تحدث الإعلام التركي كثيرًا عن اتصال أجراه الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” قبل دخوله في اجتماع مع نائب الرئيس الأمريكي “جو بايدن”، وأمر من خلاله قيادة الجيش التركي بإعداد الخطط الممكنة وحساب كل الاحتمالات الوارد وقوعها في حال مشاركة تركيا للحلف الأمريكي الدولي وفرضها لمنطقة عازلة على طول الحدود التركية داخل التراب السوري.
وقبل عودة أردوغان من نيويورك، تأكدت العناوين القائلة بأن تركيا غيرت موقفها من التحالف الأمريكي الجديد، حيث قال نائب رئيس الوزراء التركي “بولنت آرينتش”: إن الحكومة تسعى للحصول على مذكرة تفويض موسعة للقوات المسلحة من البرلمان التركي، من أجل القيام بعمليات عسكرية في الأراضي السورية والعراقية، وتأكيده على تمسك بلاده بضرورة تشكيل منطقة عازلة داخل الحدود السورية، وإلى أن هذه الخطة لا يمكن أن تنفذ إلا تحت غطاء دولي.
ومع عودته من اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، قال أردوغان: “لقد تغير موقفنا الآن، والمسار التالي سيكون مختلفًا كليًا”، موضحًا أنه فور قيام البرلمان في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول القادم بالمصادقة على التفويض الذي طلبته الحكومة، ستقوم تركيا باتخاذ الإجراءات الضرورية لتنفيذ خطتها، مضيفًا: “لا يمكن لتركيا أن تتغاضى عن الأعمال الإرهابية التي تجري على حدودها التي يبلغ طولها 1250 كيلومترًا مع سوريا والعراق”، مشيرًا بذلك إلى تقدم مقاتلي تنظيم الدولة باتجاه مدينة عين العرب الكردية، التي تبعد بضعة كيلومترات عن الحدود التركية.
وفي تصريحاته للصحافيين الأتراك، قال أردوغان: “لا يمكنكم القضاء على تنظيم إرهابي كهذا بمجرد قصفه بالطائرات”، مستدركًا: “لست عسكريًا، ولكني أعلم أن القوات البرية هي العامل الأساسي في كل تحرك عسكري .. القوات الجوية تقدم الدعم لا غير .. لا يمكنك السيطرة على أرض لم تصلها قواتك البرية”.
وعند سؤاله عن موقف مجلس الأمن والولايات المتحدة الأمريكية من المنطقة العازلة التي ترغب تركيا في إقامتها، قال أردوغان إن الموضوع نوقش في مجلس الأمن بحضور روسيا والصين ولم يعارضه أحد، وأن أمريكا لم ترحب بهذه الفكرة منذ البداية، مضيفًا: “ولكني أعتقد أنهم سيتبنونها الآن”، مؤكدًا في الوقت نفسه أن قيادة العملية ستكون مشتركة ولن تكون حكرًا على تركيا.
وفي المقابل قال “جوش أرنست” الناطق باسم البيت الأبيض: “ننتظر من تركيا تعاونًا (ضد داعش)، ليس ذلك لأنه الأفضل للولايات المتحدة، وإنما لأنه من الواضح جدًا أن كونها جزءًا من التحالف الموسع لدحر داعش، سيكون في مصلحة أمنها القومي”، مشيرًا إلى أن الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” قد تحدث هاتفيًا مع نظيره الأمريكي “باراك أوباما”، قبيل اللقاء الذي جمع الأول بنائب الثاني في مدينة نيوروك، الخميس، مؤكدًا وجود خط اتصال مفتوح بين مسئولين رفيعي المستوى من البلدين.
والأمر المؤكد بين تصريحات الجانب التركي والجانب الأمريكي هو أن تغيرًا قد وقع في مواقف كلا الطرفين، فتركيا لم تعد تراهن على فشل التحالف الأمريكي الجديد وإنما تراهن على توسعته ليشمل خطتها، وكذلك أمريكا لم تعد تراهن على نجاح الحلف من دون تركيا وإنما باتت تراهن على تعاون مع تركيا يحقق المصلحة المشتركة للبلدين وهو ما عبرت عنه افتتاحية صحيفة الإندبندنت البريطانية يوم الجمعة بعنوان عريض: “تركيا نحن في حاجة لك”.