ترجمة وتحرير نون بوست
كتب جوانا كلارك وإليزابيث إدنا وجريس ناجرويا ونيك بروكس
يتحدث القليل من الأكاديميين وصناع السياسة عن تأثير تغير المناخ على التراث، يعد التراث عنصرًا أساسيًا للرفاهية الاجتماعية وخلق الهوية وحفظ المعارف التقليدية وسبل المعيشة والتنمية المستدامة.
تدور المحادثات عن تأثير تغير المناخ بشكل أساسي على الدول الغنية، قدرت إحدى الدراسات الحديثة أن 1% فقط من الأبحاث عن تأثير تغير المناخ على التراث مرتبط بإفريقيا، ومع ذلك لقد تسبب التغير المناخي بالفعل في خسارة وتدمير التراث الإفريقي.
يشارك 3 منا – كتاب المقال – في الفصل الخاص بإفريقيا في تقرير التقييم السادس للجنة الدولية للتغيرات المناخية، لقد جذب بحثنا انتباهنا للنقص الكامل في البيانات الكمية بشأن تأثير تغير المناخ على التراث في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
وعليه تعاوننا مع عالم مناخ يعمل في القارة منذ سنوات وسلطنا الضوء على تهديد الأنواع المختلفة للتغيرات والتقلبات المناخية للتراث الإفريقي.
هذا البحث الذي أجريناه حاسم للغاية، فمن دون أي تدخل عظيم سنفقد بعض أهم مواقع التراث الإفريقي نتيجة للتأثير المباشر وغير المباشر لتغير المناخ عبر العقود القادمة، هناك حاجة لإجراء أبحاث عن تأثير تغير المناخ على الأشكال المختلفة للتراث الثقافي في إفريقيا وتسليط الضوء على التأثير الضار المحتمل لفقدان هذا التراث على المجتمع بشكل عام.
ستكون الـ10 سنوات القادمة فترة حاسمة يمكن خلالها تطوير جدول أعمال البحث التي سيكون لها تطبيق عملي من أجل إدارة التراث الإفريقي في مواجهة التغير المناخي.
أخبار سيئة
أضرّ تآكل السواحل وارتفاع مستوى سطح البحر بمواقع التراث العالمي الإفريقي، فالمدينة الرومانية في صبراتة على الساحل الليبي والحصون الاستعمارية على طول سواحل غانا بدأت في الانزلاق داخل البحر.
تتعرض المواقع الطبيعية للتهديد أيضًا، فالغابات الساحلية المعمرة في غينيا اختفت بشكل كبير نتيجة تآكل الساحل بشكل جزئي، بحلول عام 2050 ستكون غينيا وغامبيا ونيجيريا وتوغو وبنين والكونغو وتونس وتنزانيا وجزر القمر في خطر كبير نتيجة التآكل الساحلي وارتفاع مستوى سطح البحر.
من المتوقع أن تعاني المدن والقرى المرتبطة بشبكة التجارة الساحلية التاريخية في المحيط الهندي من خسارة فادحة بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر وتآكل الساحل في العقود القادمة، جميع هذه المناطق تقع على سواحل موزمبيق وتنزانيا وكينيا وجزر القمر وزنجبار ومدغشقر.
بُنيت مجموعة من المواقع التراثية الفريدة على الشعاب المرجانية أو الرمال أو الطين وجميعها على ارتفاع أقل من 10 أمتار فوق سطح البحر، يتضمن ذلك جزيرة إيبو في أرخبيل كويريمباس شمال موزمبيق وجزر شانغا وباتي في كينيا وجزيرة بمبا وأطلال كاولي في تنزانيا وماهلايكا في مدغشقر وسواكن في السودان، هذه المواقع أكثر عرضة للتأكل الساحلي نتيجة مجموعة من العوامل الجيولوجية وارتفاعها المنخفض.
مدينة لامو القديمة في كينيا
إضافة إلى ذلك هناك مواقع من التراث العالمي مرتفعة الكثافة السكانية مثل مدينة لامو القديمة ومدينة زنجبار الحجرية التي تقع في مناطق إفريقية من المتوقع أن تتأثر بشدة بتراجع السواحل.
أما في المناطق الداخلية للساحل تعاني مدينة جيني المبنية من الطين – وهي موقع تراث عالمي – في دلتا النيجر من تهديدات متنوعة تفاقمت بسبب تغير المناخ، كما تتعرض مواقع الفن الصخري في حديقة جولدن جيت هايلاندس الوطنية في جنوب إفريقيا من تدهور حيوي نتيجة النشاط الميكروبي المتزايد بسبب ارتفاع الرطوبة.
لكن التراث الإفريقي تراث حي بشكل كبير، مما يوفر فرصًا فريدة لحفظه.
ما أهمية موقع مثل “جيني”؟
تقع مدينة جيني في مالي وهي تتكون بشكل كامل من مبانٍ طينية، وبسبب هندستها المعمارية الفريدة ومسجدها الشهير أدرجت على قائمة التراث العالمي عام 1988، هناك تدهور واضح في عمارتها الطينية والأسباب معقدة للغاية لكن التغير المناخي أدى إلى تفاقم عملية التدهور.
إن انخفاض مستوى المياه في دلتا النيجر يعني ندرة الطين عالي الجودة وعليه يجب الحصول على هذا الطوب الطيني من أماكن أبعد بتكلفة أعلى، وهو ما لا يستطيع السكان المحليون تحمله، ونتيجة لذلك يقوم السكان بإصلاح المباني باستخدام مواد أرخص مثل الإسمنت والطوب الطيني المحروق.
ربما تتعارض طرق البناء التقليدية مع الحداثة والعولمة، لكن المباني الطينية الموجودة في جني تطلق غازات دفيئة بشكل قليل جدًا وتستهلك طاقة أقل وتحافظ على مستوى عالٍ من الراحة الحرارية الداخلية، كما أنها أكثر استدامة ضد تغير المناخ عن الطوب العادي والطوب المفرغ.
بعض الأمل
للتراث إمكانات غير مرئية، وستكون الوصاية التقليدية والمشاركة المجتمعية في مقدمة المستقبل المستدام، الأخبار الجيدة هو أنه قبل 5 سنوات اعتمدت اتفاقية التراث العالمي سياسة اليونسكو للتراث العالمي والتنمية المستدامة، هذه الاتفاقية مبنية على مبادئ حقوق الإنسان والمساواة والاستدامة طويلة المدى.
قد يكون ذلك بمثابة حجر الأساس للتراث الإفريقي الذي عانى طويلًا من الإرث الاستعماري للإدارة المركزية للتراث، يمثل ذلك فرصة لاستعادة الوصاية التقليدية ومشاركة المجتمع المحلي في إدارة التراث.
ومع إعادة دخول التراث في طرق الحياة المحلية، ستتمكن المجتمعات من المشاركة مرة أخرى بالطرق التقليدية للأشياء التي تتناغم بشكل أكبر مع البيئة، وبذلك ستمتلك الدول الإفريقية الفرصة لتكون في طليعة التنمية المستدامة.
في تقريرنا للجنة الدولية للتغيرات المناخية سيضم فصل إفريقيا لأول مرة التراث في تقييمه، إنه يُعرف التراث كعنصر مهم لمستقبل مستدام، إن إعادة تشكيل جدول البحث نحو تراث مستدام في مواجهة تغير المناخ لن يمكننا فقط من إعادة الارتباط مع الماضي، بل سيساعد في تخفيف آثار تغير المناخ خارح نطاق التراث.
المصدر: ذي كونفرسايشن