سادت حالة من القلق بين طلاب جامعة إدلب بسبب إرهاصات تجدد المعارك في المحافظة بالتزامن مع تقديمهم امتحانات الفصل الدراسي الثاني وسط انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) وما يرافق ذلك من إجراءات احترازية، حيث بلغ عدد الإصابات، بحسب مديرية صحة إدلب، 31 إصابة و116 حالة مشتبه بإصابتها بالفيروس.
يضاف إلى أزمة كوورنا، معاناتهم من صعوبات مادية وظروف معيشية صعبة جراء حالة النزوح التي قلبت أوضاعهم رأسًا على عقب وقلصت قدرتهم على تأمين أقساط ورسوم الجامعة.
النزوح يضاعف معاناة الطلاب
أجبر الكثير من طلاب الجامعة على النزوح مع عائلاتهم نتيجة سيطرة قوات النظام بدعم روسي على أجزاء من أرياف إدلب وحماة وحلب، ما ضاعف معاناتهم وزاد الأعباء عليهم وعلى أسرهم، وفق ما أفادت به الطالبة عائشة في كلية العلوم لـ”نون بوست”، حيث اضطرت للنزوح من قريتها بالريف الجنوبي باتجاه مخيمات أطمة، ما منعها من إيجاد جو مناسب للدراسة، فهم عائلة مكونة من سبعة أفراد يسكنون جميعًا في خيمة واحدة.
وفي أثناء النزوح، فقدت عائشة الدفاتر التي كتبت عليها ملخصات المحاضرات والدروس، الأمر الذي زاد حالتها النفسية سوءًا وأثر على خطتها الدراسية سلبًا.
بالجانب إلى ذلك، يقول الطالب محمود قزيز في كلية الهندسة المدنية: “بسبب هجوم قوات النظام على المنطقة وما رافقه من قصف ونزوح، أصبح لدى الطلاب ضغط منعدد المواد المطلوبة، ما أدى إلى تراكم الدروس”، كما أوضح أن بعض الطلاب لم يستطيعوا حضور المحاضرات أو تقديم امتحانات الفصل الأول واضطروا لتأجيلها حتى الفصل الثاني، ما أثار مشاعر القلق والتوتر لديهم ولا سيما مع عدم إعادة الجامعة للامتحانات تجاوبًا مع الظروف الاستثنائية أو جعل الترفع إداريًا.
قلق الطلاب من تجدد المعارك
مع توتر الأوضاع العسكرية وازدياد فرضيات حدوث حملة عسكرية للنظام على محافظة إدلب وما قد يرافقها من قصف يطال المدن والتجمعات البشرية، يزداد توجس الطلاب من احتمال تأجيل الفحص الجامعي، كما حدث في السنوات السابقة.
في هذا السياق، قال محمد المؤيد، طالب في السنة النهائية بكلية الهندسة المدنية، إنه بعد انقطاع عامين عن الدراسة قرر إكمال دراسته في جامعة إدلب، حيث بقي أمامه خوض الامتحان الأخير ليتخرج بعد سنوات من التعب والانتظار.
وبين أنه بعد اقتراب النظام من مدينة إدلب بات يشعر بأن دراسته ومستقبله في خطر بعد كل سنوات التعب هذه وسيجبر على الانقطاع عن الدراسة مجددًا، لكن الحملة العسكرية توقفت لأشهر وعاد الأمل باستمرار الدراسة.
وأشار إلى أن الحديث عن حملة عسكرية جديدة للنظام وتصاعد القصف يجعلهم قلقين من تأجيل الجامعة للامتحان، ما ينعكس سلبًا على طلاب السنة الأخيرة، وما يلازم ذلك من أعباء مادية.
انعكاسات انتشار كورونا
ألقت جائحة كورونا بظلالها الثقيلة على امتحانات طلاب جامعة إدلب وحرمتهم من حضور محاضراتهم، الأمر الذي أكده رئيس الجامعة، فامتحانات هذا العام تأتي وسط ظرف استثنائي هو انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد في جميع أنحاء العالم مع وجود بعض الإصابات بالمناطق المحررة، فكان لزامًا على الجامعة الأخذ بعين الاعتبار أن لا تكون سببًا بانتشار المرض.
وحسب الدكتور أحمد أبو حجر رئيس جامعة إدلب فإن أكبر المعيقات خلال الدورة الامتحانية الحاليّة كان انتشار الفيروس، حيث عملت الجامعة على تأمين التباعد الاجتماعي بين الطلاب خاصة في أثناء الدخول والخروج من القاعات مع توفير الكمامات والمعقمات في مباني الجامعة.
وفي الإطار ذاته، يقول طالب الطب البشري حسام درويش إن انتشار فيروس كورونا المستجد زاد معاناة طلاب الجامعة، الأمر الذي اضطر معظم الطلاب أن يتغيبوا لفترات طويلة عن المحاضرات ومقاعد الدراسة، وأشار كذلك إلى أن الجامعة سعت لتأمين المعقمات والكمامات الوقائية لكن بعض الطلاب اشتكوا من قلة الإجراءات الاحترازية، ولذلك بات الطلاب بحاجة ماسة لشراء هذه الأدوات في ظل ارتفاع أسعارها.
وتقف كذلك الأقساط الجامعية السنوية والمصروفات المرتبطة بالدراسة (الكتب، القرطاسية، المواصلات) عثرة في طريق الطلاب، إذ يرى العديد أن القسط الجامعي عبء مادي لا يمكنهم تحمله، بسبب تدني مستوى الدخل في محافظة إدلب التي يعاني معظم سكانها من ضعف الإمكانات المادية.
وفاطمة طالبة بكلية الآداب واحدة من أولئك الذين بدأوا التفكير بترك جامعتهم بسبب المصاريف التي أثقلت كاهل أسرتها، فمصاريف الجامعة باتت توازي تقريبًا مصاريف عائلة كاملة، إلا أن والد فاطمة استدان مبلغًا لأجل دفع قسط الجامعة السنوي، ما يجعل فكرة التسرب من الجامعة مستبعدة في الوقت الحاليّ.
وفيما يتعلق بدور الجامعة في هذا الخصوص، ذكر الدكتور محمد عبد الحي نائب رئيس الجامعة للشوؤن الإدارية: “الجامعة لا تتلقى أي دعم، فهي قائمة على أقساط الطلاب ولكنها تحاول تأمين متبرعين لدفع الأقساط عن طريق الجهات الخيرية والمنظمات الإنسانية وبعض الأفراد والمؤسسات، حيث بلغ عدد الطلاب المكفولين نحو 2000 طالب وطالبة”.
ومع وجود هذه التحديات، يقف الطلاب في إدلب أمام خيارات صعبة، مرهونة بالوضع السياسي والاقتصادي بالأساس، ومتعلقة بالوضع الصحي وما يصاحبه من إجراءات وتطورات تعيق مسيرتهم التعليمية.