مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية الـ59، عادت بعض الجماعات المتطرفة إلى الظهور، حتى ترجح كفة الرئيس الحاليّ والمرشح الجمهوري دونالد ترامب، أمام منافسه جو بايدن المرشح عن الديمقراطيين.
حركات غامضة ومتطرفة على غرار “كيو أنون” و”براود بويز” و”باتريوت براير”، لا تؤمن إلا بالعنف والكراهية والعنصرية وترى في ترامب الشخص المناسب حتى يحقق لهم أهدافهم إذا أعيد انتخابه رئيسًا.
حركة “باتريوت براير”
البداية ستكون مع حركة “باتريوت براير” (صلاة وطنية)، التي قرر موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، نهاية الأسبوع الماضي، حذف حساباتها من منصته وكذلك إنستغرام، بموجب تحديث لقواعده من أجل الحد بشكل أفضل من انتشار الحركات التي تحرض على الكراهية والعنف.
عام 2016 أسس جوي جيبسون “باتريوت براير” في مدينة فانكوفر بالقرب من بورتلاند (شمال غرب الولايات المتحدة) بعد انتخاب الرئيس دونالد ترامب، يقول مؤسس الحركة جيبسون إنه أصبح ناشطًا بعد أن شهد مشاجرة بين مؤيدي رئاسة ترامب والمتظاهرين المعارضين، وقد أسس حركته لمواجهة “عنف الشوارع المستشري المزعوم” ضد مؤيدي ترامب.
وصفت العديد من الوسائل الإعلامية الأمريكية هذه الحركة بأنها “مجموعة مؤيدة لترامب”
في أغسطس/آب 2017، جلبت الحركة الانتباه إليها بعد يوم من مظاهرة “اليمين المتحد” التي نظمت في شارلوتسفيل من أنصار تفوق العرق الأبيض ونازيين جدد، التي شهدت دهس سيارة لحشد من المتظاهرين المناوئين لهم، ما أسفر عن مقتل شخص وإصابة 19، حيث استغلت المجموعة هذه الحادثة للترويج لأفكارها.
تعرف المجموعة الصغيرة نفسها أولًا وقبل كل شيء على أنها “مسيحية”، لكنها تشتهر بعنفها ضد نشطاء اليسار المتطرف، حيث دائمًا ما تعمل على إثارة الجدل، بقصد إثارة عناصر أقصى اليسار المناهضين للفاشية، حتى تدخل في صدام معهم.
غالبًا ما تشارك هذه المجموعة في أعمال عنف ضد المتظاهرين المناهضين لترامب أو للعنصرية على غرار ما يحصل حاليًّا في مدينة بورتلاند التي تعد من أكثر المدن ليبرالية في البلاد، كما أنها تقود أعمال تخريب وفوضى.
تنشط هذه المجموعة اليمينية المتطرفة في شمال غرب المحيط الهادئ، وعلى وجه الخصوص في بورتلاند حيث استقطبت على مدى السنوات الأربعة الماضية، المئات من الأنصار الجدد.
عقدت الحركة عشرات التجمعات و”المسيرات السريعة” في مدن الساحل الغربي على أمل الشجار مع المعارضين لها، وقد تحولت مسيراتهم بانتظام إلى أعمال شغب عنيفة ضد خصومها السياسيين.
يصف زعيم الحركة جوي جيبسون، بورتلاند بأنها مدينة “مقززة” ومليئة بـ”ظلم كبير”، حتى إنه أصدر تعليماته للأعضاء والمؤيدين للحركة بالتسلح في التجمعات والمظاهرات التي يقومون بها هناك، بعد أن توعد أحد أنصاره عمدة المدينة بالتصفية الجسدية.
وصفت العديد من الوسائل الإعلامية الأمريكية هذه الحركة بأنها “مجموعة مؤيدة لترامب”، ووفقًا لصحيفة ويكلي ستاندرد، “في الأيام الأولى، كانت تجمعات جيبسون مؤيدة بشكل علني لترامب، وفي هذه الأيام، تم حذف الإشارات إلى ترامب في الغالب من خطابه الخاص”.
يأمل النشطاء اليمينيون المتطرفون التابعون لهذه الحركة المتطرفة في شمال غرب المحيط الهادئ في انتقال نشاطهم من المحلي إلى الوطني، بحيث يشنون حملتهم ضد اليساريين على الصعيد الوطني.
مجموعة “الأولاد الفخورون”
فضلًا عن حركة “باتريوت براير”، نجد أيضًا مجموعة “الأولاد الفخورون” ـ ذا براود بويز ـ وهي منظمة ذكورية “مؤيدة للغرب” تأسست عام 2016 في نيويورك من جافين ماكينز، وذلك خلال الحملة الرئاسية الأمريكية.
معظم أنصار الحركة، مؤيدين لترامب، ويدعون إلى إعادة انتخابه مجددًا على رأس السلطة الأمريكية، حتى تتحقق أهدافهم، فوجود ترامب على كرسي الرئاسة يساهم بدرجة كبيرة في الترويج لأفكارهم الفاشية.
تستهدف هذه الحركة اليمينية، الرجال الذين يريدون “الدفاع عن قيم الغرب” والذين “يرفضون الاعتذار عن خلق العالم الحديث”، وتوصف الحركة من العديد من الجمعيات وكذلك في وسائل الإعلام، بأنها منظمة يمينية متطرفة.
تتضمن وجهات نظر الحركة عناصر من نظرية مؤامرة الإبادة الجماعية للبيض، نتيجة ذلك توصف الحركة بأنها “مجموعة كراهية”
تدعي الحركة رفض أي تمييز على أساس لون البشرة أو الدين أو التوجه السياسي أو الجنسي، ومع ذلك فهي لا تقبل النساء في صفوفها، تقبل فقط الرجال البالغين، يتم الحصول على عضوية الحركة بعد مجموعة من الاختبارات آخرها المشاركة في معارك “من أجل القضية” ضد مجموعات اليسار المتطرف أو المناهضة للفاشية.
تم إنشاء المجموعة في نيويورك، وتم تثبيتها من خلال الفروع المحلية، في العديد من الولايات الأمريكية، كما تدعي وجودها في كندا وأستراليا و”إسرائيل” واليابان، ومن أبرز الخصال التي تميّز المنخرطين فيها، كراهية الإسلام ومعاداة السامية وكره النساء والمهاجرين.
تروج هذه المنظمة الفاشية للعنف السياسي وتشارك فيه، حيث تمجد العنف السياسي ضد اليساريين وتشارك فيه وتعيد تمثيل الاغتيالات السياسية وارتداء القمصان التي تشيد بعمليات القتل.
تعتقد المجموعة أن الرجال – وخاصة الرجال البيض – والثقافة الغربية تحت الحصار، وتتضمن وجهات نظرهم عناصر من نظرية مؤامرة الإبادة الجماعية للبيض، نتيجة ذلك توصف الحركة بأنها “مجموعة كراهية”.
على عكس حركة “باتريوت براير”، تعتبر “براود بويز” مجموعة إقليمية أكبر من حيث الحجم، ويشارك الأعضاء بانتظام في مظاهرات اليمين المتطرف وتجمعات ترامب مرتدين قمصان “تي شيرت” سوداء وصفراء وقبعات البيسبول الحمراء التي تحمل شعار “اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى”.
بعد سنوات من النشاط، نجح “الأولاد الفخورون” في تكوين مكانة خاصة بهم كنادي قتال يميني وقوة أمنية متطوعة للحزب الجمهوري، حيث يتطوعون لحماية التجمعات الانتخابية لترامب وأيضًا لممارسة العنف ضد المناوئين له.
“كيو أنون”.. ترامب ضحية المؤامرات
ثالث هذه المنظمات اليمينة المتطرفة، تدعى “كيو أنون“، وقد نشأت في أكتوبر/تشرين الأول 2017، وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي بفضل جيش من “الجنود الرقميين”، وفق مركز “صوفان” للدراسات الأمنية الذي يديره علي صوفان الموظف السابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي “إف بي آي”.
رسائل الحركة المشفرة يتم الترويج لها عبر حساب باسم “كيو”، يقول أتباعها إن “كيو” منشق سري في دوائر الرئيس قرر كشف بعض المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بطريقة عمل تلك المنظمة السرية العالمية على منصات التواصل الرقمية مثل منصة “فورتشان”، ومنها تخرج بعد ذلك المعلومات إلى مواقع التواصل الاجتماعي وتنتشر.
هذه الحركة الفاشية، عبارة عن تشكيل غامض مؤيد لدونالد ترامب، يروج لنظريات المؤامرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويزعم أتباعها أن الرئيس دونالد ترامب ضحية لمؤامرة من “الدولة العميقة” في الولايات المتحدة، لأنه يريد “إعادة السلطة للشعب” والإطاحة بمجموعة سرية من المجرمين “المتحرشين بالأطفال” الذين يحكمون العالم.
ساعد خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتطرف في تنامي شعبية هذه المجموعات اليمينية المتطرفة بين الأمريكيين
يوضح “كيو” في أول منشور له عام 2017، أن “دولة عميقة” تسيطر على الولايات المتحدة منذ عقود، هي منظمة سرية تضم مسؤولين كبار في الإدارات الأمريكية وآل كلينتون وأوباما وعائلة روتشيلد والمستثمر النافذ جورج سوروس، ونجوم من هوليوود وشخصيات نخبة عالمية.
تقول مجموعة “المتطرفون البيض” إن هؤلاء منضوون في شبكة دولية للاتجار بالأطفال لأغراض جنسية، ويريدون إنشاء نظام عالمي جديد، تتخلى فيه الدول عن سيادتها لصالح هذه النخبة.
يغتنم أنصار هذه الحركة التجمعات لنقل نظريات المؤامرة من العالم الافتراضي (الإنترنت) إلى العالم الحقيقي والجمهور الكبير، وغالبًا ما يظهر هؤلاء في المهرجانات التي ينظمها ترامب مرتدين قمصان “تي شيرت” عليها حرف “كيو” ويرفعون لافتات كتب عليها “نحن كيو”.
من بين ما تدعيه هذه الحركة مثلًا، قيام ديمقراطيين بارزين مقربين من هيلاري كلينتون بإخضاع أطفال لسوء المعاملة في مطعم بيتزا عائلي هادئ بواشنطن، وهي فرضية كادت تتسبب بمأساة في ديسمبر/كانون الأول 2016 حين أطلق رجل النار على مطعم “كوميت بينغ بونغ” للبيتزا دون سقوط إصابات.
تدعي الجماعة أيضًا، تحول تحقيق روبرت مولر في التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية لعام 2016 إلى إستراتيجية حاذقة، زاعمة أن ترامب يدعي التواطؤ مع موسكو ليتمكن من التعاون سرًا مع المدعي الخاص روبرت مولر لإلحاق الهزيمة بالشبكة الإجرامية الدولية المتشعبة.
ساعد خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتطرف في تنامي شعبية هذه المجموعات اليمينية المتطرفة بين الأمريكيين، ورغم ما تشكله هذه المجموعات من خطر على الولايات المتحدة الأمريكية وفق العديد من الجمعيات والمنظمات، فإن ترامب يعول عليها كثيرًا للفوز مجددًا برئاسة البلاد.