قال رئيس الوزراء التركي “أحمد داود أوغلو” إن بلاده اتبعت سياسة تشبه “النسج والنقش”، من أجل تحرير الرهائن الذين اختطفهم تنظيم الدولة الإسلامية المعروف بـ “داعش” في القنصلية بمدينة الموصل شمال العراق، قبل أكثر من ثلاثة شهور.
وأضاف داود أوغلو، خلال لقاء بإحدى القنوات التلفزيونية المحلية، أن الأسلوب النفسي والتحلي بالصبر كان لهما الدور الأكبر في تحرير الرهائن الـ49 من يد داعش.
وأفاد داود أوغلو، أنهم عملوا على تدخل العشائر العربية ورجال الدين في العراق، لافتًا أن جهاز الاستخبارات التركية لعب دورًا هامًا، وقام بعملية ناجحة بدون استخدام السلاح، من أجل إعادة المخطوفين إلى أهاليهم.
وأشار داود أوغلو، أن عملية تحرير الرهائن الأتراك الذين كانوا مختطفين في الموصل، ليست الأولى في تركيا، قائلاً: “منذ أن توليت منصب وزارة الخارجية، حررنا أكثر من 200 مواطن تركي كانوا مختطفين في أكثر من مكان، مثل ليبيا وسوريا والعراق وأفغانستان والصومال ولبنان، وكان لكل عملية ظروف مختلفة، عملنا على إنجاح إطلاق سراح مواطنينا بدون تعرضهم لأي أذى، حررناهم كأننا نسحب الشعرة من العجين”.
وأكد رئيس الوزراء، أن بلاده لم تدفع أية فدية في جميع عمليات تحرير الرهائن التي قامت بها خلال السنوات السابقة، مشيرًا أن دفع فدية يدفع الخاطفين أو غيرهم إلى خطف رهائن مرة أخرى من أجل الحصول على المال أو امتيازات أخرى.
وأضاف داود أوغلو أن الموصل ليست عدوًا لتركيا، جراء اختطاف مواطنين أتراك فيها، قائلاً: “تنظيم الدولة مؤقت في العراق، أما العراقيون فهم دائمون في المنطقة، وهم ليسوا أعداء لنا بتاتًا”.
وكان رئيس الوزراء التركي “أحمد داود أوغلو”، أعلن في ساعة مبكرة من صباح السبت الماضي، من العاصمة الأذربيجانية باكو، تحرير الرهائن الأتراك الذين كانوا محتجزين في مدينة الموصل العراقية منذ نحو 3 أشهر.
وأكد “داود أوغلو”، أنهم تابعوا طيلة ليلة الجمعة، عملية تحرير الرهائن وتطوراتها، لافتًا إلى أن جهاز الاستخبارات التركية لعب دورًا كبيرًا للغاية في إنقاذهم، وتمكن من إحضار المواطنين الأتراك إلى وطنهم من خلال عملية نفذها بأساليبه الخاصة.
في الوقت ذاته نقلت وكالة الأناضول عن العديد من المحللين السياسيين والأكاديميين والخبراء الذي أبدوا إعجابهم، بتمكن تركيا من تحرير مختطفيها الـ 49 من يد تنظيم “داعش” قبل أيام.
وقالت “مارغريت غيلمور” الخبيرة في الشؤون الأمنية ومكافحة الإرهاب في “المعهد الملكي للخدمات المتحدة” بلندن: “علينا ألَّا نستهين بتحرير تركيا لرهائنها، إنَّ تحرير الرهائن تمَّ بإرادة تركيا، وليس بإرادة داعش، إنه إنجاز دبلوماسي يحسب لتركيا، وعلينا أن نستخلص الدروس منه”.
ودعت “غيلمور” الاستخبارات البريطانية للتنسيق مع نظيرتها التركي من أجل رهائنها المحتجزين بيد داعش، قائلة: “الجميع يريد أن يعرف تفاصيل عملية التفاوض، وآلية تحرير الرهائن، ولاسيما أن داعش ليست بحاجة لفدية مالية”.
ويرى الباحث في مركز السياسات الخارجية بجامعة “كامبريدج” البريطانية “ضياء ميرال” أنَّ احتمالية تحرير رهائن غربيين بالمقارنة مع الأتراك، ضعيفة جدًا، قائلاً: “إنَّ تركيا من أكبر الدول الإسلامية في الشرق الأوسط، وداعش لن تقدم على قتل رهائن مسلمين، لما ستتركه من ردود الفعل في العالم الإسلامي، بينما الأمر يختلف مع الرهائن الغربيين”.
فيما أشار مدير البحث في مؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري (إينجما) “ثيودور كاراسيك”، إلى أن السبب الرئيسي في تحرير الرهائن، يعود إلى أن تركيا بقيت خارج التحالف، الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية ضد داعش، موضحًا أن العامل المهم في تحرير الرهائن الأتراك، هو علاقة تركيا الطيبة بالعشائر السنية شمال العراق.
ولفت مدير مركز “هودسون” للفكر في الولايات المتحدة الأميركية “ريتشارد ويتز” إلى أنَّ تحرير الرهائن من دون عمل عسكري، إنجاز يحسب للدبلوماسية التركية”، مبينًا أنَّ من حق وكالات الاستخبارات في كل العالم ألَّا تكشف عن تفاصيل عملها.
كما أشار”إدوارد بيك”، السفير الأمريكي السابق في العراق في عهد الرئيس الأمريكي “رونالد ريغن”، إلى أن العمليات التي تمت حول العالم بغية تحرير الرهائن، باءت معظمها بالفشل، قائلاً: “أنا سعيد لأن تركيا نجحت بنهاية المطاف في تحرير الرهائن، ولكن المجهول في هذه العملية المقابل الذي دفعته تركيا”.