ترجمة وتحرير: نون بوست
ما هو تصور الوالدين عن الإرادة عند الأطفال؟ هل كانت قوة الإرادة حاضرة في الأجيال السابقة؟ في العديد من المناسبات، يبدأ الأطفال بممارسة بعض الأنشطة والمشاريع بحماس ولكن في وقت قصير جدا، سرعان ما يشعرون بالملل و ينقطعون عنها، لأسباب على غرار عدم الرضى أو لأن النشاط معقد بعض الشيء أو يتطلب مستوى معينًا من الجهد.
الجهد هو قيمة ينبغي تطويرها عند أطفالنا منذ طفولتهم، إلى جانب القدرة على العمل والتضحية. على هذا النحو، سيتعلمون عدم الاستسلام عند أول عقبة يواجهونها في طريقهم وسيستمرون في إنهاء المهمة مهما كانت، ذلك لأنهم سيواجهون في المستقبل العديد من الصعوبات وسيَعتمد التغلب عليها على قوة إرادتهم.
احذر من الحماية المفرطة
يمكن أن تؤدي الحماية المفرطة والرغبة في “تسهيل الحياة”، إلى إظهار الطفل سلوكا انطوائيا ومتواكلا وبدون إرادة. كما يمكن أن يعاني من درجة عالية من الاستبداد، حيث يسعى للحصول على مساعدة فورية تدفعه إلى المطالبة بتلبية مطالبه في كل وقت وعلى الفور، مما يجعله يتخلى عن مسؤولياته ويجعله أسير الحاجة إلى المساعدة المستمرة والموافقة على القيام بعمل ما، بالإضافة إلى “عدم بذل الجهود” وانعدام الأمن.
في كثير من الحالات، يروج البالغون لسلوكيات طفولية لا تتناسب مع أعمارهم. في الواقع، الأطفال ليسوا مستقلين لأن بعض الأشياء ينفذها آباؤهم، “فيقومون بعمل أفضل” (عدم الثقة) و “يستغرقون وقتا أقل” (نفاد الصبر). بذلك، تكون النتيجة المستقبلية للأطفال هي شخصية ضعيفة وغير آمنة وتعزز من ظهور القلق أو الضيق والخوف من “النضج”.
تعتبر الأنشطة خارج المدرسة مثالا، خاصة إذا كان الأطفال لا يحبذون الأنشطة المدرسية لأنها متواصلة مع طول السنة الدراسية
من المهم أن يعرف أطفالنا أننا إلى جانبهم لمساعدتهم عندما يحتاجون إلينا ولكن دون القيام بالعمل من أجلهم أو تسهيل الطريق لهم لتجنب الصعوبات. إنهم بحاجة إلى دليل لمرَافقتهم أثناء تعلمهم ولتحفيزهم ومساعدتهم عند الضرورة، لكن كن حذرا في تنفيذ كل شيء من أجلهم. هناك مسؤوليات وفقا لكل لحظة تطورية ستسمح لهم بتعزيز أمنهم وثقتهم بأنفسهم والوصول إلى التقدير الذاتي السليم وتعلم اتخاذ قراراتهم الخاصة بالتفكير النقدي.
محن الحياة والفشل
في كثير من المناسبات، لا تتحقق الأشياء بسهولة، إذ عليك أن تقاتل من أجلها وتبذل جهدا ولا تستسلم عند الشدائد. في مواجهة هذه المواقف، يظهر “شبح” الفشل والذي ينبغي ألا يكون أبدًا عائقًا أمام التخلي عن المهمة، لذا يجب أن نعلم أطفالنا عدم الخوف من الفشل. كذلك، فإن الإحباط والمعاناة جزء من حياتنا وقمع هاته المشاعر أو محاولة تجنبها سيؤدي إلى ضعف عاطفي يأخذنا بعيدا عن الواقع.
من خلال دورنا كآباء، يمكننا تطوير المرونة ودعم أطفالنا لتطويرها. المرونة هي قدرة الإنسان على مواجهة الصعوبات والمشاكل والمحن في الحياة والتغلب عليها وتغييرها إلى صالحنا. ووفقًا لمرصد فاروس، فإن الآباء غالبا ما يتساءلون عن كيفية التعامل مع أطفالهم لحمايتهم من نكسات الحياة. في المقام الأول، تجدر الإشارة إلى أنه لا يمكن حماية الأطفال من تقلبات الحياة؛ ومع ذلك من الممكن تربية الأطفال على المرونة وتعليمهم أنها أساس القدرة على مواجهة الشدائد والتغلب عليها، حيث أن التحول الإيجابي لا يكون إلا بواسطتها. ستزود المرونة الطفل بالأدوات اللازمة للاستجابة للتحديات، التي سيمر بها في فترات المراهقة والبلوغ المبكر، وبالتالي سيعيش بشكل مَرضيّ وطوال الحياة.
العمل والصراع
تعتبر الأنشطة خارج المدرسة مثالا، خاصة إذا كان الأطفال لا يحبذون الأنشطة المدرسية لأنها متواصلة مع طول السنة الدراسية. إذا كان ابننا قد سجل في كرة السلة، وفي منتصف الدورة قرر عدم العودة، فمن المهم أن نعرف ما هي الأسباب. إذا كان يحبها وانقطع عنها بسبب بعض الصعوبات، ينبغي علينا أن نشجعه على الاستمرار ونجلس معه ونسأله عن المشاكل ونبحث عن كيفية حلها. إذا رأى ابننا أننا انخرطنا في نادي التنس يوما ثم نادي الرسم يوما آخر، وفي الشهر التالي في تمارين البيلاتيس، سنقدم له مثالا لا يقتدى به، ما سيجعله يشك في قوة الإرادة وحب المثابرة. علينا أن نكون قدوة ونحاول تحقيق أهدافنا في أي تحد نخوضه. سوف يرانا ابننا نقاتل وسيقلدنا.
كيف يمكننا ممارسة الحزم مع أطفالنا وإدارة عواطفهم؟
- من المهم خلق مناخ حرّ للتواصل، حيث يشعر الأطفال بأنهم يتمتعون بحرية الرأي والتعبير.
- تنمية احترام الذات لدى الأطفال الصغار، لأنه إذا كان لديهم احترام لذاتهم وصورة إيجابية عن أنفسهم، فلن يخشوا التعبير عن أنفسهم بحرية.
- تحفيز المسؤولية.
- نقل الثقة، وبالتالي تعزيز هويتهم. وعندما يعبر الطفل عن شيء يضايقه أو رأي مخالف لرأينا، لا يجب تأنيبه على ذلك.
- مساعدتهم على الحصول على معاييرهم الخاصة.
- تعزيز التعاطف.
- تعليمهم احترام الآراء وأخذها بعين الاعتبار.
- الإيمان بهم، لأنه إذا آمنا بهم، سوف يؤمنون بأنفسهم.
نصائح لمساعدة الأطفال في اتخاذ القرارات:
1. البدء بالقرارات البسيطة للغاية والتي تكتسي أهمية قليلة.
2. علمهم تقييم إيجابيات وسلبيات كل خيار بديل.
3. إسمح لهم بأن يقرروا بأنفسهم.
4. علمهم أن يكونوا متسقين مع القرار الذي اتخذوه.
5. قم بتدريبهم من خلال الألعاب.
قوة الإرادة عند الأطفال
بحسب عالمة نفس في ستانفورد، كيلي مكجونيغال، “تمنحك قوة الإرادة الطاقة لمواجهة التحديات، والقدرة على المثابرة في مواجهة العقبات، والقوة لتحمل الصراع والتوتر الذي قد يعيقك عن أهدافك ومشاريعك.”
يعتبر التجميع أداة مناسبة جدا لتطوير التخطيط والعمل والمثابرة
بشكل عام، تعمل قوة الإرادة مثل العضلات، فهي تحتاج إلى التدريب والتطوير والمحافظة عليها. في العقد الماضي، أشارت الأبحاث التي تتعلق بقوة الإرادة إلى أنه لا يوجد مقدار محدد لكل شخص. إلى جانب ذلك، تختلف قوة الإرادة بشكل كبير من لحظة إلى أخرى، اعتمادا على درجة الإجهاد العقلي الأخير. لذلك، سيكون لدى أطفالنا، اعتمادا على الإجهاد الذهني الذي عانوه في ذلك الوقت، قوة إرادة أكثر أو أقل لأداء بعض المهام. في بعض الأيام، سينهون واجباتهم المدرسية بسرعة كبيرة، بينما يستغرق آخرون وقتا طويلا للقيام بذلك. وبالتالي، سيحقق الروتين والعادات اليومية هذا الثبات في قوة الإرادة، جنبا إلى جنب مع دعمنا وتقديرنا لنقاط قوة الطفل وثقتنا بأنه قادر على القيام بما يخطط به.
علاوة على ذلك، يعتبر التجميع أداة مناسبة جدا لتطوير التخطيط والعمل والمثابرة. ستساعد عادة التجميع الطفل على تطوير مجموعة من الجوانب التي من شأنها أن تساهم في تسهيل نموهم في مجالات مختلفة جدا طوال حياتهم؛ من بين هذه النقاط الإيجابية يمكننا إبراز ما يلي:
- التنظيم: لمعرفة الأشياء التي تنقصه والمكررة لديه، يجب أن يكون الطفل قد جمع الأشياء الخاصة به في مكان مثالي.
- الثبات: وذلك كطريقة لإكمال المجموعة، خاصة إذا وقع تحديد موعد نهائي لإكمالها.
- الاحترام: وذلك من أجله ومن أجل الآخرين، من خلال إدراك أنه يتعين على الآخرين بذل جهد مثله للحصول على ما لديه، وتعلم تقدير الجهد المذكور.
- المسؤولية: من خلال الاهتمام بالأشياء، لإدارة الموارد اللازمة لتحقيق أهدافه.
- المدخرات: مع تقدمهم في السن، يمكن للوالدين منحهم بشكل دوري مبلغا صغيرا من المال يجب على الطفل “إدارته”.
- الذاكرة: من الضروري أن تضع في اعتبارك ما ينقصك وما لديك، سيكون تمرين الذاكرة مفيدا جدا لدراستك.
- التنشئة الاجتماعية: حقيقة إكمال مجموعة معينة هي دعم كبير للتواصل وإجراء المحادثات، وتسهيل التواصل مع الآخرين للأطفال الأكثر خجلا.
9 مبادئ توجيهية لتعليم الأطفال عدم الاستسلام
- من المهم تجنب الضغط غير الضروري وأن نطلب من أطفالنا بذل مجهود بلطف وصبر.
- البقاء بجانبهم وتحفيزهم بشكل إيجابي.
- تقديم دعمنا العاطفي دون قيد أو شرط.
- يجب أن تقدم لهم الأسباب التي تستحق الجهد المبذول وتظهر لهم الدوافع الجوهرية، أي تلك التي تشجعنا على القيام بشيء من أجل المتعة والمصلحة.
- لا تطالبهم بأفعال تتجاوز إمكانياتهم، فالأهداف التي وضعوها يجب أن تكون واقعية.
- الاعتراف والثناء على إنجازاتهم.
- علمهم أن يفهموا العلاقة بين الجهد والنتائج الجيدة.
- لا تنس أننا نعيش في ثقافة فورية حيث يقع التقليل من قيمة الجهود أو الانضباط أو التضحية. لذلك، يجب أن تكون رسائلنا واضحة جدا في هذا الصدد.
- علمهم اكتشاف الدروس من الفشل، ورؤية الفشل كفرصة للتعلم.
المصدر: كون ميس ايخوس