ترجمة وتحرير نون بوست
لا أحد يمكنه تجاهل الشعبية التي يحظى بها إنستغرام، إذ أن عددا كبيرا من النجوم والمشاهير يستخدمونه بشكل يومي لمشاركة كافة تفاصيل حياتهم، وبذلك أصبح هذا التطبيق الذي تم إطلاقه في سنة 2010 مرادفا لمفهوم الجاذبية والحياة المثالية. ولعل الشيء المثير للانتباه هو أنه لا أحد يهتم بالمظاهر والأشياء الجذابة مثل الأطفال.
من خلال إنشاء حساب على إنستغرام، يمكن للأطفال والمراهقين الذين ولدوا في هذا العصر الرقمي ويمثلون شريحة هامة من مستخدمي هذا التطبيق، تحميل صورهم ومقاطع فيديو وقصص تدوم لمدة 15 ثانية ثم تختفي بعد 24 ساعة، بالإضافة إلى إمكانية التفاعل مع الأصدقاء وبعث الرسائل على الخاص، ومشاهدة المحتوى على خدمة تلفزيون إنستغرام وتصفح الملايين من الصور.
يعشق المستخدمون الطريقة التي يسوق بها إنستغرام للابتكار والتجديد، ولكن مع كل تلك الحرية في مشاركة المعلومات تأتي أيضا بعض المشاكل المتعلقة بالأمان، خاصة في ظل تزايد التعرض للسلوكيات العدائية، والمحتوى غير الملائم، وسيطرة فكرة السعي للكمال. في ظل كل هذه التحديات، إليكم ما يحتاج الآباء والأمهات لمعرفته للمحافظة على سلامة أطفالهم أثناء استخدام إنستغرام.
ما يحتاج الآباء لمعرفته حول إنستغرام
الأطفال يمكنهم التواصل مع أي أحد في إنستغرام
هناك خياران لحماية الحسابات متوفران لمستخدمي إنستغرام يمكن إيجادهما عند الضغط على “خصوصية الحساب” في الإعدادات، وهما “عام” و”خاص”. وكل مستخدم لإنستغرام يمكنه مشاهدة ومتابعة الحسابات المفتوحة للعامة، وهذا مفيد لمن يبحثون عن مزيد الشهرة وحصد عدد أكبر من المتابعين، إلا أنه تترافق معه جملة من المخاوف، من بينها أنه لا يمكنك أن تحدد الأشخاص الذين يطلعون على صور وفيديوهات أطفالك، أو يوجهون لهم رسائل وتعليقات غير مرغوب فيها.
مستخدمو إنستغرام دائما ما يبحثون عن الكمال
يعتبر زر الإعجاب المحرك الأساسي لهذه المنصة، وهو ما جعلها تتحول إلى ما يشبه السباق المحموم من أجل تحقيق الشعبية. يمكن لهذا التركيز على المكانة والمظهر والتسويق الذاتي أن يكون له وقع كبير على مشاعر الطفل وتقديره لذاته، وقد يسبب له التوتر، أو مشاعر الغيرة والحسد. قد يتجاوز الأطفال حدود المعقول في سعيهم لخلق محتوى جذاب يلفت الانتباه، ويندفعون للدخول في تحديات خطيرة، مثل تحدي القرفة على سبيل المثال أو التقاط صور لا تناسب سنهم.
كما أن الشبان الصغار يمرون بأوقات عصيبة عندما يدركون أن ما يشاهدونه على إنستغرام ليس كله حقيقيا. يمكن للفلاتر وتقنيات تصحيح الصور أن تغير مظهر الإنسان بشكل كبير، وهو ما يخلق نماذج جمالية مبالغا فيها، وحالة من السعي الدائم للكمال. كما أن هذه الظواهر على منصة إنستغرام قد تقوض ثقة الطفل بنفسه وتجعله مهووسا بالجمال الجسدي. هناك أيضًا العديد من الوسوم التي تنتشر من حين لآخر حول استعراض بعض تفاصيل الجسم، والتي تترك أثرا نفسيا سلبيا لدى الأطفال والشباب.
الأطفال قد يعثرون على محتويات غير ملائمة لسنهم
خلال التصفح، يشاهد مستخدمو إنستغرام عادة مجموعة من الصور ومقاطع الفيديو التي ينشرها الأشخاص الذين يتابعونهم. لكن الأطفال يمكن أن يذهبوا لأبعد من ذلك ويستكشفوا صفحات وحسابات أخرى، حيث تبدأ المنشورات بالظهور وفقا للخوارزميات التي تحددها اهتمامات وتفاعلات الطفل. ويمكن للمستخدم أن يبحث عن صور معينة باستخدام وسم متداول. وبسبب طبيعة هذا التطبيق، فإن الأطفال قد يعثرون بالصدفة على مستخدمين آخرين يشاركون في مسابقات وألعاب خطيرة أو يروّجون لمواقف عنصرية وغير عقلانية، إضافة إلى العنف والمقاطع الجنسية. ويمكن للأطفال أن يشاهدوا كل هذه المحتويات حتى لو ضُبط حسابهم ليكون خاصا وليس عاما.
التنمر يحدث أيضا في إنستغرام
تماما مثل بقية منصات التواصل الاجتماعي، فإن مستخدمي إنستغرام أيضا يقدمون شكاوي من حين لآخر حول تعرضهم للتنمر الإلكتروني أو السخرية. ومرتكبو هذه الممارسات قد يكونون أصدقاءهم أو مجرد غرباء قابلوهم بشكل عشوائي على هذه المنصة إذا كانت حساباتهم مفتوحة للعموم. ويعتبر التنمر الإلكتروني ظاهرة منتشرة، إذ أن دراسة أجراها مركز أبحاث التنمر الإلكتروني نُشرت في آذار/ مارس 2019، كشفت أن 36.5 بالمئة من المستجوبين تعرضوا للتنمر في شبكات التواصل الاجتماعي. قد تؤدي مثل هذه التجارب إلى الإحباط العاطفي، والتغيب عن المدرسة، والسلوكيات العنيفة، والاكتئاب والعديد من المضاعفات الأخرى الخطيرة.
شبكات التواصل الاجتماعي تفاقم مشاكل الصحة العقلية
توصلت دراسة حديثة إلى أن المراهقين الذين يقضون أوقاتًا كثيرة أمام شاشات هواتفهم يكونون أكثر عرضة للمعاناة من أعراض الاكتئاب والتفكير في الانتحار. وقد رُبط تطبيق إنستغرام بالذات بالعديد من حالات التوتر والشعور بالوحدة والخوف من الإقصاء الاجتماعي. لذلك، يمكن للأطفال الذين لا يتم التحكم في المحتويات التي يشاهدونها أن تعترضهم صور ومقاطع فيديو حساسة أو صادمة، وقد يصل الأمر إلى حد الترويج لسلوكيات إيذاء النفس.
كيف يمكن للآباء حماية أطفالهم؟
التحدث بانفتاح حول إنستغرام
تقول مديرة برنامج كورنال للأبحاث حول إيذاء النفس، جانيس ويتلوك: “نحن نشجع الآباء والأمهات على خوض حوارات مفتوحة وواقعية مع أطفالهم حول حياتهم، وذلك بهدف أخذ فكرة عن التجارب التي يتعرضون لها في شبكات التواصل الاجتماعي. إن التواصل الإيجابي حول هذه المسائل قد يؤدي لتعميق الحوار والوصول إلى مناقشة بعض المبادئ الهامة، حول كيفية تعامل الصغار والكبار مع ما يشاهدونه أو يتعرضون له في شبكات التواصل الاجتماعي.
التعرف على هذا التطبيق
إذا أصبح الأب أو الأم على اطلاع كبير على تفاصيل ومميزات إنستغرام، سيتمكنان من مراقبة الطفل بشكل أفضل. لذلك، يمكن أن يفكر الأبوان في إنشاء حساب خاص بهما على هذا التطبيق أو استخدام حساب الطفل من حين لآخر. هذا سوف يساعدهما على الإجابة عن تساؤلاته بشأن المحتوى والأمان.
تحديث إعدادات الخصوصية
على عكس الحسابات المفتوحة للعامة، التي يمكن لأي أحد مشاهدتها، فإن الحسابات الخاصة تكون مقفلة أمام الجميع باستثناء المتابعين. ووحدهم المستخدمون الذين توافق عليهم يمكنهم رؤية صورك وقصصك، أما البقية فيمكنهم فقط الاطلاع على اسم المستخدم وصورته وسيرته الذاتية. يمكنك بكل سهولة تغيير طبيعة حسابك من العام إلى الخاص أو العكس.
تجدر الإشارة إلى أن المستخدمين، حتى أولئك الذين تكون حساباتهم خاصة، يمكنهم أن يكونوا أكثر انتقائية في تحديد من يتفاعل معهم. يمكنهم إنشاء قائمة حصرية بالمتابعين وذلك باستخدام خاصية “الأصدقاء المقربون”. والأسماء الموجودة على هذه اللائحة ستكون هي الوحيدة التي يسمح لها بمشاهدة ما تنشره على إنستغرام.
حظر وإبطال التفاعلات غير المرغوبة
يوفر إنستغرام خاصية حظر التفاعلات، وذلك من خلال حظر التفاعلات والتخلص من الحسابات التي تزعجك، لمنعها من التفاعل مع صورك وقصصك وبثك المباشر. ولن يقع إعلام الشخص الذي تم حظره بهذا الأمر، ويمكن رفع هذا الحظر في أي وقت لاحق.
إذا كان طفلك لا يرغب في حظر شخص معين ولكنه في نفس الوقت لا يرغب في التفاعل معه، فيمكنه بكل بساطة إسكات ذلك الحساب. يمكنك الدخول إلى منشورات ذلك الشخص واختيار ما إذا كنت تريد عدم رؤية منشوراته، دون أن يعرف هو ذلك.
وضع قيود على التعليقات وإعادة النشر وحالة المستخدم
يمكن لمستخدمي إنستغرام اختيار من يسمح له بالتعليق على منشوراتهم، أو السماح للجميع بذلك أو عدم السماح لأي شخص على الإطلاق. كما يمكنهم التحكم في من يمكنه إعادة مشاركة منشوراته أو الإشارة إليهم في بعض الصور. ويمكن أيضا للطفل تعطيل ظهور حالة المستخدم، حتى لا يتفطن إلى وجوده أي أحد عندما يكون بصدد التصفح، و لا يمكن أيضا معرفة آخر وقت استخدم فيه حسابه.
حتى مع ضبط إعدادات حماية الخصوصية، تظل هناك بعض المخاوف لدى الوالدين من ثغرات الحماية في منصة إنستغرام
تنصيب فلاتر لمنع المحتوى غير الملائم
توجد في إنستغرام العديد من الخاصيات المفيدة لمنع التنمر وبقية السلوكيات السلبية. هناك فلاتر داخل هذا التطبيق تقوم آليا بحذف الكلمات والعبارات المسيئة من كل المحتويات التي يشاهدها المستخدم. ويمكن أيضا للمستخدمين حجب الإيموجي التي لا يرغبون في رؤيتها في قسم التعليقات، وذلك من خلال تغيير إعدادات التحكم في التعليقات. ويمكن للوالدين العمل جنبا إلى جنب مع طفلهم لوضع الفلاتر اللازمة في حسابه، وذلك لمساعدته على التوقي من التنمر.
تحديد الوقت المقضى أمام الشاشة
من خلال لوحة النشاط، يسمح إنستغرام لمستخدميه بمعرفة الوقت الذي يقضونه في استخدام هذا التطبيق. يمكن للوالدين مراجعة هذه المعلومات مع أطفالهم ووضع سقف يومي للوقت المسموح به. فعلى سبيل المثال يمكنهم ضبط الإشعارات لتنبيه الطفل بعد استخدامه لإنستغرام لمدة ثلاثين دقيقة في اليوم. (يمكن مواصلة تصفح التطبيق حتى بعد سماع هذا التنبيه الذي يكون دوره فقط توعويا).
كبديل عن هذه الخاصية، يسمح إنستغرام أيضا للمستخدمين بحجب الإشعارات بشكل كامل وذلك من أجل التخلص من الرغبة في تفقد المستجدات في هذه المنصة. ويعرض إنستغرام أيضا رسالة توعية عندما يكون المستخدم قد شاهد كل المحتوى المتوفر، وذلك لدفعه للتوقف عن التصفح العشوائي.
غلق إعدادات تحديد المكان
يمكن لمستخدمي إنستغرام عرض المكان الذي يتواجدون فيه مع كل منشور لهم. ويمكن للوالدين التحدث مع الطفل أو المراهق حول ما يرغب في كشفه من معلومات. ومن الخيارات المنصوح بها هي السماح للمستخدم الصغير بنشر معلومات عامة حول مكانه مثل المدينة أو الولاية عوضا عن تحديد المكان بكل دقة مثل اسم المطعم أو الشارع الذي يوجد فيه. هناك حل آخر يتمثل في منع تحديد المكان بشكل مطلق، خاصة إذا كنت تخشى على سلامة طفلك الجسدية. يجب عليك أيضا إخبار الطفل بتجنب نشر صور له في أماكن يمكن التعرف عليها مثل الصور الملتقطة أمام محل مشهور يمكن للناس التعرف عليه بسهولة.
تعليمه الممارسات الإيجابية
حتى مع ضبط إعدادات حماية الخصوصية، تظل هناك بعض المخاوف لدى الوالدين من ثغرات الحماية في منصة إنستغرام، لذلك من المهم التحاور حول هذه المسألة مع الطفل. قد يعتقد المستخدمون من المراهقين والقصر أن قصص إنستغرام التي تدوم 15 ثانية وتختفي بعد 24 ساعة لا ضرر منها، ولكن وجب التنبيه إلى أن الآخرين يمكنهم حفظ هذه الصور ومقاطع الفيديو لتصبح متاحة بشكل دائم على شبكة الإنترنت.
تشجيع الأطفال على الإبلاغ على التنمر
من حين لآخر، قد يلاحظ مستخدمو إنستغرام وجود تعليقات أو صور مسيئة أو عدائية. لذلك يجب تثقيف المراهق وتشجيعه على الإبلاغ عن كل الحسابات والصور ومقاطع الفيديو والتعليقات والرسائل والقصص التي يقصد بها التنمر على الآخرين ومضايقتهم.
يمكنك تنصيب أحد تطبيقات الطرف الثالث
تجعل بعض تطبيقات الطرف الثالث من السهل مراقبة استخدام الطفل لشبكات التواصل الاجتماعي. فعلى سبيل المثال، هناك تطبيق اسمه “بارك” يمكنه متابعة المحادثات، والحد من الوقت المقضى أمام الشاشة، والتنبيه بوجود مخاطر على سلامة الطفل.
كيف تتعامل إدارة إنستغرام مع المخاوف بشأن السلامة
عملا بأحكام “قانون حماية خصوصية الأطفال على شبكة الإنترنت”، فإن كل مستخدم يقل سنه عن 13 عاما لا يسمح له باستخدام إنستغرام دون التأكد من موافقة والديه على ذلك. كما أصبح التصريح بتاريخ الولادة إلزاميا عند إنشاء حساب جديد. تأتي كل هذه التعديلات في سياق مبادرة القائمين على هذه المنصة لخلق بيئة آمنة وداعمة لجميع الشرائح.
في كانون الأول/ ديسمبر 2019، أطلق إنستغرام مبادرة للتعامل مع ظاهرة الضغوط من أجل الكمال التي يعاني منها الأطفال، وذلك بالتعاون مع مؤسسة “جاد”. وهي مبادرة تهدف إلى توفير الحماية العاطفية للمستخدمين من المراهقين والصغار وحمايتهم من التفكير في الانتحار. تعتمد هذه الحملة على مجموعتين من الأدوات الإلكترونية الموجودة على شبكة الإنترنت، الأولى للأبناء والثانية للآباء، سوف تساهم في تسهيل التواصل حول الضغوط التي تخلقها شبكات التواصل الاجتماعي. كما يعرض إنستغرام أدوات يمكن للمراهقين استخدامها لتنمية التقدير الذاتي وتفادي مشاعر التوتر والرغبة غير العقلانية في بلوغ الكمال.
ويقول فيكتور شوارتز، المدير الطبي في مؤسسة جاد: “نحن نعتقد أن شبكات التواصل الاجتماعي سمحت للكثير من الشباب بالحديث عن تجاربهم المتعلقة بالصحة العقلية، كما أن هذه الشبكات تسمح للناس برصد كل علامات الاكتئاب والمعاناة النفسية. ولكن في نفس الوقت، تتسبب هذه الشبكات في تزايد حالات التوتر والاكتئاب، بسبب تشجيعها المستخدمين على مقارنة أنفسهم بغيرهم والانصياع لهوس الرغبة في الكمال”.
لإنشاء كل هذه الأدوات الإلكترونية لحماية المستخدمين الصغار، تعاونت منصة إنستغرام مع جانيس ويتلوك، التي تقول إن هذه المبادرة تهدف لمساعدة الأولياء على مساعدة أبنائهم الصغار لجعل حياتهم على إنستغرام أكثر توازنا وإيجابية. وهي تقدم ثلاث نصائح أو مكتسبات أساسية بناء على أبحاث حديثة أجريت حول الاستخدام الصحي لإنستغرام، وهي قيمة المشاركة بشكل واع، أهمية التفاعل مع الآخرين بكل لطف، وقوة النظر للذات وللحياة بشكل صحي مهما كان تأثير الصور المعدلة التي يتم عرضها على شبكة الإنترنت.
المصدر: بارنتس