ترجمة وتحرير نون بوست
لقد وصل الوباء لنقطة مزعجة، فوفقًا لموقع الإحصاءات “Worldometers” هناك مليون حالة وفاة بسبب فيروس كورونا، رغم ظهور المرض منذ 13 من يناير/كانون الثاني هذا العام وكتابة الكثير عنه، فإننا لم نكتشف عنه إلا بعض القشور السطحية، وما زال هناك الكثير من الغموض.
في هذه المرحلة المهمة، سألنا عدة خبراء من مختلف المجالات أهم الأسئلة المتعلقة بفيروس كورونا وهذا ما قالوه:
كونور بامفورد: زميل باحث في علم الفيروسات جامعة كوينز في بلفاست
كيف وصل فيروس كورونا إلى البشر؟
في البداية يجب أن نفهم كيف تصل فيروسات كورونا إلى البشر إذا أردنا أن نوقف الجائحة القادمة كما فعلنا مع الإنفلونزا، رغم الاعتقاد الشائع بأن الفيروس ظهر في سوق للمأكولات البحرية، فإن أول مريض لم يكن له علاقة بالسوق، مما يعني أن الفيروس ظهر قبل ذلك، فكيف حدث هذا؟
منذ أن بدأت التحقيقات الأصلية عن بداية فيروس سارس في 2002، تورطت الخفافيش في جنوب شرق آسيا باعتبارها مضيفًا للفيروس، وبالفعل كان فيروس “RmYN02” الشبيه بفيروس كورونا موجودًا في الخفافيش بالفعل.
ومع ذلك وجُدت فيروسات مشابهة أيضًا في حيوان البنغول مما يثير احتمالية عدم انتقال فيروس كورونا مباشرة من الخفافيش، انتشر فيروس كورونا بين القطط والكلاب والنمور والمنك أيضًا، أما فيروس سارس فقد كانت قطط الزباد وكلاب الراكون مضيفًا وسيطًا له مما جعل فيروس الخفاش أقرب للبشر.
من المحتمل أن يكون فيروس كورونا فيروسًا عامًا قادرًا على الانتشار بين مجموعة واسعة من الأنواع، ومع زيادة الاتصال بين البشر والحياة البرية، أصبحت الأمراض الحيوانية تشكل تهديدًا متزايدًا، لذا يجب أن نكون يقظين، وأهم خطوة الآن أن نكتشف الأحداث التي أدت إلى انتقال فيروس كورونا من الخفاش للإنسان.
سارة كادي: زميل باحث إكلينكي في علم المناعة الفيروسية بجامعة كامبريدج
كيف نعرف أن أحدهم أصبح محميًا من فيروس كورونا؟
تهدف الاستجابة المناعية لفيروس كورونا إلى القضاء على الفيروس في الجسم، وصفت عدة دراسات المراحل المختلفة لاستجابة المناعة بعد العدوى الأولى، لكننا لا نعلم أي الجوانب المناعية ضروروية للوقاية من تكرار العدوى، ما الأدوار النسبية للأنواع المختلفة من الأجسام المضادة؟ وما أهمية المجموعات الفرعية المختلفة للخلايا التائية؟
لذا أهم هدف للأبحاث المناعية لفيروس كورونا هو اكتشاف أي العناصر المناعية يمكنه أن يُظهر أن الشخص محمي من العدوى المستقبلية، الذي يمكن أن نسميه “ارتباط الحماية”، إن القدرة على قياس ارتباط الحماية سيكون أمرًا ذا قيمة لسببين: الأول أنه يخبرنا إذا كان الشخص المتعافي من الفيروس قد تصيبه العدوى مرة أخرى، والثاني أن تحديد ارتباط حماية يمكن قياسه سيساعد في تجارب اللقاح وقد يساعد في تسريع عملية تقييم كفاءة اللقاح.
ومع ذلك، فقد ثبت أن اكتشاف ارتباط الحماية أمر صعب للغاية، فالنتائج المفيدة أثبتت من قبل أنها تظهر فقط عندما يُصاب المتطوعون تجريبيًا بالفيروس، من المقرر أن تبدأ أولى الدراسات البشرية لفيروس كورونا في بداية العام المقبل، لذا نتمنى أن يمكنّا ذلك من العثور على ارتباط الحماية سريعًا.
ديريك جاثرر: محاضر وزميل بمعهد المستقبل الاجتماعي بجامعة لانكستر
كيف يمكن أن نفسر الاختلاف الجغرافي الشديد في معدل وفيات الفيروس؟
تنتشر وفيات فيروس كورونا بشكل غير متساو في أنحاء أوروبا، فهي تتراوح بين 7 وفيات لكل مليون شخص في سلوفاكيا و856 وفيات لكل مليون شخص في بلجيكا، تمتد الدول التي تأثرت بشكل خفيف من فنلندا جنوبًا إلى البلقان شمالًا.
لقد كان علم الأمصال مهملًا مقارنة بعالم الجينات فيما يتعلق بعلم الفيروسات، لكن عواقب هذا الإهمال أصبحت واضحة الآن
هناك جيوب مماثلة من انخفاض وفيات كورونا في قارات أخرى مثل دول جنوب شرق آسيا، فهل يمكن أن يكون لدى السكان مناعة متقاطعة مع فيروس كورونا في الدول ذات الوفيات المنخفضة التي نشأت من التعرض إلى أنواع أخرى من الفيروسات التاجية مثل: 229E وNL63 وOC43 وHKU1.
يشير ذلك إلى احتمالية أن تكون الأجسام المضادة في مرضى فيروس سارس الأصلي عام 2003 لها علاقة بالفيروسات التاجية الأخرى خاصة OC43، لكن هناك القليل من الاهتمام بفيروسات كورونا الموسمية أو بالتحديد لالتهابات الجهاز التنفسي غير المرتبطة بالإنفلونزا، كما أن البيانات الميدانية السريرية المرتبطة بالأمر قليلة للغاية وقديمة (ثلث سكان هامبورج كان لديهم أجسام مناعية لفيروس “OC43” التاجي عام 1975).
إننا بحاجة ماسة لمزيد من الدراسات المعملية لفهم تأثير المناعة المتقاطعة للفيروسات التاجية، كما أننا بحاجة لدراسات سكانية لتحديد مدى انتشار الأجسام المناعية لفيروس كورونا، وكذلك للفيروسات التاجية المعتدلة التي لها أهمية محتملة.
لقد كان علم الأمصال مهملًا مقارنة بعالم الجينات فيما يتعلق بعلم الفيروسات، لكن عواقب هذا الإهمال أصبحت واضحة الآن.
آن موور: محاضر الكيمياء الحيوية وبيولوجيا الخلية بجامعة كلية كورك
بالنسبة للقاح، كيف يبدو النجاح على المدى القصير مقابل المدى الطويل؟
تتطلب المرحلة النهائية من الجائحة تحديد وتصنيع لقاح آمن وفعال وحملة تحصين عالمية، هذ التمويل العالمي البارز لجهود إنتاج اللقاح يمكنه فقط أن يوفر الوقت لإجراء التجارب وإما نجاحها وإما فشلها، لكن التجربة الناجحة تحتاج لانتشار الفيروس في المجتمع لنتمكن من تحديد عدد إصابة الأشخاص الحاصلين على اللقاح في مقابل الذين حصلوا على لقاح وهمي.
سيظهر النجاح قصير المدى أن اللقاح سيوفر على الأقل حماية بنسبة 50%، إذًا كيف سيبدو النجاح طويل المدى؟ والسؤال الأكبر ما مدة الحماية؟ إذا كانت قصيرة كيف سنحفز المناعة مرة أخرى للوصول إلى مستوى الحماية؟ وكيف سنصل إلى ذلك دون الاعتماد على المنهج التجريبي التقليدي؟
إذا لم يحدث نجاح قصير المدى فكيف نضمن الالتزام العالمي لمنع انتهاء تجارب اللقاح مثلما انتهت تجارب لقاح سارس؟ سيكون هناك جائحة أخرى لذا نحن بحاجة لرؤية طويلة المدى والتزام عالمي للحصول على نجاح مستقبلي قصير المدى.
سوزان ميتشي وروبرت ويست: أساتذة علم نفس الصحة بجامعة كاليفورنيا
كيف يمكن ترسيخ سلوكيات فيروس كورونا الآمنة في حياة الناس؟
يبدو أن كوفيد-19 سيستمر معنا لفترة في المستقبل القريب، لذا يجب علينا أن نتكيف مع مجموعة من السلوكيات لحماية أنفسنا من العدوى أو نقلها للآخرين، نحن جميعًا نعلم تلك السلوكيات، لكن كيف نجعلها راسخة في حياتنا؟
تتضمن تلك السلوكيات الحفاظ على مسافة جسدية بين الأفراد وبعضهم بعض واستخدام أدوات كوفيد (قناع وجه، مطهر يد، مناديل ورقية)، ويجب ارتداء قناع الوجه خارج المنزل طوال الوقت خاصة في الأماكن العامة المغلقة والتخلص منه بأمان، وتعقيم اليد والأسطح بعد أي تلوث محتمل، والعطس والسعال في المناديل الورقية وعدم لمس العينين أو الأنف أو الفم قبل غسل اليد جيدًا، وتجنب أي مواقف غير آمنة والبقاء في المنزل في حالة ظهور أي أعراض.
نحن بحاجة ماسة لدراسات تحت السيطرة بين غالبية المصابين الذين لم يذهبوا إلى المستشفيات
التحدي الذي يواجهنا هو التكيف مع تلك السلوكيات والحفاظ عليها بمرور الوقت، بمعنى آخر أن تصبح عادة وروتين في حياة الناس، يتطلب ذلك فهم كيفية الحفاظ على سلوك بشري وتغييره، لذا يجب تزويد الناس بالمهارات اللازمة لتبني تلك العادات وتوفير الدعم الاجتماعي والبيئي لتحقيق ذلك.
ديفيد هانتر: أستاذ علم الأوبئة والطب بجامعة أوكسفورد
ما سلسلة العواقب الصحية الكاملة لعدوى كوفيد-19؟
لدينا الآن مجموعة بيانات كبيرة خاصة بالوفيات التي تظهر زيادة خطر الموت من الإصابة مع تقدم العمر، يختلف ذلك مع جائحة أنفلونزا “H1N1” عام 2009 التي كان الأكبر عمرًا فيها أقل إصابة بالفيروس.
بينما كان معظم التركيز على الوفيات، تشير عدة دراسات صغيرة أجريت على الناجين من المرض (ممن كانوا في المستشفيات) أنهم لا يعودون لكامل صحتهم، لكننا لا نعلم إلا القليل جدًا عن تأثير كوفيد-19 على الأشخاص الذي لم يذهبوا إلى المستشفيات.
تشير متابعة مرضى كوفيد-19 إلى أدلة على تلف في القلب والرئتين وأعضاء أخرى مما قد يسبب مشكلات في المستقبل، وهناك أدلة على حدوث ذلك حتى بين من يعانون من أعراض خفيفة ومتوسطة.
قد تسبب بعض العدوى الفيروسية أمراضًا غير مشخصة، لكن العديد من الآثار طويلة المدى غير شائعة نسبيًا، أما إذا أصبحت تلك الآثار شائعة في حالة كوفيد-19 فهذا يعني أن التركيز على الوفيات لن يجعلنا قادرين على اكتشاف التكلفة الكاملة للفشل في السيطرة على الفيروس أو الفوائد الكاملة لذلك.
بدأت الدراسات على المرضى عقب خروجهم من المستشفيات، ونحن بحاجة ماسة لدراسات تحت السيطرة بين غالبية المصابين الذين لم يذهبوا إلى المستشفيات، لأننا لا نرى الآن إلا قمة جبل كوفيد-19 فقط.
المصدر: ذي كونفرسايشن