ترجمة وتحرير: نون بوست
على الرغم من أن التحديثات المستمرة لهاتفك الذكي قد تُشعرك بالقلق، إلا أن الخوف من فقدانه أو نسيانه قد يتملّكك أيضًا. فيما يلي العلامات التي تدلّ على إصابتك بالنوموفوبيا أو ما يسمى برهاب فقدان الهاتف المحمول.
أينما ذهبت، سترى الكثير من الأشخاص منكبين على هواتفهم، حيث يخلق هذا التركيز المكثف على أجهزتنا بعض المشكلات التقنية الحديثة، مثل عادة “فوبينق” أي “تجاهل الآخرين بسبب استخدام الهاتف”. ومن جهة أخرى، نجد ظاهرة “سمومبي” وهي اختصار لعبارة زومبي الهاتف الذكي، والتي تعني المشي مثل الزومبي وأنت تستخدم هاتفك أثناء السير في الطريق أو الأسوأ من ذلك خلال عبور الشارع. وبالإضافة إلى ذلك، هناك مشكلة “النوموفوبيا”، أو رهاب فقدان الهاتف المحمول، وهو الخوف من الابتعاد عن هاتفك، ما من شأنه أن يسبب ضررًا حقيقيًا لجودة حياتك وصحتك.
ما هي النوموفوبيا؟
وفقًا لقاموس أكسفورد الإنجليزي، الذي أضاف كلمة نوموفوبيا رسميًا سنة 2019، فإن هذا المصطلح يعني “القلق من عدم الوصول إلى الهاتف المحمول أو إلى خدماته”. ولكن، ليس هذا القلق المتعلق بالهواتف المحمولة بالحديث.
وفقًا لدراسة أجرتها مجلّة “جورنال أوف فاميلي ميديسن أند برايمري كير” سنة 2019، فقد صيغ هذا المصطلح سنة 2008 من قبل مكتب البريد البريطاني لتحديد ما إذا كانت الهواتف المحمولة تغذّي الشعور بالقلق. وفي ذلك الوقت، أفاد حوالي نصف الأشخاص الذين أُجري عليهم الاستطلاع بأنهم شعروا بالتوتر عندما تُركوا دون هواتفهم، وبعد مرور عشر سنوات، أصبح الوضع أسوأ من ذي قبل.
على ضوء ما سبق، لا يمكن اعتبار النوموفوبيا حالة صحية عقلية قابلة للتشخيص لأنها غير مدرجة في أحدث إصدار للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية، وهو المرجع الرئيسي للحالات النفسية. (وفقًا لمراجعة نُشرت في مجلّة “سيكولوجي ريسيرش أند بيهافيور مانجمنت” اقترح الباحثون سنة 2014 إدراج رهاب نوموفوبيا في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية)
رهاب نوموفوبيا قادر على إفساد نظام نومك
وجدت إحدى الدراسات التي نشرت سنة 2020 في مجلة “سليب” أن 90 بالمئة من طلاب الجامعات البالغ عددهم 327 والذين شملهم الاستطلاع يمكن تشخيص إصابتهم بنوموفوبيا متوسطة أو شديدة. ولسوء الحظ، ارتبط رهاب نوموفوبيا باضطراب النوم والنعاس أثناء النهار وسوء عادات النوم الصحية.
يمكن تصنيف رهاب نوموفوبيا على أنه نوع خاص من أنواع القلق
وضّحت جينيفر بيسزكا، المتحصّلة على درجة الدكتوراه والمؤلفة المشاركة في الدراسة والأستاذة المساعدة في علم النفس في كلية هندريكس في كونوي، أركنساس، أن المشاركين أقرّوا بتفحص رسائل البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية أو وسائل التواصل الاجتماعي بعد إطفاء الأنوار للخلود للنوم. لكن بالنسبة لك، قد تتبع مجموعة من العادات الأخرى مثل متابعة وسائل التواصل الاجتماعي في السرير، أو الاستيقاظ لتفحص هاتفك خلال ساعات الليل، أو إبقاء إشعارات الهاتف قيد التشغيل أثناء نومك.
ما العلاقة بين النوموفوبيا والقلق؟
هل انتابك يومًا شعور بالخوف وأثر على معدتك حين لم تتذكر المكان الذي وضعت فيه هاتفك؟ أو لعلّك رأيت أحلاما مضطربة حول فقدانك لهاتفك أو تعرّضه للسرقة؟ وفي هذا الشأن، قالت بيسزكا: “أعتقد أنه يمكنك تصنيف رهاب نوموفوبيا على أنه نوع خاص من أنواع القلق”. في الحقيقة، تتنوع الأسباب الكامنة وراء إصابة شخص ما برهاب النوموفوبيا. وتابعت: “أعتقد أن الناس على اختلافهم يقلقون بخصوص أشياء مختلفة. هناك بعض الأشخاص الذين يظهر عليهم القلق، مثل خوفهم من أن يفوتهم شيء ما أو من عدم تمكّنهم من الحصول على المساعدة أو من الاتصال بشخص ما في حال احتاجوا لذلك”.
العلامات التي قد تدلّ على إصابتك برهاب النوموفوبيا
إذا لم تتمكن من النوم دون الاطلاع على الأخبار ومواقع التواصل الاجتماعي أو تشغيل الإشعارات طوال الليل للتأكد من عدم تفويتك لأي خبر أو حتى حملك الدائم لهاتفك بين يديك، فلعلّك تعاني من رهاب نوموفوبيا.
علاوة على ذلك، هناك استبيان مفيد وأكثر تفصيلا طوّره الباحثون سنة 2010، وهو عبارة عن مجموعة متكوّنة من 20 سؤالا ذاتي التصنيف على مقياس من واحد إلى سبعة (واحد يعني “غير موافق بشدة” وسبعة تعادل”موافق بشدة”). وأي مجموع يتجاوز 20 نقطة فهو مرتبط على الأقل بحالة خفيفة من رهاب النوموفوبيا، بينما يكشف تسجيل أكثر من 100 نقطة (من أصل 140 نقطة) الإصابة برهاب نوموفوبيا شديد. إليك عينة من خمسة أسئلة تستطيع طرحها على نفسك، وتمثّل هذه الطريقة نقطة بداية جيدة لاكتشاف المشكلة. وجمع 25 نقطة أو أكثر يعني على الأغلب ضرورة إكمالك لبقية الاختبار:
- أشعر بعدم الارتياح إن لم أكن على اطلاع دائم على المعلومات من خلال هاتفي الذكي.
- عدم تمكني من الاطلاع على الأخبار (على غرار الأحداث والطقس وما إلى ذلك) على هاتفي الذكي يجعلني أشعر بالتوتر.
- سأشعر بالخوف في حال نفذت بطارية هاتفي الذكي.
- إذا لم يكن لدي تغطية انترنت أو لم أتمكن من الاتصال بشبكة الواي فاي، فسأتفحص هاتفي باستمرار لمعرفة ما إذا تحصّلت على أي تغطية أو إشارة.
- [إن لم يكن هاتفي الذكي بحوزتي] سأكون متوترًا لأنني سأكون منفصلا عن هويتي الافتراضية.
كيف تنقذ نفسك؟
من المثير للاهتمام أن بعض الأشياء التي يُطلب منك القيام بها لتحظى بنوم جيد قد تؤدي إلى شعورك بالتوتر في حال كنت تعاني من رهاب نوموفوبيا. أوردت بيسزكا قائلة: “يشير بحثنا إلى أن مجرد إخبار شخص ما بترك هاتفه المحمول خارج غرفة نومه من شأنه أن يثير قلقه بدرجة كافية لإفساد جودة نومه”.
توصي بيسزكا باعتماد الاستراتيجيات السلوكية المعرفية التي يمكن أن تساعدك على الابتعاد عن هاتفك بشكل أسهل قليلاً في الليل. وإذا لم تتمكن من وضع هاتفك بعيدًا أو تركه خارج غرفتك (أو حتى في الجانب الآخر من غرفتك)، فعليك استخدام الإعدادات التي تحد من استخدامك له ولكن لا تفصل نفسك عنه تمامًا.
يصبح رهاب نوموفوبيا مشكلة عندما يتجاوز نطاق المعقول ليتحوّل إلى تهديد فعلي وحينها ستؤثر محاولاتك لتجنب الابتعاد عن هاتفك على أدائك الوظيفي
على سبيل المثال، شغّل خاصيّة “عدم الإزعاج” لتعمل منذ ساعة نومك إلى الوقت الذي ترغب في الاستيقاظ فيه. بهذه الطريقة سيتم إيقاف الإشعارات (أي لن يتوهّج ضوء الهاتف عندما تتلقى رسالة نصية أو بريدا إلكترونيا) ولن تتلقى مكالمات هاتفية، لكن يمكنك برمجة الهاتف على السماح بالمكالمات المدرجة ضمن اتصالات الطوارئ حتى تضمن أنك لن تفوّت أي شيء مهم.
متى عليك طلب المساعدة؟
هل تشعر بالنعاس أثناء النهار لأنك استخدمت هاتفك لوقت متأخّر محاولًا البحث عن الأخبار؟ هل استيقظت في منتصف الليل على صوت إشعارات خاصة برسائل وردتك من بعض الأصدقاء أو رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بالعمل في وقت متأخر من الليل؟ في هذه الحال، توصي بيسزكا بالتركيز أكثر على تحسين جودة نومك.
إلى جانب التركيز على النوم، عليك أن تنتبه إلى التركيز على جودة حياتك. شرحت بيسزكا قائلة: “على غرار القلق، يصبح رهاب نوموفوبيا مشكلة عندما يتجاوز نطاق المعقول ليتحوّل إلى تهديد فعلي وحينها ستؤثر محاولاتك لتجنب الابتعاد عن هاتفك على أدائك الوظيفي”. يشبه هذا الوضع تجنب السفر بالطائرة لأنك لا تريد إطفاء هاتفك. من المؤكد أن العلاج النفسي هو خيار جيّد لأي مشكلة تتعدى على قدرتك على عيش حياة سعيدة ومثمرة.
المصدر: ذا هيلثي