ترجمة وتحرير نون بوست
في عام 2011، ابتهج اليمنيون بإسقاط الرئيس الديكتاتور “علي عبد الله صالح” والذي حكم البلاد لمدة 33 عامًا، كانت هذه هي الثورة الثالثة التي تنجح في بلدان الربيع العربي، عقب الإطاحة بالمستبدين في تونس ومصر، لكن، كما حدث في مصر وتونس، لم تتبع الثورة مصالحة.
خلال نهاية الأسبوع الماضي، وبعد حصار دام لأسابيع للعاصمة صنعاء، أطاح المتمردون برئيس الوزراء واستولوا على وزارة الدفاع ومبنى التليفزيون الرسمي والبنك المركزي.
يوم الأحد، وقع الرئيس “عبد ربه منصور هادي” اتفاق صاغه المتمردون المعروفون باسم الحوثيين، وأدار المفاوضات، مبعوث الأمم المتحدة لليمن.
ينص الاتفاق على تعيين رئيس وزراء جديد، وخطة لنقل السلطة من العاصمة، وخفض أسعار الوقود، وهذه الأخيرة كانت القضية الكبرى التي برر بها المتمردون احتجاجاتهم في العاصمة، وفي نفس الوقت، رفض الحوثيون التوقيع على البنود التي تضمن الأمن من الاتفاق، والتي دعت لسحب قواتهم من صنعاء ومن عدة مناطق أخرى استولوا عليها.
لكن ما الذي دفع اليمن إلى هذه النقطة؟
بعد الإطاحة بعلي عبد الله صالح، أقرت الحكومة الانتقالية الجديدة خطأ النهج الذي اتبعه الديكتاتور في معاملته للحوثيين، واعتذرت رسميًا عن ستة حروب شنها صالح ضدهم بين عامي 2004 و2010، لكن الحكومة لم تتطرق لكل ما يستفز الحوثيين، والذين بدورهم واصلوا الإصرار على تمردهم.
العديد من اليمنيين يعتقدون أن الحوثيين يعملون كوكلاء لإيران التي تدعمهم، ولإضفاء الشرعية على تمردهم، خرج الحوثيون من ضيق مطالبهم إلى سعة مطالب الناس، وانتقدوا الحكومة بسبب عدم كفاءتها وواجهوا رفع أسعار الوقود، كان ضعف أداء الحكومة اليمنية الانتقالية هو ما سمح لهم بالنجاح.
الرئيس هادي وحكومته – بما في ذلك رئيس وزرائه محمد سالم باسندوه، الذي استقال لتوه – فشلوا فشلاً ذريعًا في تقديم الخدمات الأساسية وتحفيز التنمية الاقتصادية، والأهم: خلق فرص العمل، من المهم القول إن البطالة كانت أحد الدوافع الرئيسية للثورة ضد صالح.
كان ينبغي على المجتمع الدولي أن يدعم اليمن لضمان انتقال هادئ نحو الاستقرار والتنمية، وبدلاً من ذلك، أدار المجتمع الدولي ظهره لكل ما في اليمن الذي غرق أكثر وأكثر في الفقر والفوضى والتطرف، ركزت الولايات المتحدة فقط على “مكافحة الإرهاب”، واستمرت في هجماتها بالطائرات بدون طيار ضد متشددي تنظيم القاعدة، حولت السعودية اهتمامها إلى بلدان أخرى في المنطقة، وتجاهلت الفوضى المحتملة على حدودها الجنوبية.
من غير المرجح أن تتخذ الولايات المتحدة أي إجراءات، فقتال الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) له الأولوية مقابل تزايد النفوذ الإيراني في المنطقة، الحوثيون هم أعداء تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، ووصول المتمردين إلى السلطة في صنعاء سيوفر ضمانًا بحكم الأمر الواقع للولايات المتحدة فيما يتعلق بالتنظيم، البيان الأخير الذي صدر عن وزير الخارجية الأمريكي “جون كيري” والذي يقول إن لإيران دورًا في محاربة داعش، يشير إلى أن أمريكا سوف تضع التهدئة مع إيران والحوثيين في اليمن على رأس أولوياتها من خلال عملية سلمية وشاملة نحو ديمقراطية مستقرة.
من المحزن بالنسبة لليمنيين، أن المتمردين لم يقوضوا فقط المكاسب السياسية للربيع العربي، لكنهم أيضًا خلقوا انقسامات عميقة في المجتمع اليمني، الحوثيون الآن روجعوا للبندقية باعتبارها المصدر الوحيد والنهائي للسلطة، سقوط صنعاء سيعطي دفعة أخرى للحركات المعادية للثورات في المنطقة، وبعد أن خاضوا معارك طويلة مع عبد الله صالح، يتحالف الحوثيون مع الديكتاتور ضد عدو مشترك: اللواء علي محسن الأحمر، مستشار السيد منصور هادي الذي ينتمي لحزب الإصلاح الإسلامي.
يوم الأحد أيضًا، كتبت توكل كرمان، التي حصلت على جائزة نوبل للسلام في 2011، وهي شخصية بارزة في حزب الإصلاح التابع للإخوان المسلمين على حساباتها الاجتماعية أن “اثني عشر حوثيًا اقتحموا بيتي، واستولوا عليه، بعد توقيع اتفاقية السلام والشراكة!”
بعد التوقيع !! بعض أفراد من ميليشيات الحوثي تحاول اقتحام منزلي والاستيلاء عليه !!!
— Tawakkol Karman (@TawakkolKarman) September 21, 2014
١٢ فرد من الحوثيين يستولون على منزلي ، بعد التوقيع على اتفاقية السلام والشراكة !!!
— Tawakkol Karman (@TawakkolKarman) September 21, 2014
ادعو الحوثيين الذين اقتحموا منزلي اليوم الى تفجيره اسوة بمنازل الموطنيين التي فجروها ، سأعتبر هذا نوع من التضامن… https://t.co/Lm3hHFWEQl
— Tawakkol Karman (@TawakkolKarman) September 21, 2014
أخيرًا، يعطي التمرد لإيران اليد الطولى في المنافسة بينها وبين المملكة العربية السعودية في شبه الجزيرة العربية، يجب أن يكون الغرب مستعدًا للتفاوض مع إيران التي أصبحت أقوى من ذي قبل في الجولة القادمة من المحادثات حول البرنامج النووي لطهران.
الانهيار السريع للوحدات العسكرية التي ساعدها الأمريكيون ماليًا خلال العقد الماضي، يشير إلى نقاط الضعف في نهج أمريكا في مكافحة الإرهاب.
ولمنع المزيد من الفوضى في اليمن، ليس هناك بديل عن وضع العملية الانتقالية السلمية والشاملة مرة أخرى في مسارها الصحيح، الوجود في السلطة لا يمكن ترجمته إلى امتلاك الشرعية؛ ولذلك يتعين على الحوثيين أن يشاركوا الأحزاب الأخرى في حكم اليمن، لاسيما خصمه التجمع اليمني للإصلاح.
الحوثيون طالبوا بتطبيق خطة لنقل السلطة من صنعاء، هذا سيكون خطوة للأمام، لكن لايزال يجب على الحوثيين أن يلاحظوا أن واحدة من التوصيات الأساسية لهذه الخطة هي نزع أسلحة الميليشيات المختلفة في اليمن، وهذا يعني أن يبدأوا بأنفسهم، عندها فقط يمكن أن نقول بأن هناك أمل في إحياء وعود الربيع العربي في اليمن.
المصدر: نيويورك تايمز