ترددت كثيرًا قبل كتابة هذا المقال، أخشى أن يفهم البعض مقصدي خطأ، حيث لم يعد أمر السفر إلى مؤتمرات تعقدها إيران سرًا يتعين إخفاؤه وإنكاره كما كان يحدث من قبل، باعتباره يمثل فضيحة لصاحبه – لا سمح الله – تجلب له الازدراء، بل على العكس تمامًا صار الصحفيون من مختلف التيارات يعترفون وبدون خجل بزيارة عتبات مؤتمرات طهران المقدسة.
وما يحصلون عليه من أموال لم يعد سرًا يتهامس به أصحابهم النمامون، ولا يرون في ذلك أمرًا يدعو للاستنكار أو حتى التعجب، بل يرونه أمرًا عاديًا ومألوفًا، بل والمثير أيضًا “شفافًا”!
وإحقاقًا للحق ليس كل من شد الرحال إلى بلاد “الفرس” مصاب بـ “متلازمة آل البيت”، وهى حالة نفسية تصيب الصحفي أول ما تمس أصابع قدميه أسفلت المطار، وأبرز تجلياتها أن يتعاون مع عدو دينه أو من أساء إلى زوجات النبي الكريم وصحابته بشكل من الأشكال، أو يظهر بعض علامات الولاء له في مقالات تغض الطرف عن مجازر عمائم آيات الله، في جنوب لبنان والعراق وسوريا، وحاليًا في اليمن.
البعض ذاهب للنزهة والاستجمام وتغيير الجو الكئيب في مصر المنحوسة، وعليه أن ينتبه من خطر “متلازمة آل البيت” الذي يحوم حوله، وأبرز مثال على تلك “المتلازمة” حالة “أحمد كريمة” المدرس بجامعة الأزهر، الذي يقود قطيعًا من عمائم الأزهر يأكل ويشترّ الآن في شوارع “قم”، بل ويلتقطون صور سلفي بجوار جداريات الهالك “الخميني”، في استمتاع يفوق تلذذ رهائن بنك “كريديتبانكين” السويدي.
وقصة الرهائن تعود حينما سطا مجموعة من اللصوص على البنك في عام 1973، واتخذوا بعضًا من موظفي البنك رهائن لمدة ستة أيام، خلال تلك الفترة بدأ الرهائن يرتبطون عاطفيًا مع الجناة، وقاموا بالدفاع عنهم بعد إطلاق سراحهم!
تأثير تلك السفريات نفسيًا على عقل الصحفي والمثقف السٌّني عمومًا بالغ السوء، خصوصًا لو علمنا أنها “مغمسة” بـ 2000 دولار كحد أدنى لزوم مصروف الجيب، علاوة أن أغلبية المثقفين “السُّنة” المرتحلين إلى مواسم المؤتمرات الإيرانية لا معرفة لهم بتعقيدات الشأن الشيعي، فهناك دولة شيعية في إيران منذ 1979 تناصب السادة المسافرين وعقائدهم العداء.
أخيرًا فإن العبد لله لا يحجر على حرية كفلها الدستور؛ فكل إنسان حرّ حيث يضع قدمه، ومن حق كل مصري أن يذهب أو لا يذهب إلى إيران، ولكن يجب أن يدرك المسافر ما يفعله النظام الإيراني في العراق وسوريا ولبنان، وما هي توجهاته تجاه دول الخليج، وأن يطلع على شيء من محنة السُّنة من شعب إيران.
مكمن الخوف أن يعود الصحفي السُّني بوقًا ووسيلة لتبرير سياسة إيران الطائفية، أو على أقل تقدير يقابلها ببرود أقرب إلى “الطناش”، نحن بحاجة إلى صحفي ناقد معوّله العقل، يسمع ويرى ويسجل ثم يطرح رؤية دقيقة لمواجهة الاختراق الشيعي، لا أن يكون ثقبًا إيرانيًا في جسد الأمة.
زميلي المسافر إلى طهران صاحبتك السلامة، وتذكر أن اللعب بالأموال في منطقتنا صار على المكشوف، واللاعب الأساسي بعد أمريكا – التي ابتدعت هذه اللعبة – هي إيران، إنها تستثمر جزءًا من أموالها في صيد “عقول” المثقفين السُّنة، إيران التي اتجهت لإلغاء الدعم عن شعبها الجائع لم تتوقف عن منح أموالها لمن تريد كسب عقولهم.