تشكل المنتجات الكيماوية أو البلاستيكية قسمًا كبيرًا من الأدوات التي نستخدمها بشكل متكرر خلال حياتنا اليومية، وذلك بسبب سهولة الحصول عليها واستخدامها واستبدالها وتميزها بعملية تناسب سرعة الحياة ومتطلبات الإنسان متوسط الحال في أيامنا هذه، بالإضافة إلى عدم تقديم الأدوات والمنتجات الصحية والطبيعية خصائصًا عملية منافسة.
في المقابل، تحمل هذه الكيماويات – التي نتعرض لها يوميًا بأشكال عديدة – إمكانية التأثير على تطور الجهاز العصبي للإنسان، كما أنها من الممكن أن تسبب اضطرابات منها التوحد أو نقص التركيز سواء كان لدى الأطفال أم الأجنة في طور تكوينهم، وفيما يلي قائمة بأبرز هذه الكيماويات الموجودة بوفرة في حياتنا اليومية، وكيفية الاستعاضة عنها أو الحد من استعمالها.
الفثالات Phthalates
الفثالات هي مجموعة من المواد الكيميائية الموجودة تقريبًا في جميع الأشياء التي نستخدمها يوميًا، مثل الألعاب والمنظفات والعطور ومستحضرات التجميل وزيوت التشحيم وأغطية الجدران وأغلفة وحاويات الطعام ومنتجات العناية الشخصية مثل طلاء الأظافر وبخاخات الشعر ومستحضرات ما بعد الحلاقة والشامبو والمواد العطرية الأخرى وغيرها من المنتجات، فالفثالات مادة كيماوية تُستخدم في تليين البلاستيك أو العمل على دمج المواد العطرية بالمواد الكيميائية معًا.
الأضرار
في السنوات القليلة الماضية، ربط الباحثون الفثالات بالعديد من الأمراض منها الربو واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه وسرطان الثدي والسمنة ومرض السكري من النوع الثاني وانخفاض معدل الذكاء، بالإضافة إلى القلق بشأن تأثيرها على النمو العصبي والاضطرابات السلوكية واضطرابات طيف التوحد وقضايا الخصوبة عند الذكور.
ويقع الخطر الأكبر لهذه المادة على الأطفال، نظرًا لحقيقة تطور أجسامهم في هذه المرحلة التي قد يؤثر عليها التعرض لمستويات عالية من الفثالات.
الوقاية
من الصعب جدًا تجنب الفثالات بشكل كامل بسبب وجودها في جميع تفاصيل حياتنا اليومية، لكن من الممكن تقليل التعرض لها قدر الإمكان، ويمكننا القيام بذلك من خلال تجنب استخدام المستحضرات المعطرة سواء كانت للعناية الشخصية أم لتنظيف المنزل أم تعطير الهواء، وطهي الطعام في الميكروويف في عبوات زجاجية بدلًا من البلاستيكية، وتجنب استخدام الحاويات البلاستيكية وما تحمله في داخلها إذا كانت تحمل رقم 3 أو رقم 6 أو 7، ويمكننا التأكد من ذلك من خلال قلب العبوة والنظر إلى أسفلها، أما المواد البلاستيكية التي تحمل رقم 2 أو 4 أو 5 فيعد ضررها أقل نسبيًا.
إثيرات ثنائي الفينيل متعدد البروم
تُستخدم هذه المواد للإطفاء، فهي مواد كيميائية يمكن أن تبطئ من سرعة اللهب. يمكن العثور عليها في الأجهزة الإلكترونية مثل التليفزيون والكمبيوتر وأثاث المنزل والمواد العازلة، بالإضافة إلى المنتجات التي تحتوي على رغوة، بما في ذلك ألعاب ووسائد الأطفال وأي منتج من المفترض أن يكون مقاومًا للاشتعال.
ونتعرض لهذه المواد إما عن طريق بلعها من خلال الطعام أو الماء الملوث، وإما استنشاق الغبار الذي يحمل جزيئاتها، وإما من خلال لمس المواد المصنوعة منها.
الأضرار
غالبًا تتخلص هذه المنتجات من بعض الإيثرات الموجودة فيها، التي تتراكم بدورها في الغبار، وارتبط التعرض لهذه الإيثرات بمشاكل الغدة الدرقية، كما أظهرت الدراسات التي أجريت على فئران المختبر أن التعرض لهذه المادة أدى إلى تسمم الخلايا العصبية المسؤولة عن النمو والكبد والبنكرياس والغدة الدرقية وجهاز المناعة، وتختلف شدة الآثار باختلاف مستوى التعرض لهذه المواد.
كما تظهر الدراسات المنفذة على الحيوانات والبشر أن بعض أنواع الإيثرات متعددة البروم ثنائية الفينيل يمكن أن تعمل كمواد معطلة لنظام الغدد الصماء، وأنها تميل إلى الترسب في الأنسجة الدهنية البشرية.
الوقاية
لا توجد لائحة بأسماء المواد التي يمكن تجنبها، لكن يمكن قراءة محتويات المنتجات قبل شرائها، ومحاولة الاستغناء عن المواد التي تحتوي على مواد مقاومة للاشتعال، والحرص على تجنب استنشاق أو لمس الغبار قدر الإمكان من خلال تنظيف غبار المنزل وغسل اليدين باستمرار، خصوصًا أيدي الأطفال.
المبيدات الحشرية أو الفوسفات العضوي
يعد الفوسفات العضوي من أكثر المواد السامة المستخدمة في جميع أنحاء العالم، يتم استخدامه في مبيدات الحشرات وكذلك في الأسلحة الكيميائية الحيوية.
الأضرار
تعزز هذه المواد الضرر التأكسدي الذي يؤدي إلى موت الخلايا وتعطل عمل الغدد الصماء، بالإضافة إلى تأثيرها على العمليات الهرمونية المعقدة التي تنظم النمو والتمثيل الغذائي والخصوبة والجهاز المناعي، كما تم ربط تأثير هذه المواد بالبدانة والربو والحساسية والسرطان، ويؤدي تعرض الأطفال للفوسفات العضوي إلى زيادة خطر إصابتهم باضطراب النمو الشامل الذي يعد شكلًا من أشكال طيف التوحد.
الوقاية
– تناول الأطعمة العضوية وزيادة الحصة اليومية من الخضراوات والفاكهة والشاي الأخضر الذي يحوي مضادات أكسدة تدعم الجهاز المناعي، بالإضافة إلى تجنب المبيدات الحشرية سواء كانت موجودة في الغذاء أم المنزل أم الحديقة المنزلية.
– تجنب الأطعمة (الكائنات الحية) المعدلة وراثيًا، لأن أحد الأهداف من إعداد هذه الأطعمة هو تمكين استخدام المزيد من مبيدات الحشرات.
– من الممكن أيضًا تناول المكملات الغذائية التي تحتوي على مضادات أكسدة مثل فيتامين سي و أ.
– محاولة تجنب الإقامة بالمناطق الزراعية التي ترش بالمبيدات بشكل دوري، بالإضافة إلى ممارسة الرياضة التي تقوي الجسم والجهاز المناعي وتساعد على التخلص من المواد السامة عن طريق التعرق.
الرصاص Lead
الرصاص معدن طبيعي ويمكن العثور عليه في كثير من الأماكن ضمن بيئتنا المحيطة، مثل الهواء والتربة والماء وحتى داخل منازلنا، من الممكن أن نتعرض له بسبب استخدام مواد ومنتجات تحويه، سواء كان الاستخدام حاليًا أم قديمًا، ومثال على ذلك استخدام البنزين الحاوي على الرصاص أو وصول الرصاص إلى المياه التي نشربها بسبب تآكل الأنابيب التي تنقلها لنا، كما يستخدم الرصاص في مجموعة متنوعة من منتجات الموجودة في منازلنا وحولها، مثل الطلاء والسيراميك والأنابيب ومواد السباكة والبطاريات ومستحضرات التجميل.
الأضرار
يتعرض البالغون والأطفال إلى الرصاص من خلال أشكال كثيرة مثل المياه أو الطعام الملوث أو استنشاق الغبار الذي يحمل مادة الرصاص، لكن الخطر الأكبر يقع على الأطفال والنساء الحوامل، وتتجلى هذه الأضرار بالنسبة للأطفال على شكل مشاكل سلوكية وصعوبات في التعلم ونقص في معدل الذكاء وفرط نشاط ومشكلات سمعية وبطء في النمو وفقر الدم، ويعتبر الأطفال تحت عمر الست سنوات الأكثر عرضة لهذه المخاطر، بسبب صغر سنهم وسهولة امتصاص أجسامهم للمواد السامة وبالتالي تأثيرها على عمليات النمو.
الوقاية
– مراقبة وصيانة جميع الأسطح المطلية في المنزل، لتجنب تلف الطلاء وتحوله إلى غبار يمكن لمسه أو استنشاقه، نظرًا لأن هنالك احتمالية كبيرة لاحتواء طلاء الجدران على الرصاص.
– معالجة مشاكل الأنابيب بسرعة قدر الإمكان، خصوصًا تلك التي تنقل مياه الشرب.
– مسح الغبار باستمرار.
– استخدام المياه الباردة فقط لتحضير الطعام والشراب.
– غسل ألعاب وأغراض الأطفال بشكل مستمر.
– المحافظة على نظام طعام صحي متوازن لأن النظام الصحي يقلل من تأثير هذه المواد على الجسم عند الأطفال.
منتجات مضادات الميكروبات
التريكلوسان هو عامل مضاد للميكروبات، يستخدم في منتجات العناية الشخصية كالصابون ومعاجين الأسنان والشامبو ومعقمات المنازل، من الممكن حتى إيجاده في أدوات المطبخ والألعاب والأجهزة الطبية.
يتداخل التريكلوسان مع وظيفة العضلات ويعطل تنظيم الهرمونات ويغير في وظيفة المناعة، لكن يتمثل خطره الأكبر في مساهمته المحتملة بتطوير جراثيم مقاومة للمضادات الحيوية، ما دفع العديد من الشركات إلى البدء في إزالته من منتجاتها.
الوقاية
– تجنب استخدام المنتجات المصنفة على أنها “مضادة للبكتيريا”.
– تفحص محتويات المنتجات والتأكد من خلوها من مادة التريكلوسان.
تخلص العديد من الدراسات العلمية الحديثة إلى حقيقة أنه يمكنك تحقيق “حياة أفضل من خلال فهم أعمق للكيمياء الموجود في حياتنا اليومية، ويكشف البحث العلمي أن العديد من المنتجات المنزلية تحتوي على مواد كيميائية لها تأثيرات سامة على صحتنا، لكن باستخدام المعرفة والمعلومات المتاحة كسلاح لتجنب هذه المواد والمنتجات قدر الإمكان، بالإضافة إلى تزايد المنتجات “الصديقة للبيئة” في السوق يومًا بعد يوم، يمكنك الحد من تعرضك لهذه المواد الكيميائية السامة وحماية نفسك وعائلتك من آثارها الضارة بالصحة، حتى إن لم ننجح بإزالتها كليًا من حياتنا، فالتقليل منها يُعد خطوة مهمة وضرورية، نظرًا لأن ضرر هذه المواد يتناسب طرديًا مع مستوى تعرضنا لها.