ما الذي يجعل الرواية حقًا ناجحة؟ هل فكرتها؟ ليس بالضرورة، فهناك العديد من الروايات التي بدأت بفكرة عبقرية ثم كُتبت بشكل مؤسف، لكن هل سمعت من قبل عن فكرة سخيفة أنتجت عملًا رائعًا؟ بل عمل حقق نجاحًا ساحقًا؟
مهما كانت تلك الفكرة، فهي لن تكون بسخافة الفكرة التي كتبها جيم بوتشر Jim Butcher في رائعته Codex Alera أو “مخطوطة أليرا”.
لكن قبل الحديث عن تلك السلسلة دعونا نعرف من هو جيم بوتشر.
الكاتب الذي فُتن بعالم “سيد الخواتم”
ولد جيم بوتشر في الـ26 من أكتوبر 1971، هو كاتب أمريكي، كتب عددًا من السلاسل الفانتازية الناجحة التي لم تُترجم بعد إلى العربية مثل The Dresden Files وCodex Alera وCinder Spiers.
بينما كان مريضًا في طفولته بالتهاب الحلق، عرفه أخوته على روايات “سيد الخواتم” ومغامرات هان سولو لتمضيه وقته، وبالتالي بدأ افتتانه بالفانتازيا والخيال العلمي منذ صغره.
وعندما كان مراهقًا أكمل روايته الأولى وقرر أن يصبح كاتبًا، وبعد عدد من المحاولات الفاشلة لمع نجمه وتمكن من النشر وأصبح واحدًا من أشهر كتاب الخيال في أمريكا.
على الرغم من افتتانه بعالم “تولكين”، فإن أشهر سلاسله وهي The Dresden Files كانت شيئًا مختلفًا تمامًا، فقد خطط جيم بوتشر للرواية بعناية، لكن الأمر لم يكن لأنه كاتب يحب التخطيط، فقد كان الأمر صدفة بحتة أيضًا، لقد كتب الكتاب كي يثبت لمعلمته أنها مخطئة!
كانت معلمته تلك بروفيسورة في مدرسة الكتابة المهنية التابعة لجامعة أوكلاهوما، التي كانت تقول له لمدة سنتين: “أنت تتحدث كثيرًا عن العديد من الأشياء من Babylon 5 وحتى Buffy the vampire slayer، لماذا لا تحاول كتابة أشياء مشابهة، فأنت تبدو مهتمًا بتلك المواضيع وستجيد كتابتها”.
تخيل جيم بوتشر أنه لن يكتب أي شيء إلا تلك الروايات التي تشبه عوالم “تولكين”، الأحصنة والسيوف، وأن تلك الأشياء هي التي سوف يبدع بها حقًا، لذلك ظلا يتجادلان لفترة طويلة، فقد كان بوتشر حاصلًا على درجة البكالوريوس في الأدب الإنجليزي والكتابة الإبداعية، لكن تلك البروفيسورة كانت قد نشرت بالفعل أربعين رواية!
ولكي يكسب هذا الجدال قرر فعل ما تطلبه منه، السير على الطريقة الكلاسيكية، التخطيط للرواية بأكملها وكتابة ملفات الشخصيات وكل تلك الأشياء والبحث في الخلفيات، ثم يبين لها مدى فشل ذلك مبررًا هذا بأدلة واقعية، لذلك كتب سلسلة The Dresden Files، التي تُعد أحد أنجح وأطول سلاسل الفانتازيا الملحمية في تاريخ كتابات الفانتازيا.
رهان وفكرة سخيفة
ربما سمعت من قبل عن جيم بوتشر من سلسلته الأشهر ملفات دريسدن The Dresden Files، لكن السلسلة التي نتحدث عنها اليوم أكثر تميزًا، خصوصًا كونها بدأت برهان!
أحداث الرواية كثيرة وكثيفة ومتشعبة، تشد القارئ منذ اللحظة الأولى، كذلك الشخصيات كُتبت بشكل رائع وواضح
بدأ الأمر عندما كان يعطي جيم إحدى ورشات الكتابة الأونلاين، وأحد المشاركين قال إنه من المستحيل نجاح رواية فانتازية إذا كانت فكرتها الأساسية غير قوية، فرد عليه جيم بأن أي رواية مهما كانت سخافة فكرتها، من الممكن أن تنجح لو كُتبت بشكل صحيح.
ثم قرر الرهان مع المشتركين في ورشته بأن يختاروا أكثر الأفكار سخافة وسوف يُخرج منها جيم رواية فانتازية ناجحة.
كانت أكثر الأفكار سخافة توصلوا إليها كي يتحدونه هي أن يكتب رواية فانتازية عن البوكيمون والجنود الرومان! وقد فعلها جيم، وخلق سلسلة من أنجح سلاسل الفانتازيا.
قصة غريبة وعمل شاق
تدور أحداث القصة في الإمبراطورية “آليرا” التي تشبه الإمبراطورية الرومانية، وتحتوي على “الحرفيين” الذين يستطيعون التحكم في عناصر الطبيعة الست أو كما يسميهم بوتشر “الفيوريس”، وهم لا شيء إلا البوكيمونات، كل شخص يستطيع التحكم وذلك من خلال ارتباط الأشخاص بهذه العناصر، وتتحدث عن “تافي”، فتى مراهق لا يستطيع التحكم في البوكيمون التي يسميهم بوتشر في الرواية “الفيوريس”، وعدم التحكم في تلك المخلوقات هو شيء غير مبشر لفتى في عمره.
ينقلب عالم “تافي” رأسًا على عقب عندما يكتشف أن هناك قبائل متوحشة تخطط لاحتلال المملكة، وهناك بعض أفراد من الجيش يساعدونهم.
أحداث الرواية كثيرة وكثيفة ومتشعبة، تشد القارئ منذ اللحظة الأولى، كذلك الشخصيات كُتبت بشكل رائع وواضح، كما لقيت الرواية عند صدورها استحسانًا كبيرًا، وأشاد النقاد بعالم بوتشر الخيالي الذي وضعه في بيئة أكثر تقليدية، وسرعة إيقاع الأحداث التي قضت على أي ملل.
يقول جيم بوتشر في أحد اللقاءات معه: لقد كتبت “كوديكس آليرا” بسبب رهان، لا أريد الادعاء ونسب كل الفضل لنفسي، أنا أعترف أنني غبي قليلًا، لكنني أعمل بجد، وكذلك محظوظ كما يبدو، العمل بجد هو أساس كل شيء، لكنه أساس الكتابة على وجه التحديد. الإصرار والالتزام بإنهاء تلك المهمة، إذا كنت ترغب في أن تكون كاتبًا عليك أن تفعل ذلك.