ترجمة وتحرير نون بوست
تكرر استخدام كلمة المرونة خلال جائحة كورونا، فقد تم تشجيع الأطباء ورواد الأعمال والمعلمين على بناء المرونة لمعالجة احتياجات مجتمعهم، ومع ذلك قد لا تكون الدعوة إلى المرونة الطريق الأفضل في السياق الحاليّ، هناك خيار آخر وهو الأمل.
يؤكد البحث الذي أجريته في فلسفة التعليم الدور القيم الذي يلعبه الأمل، فالأمل يساعد الطلاب على التفكير في أنفسهم كأشخاص قادرين على إرساء الأهداف والعثور على طرق مبدعة لتحقيقها، حتى في مواجهة قيودهم الخاصة والشك المحيط بهم الذي لا مفر منه، وفي الأجواء الحاليّة قد يكون الأمل أداة أكثر فائدة في التعامل مع الأزمة.
التعافي السريع
يكمن جوهر المرونة في الادعاء بأن البشر لديهم القدرة على التعافي والنمو في مواجهة المحن، وفي الأزمة الحالية، هذه الأفكار – المرونة والعزم والقدرة على التعافي – لها جاذبية مفهومة، حتى إن إعلان جامعات المملكة المتحدة قال: “لقد جعلتنا 2020 أقوى في مواجهة الشدائد”.
ومع ذلك ورغم قوتهم، فإن أفكارًا مثل المرونة والعزم قد تكون مثيرة للجدل، أظهرت الأبحاث أن المرونة والعزم ليسا الطريق الوحيد أو الأفضل للنجاح، ففي النجاح الأكاديمي هناك عوامل أخرى مثل الحضور وعادات الدراسة التي تدفع للنجاح بشكل أفضل من المرونة والعزم.
يقول المدافعون عن العزم إنه يتكون من عنصرين أساسيين: المثابرة على الجهد واستمرار الفائدة، من بين العنصرين تعد الاستمرارية أكثر إشكالية، فهي تعني في هذا السياق السعي المستمر العنيد تجاه الأهداف، هذه الفكرة عن الاستمرارية ربما ليست الطريقة الأكثر نفعًا في التعامل مع الجائحة وأزمة الصحة النفسية العالمية العميقة.
عادات سيئة
غالبًا ما يتم الترويج للمرونة في أماكن العمل ومن ممارسي علم النفس التنظيمي كفكرة مثالية يجب أن يتطلع إليها العاملون، لكنه أمر خطير، فالترويج للمرونة يعني أن نطلب من الموظفين أن يكونوا متسامحين مع الظروف السيئة غير المرغوب بها، فبدلًا من الدفع نحو التغيير – سواء تغيير الوظيفة أم القتال من أجل تحسين ظروف العمل – سيتبع هؤلاء الموظفون الأهداف باستمرار بمجرد تحديدها، وحينها يصبح النجاح القدرة على تحمل الضغط وربما الإساءة.
يكمن الخطر هنا في أن الموظفين الذين تظهر عليهم علامات الضغط والإرهاق المرتبط بالعمل سيُنظر إليهم على أنهم يفتقرون للمرونة، وقد يتم تجاهل ظروف العمل السيئة مقابل لوم ضحايا إهمال مكان العمل، وكما يظهر البحث الحديث قد تكون المرونة منهجًا عقلانيًا، لكن تلك العقلانية تعتمد على الظروف.
في السياق الذي نتحدث فيه، هناك إمكانية حقيقية أن يفشل بعضنا في تحقيق الأهداف التي حددها لنفسه قبل الجائحة، قد يعاني الموظفون والآباء وحتى الأطفال من القلق والحزن، ونحن لسنا كرات مطاطية ترتد مرة أخرى حسب الطلب، لذا فالتركيز على المرونة قد يشجعنا على لوم أنفسنا إذا فشلنا في أن نصبح أقوى خلال الشدائد.
نحو الأمل
يعد الأمل بديلًا للمرونة، فالأمل هو القدرة على تحديد أهداف ذات معنى والخطوات اللازمة لتحقيقها والدافع لاتخاذ تلك الخطوات، الفرق بين الأمل والمرونة هو أن المرونة تُعرف بأنها العودة إلى الوضع الطبيعي بعد حادث أو موقف شديد، أما الأمل فيقوم على فكرة الوصول إلى الهدف.
يمكن للمعلمين تقديم فكرة الأمل في الفصول المدرسية من خلال مشاركة آمالهم ونقاط ضعفهم مع طلابهم، عند القيام بذلك يصبح المعلم نموذجًا لكيفية تحديد والتخطيط للوصول إلى الأهداف، مع الحديث بصدق عن المخاوف وانعدام اليقين في أثناء جائحة كوفيد-19.
قد يكون لتلك المخاوف ونقاط الضعف تأثير تعجيزي وقد تعني التثبيط المؤقت أو التخلي الدائم عن أهداف عزيزة، لكن التخلي عن أهداف معينة يجب أن لا يقود لليأس، فبدلًا من ذلك قد يوفر فرصة للتفكير في أهداف أخرى أكثر قابلية للتحقيق في أثناء الجائحة العالمية.
على المستوى السياسي فإعطاء الأولوية للأمل على المرونة قد يعني أن تعمل الحكومات على توفير رؤية واقعية لما ستبدو عليه الحياة بعد الجائحة، وعلى المستوى المجتمعي يعتمد استمرار الأمل على إدارك صناع السياسة وأصحاب العمل والمعلمين أن الأهداف قد تحتاج للتغيير.
قد لا يعود بعضها إلى ما كان عليه قبل الجائحة وقد تعكس أهدافنا هذا التغيير، لكن إذا تمكنا من مساعدة بعضنا بعض على التمسك ببعض الأمل في مواجهة الشدائد، قد يصبح لدينا جميعًا الموارد التي سنحتاج إليها للوصول إلى الغاية والمعنى في عالم ما بعد الجائحة.
المصدر: ذي كونفرساشين