ترجمة وتحرير نون بوست
خرجت من الاجتماع وأنا أشعر بأنني أطول 8 أقدام، فخلال العامين والنصف الماضيين كنت أحارب لأحول عملي الجانبي إلى عمل رئيسي، وهذا العقد الموقع حديثًا في حقيبتي يشير إلى أن كل العمل الشاق الذي قمت به يستحق.
على كل حال هذا الشعور الرائع من تحول الأحلام إلى حقيقة كان قصيرًا، فمؤخرًا في تلك الليلة بينما كنت أتناول البيتزا والآيس كريم مع زوجتي وطفلاي احتفالًا بتلك المناسبة بدأ قلبي يدق سريعًا وأصبحت راحتيّ متعرقتان.
أدركت أن هناك مشكلة ما فذهبت إلى الشرفة لأستنشق الهواء وركزت لمدة 5 دقائق على التنفس ببطء بينما أذكر نفسي أنني لم أتعرض لأزمة قلبية، بعد أن مرت نوبة القلق بدأت أتنفس بشكل طبيعي وشعرت بالفخر لأنني لأول مرة تمكنت من السيطرة على نوبة القلق قبل أن تتحكم في.
بعد ذلك كنت أسأل نفسي ما سبب تلك النوبة، ففي العشرينيات والثلاثينيات كان هناك دائمًا سبب واضح لنوبة القلق، لكن هذه أول نوبة قلق في الأربعينيات ولم أعلم أبدًا سببها، فنظريًا حياتي مثالية، لدي طفلان سعداء وبصحة جيدة وزوجة تحبني، كما أن عملي أصبح كما أحب تمامًا.
“العادات الأساسية” هي تلك العادة التي تثير سلسلة من ردود الفعل التي تساعد في الاستمرار على العادات الجيدة الأخرى
بالتأكيد كان هناك سبب لا أدركه، وبعد ساعة من التفكير اكتشفت سبب القلق: لقد اعتبرت علاقتي بنفسي أمرًا مفروغًا منه، فقبل عدة أسابيع من الاجتماع المنتظر كنت أخدع نفسي، فبدلًا من توفير الرفاهية لنفسي – وهو الأمر الذي منحني دفعة إيجابية في البداية – أصبحت مهنتي هي الأهم ووجهت كل طاقتي لأهدافي المهنية.
باختصار لم يكن سبب تلك النوبة مشكلة كبيرة، كانت المشكلة أنني لم أمنح الأشياء الصغيرة الاحترام الذي تستحقه، لذا كي أعود لطبيعتي أجريت فحصًا ذاتيًا لاكتشاف الأشياء التي لا يمكن تجاهلها، إليكم ما حاولت فعله للتغلب على نوبة القلق.
التواصل مع عائلتي أول شيء في الصباح بدلًا من التكنولوجيا
عندما أصبح النجاح قريبًا مني، فبدلًا من الالتزام بقواعدي بأن أبدأ صباحي ببطء بدأت يومي على الفور، فبمجرد أن استيقظت أمسكت هاتفي للتحقق من البريد الإلكتروني بدلًا من قضاء الوقت مع زوجتي، وذهبت مسرعًا لتوصيل أولادي إلى المدرسة بدلًا من الاستمتاع بتناول الإفطار معهم واللعب عدة دقائق أمام المنزل، وكنت أجري المكالمات وأنا في طريقي إلى العمل بدلًا من الاستمتاع بالهواء النقي.
قد يكون بدء اليوم بالعمل ناجحًا مع البعض، لكنه لم ينجح معي فقد كنت أحتاج للاستيقاظ ببطء والتنفس جيدًا، كنت بحاجة لأن أذكر نفسي بأن ما أملكه أفضل مما أعتقد أنني أريده، لقد نسيت ذلك لكنني لن أكرره مرة أخرى.
ترك حذائي الرياضي بجوار الباب الأمامي
يتحدث تشارلز دوهينج في كتاب “قوة العادة” عن مصطلح “العادات الأساسية” وهي تلك العادة التي تثير سلسلة من ردود الفعل التي تساعد في الاستمرار على العادات الجيدة الأخرى.
بالنسبة لي فلا شك أن ممارسة الرياضة كانت عادتي الأساسية خاصة الركض، في الأيام التي أركض فيها حتى لو لم أكن أرغب في ذلك كنت أصبح أكثر إبداعًا ولطفًا مع نفسي ومع الآخرين من حولي.
في الأسابيع التي سبقت نوبة القلق اخترت أن أهمل الركض، ونتيجة لذلك لم أضع عملي فقط في خطر بل علاقاتي بالأشخاص المهمين لي وكذلك حياتي، ربما لا أرغب في ممارسة الرياضة كل يوم لكنه لم يعد خيارًا.
الحصول على فترات راحة في أثناء اليوم حتى لو اعتقدت أنني لا أحتاجها
في كل مرة أتحدث فيها مع عملائي أذكرهم بضرورة تخصيص وقت استباقي خلال اليوم للراحة، هذا الأمر لا ينطبق على الأيام التي تسوء فيها الأوضاع، بل عندما تكون جيدة أيضًا، بعد النوبة التي أصابتني أصبح واضحًا أنني أحتاج لتلك النصيحة، لقد كنت أعمل في وقت الغداء، وتجاهلت تذكير الهاتف في الساعة الثالثة للخروج في الشمس، والأسوأ من ذلك كله أنني كنت أعمل عندما كنت زوجتي تناديني للعشاء.
إن أفكارنا تحتاج لأن تتنفس، وكذلك عقولنا تحتاج وقتًا لكي تتنفس وبالطبع أجسادنا، لقد نسيت ذلك، لكنني لن أكرر هذا الخطأ مرة أخرى.
اللعب مع أطفالي في الملعب
إنني أفخر بنفسي لأنني لست مجرد أب جيد، لكنني مشارك أيضًا، فأنا فخور بأنني لا أقوم بتحميم أولادي فقط بل أجلس معهم في حوض الاستحمام، ولا آخذهم إلى الحديقة فقط بل أتسابق معهم للوصول إلى الأرجوحة، ولا أملأ لهم البالونات بالماء فقط بل أسمح لهم بقطعها فوق رأسي.
لكن قبل أشهر من نوبة القلق لم أكن فخورًا بأنني لا أفعل كل ذلك، ربما أكون حاضرًا بجسدي مع أطفالي لكنني لم أكن حاضرًا نفسيًا وعاطفيًا، كان صديقي يقول دائمًا: “إن وقتنا ليس أغلى ما نملكه لكنه حضورنا”، وقد أدركت الآن صحة كلامه.
الجلوس مع زوجتي على الأريكة بعد أن ينام الأطفال
بعد أن أنجبنا طفلين لم يعد لدينا الكثير من الوقت للجلوس بمفردنا، لكنني قبل نوبة القلق بدلًا من قضاء ساعة أو اثنين في نهاية اليوم مع زوجتي على الأريكة أو في الشرفة، كنت أجلس في المكتب وأغلق على نفسي.
كنت قد وعدت نفسي سابقًا أنه مهما حدث في حياتي فإن زوجتي ستكون الأولوية الأولى دائمًا، لكن قبل أسابيع من نوبة القلق لم أحافظ على وعدي، في بعض الأحيان عندما ننغمس فيما نريد ننسى أن نقدّر ما نملكه بالفعل، لديّ بالفعل زوجة أحلامي وأسرة رائعة وأصدقاء رائعين، لكنني نسيت ذلك كله.
ضبط المنبه على وقت النوم
توصي معظم كتب التربية بتخصيص روتين ليلي للأطفال لأنه إذا لم يكن لديهم هذا الروتين فإنهم سيتحولون إلى أشباح رهيبة يضحكون ويقفزون في دقيقة ويبكون ويتخبطون بعدها.
كشخص بالغ أعتقد أنني لا أختلف كثيرًا، ربما لن يحولني السهر ليلة واحدة للعمل إلى وحش، لكن إذا فعلت ذلك ليلتين أو ثلاث على التوالي فإن أفعالي تشبه أفعال الأطفال المخيفة في المساء.
لكي أؤدي عملي بشكل جيد ولكي أكون أبًا جيدًا وصديقًا وزوجًا يجب أن أحصل على الراحة، ولأنني أعلم أن أطفالي سيستيقظون 3 مرات على الأقل في الليل فلا بد أن أكون صارمًا بشأن مواعيد نومي حتى أحصل على كفايتي من النوم.
لفترة طويلة كنت ألعن القلق، لكنني اليوم أرى أنه معلمي الأعظم، فهو يسمح لي بأن اكتشف انحرافي عن الاتجاه الصحيح، إنه يذكرني أنني أملك حياة وليس مهنة فقط، وإذا كنت أود أن أعيش حياة طويلة فيجب أن أمنح جسمي وعقلي الاحترام الذي يستحقانه، إن المشكلات الكبرى تظهر عندما نعتبر الأساسيات أمرًا مفروغًا منه.
المصدر: ميديم