ترجمة وتحرير نون بوست
الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، والتي تتحكم الآن في مساحات ضخمة في كلا الدولتين، والتي تخوض حربا ضد كل حكومات المنطقة تقريبا بالإضافة إلى الولايات المتحدة، لم تأت من فراغ.
صعودها متجذر في تاريخ المنطقة، في الحروب التي قسمت حكومات وشعوب المنطقة، وفي سلسلة من الخيارات الكارثية التي قامت بها كل القوى التي تحارب داعش الآن.
هذه الخرائط تخبرك قصة ما سماها الرئيس الأمريكي باراك أوباما “شبكة الموت”.
1 التنوع الديني والعرقي في الشام
كل لون على هذه الخريطة يظهر جماعة دينية مختلفة في شرق البحر المتوسط وبلاد الشام. ليس مستغربًا أن تكون مهد المسيحية واليهودية منطقة متنوعة دينيًا، لكن هذه الخريطة تبرز كم التنوع. دولة الاحتلال الإسرائيلي تقف بأغلبية يهودية في المنتصف، وينقسم لبنان بين جاليات كبيرة من السنة والشيعة والمسيحيين والدروز. وفي سوريا كذلك، علويون وشيعة ومسيحيون ودروز وسنة وأكراد.
2 الانقسام السني الشيعي في المنطقة
هذه الخريطة شديدة الأهمية لفهم الجغرافيا السياسية في المنطقة، وليس فقط في العراق. انظر إلى الأراضي في سوريا والعراق، اللون الأصفر يمثل المناطق التي يهيمن عليها الشيعة والرمادي هي مناطق السنة، داعش تسيطر على مساحات في المنطقة الرمادية في سوريا والعراق، المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية غالبيتها من الشيعة، كذلك في البحرين وفي مناطق في الكويت، الشيعة هم الأغلبية الساحقة في إيران، وفي مناطق من باكستان وأفغانستان. مع بعض التدقيق، يمكنك معرفة الدول التي تدعم أطرافًا بعينها في الحرب في سوريا، والدول التي تدعم النظام السوري أو النظام الطائفي في العراق.
3 اتفاقية سايكس بيكو وأثرها على الحدود السورية العراقية
نسمع الكثير عن هذه المعاهدة التي صُكت عام 1916 بين بريطانيا وفرنسا وروسيا الذين وافقوا سرًا على تقسيم مناطق الدولة العثمانية بينهم، أصبحت الحدود بين مناطق فرنسا وبريطانيا لاحقًا هي الحدود بين العراق وسوريا والأردن، هذه الحدود كانت تعسفية وغير واقعيةإطلاقاً؛ ولذلك فقد تم إجبار مجموعات عرقية وطائفية مختلفة للعيش معًا، وهذه المجموعات تتصارع الآنمعًا، الحدود قسمت المجتمع السني العربي وجمعت الشيعة بأعداد كبيرة في دول واحدة.
4 صعود القاعدة في العراق في 2006 وانهيارها في 2008
كانت داعش تُعرف سابقًا باسم “القاعدة في العراق”. كان قمة تأثيرها في 2006، سيطرت القاعدة في العراق على أجزاء كبيرة من مناطق السنة، وقامت بتشكيل “الدولة الإسلامية في العراق”، وبسبب تصرفاتهم الوحشية، غضب السنة العراقيون من “الدولة” ولاحقًا تشكلت الصحوات لاجتثاث القاعدة من العراق، هُزمت “الدولة” هزيمة نكراء، وفقد السيطرة الفعلية على مجاله بالكامل، وسقوط التنظيم يؤكد اعتماد داعش الآن على الدعم من العراقيين السنة، وإذا أغضبت داعش السنة من أهل العراق، فإنهم سيدمرونها كما فعلوا في السابق.
5 خريطة سوريا والعراق كما تراها داعش في 2006
هذه خريطة افتراضية، لكن الحقيقة أن وجودها يعبر عن طموح داعش. هذه الخريطة التي وُجدت في 2006 تبين المناطق التي تأمل داعش في السيطرة عليها، وخاصة مصادر النفط، بغض النظر عن صواب الخريطة، لكن الخريطة تقول الكثير حول تفكير داعش في اقتصاديات الحرب وكيفية تمويلها الذاتي، إنها تسيطر حاليًا على الكثير من تلك الأراضي، وتشير الآن تقارير أن داعش لديها الآن سيطرة على إنتاج نفط ومرافق لمصافي البترول، وهذه خطوة كبيرة نحو قدرة داعش على تمويل حربها الخاصة.
6 الربيع العربي
لا يزال مذهلاً النظر للوراء، لوقت مبكر من عام 2011، عندما انتشرت بشكل سريع وكبير انتفاضات الربيع العربي التي أطاحت بعدد من الأنظمة الديكتاتورية الهشة في الشرق الأوسط. ربما يثير الاكتئاب مقدار التقدم الذي أحرزته تلك الانتفاضات. فالحرب الأهلية في سوريا لا تزال مستمرة، كما أن مصر ودعت الديمقراطية بالانقلاب العسكري في منتصف عام 2013، ولا تزال اليمن غارقة في العنف وعدم الاستقرار السياسي، الحرب في ليبيا أطاحت بالقذافي لكنها تركت البلاد دون أمن أو حكومة فاعلة، ربما تبدو تونس هي الدولة الوحيدة التي تتحرك ببطء شديد نحو الديمقراطية.
7 الحرب السورية في أواخر 2012
هذه الخريطة تظهر الحرب في مراحلها المتفائلة الأولى، عندما كانت الحرب بشكل عام بين الحكومة السورية والثوار المحليين الذين يريدون الإطاحة بذلك النظام. داعش والمجموعات الأخرى التي تتألف بشكل أساسي من المقاتلين الأجانب لم تكن قد تشكلت بعد. يمكنك أن ترى أن الانتفاضة كانت في معظمها في غرب سوريا، حيث المراكز السكانية الكبيرة، وخصوصا في المناطق خارج المدن الكبرى مثل حلب ودرعا. هذا أمر مهم لأن الثوار السوريين لا يزالون في تلك المناطق بينما تتركز داعش في الشرق والشمال.
من المهم أيضا أن نرى كم التغييرات الذي حدث منذ 2012، ولنتذكر أن داعش بدأت كجيش غزا العراق من سوريا.
8 الحراك العراقي السني في 2012 – 2013
قام رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي بالكثير لمساعدة داعش في صعودها! فمنذ أصبح رئيسًا للوزراء في 2006، قام بوضع كامل السلطة في مكتبه! وقام بإدارة الحكومة على أسس طائفية وهو الشيعي؛ هذا أدى بطبيعة الحال إلى غضب السنة الذين نظموا سلسلة من الاحتجاجات استمرت في 2012 و2013، وبدأت حكومة المالكي في رؤيتهم كمشكلة حقيقية لا يمكن حلها، ولا ترغب الحكومة في حلها بشكل سياسي، وبذلك قرر المالكي استخدام القوة. قتلت قواته الأمنية أكثر من 56 شخصًا في احتجاج في بلدة الحويجة الشمالية في أبريل 2013، ومع تفكيك اعتصامات السنة بشكل عنيف، رأى البعض أن الحل الوحيد هو الحل العسكري، وهو ما ساعد جماعات مثل داعش في تجنيد وكسب ود السنة.
9 اللاجئون والنازحون السوريون
الثورة السورية السلمية التي تم قمعها بوحشية تحولت إلى حرب أهلية طاحنة، وخلال ثلاث سنوات فحسب، دمرت تلك الحرب المجتمع السوري وأعادته إلى جذوره الأولى، هذه هي الحقيقة التي تبرزها تلك الخريطة.
الخريطة توضح ثلاثة ملايين لاجئ و 6 ملايين نازح داخل سوريا. إذا أردنا أن نعرف ما تعنيه هذه الأرقام حقا، يجب أن نذكر أن تعداد الشعب السوري فقط 23 مليون.
الفوضى التي أحدثتها الحرب والفراغ الذي تسببت به أدى لظهور داعش وملئها ذلك الفراغ. السوريون الذين لا يزالون يقيمون في مناطقهم، والذين ضاقوا ذرعا بفظائع داعش قد يكونون على استعداد أن يدعموا أي مجموعة أخرى قد تقدم لهم قدرا من الاستقرار، وهذا حتى توفره داعش في بعض المناطق.
فيضان اللاجئين الذين خرجوا من سوريا يصحبه فيضان من الجنود القادمين للقتال في البلاد. وحتى إذا اختفت داعش غدا، فإن أزمة اللاجئين ستستمر، النازحون واللاجئون سيسببون عدم استقرار وقلاقل لمدة لا تقل عن جيل كامل.
10 الضحايا المدنيين في العراق بين 2011 و يونيو 2014
يمكنك أن ترى السبب في أن الناس قلقون من عودة الحرب الأهلية، هذا المخطط يشير إلى ارتفاع أعداد القتلى المدنيين في العراق منذ 2011، يظهر مدى السوء الذي وصلت إليه البلاد، كما يظهر أن الأزمة لم تبدأ فجأة بظهور داعش كما يحاول الأمريكيون إيهام العالم، لقد كان هناك تصاعد للعنف الطائفي خلال العام ونصف الماضيين، وجزء رئيسي من أسبابه يرجع إلى سياسات المالكي المدعوم من الولايات المتحدة ومن إيران.
11 الحرب الأهلية السورية
هذه الخريطة تبرز حالة سوريا بعد ثلاث سنوات من القتال، قُسمت البلاد بين القوات الحكومية والمعارضة المسلحة الذين بدأوا صراعهم من أجل الديمقراطية، وبين المقاتلين الإسلاميين المتطرفين الذين بدأوا في التدفق على سوريا بعد قرابة عام من بدء الثورة.
يمكننا أن نلاحظ تشابهًا وتداخلاً بين تلك الخريطة وسابقتها، فالمناطق التي تخضع لسيطرة الحكومة (باللون الأحمر) هي مناطق الأقليات المرتبطة بالنظام، في حين أن المناطق التي تسيطر عليها المعارضة (باللون الأخضر) هي مناطق الغالبية السنية، الأكراد أيضًا لديهم ميليشيات يسيطرون على المناطق ذات الغالبية الكردية، كما يتصاعد الفصيل الرابع (الدولة الإسلامية في العراق والشام داعش) باللون الأزرق.
12 مناطق سيطرة “الدولة” في العراق وسوريا، سبتمبر 2014
مع وجود قاعدتها الآمنة في الشرق السوري، أطلقت داعش حملة برية للسيطرة على مناطق العراق السنية، وهي تلك المناطق التي نشأت فيها داعش كفرع أول للقاعدة في العراق بعد الغزو الأمريكي. تسيطر داعش في هذه اللحظة على مساحة ممتدة تتجاوز مساحة بلجيكا، من حواف المدن السورية الغربية عالية الكثافة السكانية إلى ضواحي بغداد، ما يخلق منطقة حكم ذاتي سنيةقامت بالقضاء بشكل عملي على الحدود بين سوريا والعراق.
المقرات الرئيسية لداعش تقع في الرقة السورية، لكنها تسيطر أيضا على الموصل، إحدى أكبر مدن العراق، ومدنا عديدة أخرى.
هناك فائدة جمة من السيطرة وحكم تلك المدن، فهي توفر لداعش قاعدة دخل مالي، والعديد من مراكز العمليات، لكنها أيضا تحتوي على نقاط ضعف تكمن في اضطرار داعش الاعتماد على رضا السكان في تلك المناطق.
وإذا ثار السنة في تلك المناطق ضد داعش كما ترغب الولايات المتحدة، فإن ذلك سيؤثر بشكل جذري على قدرة التنظيم على العمل.
13 مصادر الطاقة داخل مناطق سيطرة داعش
سوريا ليست بلدا ثرية بالنفط، ومعظم نفط العراق يقع في المناطق الجنوبية بعيدا عن أيدي داعش. لكن المجموعة لا تزال تسيطر على قدر هائل من الأراضي التي لا تحتوي على النفط فقط، لكن أيضا البنية التحتية اللازمة لاستخراجه ونقله، لا سيما المصافي والأنابيب.
هذا الأمر وضع داعش بشكل مباشر على خارطة سوق الطاقة العالمي، وجعلهم يطورون من إنتاجهم القليل من النفط، وأن يمولوا حملاتهم العسكرية وأن يشتروا العراقيين أو السوريين الذين عانوا لسنوات من تجاهل الحكومات في دمشق أو بغداد. الولايات المتحدة وحلفائها يحاولون تدمير تلك البنية التحتية لحرمان داعش من مصادر تمويلها. لكن حقيقة أن هناك نفطا يمكن أن يتم مهاجمته، هي حقيقة مرعبة حول تصورات داعش للمستقبل.
14 الضربات الجوية الأمريكية ضد داعش
هذه هي الضربات الجوية الأمريكية الأولى ضد داعش في العراق، والتي بدأت في أغسطس، ثم انتقلت إلى سوريا في سبتمبر. هذه الضربات تهدف إلى تحقيق ثلاثة أشياء: أن تُبعد داعش عن بغداد، وعن عدد من السدود العراقية الهامة، وأن تدمر جزءا من البنية التحتية للطاقة والتي تمول بها داعش نفسها، وأن تدمر بنيتها التحتية وأسلحتها الثقيلة في المدن الكبرى مثل الرقة.
لكن هذه الضربات وحدها لن تهزم داعش، والجميع يعلم ذلك.
الجماعة وصلت إلى السلطة قبل أن تتحصل على أي من هذه الموارد التي يستهدفها القصف الجوي، ولذلك فإن هزيمة داعش ستحتاج اجتياحا بريا بشكل ما لإعادة احتلال المناطق التي تسيطر عليها داعش، وهذا سيحتاج أن يغير السنة في العراق وفي سوريا من بوصلتهم ليوقفوا دهم داعش لأي كان من يستبدلهم.
في العراق، يأمل الجميع من رئيس الوزراء الجديد أن يصل إلى اتفاق مع السنة وأن يبني جيش العراق لكي يستطيع إعادة السيطرة على مناطقه. وفي سوريا، ليس هناك حل جيد! ما يعني أنه لا أحد سيستطيع التكهن كيف سينتهي الأمر هناك.
المصدر: VOX