس في تاريخهم شتيمة او زعل.. لك ولا حتى تشكيك بالنوايا من أحد الطرفين تجاه الآخر!”.
المهم التأكيد عليه في مسألة إعلان التطبيع مع الكيان الإسرائيلي في الأمس هو أنّ ما حدث ليس مجرّد تطبيع وعلاقات بين دول أنداد، هذه الأنظمة أرخص من ذلك، هو مجرّد تنافس على من يكون “وكيلًا” لإسرائيل في المنطقة، وهذه الدولة العربية هي التي سبقت إلى ذلك. #التطبيع_خيانة
— Mohammad Zeidan (@mszeidan) August 14, 2020
محمد أبو تريكة اللاعب المصري المشهور غرد قائلًا: “سقوط الأقنعة مهم فى سبيل تحرير فلسطين والمسجد الأقصي ..قضية فلسطين قضية وعي شعوب لا اتفاقات حكام أو معاهدات دول وصدق الله حين قال (وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)…. التطبيع خيانة”.
سقوط الاقنعة مهم فى سبيل تحرير فلسطين والمسجد الاقصي ..قضية فلسطين قضية وعي شعوب لا اتفاقات حكام او معاهدات دول وصدق الله حين قال (وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)…. التطبيع خيانة
— محمد أبوتريكة (@trikaofficial) August 13, 2020
الصحفي محمد زيدان قال في تغريدة له: “المهم التأكيد عليه في مسألة إعلان التطبيع مع الكيان الإسرائيلي في الأمس هو أنّ ما حدث ليس مجرّد تطبيع وعلاقات بين دول أنداد، هذه الأنظمة أرخص من ذلك، هو مجرّد تنافس على من يكون “وكيلًا” لإسرائيل في المنطقة، وهذه الدولة العربية هي التي سبقت إلى ذلك”.
بالمحصلة، لم تكن هذه الخطوة هي الأولى ولن تكون الأخيرة في مسلسل السقوط الإماراتي الأخلاقي والقيمي أمام الشعوب العربية، خاصةً تلك الشعوب التي تضررت من أفعال ابن زايد وإخوانه ومرتزقتهم. ابن زايد الذي يرتمي بأحضان تل أبيب ويطبّع معها ربما نسي أنه جرّم حتى التعاطف مع جارته قطر، ولا رهان اليوم أمام ما يفعله حكام أبو ظبي إلا على الشعوب ذات البوصلة السليمة التي تعرف الحق وتنكر الباطل وتنتصر للمظلوم في وجه الظالم.