ترجمة وتحرير نون بوست
تغيّر مستقبل العمل على نحو جذري على خلفية جائحة تحدث مرة واحدة في القرن. وُضعت ديناميكيات العمل الجماعي في تحديات صعبة نتيجة المرض والصدمات والأزمات. لقد اضطررنا جميعا إلى التكيف بسرعة وبشكل جذري مع معايير العمل الجديدة. أمضى معهد فيرازي غرين لايت للأبحاث أكثر من 15 سنة في دراسة الفرق ذات الأداء العالي، لكنني لم أر قط رواد أعمال يرتقون إلى أعلى مستويات العمل كما فعلوا هذه السنة.
عندما تنحسر الأزمة، سيكون الإغراء هو إيقاف ذلك التقدم، والعودة إلى السلوكيات القديمة. لكن رواد الأعمال بحاجة إلى التوقف عن حمل عبء العمل الإضافي لوحدهم والتحول إلى عقلية “الحمل المشترك” وإلى الممارسات التي يمكن أن تغير أداء الفريق للعثور على نمو غير متوقع، وتقليل المخاطر غير المتوقعة. دعونا لا نرجع إلى الوراء فيما يتعلق بالعمل، دعونا نتطور.
لقد قمنا بدراسة العديد من الفرق العظيمة التي تعمل عن بعد منذ فترة طويلة قبل انتشار الوباء، واكتشفنا أن أكثرها فاعلية كانت ملتزمة بتجاوز حدود التعاون المتعارف عليها إلى ما أُطلق عليه “الارتقاء المشترك”. إن هذا السلوك مبني على الاعتقاد بأننا “سوف نرتقي معا” نحو متطلبات المهمة، كما أنه مصحوب بممارسات متميزة مشتركة تعزز الأداء. مثلما أصف في كتابي الجديد، “القيادة دون سلطة“، فإن عمل القائد الحقيقي هو تعزيز الشعور المشترك بالمسؤولية بين أعضاء الفريق.
لقد كشف الوباء عن الكثير من قواعد العمل التي لم تكن تخدمنا. تظهر استطلاعاتنا باستمرار أن سبعة من بين 10 أعضاء في الفريق لا يحظون بأي قيمة تُذكر، ويشعر 74 بالمائة أنهم لا يستطيعون التحدث في مجموعة من أقرانهم. كقادة، يقع على عاتقنا مسؤولية معالجة هذا الأمر. حان الوقت لوقف التركيز على تجنب النزاعات وتبني خطوات جريئة لدفع الجميع إلى الأمام.
إن التحول إلى الفرق الافتراضية لا يجعل العمل أكثر صعوبة، بل إن بعض جوانب التغيير ستصبح أسهل. دعونا نلقي نظرة على السمات المشتركة التي تُميّز الفرق العظيمة، إلى جانب بعض الممارسات الناجحة للحفاظ على هذه السمات.
الممارسة الناجحة: اعتمدوا التحديات الأسبوعية أو الشهرية. اتفقوا كفريق على ما يجب اعتباره أولوية، واحرصوا على أن لا تخرج الأمور عن المسار الصحيح.
الرشاقة
يتحدث الناس منذ فترة عن “منهجية أجايل” لتطوير البرمجيات، لكن التحول الهائل إلى العالم الافتراضي جعلها ذات قيمة كبيرة. تستبدل هذه المنهجية التخطيط السنوي والاجتماعات الطويلة المتعبة بتحديات أسبوعية أو شهرية. في هذه التحديات، تركز الفرق على مشروع أو مشروعين في وقت واحد، كما أن كل مجال وظيفي مهم في العمل يعرف ما هي النتائج المطلوبة لهذا الأسبوع.
يقوم كل فريق بوقفات يومية تسمى “سكرم”، حيث يجيب الجميع على ثلاثة أسئلة: ماذا فعلت؟ ما هي التحديات التي أحتاج فيها إلى المساعدة؟ ماذا سأفعل بعد ذلك؟ يصبح اتخاذ القرار السريع والفعال هو القاعدة، تماما كما أصبح هو القاعدة خلال الوباء. دعونا نتأكد من أن ذلك سيستمر.
الممارسة الناجحة: اعتمدوا التحديات الأسبوعية أو الشهرية. اتفقوا كفريق على ما يجب اعتباره أولوية، واحرصوا على أن لا تخرج الأمور عن المسار الصحيح. حوّلوا التركيز من طريقة سير العملية إلى تحقيق طلبات العميل. إن القرارات الصائبة هي تلك التي نتخذها عندما تكون الأمور في طور الإنجاز.
الإبداع المشترك
لقد أجبرتنا الأزمة على تجاوز الرسميات والاستفادة من المعارف المشتركة التي تحفز الابتكار. اكتشفت الفرق التي عملتُ معها على مر السنين كيف يمكن للعمل عن بُعد أن يخلق تعاونا أكبر. بفضل الأمان النفسي الذي توفره غرف المحادثة في تطبيق زوم، يمكن للقادة أن يزيدوا من حجم المخاطرة لاستبدال التقارير الرتيبة.
تصبح الاجتماعات المتكررة والموسعة حول ابتكار العمليات أو تحديد أسواق جديدة رسائل في اتجاه واحد، حين يسأل القادة جميع الأسئلة ويجيبون عليها.
لا تتصرف كأنك مركز الفريق . مهمتك هي طرح الأسئلة الذكية، وتقسيم الفريق إلى مجموعات أصغر، حيث يمكن سماع آراء الجميع واستخلاص رؤاهم من أجل عملية الابتكار.
تجنب بدء الاجتماعات بطريقة تقليدية، كما كنت تفعل من قبل. ابدأ بمحادثة تساعد الناس على الإسترخاء وتدفعهم للتعاطف مع بعضهم البعض
الممارسة الناجحة: اجعلوا جميع الاجتماعات مبنية على حل المشكلات بشكل جماعي. استفيدوا كثيرا من غرف الفيديو المنفصلة، لأن الناس يكرهون الصراع ولن يشاركوا بشكل علني في غرفة كبيرة. خصصوا ما لا يقل عن 50 بالمئة من وقتكم لحل المشكلات بشكل جماعي.
التعاطف
أصبح من الصعب الحفاظ على السلوك المتحفظ بعد قضاء ساعات طويلة في منازل زملائنا والتعود عليهم وسماع مشاكل بعضنا البعض. لطالما دافع الأكاديميون، على غرار برينيه براون من جامعة هيوستن، عن قوة القابلية للتأثر والتعاطف. في نهاية المطاف، تعد هاتان الصفتان مقبولتين في جميع أنحاء العالم.
الممارسة الناجحة: تجنب بدء الاجتماعات بطريقة تقليدية، كما كنت تفعل من قبل. ابدأ بمحادثة تساعد الناس على الإسترخاء وتدفعهم للتعاطف مع بعضهم البعض، وحاول التحدث عما هو أعمق من تلك المحادثة الصغيرة السطحية التي عادة ما تجريها في الردهة. اطلب من الجميع مشاركة “أفكارهم الشخصية والمهنية” أو “التحدث عن الأحداث السلبية والإيجابية”.
المسؤولية
أول سؤال يطرحه عليّ العديد من رؤساء العمل هو “كيف أتأكد من أن إنتاجية العاملين عن بعد لم تتأثر؟” ولكن المقصود من سؤالهم هو “كيف أعرف أنهم ليسوا في الغرفة الأخرى يقضون استراحة يوغا؟”.
كونك رئيس فريق ناجح، يعني تحديد نتائج واضحة ورؤية متكاملة لتنفيذ المشروع. إذا حددت لموظفيك النتائج التي ترغب في تحقيقها ووضعت تحديات، ولاحظت أنهم يحققون الأهداف المطلوبة منهم، ما الذي سيدفعك للإكتراث بما إذا كانوا يمارسون اليوغا في فترة ما بعد الظهر أم لا؟
هناك طريقة ناجعة أخرى لضمان التزام الموظفين، وهي تحديد مسؤوليات ثنائية مشتركة بين الزملاء، ولا أحد سيرغب في أن يخذل زميله. قد تبدو المسؤولية بين الزملاء كأنها نوع من العقوبة، لكنني أستند دائما إلى مبدأ الحل الجماعي للمشكلات، لمساعدة بعضنا البعض على إنجاز المهام بنجاح. إذا اعتمدت هذا المبدأ وفضلته على المسؤولية الفردية، فقد يتطوع الموظف الذين أحرز تقدما في المهام المطلوبة منه هذا الأسبوع ويساعد زميله على إنجاز المهام المطلوبة منه.
ممارسة ناجحة: بعد أن يستعرض أعضاء الفريق خططهم أو تقاريرهم خلال الاجتماع، قم بتقسيمهم إلى مجموعات صغيرة من أجل “دعم” عمل بعضهم البعض، بالإشارة إلى أحد المخاطر، والحديث عن فكرة واحدة مبتكرة للنظر فيها، ومبادرة يمكن أن تقوم به المجموعة لمساعدة الآخرين. إذا وفرت مساحة للموظفين ليكونوا في خدمة بعضهم البعض، فإنك ستحفزهم على الإبداع وعلى خلق أفكار جديدة تؤدي إلى الابتكار.
يقول إيلون ماسك إن أصدقاءه يخبرونه عن الأشياء الجيدة، بينما “يخبرني أصدقائي المقربون عما هو سيء”.
الكرم
“كيف يمكنني أن أقدم المساعدة؟”، لقد سمعت هذه الكلمات أكثر من أي وقت مضى خلال الوباء. هناك التزام حقيقي برعاية الناس ومساعدتهم في مشاريعهم وأفكارهم. هذا أمر بالغ الأهمية لزيادة تفاعل الموظفين مع بعضهم البعض. في بحثنا، انخفضت إنتاجية الفرق التي يعمل موظفوها عن بعد، والذين تُركوا دون رقابة بنسبة 50 بالمئة تقريبًا.
ممارسة ناجحة: يمكن لرؤساء العمل ترسيخ الكرم كقاعدة سلوكية من خلال سؤال كل من يقدم تقريرًا أو يقدم عرضًا تقديميًا بشكل روتيني عن “ما يمكن لأي من زملائه فعله ليساعد غيره؟”. من الأفضل أن تقدم هذا النوع من المساعدة في غرف الاستراحة. أما في غرفة الاجتماعات، ستفشل في ذلك.
الصدق
يقول إيلون ماسك إن أصدقاءه يخبرونه عن الأشياء الجيدة، بينما “يخبرني أصدقائي المقربون عما هو سيء”. أفهم السبب. رواد الأعمال لديهم في الغالب تفرد بالرأي ولا يقبلون الصراحة من فرقهم. هذا خطأ. يؤدي الخوف من الصراحة إلى إهدار وقت ثمين واتخاذ قرارات أبطأ.
من أهم الممارسات المفيدة هي أوقات المصارحة، وهي أفضل طريقة لاكتشاف الأشياء التي غفلنا عنها. أوقف الاجتماع مؤقتًا عندما تشعر أن الوقت مناسب واسأل الفريق، “ما الذي لم نتحدث عنه؟”
لقد دفعنا اضطراب التكنولوجيا والأسواق إلى التصرف والعمل بشكل مختلف. لكن لفترة طويلة جدًا، استمر الكثير منا في العمل وفقًا للقواعد القديمة. يوجد مجتمع من قادة الأعمال في GoForwardtoWork.com الذين يكرسون جهودهم لجمع وتبادل أفضل الأفكار في عالم العمل الجديد.
المصدر: إنك