ما زالت طائرات “التحالف الدولي” بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية يوجه ضرباته بشكل غير منتظم على مواقع تنظيم الدولة الإسلامية المعروف بـ “داعش” في سوريا والعراق.
وفي سوريا، قالت الهيئة العامة للثورة السورية أن “4 غارات نفذتها طائرات التحالف الدولي، استهدفت مواقع في مدينة الميادين، الواقعة بريف دير الزور (شرق سوريا)، فيما حلقت طائرات استطلاع تابعة للتحالف، في سماء مدينة الرقة”.
أما شبكة سوريا مباشر فقالت أن “غارات التحالف الدولي استهدفت منطقة (البحرة الخاتونية)، في ناحية الهول الحدودية، بمحافظة الحسكة (شمال شرق)، وهي منطقة قريبة من الحدود مع العراق، كما استهدفت الغارات حقلاً نفطياً في محيط مدينة الشدادي في ريف الحسكة”.
وأضافت الشبكة أيضا أن “الغارات استهدفت محيط بلدة (العشارة) في ريف دير الزور الشرقي، فيما استهدفت غارة أخرى حقل (التنك) النفطي، في ريف دير الزور الشرقي أيضا”.
في الوقت ذاته، رفضت كل من الجبهة الإسلامية، والاتحاد الإسلامي لأجناد الشام، وهما من أكبر الفصائل المقاتلة لنظام بشار الاسد، ما وصفتها بـ “استهداف الفصائل الفاعلة على الأرض ضدّ نظام الأسد، إذ سيزيد ذلك من جرائم النظام بحقّ المدنيّين العزّل”، على حد تعبيرها.
جاء ذلك في بيان صدر عنهما، أمس الخميس، وأوضحا فيه رفض “أيّ تجمّع، أو تحالف عسكريّ، أو سياسيّ، يزيد من معاناة السوريين قتلاً وترويعًا وتشريدًا، ولا يعنيهم فيه المبررات المصطنعة في حرب الإرهاب”، فيما شدد البيان على أن “الحملة هي لزيادة محنة الشعب وابتلائه، واستمرار في النفاق الغربيّ”.
وأضاف البيان أيضا، “إنّ رفضنا هذا يأتي من معاناتنا، واضطرارنا للدفاع عن أنفسنا ضد الإرهاب الذي يزعم الغرب اليوم محاربته، والذي كان فيه للنظام الأسدي المجرم دور أساسي في ظهور (داعش)، وثنَّت عليه (يقصد النظام)، المواقف الدولية، وساهمت بصمتها”.
من ناحية أخرى، أكّد الفصيلان على أنهما “حذّرا مرارًا من استهداف المدنيين والثوار، الذين خرجوا لقتال نظام الإجرام، وتحرير سوريا منه، وأعلنا بأن قتالهما لنظام الأسد وتوابعه لن يتوقف حتى إسقاطه”.
واستهجن البيان أيضا “التحييد الكامل لقوات وقواعد اﻷسد في هذه الحملة، رغم ممارسته إرهاب الدولة”، مؤكدا أن “أي اعتداء على القوى الفاعلة والمشاركة في الثورة، سيؤدي بالنظام لانتهاز الفرص، لارتكاب المزيد من الجرائم بحق الشعب الأعزل”.
من ناحية أخرى، شكك خبراء أمريكيون مختصون بشؤون الإرهاب والأمن، بقدرة “التحالف الدولي” من القضاء على تنظيم “داعش” في سوريا من خلال تنفيذ غارات جوية ضد مواقعه، مبينين أنه حتى وإن كانت الغارات تضعف قوة التنظيم، إلا أنها لن تؤدي إلى القضاء عليه ما لم يتم التدخل بقوات برية.
وقال الخبير “ديفيد شانزر” الذي يعمل بمركز الإرهاب والأمن الداخلي بجامعة ديوك الأمريكية، أن الغارات الجوية بالتأكيد ستخلف أضراراً بالغة بتنظيم الدولة، بيد أنه نفى أن تكون كافية للقضاء عليه.
ولفت إلى أن الهجمات قد تنجح في حالات الأهداف الموجودة في مساحات مفتوحة، ومواقع تخزين الأسلحة، والذخيرة، والحشودات التابعة للتنظيم، لكن ذلك سيؤدي إلى خسائر جزئية فقط في صفوف التنظيم، لكن ذلك لن يطرد التنظيم من الأماكن التي بسط سيطرته عليها.
بدوره اتفق مساعد وزير الدفاع الأميريكي السابق “لورانس كورب” مع شانزر في وجهة نظره، مؤكداً أنه لا يمكن القضاء على تنظيم مثل تنظيم داعش بسرعة وسهولة، مشيراً أن العمليات البرية قد لا تكون كافية أيضاً لهذا الغرض، وأن هذا النوع من التنظيمات لا يمكن القضاء عليه بالغارات الجوية والعمليات البرية، وأن المطلوب هو إضعافه من أجل إنهاء تهديده على المنطقة والعالم.
الخبير في الاستخبارات العسكرية والسياسات الخارجية “مارك بيري”، أفاد أنه لا يوجد قوات محلية يمكنها التعامل مع قوات تنظيم الدولة، مبيناً أن قوات المعارضة المعتدلة ما زالت بعيدة عن القدرة على مواجهة داعش، كونها تفتقر للتجهيزات العسكرية والإعداد والتدريب الجيدين.
يأتي ذلك بينما تفيد زارة الدفاع الأميركية أن 200 هجوماً استهدفت قوات التنظيم في العراق، ونحو 30 هجوماً آخر في سوريا، موضحةً أنها ما زالت تعمل على رصد نتائج هذه الهجمات على تنظيم الدولة، كاشفةً في الوقت ذاته أن الحرب ضد “داعش” قد تستغرق سنوات طويلة.
تشكيك الخبراء هذا جاء في الوقت الذي أكد فيه أوباما مراراً على أنه لن يرسل قوات برية أمريكية لا إلى العراق أو سوريا، وإنما سيكتفي بالضربات الجوية مع تدريب قوات من المعارضة السورية لمواجهة التنظيم، الأمر الذي قد يفسر إفادة وزارة الدفاع الأمريكية بأن محاربة التنظيم “قد تستغرق سنوات طويلة”.
في السياق ذاته قال رئيس الوزراء البريطاني “ديفيد كاميرون” أن بلاده لن تدخل برياً في مواجهة تنظيم “داعش”، لكنها ستعمل على مساعدة العراقيين في محاربتهم ميدانيا، جاء ذلك في كلمة أمام مجلس العموم ظهر اليوم الجمعة، لبحث طبيعة المشاركة البريطانية في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، ضد “داعش”.
وأضاف كاميرون: “داعش يجب تدميره في سوريا ونحن ندعم العمل الذي تقوم به الولايات المتحدة .. لكننا لن تدخل بريا في مواجهة التنظيم، وإنما سنعمل على مساعدة العراقيين في محاربتهم ميدانيا”.
وأوضح أن “بلاده دعمت الائتلاف السوري والجيش الحر من خلال المشورة والتدريب والأسلحة غير الفتاكة”، مضيفاً: “نريد تجاوز هذه السياسية ولكن لم أرد طرح هذه المسألة لأنها لا تحظى بالتوافق داخل مجلس النواب”، من دون أن يوضح ما قصده بالتجاوز.
وقال رئيس الوزراء البريطاني: استراتيجيتنا واضحة فيما يخص دعم المعارضة السورية والعمل على التوصل إلى مرحلة انتقالية، وكذلك دعم القوى التي تقاتل “داعش” في الأردن ولبنان، مشيراً أن الحملة ضد داعش قد تستغرق “عدة سنوات والغرض منها سيكون حماية الشعب البريطاني وهو ما لا يمكن أن يتم تكليف به قوات أخرى”، على حد قوله.
كاميرون أوضح أن هناك إطار قانوني للتحرك وهو طلب الحكومة العراقية التي تتطلب التحرك في دعم الشركاء في المنطقة، إلى جانب وجود تحالف مهم تشارك فيه بلدان عربية ملتزمة بهزيمة داعش، مشيرال إلى أن 60 بلدا، بينهم خمس دول عربية، تشارك في الضربات الجوية على التنظيم، بحسب قوله.
ويواصل التحالف المكون من القوات الأميركية، بمشاركة قوات من البحرين، وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة يومه الخامس من الهجمات الجوية التي تستهدف نقاط تفتيش تابعة لتنظيم الدولة “داعش”، ومصافي النفط التي يسيطر عليها، ومعسكرات التدريب، حيث تقوم السفن التابعة لمشاة البحرية الأميركية الموجودة في البحر الأحمر وخليج البصرة، بقصف مواقع التنظيم بواسطة صواريخ “توماهوك”، وبواسطة الغارات التي تنفذها المقاتلات الحربية، فيما لا تزال نتائج تأثير هذه الضربات غير واضحة المعالم.