“أرفض، وشعبك سيحميك”، شعار يراد به توفير الدعم القانوني والنفسي لكلّ إسرائيلي تخامره فكرة الردّ بـ “لا” حاسمة للخدمة الإلزامية بالجيش الإسرائيلي.
الحركة التي أسّسها عدد من شباب الدروز، في مارس 2014، ممّن يعتبرون أنفسهم ينتمون بشكل كامل للشعب الفلسطيني، وتشكل جدار صد لممارسات السلطات الإسرائيلية ضد كل من يمتنع عن أداء الخدمة العسكرية لسبب أو لآخر، بحسب شهادات متفرقة لبعض أعضاء الحركة.
وقام شباب الحركة، خلال الأسابيع الأخيرة، بتنظيم حملات توعوية تستهدف الطائفة الدرزية الحاملة للجنسية الإسرائيلية، الذين يقدر عددهم بحوالي 100 ألف، بخلاف سكان الدروز السوريين في الأراضي المحتلة بالجولان، والذين لا يمتلك معظمهم سوى تصريحات للإقامة في إسرائيل.
وتهدف المنظمة إلى جمع شمل الفلسطينيين وإعادة الاندماج للدورز، وتضم اليوم أكثر من 60 متطوعًا في كل من إسرائيل والضفة الغربية، فيما تلقت اتصالات من حوالي 40 شابًا إسرائيليًا يودّون الإفلات من الخدمة العسكرية ومن الوحدات العسكرية الاحتياطية، أو ممّن لديهم تحفظات من هذا النوع أو ذاك حيال التحاقه بالجيش الإسرائيلي ولو بشكل مؤقّت.
أحد المنخرطين في الحركة من شباب الدروز الإسرائيلي أشار إلى أنّ الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي تفتح الأبواب أمام المساعدات في مجال الدراسة والعمل، غير أنّ الدروز ظلوا في نسبة كبيرة منهم فئة مهمشة، في الوقت الذي ينتمي السواد الأعظم من العسكريين الدروز إلى فرقة المشاة في الجيش الإسرائيلي.
وفي تفسير لأهداف الحركة، أوضحت “مايزن حمدان” البالغة من العمر 23 سنة، وهي فلسطينية درزية، ومن مؤسسي الحركة “نحاول الحصول على منح دراسية لهؤلاء الريفيوزنيكس – الاسم الذي يطلق على من يرفض القيام بالخدمة العسكرية -، هي طريقة لنقول إننا وإن رفضنا أداء الخدمة العسكرية فإن ذلك لا يعتبر نهاية العالم، يمكننا أن ندرس وأن نشتغل كما الجميع”.
وفي الغالب، لا يقدم هؤلاء “الريفيوزنيكس” أسباب رفضهم أداء الخدمة العسكرية بشكل صريح، وذلك لأسباب سياسية، لأنه إن حدث وصرّح أحدهم بالأسباب الحقيقية، فسيتم الزج به وراء قضبان السجن، وفي المقابل يقع رفض العديد منهم خلال اختبار الأهلية الذهنية للانضمام إلى الجيش، وهو رفض يصنف تحت خانة “ملف 21″، وفقًا لعضو من حركة “أرفض” طلب أيضًا عدم الكشف عن هويته.
في ديسمبر 2013 و يونيو 2014 الماضيين، حكم على “سيف أووار” و “عمر سعد” بالسجن لمدة 20 يومًا قابلة للتجديد، في حال رفضهما أداء الخدمة العسكرية في إسرائيل، إلى حين حصولها على إعفاء رسمي بحسب أحد شبان منظمة “أرفض”.
وإلى جانب الضغوط التي تمارسها المؤسسة العسكرية الإسرائيلية على أعضاء حركة “أرفض” يلقى هؤلاء الشباب معارضة داخل مجموعة الدروز نفسها.
مايزن أضافت بهذا الخصوص، قائلة “بالنسبة للعديد من الناس، ليس من الطبيعي أن ترفض الخدمة العسكرية وتعتبر نفسك فلسطينيًا إن كان ذلك داخل مجموعة الدروز أو في إسرائيل”.
وتابعت في محاولة توضيح كلماتها السابقة “نحن ننتمي إلى طائفة دينية يمتلك فيها رجال الدين سلطة كبيرة، كما أن الناس يخشون الإفصاح بمعارضتهم للسياسة الإسرائيلية أو للقادة الدروز، فلقد تعرّض أحد الشباب للضرب من يهود في بلدته لا لشيء إلا لأنه أبدى رفضه للانضمام إلى الجيش بشكل علني، فيما طرد آخر من البيت من قبل أهله للسبب ذاته”.
وفي سياق متصل قال “سامر عسقلي” عضو في حركة “أرفض”، وأحد المصنّفين ضمن “ملف 21”: “من الصعب أن تعود إلى البلدة وألا تجد الناس الذين كنت تتحدث معهم وأن تشعر أنك مرفوض ومهمّش”، مشيرًا إلى أنه ومنذ انضمامه إلى الحركة “يسلط عليّ مجتمع الدروز ضغوطًا كبيرة كي أغادرها، لم يعد الناس يتحدثون معي لأني لا أنتمي إلى القالب الذي من المفترض أن أكون عليه أو أتناغم معه، ولكني أحاول التحدث معهم، أرغب في توعيتهم وفي تغيير رأيهم، أرغب في أن أثبت لهم أني لا أعمل ضدهم ولكن في صفهم”.
يعمل “مايزن” و”سامر”، في الوقت الراهن، في منظمة للمرافقة النفسية تتكفل بتقديم الرعاية النفسية لشبان الـ “ريفوزنيكس”، ممن أدوا الخدمة العسكرية وتوقفوا أو ممّن رفضوا أداءها منذ البداية، وقد أطلق الشابان دعوات لمتطوّعين من المختصين في الطب النفسي لتشكيل مجموعات دعم للشباب الرافض لأداء الخدمة العسكرية صلب الجيش الاسرائيلي.
وعلى سبيل الدعابة، اعترفت “مايزن” أنها هي نفسها في حاجة للمرافقة النفسية: “أتلقى عددًا كبيرًا من المكالمات على هاتفي الجوال، والأمر سيان بالنسبة لوالدي سواء على هواتفهما الخاصة أو الأرضي، وجميع تلك المحاولات تحاول إثنائي عن خوض ومتابعة هذه المعركة”.
حلم الافلات من الخدمة العسكرية لا يراود جميع شباب الدروز، ففي الوقت الذي يسعى فيه البعض منهم إلى تحقيقه، يفتخر البعض الآخر بالالتحاق بالجيش الإسرائيلي، وبأن يكون جزءًا منه.
ففي العاشر من سبتمبر الجاري، تلقى عدد من الممثلين الدينيين للدروز دعوات لزيارة القاعدة البحرية بحيفا من أجل “تعزيز الروابط بين قوات البحرية الإسرائيلية والطائفة الدرزية”، بحسب ما أفادت به القوات المسلحة الإسرائيلية.
وأضاف نص البيان أنّ “السكان الدروز الإسرائيليين مشهود بدورهم الخاص في صلب قوات الدفاع الإسرائيلية”، وليس ذلك فحسب وإنما قال أحد الضباط الدروز عقب انتهاء حفل استقبال المدعوين الدرز، ويدعى “ثامر عوض” أنّ “خدمة وحماية الدولة الإسرائيلية واجب علينا”.