ترجمة وتحرير نون بوست
هل أنت عالق في وظيفة تضعفك وتستنزفك بشكل كبير للغاية؟ إليك 4 أسباب غير متوقعة للإرهاق، مثل الطماطم التي يعتقد البعض أنها فاكهة ويعتبرها آخرون خضراوات، كذلك الإرهاق يعتبره البعض اضطرابًا يمكن تشخيصه والبعض الآخر لا.
في الولايات المتحدة لا يُعترف به كاضطراب، أما في السويد فهو اضطراب وله وجود في تصنيف الأمراض الدولي “ICD-10” كحالة استنزاف حيوي، لذا سواء كان اضطرابًا أم لا، فالإرهاق أو الاستنزاف الحيوي حالة معروفة للكثير منا فهو يتلف الجسد ويساهم في كل شيء من ارتفاع ضغط الدم إلى تعاطي المخدرات.
لذا كيف تعرف إذا كنت تترنح على شفا الإرهاق؟ للإرهاق 3 أعراض مميزة، أولًا؛ هناك إرهاق عاطفي يتحول أيضًا إلى إرهاق جسدي، ومع هذه الأعراض فإن دفع نفسك للعمل يتطلب جهدًا بطوليًا، أما إنجاز قائمة مهامك فهو أمر غير وارد.
ثانيًا؛ تقليل الإنجاز الشخصي، وهنا يتطلب منك الأمر جهدًا أكبر لإنجاز القليل ثم تتساءل ما الهدف من ذلك على أي حال، حتى النجاحات تصبح لا طعم لها.
العرض الأخير وهو ضياع الشخصية يجعلك ساخرًا وانتقاديًا وشخصًا سريع الامتعاض مع زملائك وعملائك، إذا كنت تسأل نفسك ما بال هؤلاء الناس وتكثر من السباب فأنت في طريقك لضياع الشخصية.
في نقطة ما يصبح إدراكنا لمعايير الآخرين العالية مضرًا لنا
قد يبدو ذلك مشابهًا للاكتئاب بشكل كبير، لكن الإرهاق مميز في أنه مرتبط بمجال معين إما العمل أو تقديم الرعاية، إن الأشخاص المصابين بالاكتئاب يظلون مكتئبين سواء جلسوا أمام البحيرة أم كان معهم مشروبهم المفضل.
أما الأشخاص الذين يشعرون بالاستنزاف فإنهم يشعرون بتحسن بمجرد أن يحصلوا على إجازة أو يبتعدوا عن العملاء والمديرين المستبدين، عندما يصبحون أمام بحيرة هادئة أو في حديقتهم، بمعنى آخر، في الاكتئاب تلاحقك السحابة السوداء الصغيرة أينما ذهبت، أما في الإرهاق فإن هذه السحابة تظل في مكان العمل فقط.
لذا ما الذي يسبب الإرهاق؟ يرى بعض المشاركين أنها أشياء بديهية مثل: سيل لا نهائي من المهام، بيئة عمل سامة، أو عمل دائم بلا حياة، من الطبيعي أن تشعر بالاستنزاف عندما يخبرك رئيسك في العمل أن تعمل حتى لو كنت متألمًا، أو المدرب الذي يتحدث بغضب في وجهك دائمًا.
هناك عوامل أخرى ليست واضحة تمامًا، إليكم 4 أسباب مفاجئة للإرهاق:
السبب الأول: الضغط من أجل الأداء
في كثير من الأحيان عندما يملك المعلمون أو المدربون أو المديرون معايير عالية، فإننا نحاول أن نجتهد لنصل إليها، إننا نحقق ذلك لأن هناك شخصًا ما يؤمن أننا نستطيع، لكن في نقطة ما يصبح إدراكنا لمعايير الآخرين العالية مضرًا لنا.
في دراسة أجريت على نحو 200 طفل رياضي في بريطانيا، وجدوا أن الأطفال يتشاركون فيما يُسمى مخاوف الكمال، التي تدفعهم للوصول إلى أعلى المعايير التي يمتلكها مدربوهم أو آباؤهم، لكنها تضعهم على الطريق السريع للإرهاق والاستنزاف.
في عالم العمل يُترجم ذلك إلى محاول إرضاء مدير متطلب للغاية، تقول إحدى العميلات التي تعاني من الإرهاق “لا يمر عمل جيد دون عقاب” تقصد بذلك أنها عندما تحقق عملًا جيدًا فإن المعايير ترتفع أو تتحرك أعمدة المرمى ويكون متوقعًا منها المزيد.
في بعض الأحيان يكون الضغط واضحًا للغاية، لكن أحيانًا يفترض رقيبنا الداخلي أن مديرنا أو مشرفنا يتوقع منا أن نحرك السماوات والأرض بينما يكون الضغط نابعًا بالفعل من رؤوسنا.
إذا كنت تعرف أنك تميل للكمال والشدة وقوة الضمير المفرطة، يجب أن تتراجع خطوة وتسأل نفسك ما مقدار الضغط العلني وما مقدار الضغط الذي يأتي من داخلك.
السبب الثاني: التشاؤم
لقد اتضح أن الميل إلى رؤية العالم من خلال نظارات رمادية هو علامة تحذيرية على الإرهاق، في إحدى الدراسات طُلب من نحو 1000 مشارك قراءة 24 سيناريو قصير 6 منهم مرتبطين بالعمل والبقية غامضين يمكن تفسيرهم إيجابيًا أو سلبيًا، إنه مثل الوهم البصري لصورة السيدة الشابة العجوزة، على سبيل المثال: “أنت ذاهب إلى المحطة لرؤية صديق لم تره منذ سنوات، إنك تشعر بالعاطفة وتفكر إلى أي مدى تغير هذا الصديق”.
لقد اتضح أن التفسيرات المتشائمة ورؤية نصف الكوب الفارغ قد تكون مرتبطة بالإرهاق
بعد ذلك يُطلب من المشاركين تقييم مدى متعة كل مشهد من وجهة نظرهم، لذا فإن صورة الشعور بالقلق والحزن من مدى تغير الصديق قد تنخفض، بينما ترتفع صورة الشعور بالحماسة والحب لوصول الصديق.
ولأن جميع السيناريوهات كانت غامضة فقد عكست التقييمات الحزينة الميل لرؤية نصف الكوب الفارغ، أما التقييمات السعيدة فقد عكست الميل لرؤية النصف الممتلئ، لقد اتضح أن التفسيرات المتشائمة ورؤية نصف الكوب الفارغ قد تكون مرتبطة بالإرهاق.
السبب الثالث: متابعة وسائل التواصل الاجتماعي دون هدف
حان وقت الانتقال لحياتك على الإنترنت في العمل، وجدت دراسة في مجلة ” Journal of Health Psychology” أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في العمل تسبب زيادة الإرهاق بين الأفراد الأقل يقظة، أما الأشخاص الذي يحظون بمستوى عال من اليقظة فإن وسائل التواصل الاجتماعي تعمل لديهم كعازل ومخفف للإرهاق.
لذا نظم وجودك على وسائل التواصل الاجتماعي واستخدم فقط التكنولوجيا التي تحبها واستخدمها بشكل مدروس، وحينها ستبقى متواصلًا اجتماعيًا وستكافح الإرهاق في الوقت نفسه.
السبب الرابع: الشعور بالوحدة
ليس غريبًا أن يكون الأشخاص الذين نثق بهم ونهتم بهم (ما يُسمى الدعم الاجتماعي) مفيدين في منع الإرهاق، لكن المفاجئ أن هذا الدعم لا يشكل علاجًا للجميع، في دراسة بجامعة واين لحراس السجن، وجدوا أن دعم الأسرة والأصدقاء لم يؤثر على الإرهاق إطلاقًا.
ما الذي ساعدهم؟ كان دعم زملاء العمل يساهم في الحد من ضياع الشخصية، أما دعم المشرفين فإنه يقلل من الإرهاق العاطفي.
ولأن الإرهاق ليس شيئًا واحدًا وكذلك الدعم (فأداة صنع القهوة لا يمكن استخدامها لصنع الخبز)، فمن الضروري أن يتفق الدعم الاجتماعي مع احتياجاتك الشخصية، قم ببناء دائرة الدعم الاجتماعي التي تحتاجها بداية من أخت زوجك التي تفهم دينامية الأسرة إلى مستشارك في العمل الذي يمكنك أن تطلب نصيحته دائمًا، إلى أصدقاء الدراسة الذين سيكونون دائمًا أكبر مشجعيك.
للإرهاق أسباب أخرى أكثر من تلك الأسباب، لكن يكفي أن نقول إن الإرهاق يأتي من بيئة العمل الخارجية ومن داخلك أيضًا، مع العديد من درجات الاستنزاف وانخفاض القيمة والتساؤل عن سبب عملك هنا، صدق أو لا تصدق، إنه أمر جيد، فرغم كثرة الأسباب هناك عدة طرق لمكافحتها.
المصدر: سيكولوجي توداي