عنونت بعض الصحف التركية طبعاتها الصادرة اليوم الخميس بعناوين مبتهجة بكلمة أردوغان في الجمعية العامة للأمم المتحدة قائلة: “أردوغان نظر في أعين السيسي وقال: “لا يمكن لأي شخص أن يكون بريئًا في دنيا يموت فيها الأطفال ويُقتلون”.
واحتفت الصحف المقربة من حزب العدالة والتنمية بالكلمات القاسية التي وجهها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، للجنرال عبد الفتاح السيسي وللدول المساندة له بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، مذكرة بالتحليلات التي لم تصدق حول تراجع أردوغان عن معارضته للانقلاب العسكري في مصر وسيره نحو تطبيع العلاقات مع النظام المصري الناتج عن هذا الانقلاب.
وانتقد أردوغان التهم التي توجه له ولمعظم القادة الرافضين للانقلاب العسكري الذي عاشته مصر في 3 يوليو 2013، فقال: “لقد شاهدنا أن هناك من سعوا لإسكات من كانوا يحاولون لفت أنظار العالم إلى تلك المجازر، سعوا في ذلك تحت تسميات مختلفة، فكل من حاول الاعتراض على ما يجري في سوريا من جرائم، وما جرى في مصر من قتل للديمقراطية، تعرضوا لعدد من الاتهامات الباطلة التي لا أساس لها، حيث تم اتهامهم على الفور بدعم الإرهاب ومساندته”.
وبعد تأكيده على أن بلاده “لا تتدخل في الشئون الداخلية لأي دولة”، و”تحترم وحدة تراب جميع الدول بالمنطقة وسيادتها”، قال الرئيس التركي: “من اكتفوا بمجرد المشاهدة والصمت، ولم يكن لهم أي ردة فعل حيال قتل الأطفال والنساء، والانقلاب بالسلاح والدبابات على الأنظمة المنتخبة من قبل الشعب، مشاركون صراحة، وعلانية في هذه الجرائم الإنسانية”، مضيفًا أن بلاده “ستتصدى بكل قوة للإرهاب، والظالمين، والقتلة، ولاسيما قتلة الأطفال، وستواصل دفاعها بشكل شجاع، وأقوى عن الديمقراطية، والرفاهية”.
كلمات أردوغان هذه، والتي جاءت في أحد أهم المحافل السياسية الدولية والأكثر جلبًا للاهتمام الإعلامي العالمي، أثارت غضب النظام القائم في مصر مما جعل وزير خارجيته يصدر بيانًا يقول فيه إن تصريحات أردوغان “أقل ما توصف به هو أنها تمثل استخفافًا وانقضاضًا على إرادة الشعب المصري العظيم كما تجسدت في 30 يونيو وذلك من خلال ترويجه لرؤية أيديولوجية وشخصية ضيقة تجافي الواقع”، مضيفًا: “ولا شك أن اختلاق مثل هذه الأكاذيب والافتراءات ليس بأمر مستغرب أن يصدر عن الرئيس التركي الذي يحرص على إثارة الفوضى وبث الفرقة في منطقة الشرق الأوسط من خلال دعمه لجماعات وتنظيمات إرهابية سواء بالتأييد السياسي أو التمويل أو الإيواء بهدف الإضرار بمصالح شعوب المنطقة تحقيقًا لطموحات شخصية لدى الرئيس التركي وأوهام الماضي لديه”.
وحول تهم دعم الإرهاب التي توجهها بعض دول المنطقة للجمهورية التركية، قال أردوغان: تركيا ليست دولة داعمة أو راعية للإرهاب، أو دولة تغض الطرف عن الأعمال الإرهابية، بل على العكس نحن أكثر دولة خاضت كفاحًا مؤثرًا ضد الإرهاب”، مشيرًا إلى أن “اللامبالاة وعدم الاكتراث بقتل الأطفال وتبني ازدواجية في المعايير تجاه المظلومين، كان بمثابة إمداد للإرهاب بالأوكسجين”، لافتًا إلى أن “الكتل العريضة التي تعلق آمالاً كبيرة على الأمم المتحدة، والمنظمات، والمؤسسات الدولية، سقطت في فخ الإرهاب، وكلها عجز، ويأس”.
وتابع أردوغان كلامه قائلاً: “استقبلنا 1,5 مليون شخص اضطروا إلى الفرار من سوريا، 1,5 مليون شخص موجودون في بلدي نقدم لهم الطعام والأدوية والتعليم، لكن لم نحصل على كثير من الدعم حتى الآن .. ماذا بالنسبة للدول الأوروبية الغنية والقوية؟ لم تستقبل إلا 130 ألف لاجىء سوري حتى الآن”، كما توجه بكلامه لمنظمة الأمم المتحدة داعيًا إياها إلى أن تكون أكثر شجاعة، قائلاً: “تركيا فتحت حدودها للأكراد وتركيا هي التي تقدم لهم المساعدة الإنسانية، لقد فتحنا أبوابنا لليهود وحمينا باستمرار المسيحيين، وأنا فخور بأن أقول إن تركيا أصبحت إحدى الدول الأكثر سخاءً في العالم”.
ويذكر أن بيانًا صدر قبل أيام عن رئاسة إدارة الكوارث والطوارئ “آفاد”، التابعة لرئاسة الوزراء التركية، أفاد بأن تركيا أصبحت الدولة الأكثر تقديمًا للمساعدات الإنسانية عالميًا، بالنسبة للناتج القومي الإجمالي لها، وذلك وفقًا لتقرير “المساعدات الإنسانية العالمي لعام 2014″، الصادر عن “مؤسسة المبادرات التنموية” التي تعني بشئون مصادر المساعدات الإنسانية، ومستلميها، وطرق توزيعها.