“المؤسس الحقيقي لوزارة الداخلية” و”الأب الروحي للأمن والاستقرار” هكذا يُعرف الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، الأمير الكويتي الـ 16 الجديد في البلاد، والحاكم الـ6 للبلاد بعد الاستقلال عن بريطانيا، وهو الذي تدرج خلال حياته في عدة مناصب سيادية أدار عبرها دفة الأعمال لأكثر من وزارة ومؤسسة حتى وصل إلى ولاية العهد بعد تنصيب أخيه الراحل صباح الأحمد الجابر الصباح أميرًا للبلاد.
بعد وفاة أمير الكويت صباح الأحمد الصباح الأربعاء 28 من سبتمبر/أيلول، دعا مجلس الوزراء الكويتي الأمير نواف الأحمد ليتولى الإمارة بحسب ما ينص الدستور، وفي هذه السطور نتعرف على الأمير الصباح وأبرز مراحل حياته.
السيرة الذاتية
ولد نواف الصباح في يونيو/حزيران 1937 في منطقة فريج الشيوخ، مترعرعًا في بيوت الحكم متلقيًا فيها قواعد التربية والالتزام وإعداد الحكام الكويتين، الجدير بالذكر أن دستور البلاد يضمن لذرية مبارك الصباح توارث الإمارة.
درس نواف في مدارس حمادة وشرق والنقرة ثم في المدرسة الشرقية والمباركية وهي مراكز تعليمية كويتية، وواصل دراساته في أماكن مختلفة من الكويت.
وبحسب الموقع الرسمي لولي العهد في الكويت فإن الأمير الجديد “تميز سموه بالحرص على مواصلة تحصيله العلمي، وظلت هذه الصفة تلازمه فيما بعد وتجلت بتشجيع سموه لطلبة العلم في مختلف مراحل التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي والعالي، انطلاقًا من رؤية سموه بأهمية التحصيل العلمي الذي يعتبر أساسًا في تقدم المجتمعات ورقيها”.
للأمير الجديد 4 أولاد من زوجته شريفة سليمان الجاسم، ويعتبر هو الابن السادس لأحمد الجابر الصباح الذي حكم البلاد منذ 1921 حتى 1950، وبدأ الشيخ نواف حياته العملية في دوائر الحكم منذ عام 1962.
بدأ نواف الأحمد عمله في دوائر صنع القرار عندما تولى مسؤوليات محافظة حولي، وهو ما يعتبر أول إنجازاته، حيث حول المنطقة من قرية إلى مدينة سكنية تعج بالنشاط التجاري والاقتصادي.
ومنذ ذلك الحين تطورت المدينة عمرانيًا وحضاريًا، وفي تلك الفترة عمل على تقوية شعبيته بين الناس، فكان يتولى حل الخلافات العائلية بشكل شخصي في المحافظة، عدا عن عمله على تسيير الدوريات الأمنية بشكل متعاقب، وظل محافظًا للحولي لمدة 16 عامًا.
أبرز الإنجازات في الحقل السياسي
عام 1978 تولى الشيخ نواف وزارة الداخلية، ويعد هو المؤسس الحقيقي للوزارة التي ظلت تحت عهدته منذ 1978 حتى 1988، خلال فترة حكم أخيه جابر الأحمد، ومن ثم عاود استلامها عام 2003، علمًا أنه عمل في الوزارة على تطوير منظومة أمنية متكاملة وتحديث القطاعات الأمنية وتطوير جهاز الشرطة.
وفي تلك الأثناء، عمل نواف الأحمد على بناء التكامل الأمني في دول الخليج، كما أنه كان داعيًا لتوحيد الصف لمجابهة المخاطر التي تهدد المنطقة ودولها.
انتقل نواف الصباح عام 1988 من وزارة الداخلية إلى تولي حقيبة وزارة الدفاع التي عمل فيها على تطوير العمل العسكري في البلاد، فأنشأ المعسكرات ومدها بالأسلحة وعقد الاتفاقات لشراء الآليات الحديثة، وعمل أيضًا على إيفاد بعثات إلى الدول الصناعية العسكرية للتدرب على قيادة الطائرات العسكرية وباقي الأسلحة المستخدمة لدى القوات الكويتية.
بعد الغزو العراقي للكويت وعودة الحكومة إلى البلاد، تم تكليف نواف الصباح في التشكيلة الجديدة للحكومة بحقيبة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وبقي في هذا المنصب حتى عام 1994 لينتقل إلى منصب نائب رئيس الحرس الوطني، حيث عمل على إعادة تنظيم الحرس وترك بصماته في ترتيبه.
فضلًا عن عمله على تطوير المنظومة العسكرية للحرس وجعله الذراع اليمنى للقوات الكويتية المسلحة، كما أرسل العديد من منتسبي الحرس الوطني للخارج في بعثات ودورات عسكرية متطورة.
صورة أرشيفية تجمع الشيخ صباح الأحمد والشيخ نواف الأحمد وجابر الأحمد الجابر الصباح
عام 2006 أصدر الأمير الراحل صباح الأحمد قرار تزكية بتعيين الأمير نواف الأحمد وليًا للعهد، وبايعه مجلس الأمة على ذلك، اليوم وبعد وفاة الأمير صباح الصباح يتولى أخوه غير الشقيق نواف الأحمد الإمارة في البلاد وهو في عمر 83 عامًا، مؤديًا اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة.
تنتظر الأمير الجديد ملفات ساخنة على المستويات كافة، داخليًا وخارجيًا، إذ يأتي تولي الصباح للكويت في خضم أزمة وباء كورونا الذي ضرب النظام العالمي بالكامل، وما تسبب في حدوث أزمة سيولة في البلاد، وذلك بالإضافة إلى الأزمات السياسية المتلاحقة في البرلمان الكويتي، وإلى جانب قضية البدون المعلقة من دون أي حل أو بارقة أمل.
ولا شك أن موقف السياسة الكويتية في عهد الشيخ صباح الأحمد تجاه القضية الفلسطينية كان واضحًا وثابتًا، فقد اعتبرتها “القضية المركزية الأولى” ونأت بنفسها عن قطار التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، وبذلك كسب الأمير المرحوم شعبيةً واسعة على المستوى العربي، والآن تتجه الأنظار إلى الأمير الجديد وكيفية تعامله مع هذا الملف في ظل الضغوطات الكبيرة على الدول العربية لإقامة علاقات مع تل أبيب.