ترجمة وتحرير نون بوست
قامت الولايات المتحدة بشن غارات جوية على مواقع الدولة الإسلامية (داعش) وتنظيم القاعدة في مدينة الرقة السورية يوم 22 سبتمبر، ولأول مرة فعلت ذلك دون دعم حلفائها التقليديين مثل فرنسا أو بريطانيا، لكن بدلاً من ذلك بتحالف قوي من الأنظمة الملكية السنية في المنطقة.
المملكة العربية السعودية والأردن والبحرين والإمارات تشارك بقواتها في الغارات الجوية، في حين تقدم قطر الدعم الجوي، وهي الدولة التي كانت على خلاف كبير مع بقية تلك الدول، هذه الهجمة من القوات العربية والولايات المتحدة تخاطر بخلخلة الوضع الذي يسم الحرب السورية منذ قرابة ستة عشر شهرًا، ومن المحتمل أن يغير توازن القوى التي تطورت منذ أواخر 2012.
توسع نفوذ إيران في المجال العربي بسقوط نظام حسين ونظامه البعثي، ومرة أخرى مع انسحاب القوات الأمريكية من العراق في ديسمبر 2011، دعمت إيران القوى الطائفية الشيعية والأحزاب القريبة منها في بلاد ما بين النهرين وسوريا ولبنان، بما في ذلك الشيعة في العراق، وحزب الله اللبناني، والنظام العلوي في سوريا؛ سمح هذا لطهران بأن تحافظ على تواجدها في المنطقة وأن يكون لها رأي في المسائل الأمنية على طول حدودها الغربية؛ وهذا ما أرعب الدول العربية لاسيما السعودية، وأدى احتمال حدوث تقارب أمريكي إيراني، وهو ما زاد منه انتخاب الرئيس حسن روحاني، إلى زيادة التوتر في الرياض ولدى حلفائها: الإمارات والبحرين.
ونتيجة لذلك، شهد العام الماضي غضبًا متزايدًا ونشاطًا من قبل الجماعات العربية السنية، معظم هذه المجموعات تدعمها الملكيات التي شاركت في الضربات الجوية أمس على سوريا، هذا التنامي في النشاط تم تتويجه بطوفان من مسلحي داعش ينتقلون من سوريا إلى العراق، العديد من هذه القوات، وبينهم الجهاديين الذين يرون في السعودية وإيران أهدافًا لهجمات على المدى الطويل، تشكل تهديدات خطيرة على الاستقرار الإقليمي، وإذا كان هذا الوضع جزء من خطة طويلة الأجل أو هو مجرد حدث صنعته العملية العسكرية العدوانية في سوريا، فإن هذا الفيض من النشاط الجهادي وانتقاله إلى العراق يخلق فرصًا للرياض وللدول العربية الأخرى في المنطقة.
شراكات بديلة
هذا التحالف هو الأكبر الذي يجمع بين قوى عسكرية عربية ضد هدف مشترك منذ حرب الخليج عام 1991، من وجهة نظر الولايات المتحدة، توفر الضربات الجوية المشتركة مع الدعم الإقليمي، الشرعية على تصرفات الولايات المتحدة في العراق، والأهم من ذلك أنها توفر شرعية لأعمالها في سوريا، حيث تفتقر واشنطن إلى تأييد الديكتاتور السوري بشار الأسد، الذي تدعمه إيران، والذي لايزال يسيطر على سوريا من العاصمة دمشق.
أبعد من هذه الغارات، فإن الدور الذي حصلت عليه الرياض والأنظمة الملكية الأخرى في صراعات المنطقة هو موضع تساؤل، في اللحظة الحالية، العمل يقتصر على سوريا، لكن هذا التوافق يثير مسألة ما إذا كانت الضربات الجوية والتحالف الخليجي سيمتد إلى أهداف داعش في العراق، والعراق الآن تدخل ضمن النفوذ الإيراني، السؤال حول وصول الضربات إلى ليبيا سؤال مشروع كذلك، فليبيا تشهد صراعًا تعمل فيه الإمارات مع السعودية مع مصر لقمع القوى الإسلامية في البلاد.
في السنوات الأخيرة، كانت الولايات المتحدة تحاول وضع استراتيجية جديدة، استراتيجية تقلل من التدخل العسكري الأمريكي المباشر، وتشجع اللاعبين الإقليميين في لعب دور أكبر لاحتواء النزاعات كما في سوريا والعراق وليبيا، ومن الواضح أن الأطراف الإقليمية لا تزال غير راغبة أو غير قادرة على تحمل عبء إدارة هذه الصراعات من تلقاء نفسها، الولايات المتحدة أياضًا غير مستعدة لرؤية اتساع المعارك بالوكالة – كما هو الحال في التنافس الإيراني السعودي التركي في سوريا – إلى حرب إقليمية شاملة.
الأيام والأسابيع المقبلة ستكشف عن حجم الدور الذي ترغب المملكة العربية السعودية وحلفائها في لعبه في الحرب ضد داعش، ودورها أيضًا في فرض الاستقرار في المنطقة،
هذا يمكن أن يعني تقديم دعم سياسي وعسكري عربي، مع تحمل الولايات المتحدة للجزء الأكبر من العبء، وعلى العكس، يمكن أيضًا أن تؤدي تلك الضربات الجوية إلى إحساس متزايد بالذات لدى الملكيات العربية في المنطقة.
وبغض النظر عن مزيد من التطورات، إيران بالفعل تقع في موقف دفاعي، طهران وواشنطن غير قادرتين على التنسيق علنًا ضد الدولة الإسلامية سواء في سوريا أو العراق؛ ولذلك التفتت أمريكا إلى السعودية لملء هذه الفجوة، لكن يبقى الوضع أيضًا قابلاً للتغيير.
الرئيس الإيراني “حسن روحاني” سيعقد لقاء اليوم 24 سبتمبر مع “ديفيد كاميرون” على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة لبحث سبل مكافحة داعش، وهو أول اجتماع ثنائي بين مسئولين بهذا المستوى منذ 36 عامًا، وبينما تتطور تكتيكات المجتمع الدولي لقتال داعش، تتطور أيضًا حقائق الجغرافيا السياسية في المنطقة.
المصدر: ستراتفور