ترجمة وتحرير نون بوست
بعد وقت قصير من إعلان ترامب توسطه لاتفاقية ضخمة بين “إسرائيل” والإمارات العربية المتحدة، نشر البيت الأبيض قائمة بالنقاط المهمة التي توضح بالتفصيل ما حققوه، في آخر القائمة فقط بعد أن كتبوا عن توسع الروابط التجارية والمالية بين هذين الاقتصادين المزدهرين، ذكرت آخر جملة ما كان من قبل القضية الرئيسية الإقليمية: مصير الفلسطينيين.
لعدة عقود كانت علاقة “إسرائيل” مع جيرانها محددة باحتلاها الطويل، وكان المنطق المقبول بشكل واسع هو أن الطريق الوحيد للسلام مع بقية الدول في الشرق الأوسط يرتبط بإنهاء “إسرائيل” سحقها لحقوق الفلسطينيين.
دمرت الإمارات تلك الفرضية وأقامت علاقات دبلوماسية مع “إسرائيل” يوم الخميس الماضي دون تحقيق أي امتيازات للفلسطينيين، تقول شيرين أبو قمر – أم بدوام كامل تبلغ من العمر 32 عامًا وتعيش في غزة -: “ما الذي يعنيه للإمارات أن تتصالح مع “إسرئيل” في ظل معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية؟ لا أعلم ما علاقة ذلك بمساعدتنا، نحن لا نستفيد من أي تقارب عربي مع “إسرائيل” التي تقتلنا بالحصار والقصف”.
تدّعي الإمارات أنها حفظت الفلسطينيين من تهديد كارثي محتمل بالضم الإسرائيلي، حيث وافقت “إسرائيل” على تعليقه كجزء من الاتفاقية، لكن الفلسطينيين يرون ذلك كخطوة علاقات عامة، فرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أوضح تمامًا أن الضم ما زال هدفه طويل المدى.
بدلًا من ذلك تقول أبو قمر إن السبب الحقيقي للاتفاقية لا علاقة له بالفلسطينيين لكنه مرتبط بإيران، وتضيف: “الإمارات تبحث عن مصلحتها فقط ولا تفكر في أحد آخر، إيران عدوها وهي تتطلع لـ”إسرائيل” لتساعدها في مواجهة إيران”.
يشعر الفلسطينيون أنهم أصبحوا عرضًا جانبيًا، فالحدث الرئيسي في الشرق الأوسط مواجهة الهيمنة الإقليمية بين إيران وحلفائها ضد دول الخليج الاستبدادية مع دعم واشنطن للخليج، ترى “إسرائيل” عدو إيران اللدود أنها تتناسب بشكل مريح مع أحد طرفي النزاع.
كان الوصول أيضًا للسوق الأمني الإسرائيلي عالي التقنية حافزًا مغريًا لدول الخليج، إضافة إلى التودد لإدارة ترامب بالتقرب لحليفها المدلل، رحبت عُمان والبحرين بخطوة الإمارات ومن المتوقع أن يعلنا عن علاقات أكبر من “إسرائيل” في المستقبل القريب.
يقول لؤي جرادة – 22 عامًا ، طالب جامعي في غزة -: “الأمر كله يتعلق بالمصالح، فكل طرف يبحث عن منفعته الخاصة، إنها لعبة وقد خسرناها”.
يرى سيد النجار – مقاول بناء من القدس – أن خطوة الإمارات كانت متوقعة رغم أنها مؤلمة، وأضاف “إنها بداية النهاية لتطبيع طويل المدى في الخفاء، لقد نزعت الإمارات قناعها وخرجت للعلن، لكنها كانت تتحدث مع “إسرائيل” منذ سنوات”.
يقول طالب فلسطيني: “كنا نعوّل دائمًا على الدول العربية لمساعدتنا والوقوف في وجه “إسرائيل”، لكن ليس بعد الآن”.
في يوم الجمعة تداول الفلسطينيون رسمًا كرتونيًا على وسائل التواصل الاجتماعي، يعرض الرسم صورتين لرجل يرتدي سترة زرقاء ونجمة داوود على “كيباه” (غطاء الرأس اليهودي الصغير) وهو يعانق رجلًا يرتدي ملابس خليجية، في الصورة الأولى كان الرجلان يتعانقان تحت الطاولة، وفي الثانية يتعانقان وهما يجلسان فوقها، في إشارة إلى أن العلاقة الرومانسية الخفية أصبحت علنية.
نشر طارق بقعوني المحلل الفلسطيني الإسرائيلي في مؤسسة “مجموعة الأزمات الدولية” تحليلًا على تويتر يقول فيه إن صفقة ترامب ليست اتفاقية سلام تاريخية لكنها إعادة تغليف للواقع الحاليّ للعلاقات بين “إسرائيل” ودول الخليج.
يقول بقعوني: “لكنه أيضًا ليس عملًا غير مهم كالمعتاد، فقرار الإمارات بالتصرف بتلك الطريقة يعد سابقة خطيرة، حيث أصبح التطبيع الرسمي ممكنًا رغم استمرار القهر الفلسطيني”.
يقول الفلسطينيون إنهم لم يعودوا يتوقعون من حلفائهم العرب أي ضغط على “إسرائيل” كما كانوا يفعلون من قبل، أصبح الشعور بالهجران ساحقًا مع توفيق ترامب بين السياسية الأمريكية واليمين الإسرائيلي المتشدد وتردد الدبلوماسيين الأوروبيين.
يقول طالب فلسطيني – 20 عامًا – رفض ذكر اسمه: “إنها رصاصة في رأس القضية الفلسطينية، سوف تضر وتضعف موقف الفلسطينيين في مواجهة الإسرائيليين، كنا نعوّل دائمًا على الدول العربية لمساعدتنا والوقوف في وجه “إسرائيل”، لكن ليس بعد الآن”.
المصدر: الغارديان