ترجمة وتحرير: نون بوست
إذا لم تكن متأكدا مما إذا كانت هناك طريقة “صحيحة” لشحن هاتفك، أو ما إذا كان الشحن لفترة طويلة جدا أو كثيرا أو بسرعة كبيرة قد يؤدي إلى تلف بطارية هاتفك، فأنت لست وحدك. أنا كاتب وكبير الموظفين في موقع “وايركاتر” التقني الشهير، وأكتب عن الهواتف والتكنولوجيا منذ 2011. قبل ذلك، كنت متخصصًا في مبيعات أجهزة أيفون في متجر أبل. حتى مع هذه التجربة، لم يكن واضحا تماما بالنسبة لي ما إذا كان توخي الحذر بشأن عدد المرات التي أقوم فيها بإعادة شحن هاتفي يؤدي في الواقع إلى إطالة عمر البطارية بما فيه الكفاية أم لا.
يقوم بعض الأشخاص فقط بوصل هواتفهم بشاحن (أو شاحن لاسلكي) متى توفرت الطاقة. بينما يحتفظ الآخرون ببطارياتهم بين 40 بالمائة و 80 بالمائة، ولا يقومون بشحن هواتفهم بشكل كامل، لاعتقادهم بأن ذلك يطيل من عمر البطارية. أنا شخصيا أقوم بشحن جهاز الأيفون الخاص بي بشاحن “كي” اللاسلكي في مكتبي طوال اليوم أثناء العمل، وأقوم بشحنه طوال الليل أيضا.
بعد التحدث مع باحثي البطاريات في “آي فكس إت”، ومراجعة الدراسات حول اتجاهات استبدال الهاتف وتحليل بعض بيانات المستخدم من موظفي “وايركاتر”، وجدنا أنه على الرغم من أن الإدارة الدقيقة لبطارية هاتفك من المرجح أن تطيل من عمرها إلى حد ما، إلا أن القلق بشأن صحة البطارية هو أمر لا يستحق العناء.
ماذا يقول العلم
يؤدي شحن البطارية إلى تدهور أدائها بمرور الوقت، بغض النظر عن كيفية القيام بذلك. يتم تشغيل الهواتف الذكية بواسطة بطاريات أيون الليثيوم، والتي تعمل عن طريق نقل ناقلات الشحن من قطب كهربائي إلى آخر. تتحرك هذه الأيونات في اتجاه واحد عند الشحن وفي الاتجاه الآخر عند التفريغ.
يؤدي تحريك هذه الأيونات إلى زيادة الضغط على الأقطاب الكهربائية، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى تقصير عمر البطارية، وفقًا لهانس دي فريس، كبير العلماء في شركة “سيغنيفاي” والمؤلف المشارك لورقة البحث “زيادة دورة حياة خلايا أيون الليثيوم عن طريق الشحن الجزئي”، الذي ظهر في مجلة “مايكروإلكترونكس ريلايبيلتي”.
الحرارة عامل آخر من شأنه أن يؤثر سلبا على عمر البطارية
قال السيد دي فريس إن “أيون الليثيوم يحتاج إلى بعض المساحة في الأقطاب الكهربائية ويتعين على القطب الكهربائي أن يصنع هذا الفراغ. وبسبب الإجهاد، سوف تتحلل الأقطاب الكهربائية بشكل تدريجي وهذا أيضا يؤدي إلى فقدان وظيفة البطارية”.
اقترح كيفين بوردي من “آي فكس إت”، وهو موقع يعلم كيفية إصلاح الإلكترونيات الشائعة والأدوات المنزلية الأخرى، إنه “من السهل جدا ملء إسفنجة جافة بشكل سريع. لكن محاولة جعل إسفنجة مشبعة تقريبا تمتص آخر قطرات من السائل تتطلب ضغطا ومن المحتمل أن تترك المزيد من السائل المتجمع على السطح. هذا ‘التراكم’ الذي يتراكم على البطارية، يُسمى ‘تفاعل إلكتروليتي صلب‘. ويقلل التراكم من السعة الإجمالية للبطارية”.
يمكن لشحن البطارية بنسبة 100 بالمئة من فترة إلى أخرى، وعدم استنفاذ طاقتها بالكامل، أن يطيل عمرها إلى حد ما. كما يؤدي وضع ضغط أقل على الأقطاب الكهربائية إلى تدهور أقل، وزيادة فعالية البطارية لفترة أطول من الوقت. في هذا الصدد، قال دي فريس إنه “من الممكن إطالة عمر البطارية من خلال عدم شحنها بالكامل وعدم تفريغها بالكامل. ومن الأفضل أن تتراوح نسبة شحن الهاتف بين 20 بالمائة و80 بالمائة أو نحو ذلك. كما أن عمر البطارية يتناسب عكسيا مع كمية أيونات الليثيوم التي تضعها في الأقطاب الكهربائية”.
هذه أحد الأسباب التي تجعل شركة أبل تقدم شحنا محسنا للبطارية على أجهزة أيفون الخاصة بها، مع الحفاظ على شحن أقل من 80 بالمائة. لا يمتلك أندرويد خوارزمية مماثلة على مستوى نظامه، لكن الشركات المصنعة الفردية مثل “وان بلس” و “أسوس” قد أدخلت ميزات التحسين الخاصة بها.
كما أن الحرارة عامل آخر من شأنه أن يؤثر سلبا على عمر البطارية. ووفقًا لباتري يونيفرسيتي، سجل معلومات علوم البطاريات تحتفظ به شركة اختبار البطاريات “كاداكس”، “الحرارة هي أسوأ عدو للبطاريات. أيون الليثيوم يعمل بشكل جيد في درجات حرارة مرتفعة ولكن التعرض للحرارة لفترات طويلة يقصر من عمر البطارية”.
وفقًا لبوردي، تعتبر الحرارة مشكلة خاصة عند الشحن لاسلكيًا، إذ أنه ” بالاعتماد على عدة عوامل، مثل تجميع الهاتف وقاعدة الشحن وحافظات الهاتف، يمكن أن ينتهي الشاحن الخاص بك بإيصال ما يصل إلى نصف التيار الذي يحمله إلى هاتفك”.
لكن الأشخاص الذين يختبرون معيار الشحن اللاسلكي يدحضون هذه المخاوف.
قال منو ترافرز، مؤسس ورئيس مجلس إدارة “وايرلاس باور كونسيرتوم”، الهيئة التي تحافظ على معيار الشحن اللاسلكي لـ”كي”: “لسنا على علم بأي تأثير سلبي للشحن اللاسلكي لفترات طويلة. “كي” يجعل من الممكن للهاتف تبديل الشاحن في وضع الاستعداد عندما تكون بطارية الهاتف ممتلئة”.
في هذا الصدد، اقترح السيد تريفيرز أن عمليات الشحن المتكررة الشائعة مع الشحن اللاسلكي قد تطيل عمر البطارية. وقال إنه “وفقا للبحث الذي رأيناه، يزداد عمر البطارية فعليا بمقدار أربعة أضعاف عندما يكون عمق التفريغ، أو كمية تفريغ البطارية، بنسبة 50 بالمائة، بدلا من 100 بالمائة. بعبارة أخرى، من خلال زيادة شحن بطارية الهاتف باستمرار أثناء النهار، كما قد تفعل مع الشاحن اللاسلكي، وعدم ترك بطارية هاتفك تنخفض إلى أقل من 50 بالمائة، فإنك في الواقع ستزيد من عمر البطارية”.
ماذا تقول الشركات المصنّعة
رفضت الشركات المصنّعة للهواتف تقديم أي توصيات حول تقنيات شحن محددة عندما سألناها، إلا أنها تقدم نصائح غامضة على مواقعها الإلكترونية.
يُعد شحن هاتفك طوال الوقت والسماح لطاقة البطارية بالنزول إلى مستويات أقل من العادة من العادات التي قد تؤدي إلى تقلص عمر البطارية
تقول شركة آبل إنه بإمكانك “شحن بطارية أيون الليثيوم لآبل وقتما تشاء” وتُضيف أنه “لا داعي للسماح لها بالتفريغ بنسبة 100 بالمئة قبل إعادة الشحن”. وعلى صفحة أخرى على موقعها على الويب، تلاحظ الشركة أنه يجب عليك تجنب درجات الحرارة العالية (خاصة التي تفوق عن 95 درجة فهرنهايت) وإزالة حافظات الهاتف التي قد تتسبب في ارتفاع درجة حرارة جهاز الآيفون أثناء الشحن. لكنها لم تحدد متى يجب أو لا يجب عليك الشحن ولم تقترح أي حدود لشحن مثالي.
أما توصية غوغل بسيطة فهي:” قم بشحن الهاتف كثيرا أو أقل حسب الحاجة. ولست بحاجة إلى تعليم هاتفك مقدار سعة البطارية من خلال الانتقال من الشحن الكامل إلى الصفر، أو من الصفر إلى الشحن الكامل”. في المقابل، تنصح شركة سامسونج بالشحن بانتظام والحفاظ على البطارية بنسبة أعلى من 50 بالمائة. وتقول الشركة أيضا إن إبقاء الهاتف متصلا أثناء شحنه بالكامل من شأنه أن يقصر من عمر البطارية.
حتى إذا كان الشحن بصفة استمرارية يؤثر على عمر البطارية، فهل ستلاحظ ذلك؟
يُعد شحن هاتفك طوال الوقت والسماح لطاقة البطارية بالنزول إلى مستويات أقل من العادة من العادات التي قد تؤدي إلى تقلص عمر البطارية. لكن، هل من المحتمل أن يكون لهذه العادات ما يكفي من التأثير لإحداث فرق عملي يدفعك لشراء جهاز جديد؟
قد تكون عقود الخدمة اللاسلكية لمدة سنتين جزء من الماضي، لكن خطط التقسيط الحديثة عادة ما تتطلب سنتين لسداد قيمة الهاتف، مما يعني أن الأشخاص الذين لا يشترون هواتفهم مباشرة من المرجح أن يحتفظوا بها على الأقل لفترة طويلة. وكان الاستثناء الملحوظ هو برنامج “تطوير الآيفون من شركة آبل“، وهذا الأخير يعمل على تأمين “جهاز آيفون جديد كل عام”. ولكن حتى مع ظهور مثل هذه البرامج، تُشير البيانات الحديثة إلى أن دورات تطوير هاتف جديد تطول بدلا من أن تقصر. هذا وقد وجدت دراسة أجريت سنة 2019 مفادها أن الأمريكيين يحتفظون الآن بهواتفهم الذكية لمدة ثلاث سنوات تقريبا، وأولئك الذين يفضلون شركة آبل قد يحتفظون بأجهزة الآيفون الخاصة بهم لفترة أطول – حتى لفترة تصل إلى أربع سنوات، وفقا لتقرير أحد المحللين.
إذا لم تقم بالتجديد بانتظام ولم تتبع ممارسات الشحن المثالية، فمن المنطقي أنك قد تجد عمر بطارية هاتفك تتقلص بمرور الوقت. ومع ذلك، هناك عوامل أخرى – بما في ذلك مقدار استخدامك للهاتف بشكل عام – من المرجح أن يكون لها تأثير أكبر على عمر البطارية أكثر من سلوك الشحن. وذلك لأن بطاريات الليثيوم أيون يتم تصنيفها لعدد معين من دورات الشحن، أو المرات التي يمكن شحنها. (هذه الدورات تراكمية، لذا فإن شحنتين من 50 في المائة إلى 100 في المائة تعد بمثابة دورة واحدة). وبالتالي، كلما زاد استخدامك للهاتف، وكلما احتجت إلى إعادة شحن البطارية، كلما تدهورت الأمور.
في استطلاع غير رسمي شمل 32 من موظفي موقع “ذا واير كاتر” التابع لصحيفة “نيويورك تايمز” والذين يستخدمون أجهزة آيفون، كانت أقل سعة بطارية تم الإبلاغ عنها بعد سنتين من الملكية هي 85 بالمائة. ومن بين المشاركين في الاستطلاع، أبلغ شخص واحد فقط عن الحفاظ على مستوى بطارية الهاتف بدقة ضمن نطاق معين. وأشارت الغالبية العظمى (29 مشاركًا) إلى أنهم قاموا ببساطة بشحن هواتفهم عندما يكون مستوى البطارية منخفضًا، أو أثناء الليل، بينما أفاد شخصان أنهما يشحنان هواتفهما بشكل مستمر أو أكثر عند توفر الشاحن.
إذا قمت بشحن البطارية في منتصف قدرتها، فستستمر لفترة أطول، لكنها ستكون فارغة في وقت أقرب مما لو كانت البطارية مشحونة بالكامل
على الرغم من أن نتائج استطلاع الرأي التي أجريناها تظهر انخفاضًا عامًا في صحة بطارية الأيفون بمرور الوقت، فإنها تشير أيضًا إلى أن هناك القليل من الترابط المباشر بين عمر البطارية وعادات الشحن وصحة البطارية. على سبيل المثال، أفاد أحد مالكي آيفون 7 أنه بعد 42 شهرًا، وعلى الرغم من أنه لم يتحكم في مستويات الشحن، لا يزال الهاتف يتمتع بصحة بطارية تبلغ 87 بالمئة. وأبلغ مستخدم آخر لنفس النوع من الهاتف عن صحة البطارية بنسبة 64 في المائة فقط على الرغم من أن الهاتف أجدّ من الهاتف الآخر بستة أشهر ويعمل بنفس روتين الشحن.
إن فقدان 15 بالمائة من سعة البطارية على مدار سنتين هو أمر لافت للنظر لكن كافِ لتمكين معظم الأشخاص من قضاء يومهم دون الحاجة إلى شحنها – خاصة مع البطاريات الجديدة في أجهزة آيفون الحديثة. أما بالنسبة لمستخدمي الهواتف الأثقل وزنا الذين يستهلكون بطارياتهم بسرعة أكبر، أو أولئك الذين لديهم هواتف قديمة مع بطاريات أصغر وعمر بطارية أطول، فإن الخبر السار هو أنه يمكن استبدال البطاريات بسعر رخيص إلى حد ما. تتقاضى شركة آبل 50 دولارا أو 70 دولارا اعتمادا على طراز الآيفون الخاص بك. وستغير شركة باست باي بطارية سامسونج لهواتف جالكسي الذكية مقابل 50 دولارا. أو يمكنك القيام بذلك بنفسك باتباع الإرشادات الموجودة على موقع شركة آي فسك إت.
في النهاية إنها مسألة ملائمة
على المدى البعيد، قد تحتاج ربما إلى اختيار ما هو مناسب لك كالاعتناء ببطارية هاتفك لإطالة عمرها، أو شحنها في الوقت المناسب عندما تحتاج إليها. وفي هذا السياق يقول بوردي: “سيكون من الأفضل أن يُسمح لبطارية الهاتف بفقدان شحنتها تدريجيا، ثم إعادة شحنها عند الحاجة، ربما إلى 80 في المائة، قبل التوقف مرة أخرى”. وأضاف: “لا يرغب بعض الأشخاص بالمخاطرة بجعل هواتفهم بها شحن أقل قبل خروجهم. ولا يرغبون كذلك في النظر من وقت لآخر إلى النسبة المئوية للبطارية”.
في رده على وجه النظر هذه، قال فريس: “إذا قمت بشحن البطارية في منتصف قدرتها، فستستمر لفترة أطول، لكنها ستكون فارغة في وقت أقرب مما لو كانت البطارية مشحونة بالكامل. لذا فهي عبارة عن مبادلة بين إجمالي عمر البطارية ومقدار المرات التي يتعين عليك فيها إعادة شحنها”. وعلى الرغم من معرفته المثالية الوثيقة للبطارية، إلا أنه لا يمارس هذه العادة دائمًا، قائلا “أنا كسول، ففي الأيام الخوالي، كنت أنظر كل ربع أو نصف ساعة لمعرفة ما إذا كان هاتفي المحمول وجهازي المحمول مشحون بالفعل. ثم أتوقف، على سبيل المثال، عند 90 بالمئة أو 95 بالمئة. لكن في بعض الأحيان قد تنسى”
المصدر: نيويورك تايمز